العدالة أم الانتقام.


قاسم حسن محاجنة
2020 / 2 / 11 - 09:36     

أُلاحظُ بأنني وفي الفترة الأخيرة، بدأتُ أميل إلى التشدد في العقوبة، بحق بعض الجرائم .. بل وبدأتُ أميل إلى تأييد الحكم بالإعدام في حالات مُعينة، رغم أنني كنتُ من المُعارضين للإعدام، بل وكتبتُ في ذلك.
فحينما يقع المجتمع بكامله، تحت سطوة المنظمات الإجرامية، والتي لا تعرف خطوطا حمراء، فكل شيء مُباح... الخاوة ، التهديد بالقتل ، المتاجرة بالسلاح والمخدرات، التعامل في القروض القاتلة ذات الفوائد التي حدودها السماء ، "تجنيد" الشباب للعمل في " مشاريعها"، المُتاجرة بالبشر ، وفرض عبودية على "بائعات" الجنس ، وكل ما يخطر وما لا يخطر بالبال ... وفي النهاية يحظى زعماء الكارتيلات وعائلات الجريمة المنظمة ، بكل حقوق " الإنسان" والذين لم يتركوا حقا من هذه الحقوق إلّا وخرقوه ، ويقضون عقوبة لطيفة في سجن ، هذا فيما إذا وقعوا في قبضة "القانون" أو رجال الشرطة "الأخيار" ...هههههه
فهؤلاء الذين يسلبون حيوات البشر ، سواء بتسويقهم للمخدرات ، او استعبادهم لعاملات الجنس ، أو فرض الإتاوات والخاوة ، أو قتل المسالمين في حروبهم على السيطرة ، لماذا يجب ان يحظوا بحياة "طبيعية" في السجون؟ أليس حكم الإعدام في مثل هذه الحالات أمراً واجب الحدوث؟
هذا بالنسبة للجريمة المنظمة، أما بخصوص الجرائم الفردية فهناك تفاوت ما... فعلى سبيل المثال لا الحصر، مرتكبو الجرائم الجنسية ، كالاغتصاب والبيدوفيليا .. فبعض القوانين تتسامح أحيانا مع هؤلاء المجرمين .. لذا ولكي يكون العقاب رادعا ووقائيا ، فيجب أن يمر هؤلاء بعمليات إخصاء كيماوي إلزامي، فاليوم يُخير هؤلاء بالموافقة أو الرفض لعمليات الإخصاء . كما ويجب أن يتلقى هؤلاء علاجا متخصصا ولفترات طويلة وذلك في اطار السجون وخلال فترة السجن .
أما القتلة "العقائديون" الذين "يتلذذون" بمرأى الرؤوس المتطايرة ، والأشلاء المقطعة ، وخاصة أولئك الذين "يُنظّرون" و"يؤدلجون" القتل والذبح والتدمير ، فما هو حكمهم يا ترى؟
وبهذا يبقى السؤال مطروحا، هل الدوافع لتشديد العقوبة حتى الإعدام ، هي في جوهرها انتقام أم عدالة ؟
ثم أليس من حق كل إنسان أن يحظى بالأمن والأمان في بيئته القريبة والبعيدة؟
لقد فرضت الجريمة المنظمة سطوتها على الحيز العام ، والذي هو ملك الجميع ، فكيف سيتم تحرير هذا الحيز ، إذا لم تُكرّس كل الجهود لذلك ..؟
أليس من حق كل أب وأم ، ان يعلموا بأن في حيّهم ، يعيش بيدوفيل أو مغتصب متسلسل ؟
لذا وفي هذه الحالة ،يجب "القفز" على حق "الحفاظ على الخصوصية" ، ويجب نشر أسماء هؤلاء المعتدين المحتملين، لمنع وقوع ضحايا جدد..
فللضحية ، وحتى الضحية المحتملة ، الحق في الحماية والأمن .. والذي يعتبره عالم النفس الشهير "ماسلو"، في هرمه (هرم ماسلو للإحتياجات)، مهما جدا ويأتي بعد الحاجات الفيزيولوجية للإنسان كالطعام والشراب.
ففقدان الأمان، يؤدي الى الفوضى التي تقود الى الإنتقام .. والذي هو من أسس العدالة التي تبتغيها المجتمعات الإنسانية ، عن طريق تنفيذ القوانين التي تهدف الى العقاب والردع ..
نعم أنا مع أن تحتكر الدولة، القوة ، ومن خلال هيئاتها ومؤسساتها الرسمية ، وأن تأخذ حق كل ضحية ... لكن وبشرط أن تثبت الجريمة على المجرم دون أدنى شك ..
واجب الدولة الأول والأهم هو توفير ظروف معيشية آمنة لمواطنيها ، والتي بدونها ستسود الفوضى ..
كل هذا مع علمي بأن كثيرا من الأبرياء، قد وقعوا ضحية أخطاء جهاز القضاء ، وعوقبوا على جرائم لم يرتكبوها .. بما في ذلك الإعدام .