فكر التنظيمات الماركسية الثلاث في الموجه الثالثة (السبعينات)


محمد مدحت مصطفى
2020 / 2 / 2 - 22:17     


1- حزب العمال الشيوعي المصري
تمسك حزب العمال بأن مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية لم يتم إنجازها. وأن الطبقة البرجوازية الحالية غير قادرة على إنجاز هذه المهام؛ نظراً لسيطرة شريحة البرجوازية البيروقراطية؛ التي لا تزال تمثل الجسم الرئيس في البرجوازية الكبيرة. وهى بسياساتها: تقود التحول من رأسمالية الدولة شبه المستقلة إلى رأسمالية الدولة التابعة. وعلى ذلك تكون الثورة المقبلة: هى الثورة الاشتراكية التي تتولى حل التناقض بين رأس المال والعمل؛ وحل المسألة الفلاحية والمسألة الوطنية والمسألة الديمقراطية.
وأصدرت كتاباً هاماً وضعه صلاح العمروسي؛ بعنوان البرجوازية الطفيلية ينقد فيه هذه المقولة. وبالنسبة لقضية الجبهة: كان الحزب مع التحالف بين العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة والثورية. ويرفض مقولة البرجوازية الوطنية في الجبهة. بالنسبة للقضية الفلسطسنية لم يعترف الحزب بوجود طبقة عاملة اسرائيلية. ويتمثل الحل في إقامة دولة علمانية على كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر.
فى صيف عام 1970م: أصدر التنظيم الشيوعي المصري وثيقتان في غاية الأهمية. وذلك لأنهما حفرا روافدا فكرية أساسية للتنظيم. وهما بعنوان سلطة البيروقراطية البرجوازية، وطبيعة الثورة المقبلة. كان شائعا في تلك الفترة القول بوطنية السلطة، والبرجوازية الوطنية. وقد رفض التنظيم هذا الطرح جذريا، واعتبر الثورة المقبلة ثورة اشتراكية. وأن المطلوب: هو استكمال المهام التى لم تكملها البرجوازية؛ وهذا الأمر لايحتاج لمرحلة تاريخية كاملة؛ ولا يحتاج إلى الدعوة لإنتفاضة مسلحة فورية. كما أن الثورة الاشتراكية لن تتحقق الا من خلال طريق ثورة أكتوبر الإشتراكية. تضع الوثائق موضوع الجبهة باعتباره موضوع استراتيجي، وأن التحالف الطبقي هو القادر على إنجاز الثورة الاشتراكية. ورفض المفهوم الانتهازي للجبهة، باعتبارها اتفاقات عرضية مؤقتة أو تذيلا للسلطة أو أحد أجنحتها. وأهم ما في الوثيقة هو الرفض الحاسم للتحالف الذيلى مع السلطة.
أرسل الحزب برقية تأييد لحرب أكتوبر 1973م؛ جاء فيها أن الحزب يضع نفسه تحت أمر مصر؛ ويدعم معركة تحرير الأرض. ويطالب باطلاق الحريات الديمقراطية، وتنظيم حرب تحرير شعبية. لم يتحمس عدد كبير من الأعضاء لهذه البرقية. وفي داخل الحزب رفض جمال عبد الفتاح وعلى كلفت التوقيع عليها. بينما وقع عليها كل من سعيد العليمي – إبراهيم فتحي - فتح الله محروس - حسين شاهين - خليل كلفت. وبعدها مباشرة نشرت مقالة خليل كلفت الشهيرة بعنوان ليس كل ما يلمع ذهباً.
أصدر الحزب بياناً بمناسبة اتفاقية سيناء السابقة على كامب دافيد؛ في 13 سبتمبر 1975م؛ بعنوان فلنقاوم إستسلام النظام المصرى أمام الإستعمار الأمريكى وإسرائيل؛ الذى إنتهى إلى طرح شعار الإطاحة الثورية بالسلطة المصرية. وفي عدد جريدة الإنتفاضة الصادر بتاريخ 7 أغسطس 1976م: تحت عنوان حول إنتخابات مجلس الشعب واستفتاءات السادات,. وفى العدد الصادر بتاريخ 31 أغسطس من نفس العام 1976م: بعنوان لا للسادات ضرورة الإطاحة بالنظام القائم بأساسه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرأسمالي الرجعي دون أية تحفظات
... ولايحول بيننا والنضال المباشر حول إسقاط النظام الرأسمالى القائم من أجل الجمهورية الإشتراكية سوى الوزن الضعيف للطبقة العاملة وحلفاؤها من الجماهير الشعبية ... إلا أن هذا لن يتم إلا عبر النضال حول شعار مرحلي, شعار الجمهورية الديموقراطية الذى يحقق إسقاط شكل الحكم الرجعي الفردي مطلق السلطات وإقامة شكل ديموقراطى جديد.

2- التيار الثوري
تمسك التيار الثوري بأن المرحلة التي يمر بها المجتمع هى المرحلة الوطنية الديمقراطية. وأن إنجازها يتطلب إقامة جبهة وطنية ديمقراطية متحدة تتكون من العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة والبرجوازية الوطنية وكل القوى المعادية لإسرائيل والاستعمار- وقيادة التحالف للطبقة العاملة. كانت قضية الجبهة الوطنية قضية مركزية لديه؛ حتى أنه ذهب في دعوته للجبهة إلى اشتراك الحزب الوطني. ورفض أيضاً مقولة البرجوازية الطفيلية التي روجت لها حدتو؛ فكل البرجوازية الكبيرة طفيلية ومترددة. أيضاً كان التركيز على قضية الحريات العامة ودعم الديمقراطية. وركزت على أن التناقض الرئيس: مع العدو الخارجي بقيادة الولايات المتحدة. وأن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني.

3- الحزب الشيوعي المصري
عاد الحزب الشيوعي المصري لطرح فكرة النمو الذاتي مرة أخرى. بمعنى عدم قبول الإنتقال إليه من الأحزاب الشيوعية الأخرى. يقول إن مأزق الرأسمالية يتمثل في عدم تجانسها؛ وأن هناك شرائح تتكالب على الفائض الاقتصادي وجنى ثمار التبعية؛ وهى الشريحة الطفيلية التي يمثل الكمبرادور عمودها الفقري. بما يعطي انطباعا بأن هناك شرائح أخرى غير طفيلية في السلطة يجب دعمها والتعامل معها. وكأنها البديل عن مقولة المجموعة الإشتراكية في السلطة؛ التي روجت لها حدتو في الموجة الثانية من الحركة الشيوعية. اتخذ الحزب الشيوعي من حزب التجمع واجهة له؛ مما أحدث خللاً لكليهما. فعند المواقف اليمينية: يقول المصري إنها جاءت مراعاة للتجمع، وعند المواقف اليسارية: يقول التجمع إنها نتيجة للضغط من الشيوعي المصري. واتضح ذلك جلياً في انتخابات مجلس الشعب في دورتى 1984 و 1987م: عندما تحالف مع حزب الوفد. رفض الحزب الشيوعي المصري قيام جبهة لليسار في مواجهة الحزب الوطني؛ وأن الجبهة لدى الحزب الشيوعي المصري هى جبهة وطنية ديمقراطية من اليسار المصري (التجمع - الحزب الاشتراكي - الحزب العربي الناصري تحت التأسيس). وبالنسبة للقضية الفلسطينية فهو ملتزم بقرارات منظمة التحرير الفلسطينية.