الأيديولوجيا الوطنية ومناهضة الارهاب الطائفي في الدول الوطنية


لطفي حاتم
2020 / 2 / 29 - 00:23     

اثار انهيار خيار التطور الاشتراكي الكثير من المصاعب الفكرية – السياسية لأحزاب اليسار الاشتراكي وما نتج عن تلك المصاعب من تصدع البنى الفكرية والبرامج الاقتصادية ناهيك عن تغير برامج القوى السياسية في تشكيلات الدول الوطنية استناداً الى تبدل الأولويات الكفاحية لقوى اليسار الديمقراطي.
انطلاقاً من تغيرات المهام الكفاحية لقوى اليسار والديمقراطي نحاول التقرب من تلك التبدلات وتأشير مهام الأحزاب والقوى السياسية الديمقراطية متوقفين عند المصاعب الفكرية والسياسية للقوى الوطنية والتيارات السياسية الفاعلة في التشكيلات الاجتماعية الوطنية المتمثلة ب--
أولا- تحولات الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية
تعاني الأحزاب الديمقراطية اليسارية بعد انهيار خيار التطور الاشتراكي من تراجعات في تحديد برامجها الفكرية -السياسية وانحسار تأثيرها على سير الأحداث السياسية والاقتصادية الجارية في بلدانها ويرجع ذلك الانحسار الى كثرة من الأسباب أهمها –
-انهيار نموذج التطور الاشتراكي
- شكل انهيار أسلوب الانتاج الاشتراكي وما افرزه من ضبابية فكرية عند صياغة برامج الأحزاب الاشتراكية الطامحة الى استلام السلطة السياسية وبناء الدولة الاشتراكية.
- أدى انهيار الاشتراكية الفعلية الى تراجع بناء اقتصادات الدول الوطنية وما نتج عنه من تعزز مكانة القوى الطفلية والبيروقراطية وفرض هيمنتها السياسية -الاقتصادية على القطاع العام الامر الذي حولها الى قوى طبقية جديدة متحكمة في تقرير مصير المستقبل السياسي والاقتصادي للدول الوطنية.
- تحول القوى البيروقراطية والطفيلية الى قوى طبقية متحكمة في الدول الوطنية رافقه صعود القوى الطبقية الفرعية من- شرائح البرجوازية الكمبورادورية -الفئات المالية الربوية- الى السلطة السياسية مصحوبا بتنامي قدرتها السياسة على تقرير مصير النهوج الاقتصادية للدول الوطنية.
- افضت التغيرات الاقتصادية -السياسية في الدول الوطنية الى تراجع القاعدة الاجتماعية للطبقات الفاعلة في البناء الاقتصادي للدول الوطنية المتمثلة- بالطبقة العاملة والبرجوازية الوطنية – والشرائح الوطنية الأخرى - وما انتجه ذلك من مصاعب فكرية - اجتماعية في التشكيلات الوطنية.
- تراجع مواقع القوى والأحزاب اليسارية الديمقراطية بسبب التغيرات الاقتصادية والسياسية في الدول الوطنية أفضت الى الاخذ بشرعية انتخابية ضامنة لسيطرة القوى الاجتماعية الجديدة الحاكمة.
- التبدلات في التشكيلات الوطنية بعد انهيار الكتلة الاشتراكية لم تقتصر تأثيراتها على الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية بل شملت القوى القومية الماسكة بالسلطة السياسية في مرحلة المعسكرين والتي لحقتها تغيرات سياسية جديدة تتمثل ب-
- تراجع هيمنتها السياسية في الدول الوطنية وتشتت فكرها القومي الناظم لمسار تطورها السياسي الامر الذي افضى الى انهيار نظمها الديكتاتورية وصعود مبادئ الشرعية الانتخابية الى الواجهة السياسية.
- تفكك الاحزاب القومية الحاكمة في بعض الدول العربية افضى الى تبني اقسام منها المعارضة المسلحة لمواجهة التغيرات السياسية الجديدة.
--انهيار النظم الاستبدادية القومية والتغيرات السياسية الملازمة لها أدت الى صعود الطبقات الفرعية الكمبورادورية والشرائح المالية وازدها أيديولوجيتها الطائفية.
ان التبدلات السياسية - الاجتماعية المشار اليها أنتجت واقعا سياساً جديداً تميز بصعود اليمين المتطرف واعتماده الطائفية السياسية غطاءً ايديولوجيا للقوى الفرعية.
ثانيا – صعود اليمين المتطرف ونزعته الإرهابية.
-- التغيرات السياسية الي اجتاحت الدول الوطنية بعد انهيار الدول الاشتراكية افضت الى صعود اليمين السياسي المتطرف في الحياة السياسية وتلازم ذلك الصعود مع الإرهاب كأسلوب مناهض للقوى (الوطنية) المتعاونة مع الوافد الأجنبي.
- انحياز القوى القومية المتطرفة الى التيارات السلفية الإسلامية وتشكيل بنية سياسية -عسكرية - إرهابية ترافق والدعوة الى إقامة الدولة الإسلامية.
- تنامي قدرة اليمين الإسلامي -القومي المتطرف واشاعته الإرهاب السلفي المناهض للدولة الوطنية والعمل على تحويلها الى أقاليم طائفية تتحكم فيها التيارات الاسلامية الفقهية أدى الى تبدل المهام الكفاحية لقوى اليسار الاشتراكي الديمقراطي.
- افضت الروح العسكرية -الارهابية للتيارات الإسلامية- القومية الى تراجع قدرة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في التشكيلات الاجتماعية العربية.
ان الوقائع الجديدة في الحياة السياسية في الدول الوطنية تجبر القوى اليسارية والديمقراطية على تجميع قواها الوطنية لبناء دولة وطنية ديمقراطية مناهضة للتطرف الارهابي والهيمنة الأجنبية.

