هرتزل ووايزمان في القاهرة


محمد مدحت مصطفى
2020 / 2 / 28 - 12:43     

هرتزل و وايزمان في القاهرة

تيودور هرتزل حاييم وايزمان
وصل تيودور هرتزل إلى القاهرة في 23 مارس 1903م وغادرها في 4 إبريل 1903م. واستقبل استقبالاً حافلاً من اليهود في مصر، وكان سبب حضوره أنه كان عضواً فيما عُرِف باللجنة الصهيونية التي وصلت إلى القاهرة للترويج لمشروع الاستيطان في العريش. وفي يوم الثلاثاء 25 يناير 1938م احتفل يهود الإسكندرية بزفاف الملك فاروق في معبد إلياهو هنابي بشارع النبي دانيال وحضر الاحتفال الأمير عمر طوسون، وألقى الحاخام خطبة باللغة العربية دعا فيها للملك بالخير، وانتهي الاحتفال بترديد نشيد الهاتكفا.قام تيودور هرتزل بزيارة مصر عام 1903م، ورحَّبت به جمعية باركوخيا، وقدَّمته إلى بعض الشخصيات اليهودية في مصر. في 12 أغسطس 1918م شُكِّلت لجنة بالإسكندرية؛ لتأييد اليهود في فلسطين، وبعد ذلك بيومين، وصَل حاييم وإيزمان إلى القاهرة، وقوبل بترحيب حار. وعاد مرة أخرى للقاهرة في نهاية ديسمبر 1922م بصحبة الكولونيل كيشي، وكان في استقبالهما خمسة آلاف يهودي على رأسهم جوزيف شيكوريل رئيس الاتحاد الصهيوني، وحمَلوا وايزمان على أكتافهم، وكانت الجماهير اليهودية تَهتف: تحيا الصِّهْيَونية، ثم غنَّت النشيد اليهودي الهاتيكفاه. كان وجود وايزمان مناسبة أُعِدَّت فيها المآدب، وأُلْقِيت فيها العديد من الخُطَب. وقام وايزمان بزيارة مصر للمرة الثالثة عام 1938م، وقابل رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي، وموسى شرتوك-شاريت أول وزير خارجية لإسرائيل. من هذا الاستعراض الموجز للنشاط الصهيوني في مصر، خلال الفترة (1897-1948)، تتضح مجموعة من الحقائق، منها أن الحركة الصهيونية في مصر نعمت بحرية حركة، لم تنعم بها غالبية القوى الوطنية المصرية نفسها. كما حصل النشاط الصهيوني في مصر على دعم شخصيات بارزة، في الأسرة المالكة، وداخل النخب السياسة الحاكمة، كما يتضح أن الحركة الصهيونية في مصر لم تكن محكمة التنظيم، طوال الوقت، بل شهدت، أيضا، فترات ضعف. على أن النشاط الصهيوني لم يتوقف، طوال هذه الفترة، ولم تتوقف الزيارات المكثفة من قادة الحركة الصهيونية إلى مصر، مما يدل على أهمية النشاط الصهيوني في مصر، والذى كان له أثر واضح على مستقبل الحركة الصهيونية ككل. حيث غدت مصر مركزا لتدريب الكتائب اليهودية الذاهبة من أوروبا إلى فلسطين، ومركزا لنقل وتهريب المستوطنين اليهود والسلاح إلى فلسطين. شهد النشاط الصهيوني في مصر دفعات قوية، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، من خلال قدوم عدد كبير من الصهاينة إلى مصر، وبفضل الدعم البريطاني لهذا النشاط. لعل من أهم الحقائق في هذا الإطار أن الحكومات المصرية لم تأخذ أية إجراءات معادية، بشكل واضح، ضد النشاط الصهيوني، طوال الفترة من 1897 إلى 1948، حتى إن قرار النحاس بوقف نشاط الاتحاد الصهيوني، لم يستمر إلا شهورا قليلة، مما جعل بعض الباحثين يقرر أنه لم يصدر أي قانون يحظر الأنشطة الصهيونية في مصر، حتى عام 1948، مع بوادر الحرب في فلسطين.
اليهود والجنسية المصرية
كان هناك ازدواج في الشخصية اليهودية، فهي تؤيد إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين، وفي نفس الوقت تحافظ على المكاسب التي حققتها في مصر. تسابق الأجانب في مصر للحصول على الجنسية المصرية بعد أن كانوا ينفرون منها للحفاظ على مصالحهم من رعاية سفاراتهم، وكان من بينهم بالطبع عدد كبير من اليهود. حرص اليهود الأجانب على الاحتفاظ بجنسياتهم وعدم المطالبة بالجنسية المصرية، وسعى بعض اليهود المصريين للحصول على جنسية أجنبية، بل هناك من اشترى جنسية بعض البلدان الأجنبية من سماسرة كانوا مختصين في هذا المجال. كل ذلك بعد صدور القانون رقم 138 لسنة 1947م والخاص بضرورة أن تكون نسبة العمال المصريين 90% من جملة العمال، ونسبة الموظفين 75% من جملة الموظفين في الشركات، ومع ضرورة توفر مصريين في مجالس الإدارة حدث التحول العكسي وازدادت أعداد اليهود الأجانب للحصول على الجنسية المصرية. كان من الطبيعي بعد التوجه الغربي لمصر أن يزداد عدد الأجانب بها، بما في ذلك اليهود منهم، خاصة بعد الاحتلال البريطاني لها عام 1882م، وفي ظل الامتيازات الأجنبية والمحاكم المختلطة. ومن ثم أصبح عدد اليهود المصريين قليلاً بالنسبة لعدد اليهود الأجانب. في نفس الوقت انتعشت الاستثمارات الرأسمالية الأجنبية في جميع المجالات التجارية والصناعية والزراعية والمالية. ظلت ازدواجية الانتماء مشكلة رئيسية لليهود بعد تبلور الحركة الصهيونية، وتتمثل ازدواجية اليهود في الادعاء بالتميز بين باقي البشر والادعاء بالاضطهاد. وظل الموقف الشهير للحاخام الأكبر ناحوم أفندي إزاء سؤال موصيري له حول كيف يكون الإنسان مخلصاَ لبلده الذي يعيش فيه وفي نفس الوقت يكون موال لوطنه القومي اليهودي؟ عندها لاذ الحاخام الأكبر بالصمت.