ثالثا– الايديولوجية الوطنية ومناهضة الهيمنة والتفكك.
- تشترط العولمة الرأسمالية المرتكزة على الهيمنة والتبعية نهوض الإيدلوجيا الوطنية وما يتطلبه ذلك من بناء عدة فكرية جديدة قادرة على التصدي للتبعية والتهميش والتي اجدها
في-
- تحديد الطبقات الاجتماعية القادرة على الكفاح الوطني المناهضة لميول التبعية والتهميش التي يحملها الرأسمال المعولم.
-- محاصرة الطبقات الفرعية ومناهضة تحالفاتها مع الرأسمال الدولي الوافد بغرض تحجيم نزعاته الهادفة الى تفتيت الدولة الوطنية وتقسيمها الى أقاليم طائفية.
- بناء برنامج وطني- ديمقراطي تشكل موضوعاته الاقتصادية - الاجتماعية ركائز وطنية للتطور المستقل المرتكز على التوازنات الطبقية الداخلية.
-- بناء علاقات دولية على أساس صيانة سيادة الدول الوطنية واحترام خيار تطورها الاقتصادي- السياسي المستقل وعدم التدخل في شؤونها الوطنية.
- الموضوعات المشار اليها تتطلب تشكيلا وطنيا سياسيا - تنظيميا قادرا على إدارة الدولة الوطنية وتنمية بنيتها الاقتصادية وما يتطلبه ذلك من يناء تحالفات وطنية مناهضة للخارج المعولم والحد من ميوله اللإلحاقية.
- ترتكز التحالفات الوطنية على برنامج سياسية -اقتصادية مناهضة للتبعية والتهميش يعتمد كما اعتقد على الموضوعات الفكرية – السياسية التالية -
أولا – اعتماد مفهوم الوطنية أساسا فكريا -سياساً للتحالفات بين القوى والطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية وما يشترطه ذلك المفهوم من عدم ارتباط القوى الاجتماعية الوطنية المتحالفة بدول خارجية.
ثانيا – اعتماد الديمقراطية السياسية أساسا لبناء العلاقات التحالفية بين الأحزاب السياسية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية وما يعنيه ذلك من استبعاد فكرة الانفراد بالسلطة السياسية والمساهمة في الانقلابات العسكرية.
ثالثاً –اعتماد الوطنية الديمقراطية اطاراً سياسيا لبناء الدولة الوطنية وتطوير ركائزها الفكرية -الاجتماعية.
- ترتكز التحالفات الوطنية على برنامج وطني ديمقراطي يهدف الى تطوير الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية ويعزز مناهضة الالحاق والتبعية انطلاقاً من المفاصل التالية –


- بناء الدولة الوطنية المناهضة للتبعية والتهميش
1- فعالية الدولة الوطنية الديمقراطية ترتكز على بنية تحالفية سياسة - اجتماعية فاعلة في التشكيلة الاجتماعية وتوازن مصالحها الطبقية.
2- تسعى التحالفات السياسية – الوطنية الى صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش.
3—اعتماد سلطة الدولة الوطنية على الشرعية الديمقراطية الضامنة لمكافحة الإرهاب والتخريب.
– سياسة اقتصادية وطنية تهدف الى --
1–تلبية المصالح الأساسية للطبقات الاجتماعية الناشطة في الدورة الإنتاجية والمناهضة للتبعية والتهميش.
2– تتلازم السياسة الاقتصادية للدولة الوطنية ومصالح طبقات التشكيلة الاجتماعية وتطور دولتها الوطنية.
3– اعتماد سوقاً اجتماعياً يلبي حاجات الطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الوطنية ويعمل على تكريس ضماناتها الاجتماعية
خلاصة القول ان برنامج التحالف الوطني الديمقراطي يعتمد على ركيزتين اساسيتين أراهما في –
اولاً- اعتماد الشرعية الديمقراطية للحكم وصيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش.
ثانياً- تكريس التوازنات الطبقية عبر تطوير السوق الاجتماعي وضماناته الاجتماعية.

ان الموضوعات الفكرية – السياسية ربما تساعد القوى الوطنية على تجميع صفوفها معتمدة على مفهوم الوطنية -الديمقراطية ومضامينها الفكرية والسياسية في مواجهة التفتت الرأسمالي الذي تمارسه مراكز العولمة الرأسمالية.