تونس تنعى المناضلة لينا بن مهني و جنازة وطنية لتوديعها


سفيان بوزيد
2020 / 1 / 27 - 22:02     

افاقت تونس على جرح اخر ، و هكدا دوما تترجل الفارسات النسويات بهدوء ، دون فوضى ، دون صخب ، يرحلن فجأة كإنطفاء النجمات في سماء الانسانية ، ,,,,
بأسى و حزن شديدين ، ودعنا الأستادة الجامعية و الناشطة في المجتمع المدني "لينا بن مهني" صباح اليوم الاثنين 27 جانفي 2020 في سن 36 عاما ، على اثر صراع مرير مع المرض و يذكر ان صحتها تدهورت مساء يوم الاحد اين تم نقلها الى مستشفى شارل نيكول حيث كانت لحظاتها الاخيرة
لينا بن مهني هي استاذة جامعية في اللغة النقليزية كما انها ابنة المناضل اليساري المعروف الصادق بن مهني كما كانت جد معروفة في ساحات الدفاع عن حرية التعبير و حقوق المراة و من المدونات اللواتي ناضلن ضد سياسة الحجب التي كانت يعتمدها الدكتاتور بن علي حيث اسست في سنة 2007 بمدونتها "بنية تونسية" لتكون من النوافد على مرحلة القمع و الارهاب البوليسي خاصة اثناء انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008 حيث نقلت صورة و فيديوات و شهادات حول القمع البوليسي لانتفاضة ابناء الحوض المنجمي بقفصة

كما برزت لينا بن مهني الى جانب مدونين اخرين لدورها النشط في تغطية احدث الثورة التونسية سنة 2011 لتكسر بدلك التعتيم الاعلامي الدي الكانت تقوم بها السلطة التونسية ، و نقلت لحظة بلحظة اخبار القتل و القمع و الحصار اثناء اندلاع شرارة الثورة بسيدي بوزيد و القصرين و بل انها تحولت الى ولاية سيدي بوزيد لتكون العين الناقلة لواقع الاحتجاجات المواطنية انداك
هدا علاوة على مشاركتها الفعالة في احداث الثورة 2011
بعد الثورة رشحت لينا بن مهني لنيل جائزة نوبل للسلام رفقة مدونين مصريين اخرين
وفي عام 2013، اختارتها مجلة "أربيان بيزنس" ضمن أقوي 100 امرأة عربية. كما أدرجها موقع "ذي دايلي بست" ضمن قائمة "أشجع مدوني العالم" التي تضم 17 مدونا.
و في لقاء جمعها مع قناة البي بي سي البريطانية قالت لينا بن مهني أن "الثورة والحرية تستحقان المخاطرة"، مضيفة أنه "لم يكن بمقدورها البقاء متفرجة بينما يقدم آخرون أرواحهم من أجل الوطن"كما انتقدت إنكار البعض "للثورة ولتضحيات شهدائها".

و في السنتين الاخيريتين تفرغت لينا بن مهني لتأثيث السجون التونسية بالكتب لايمانها العميق بان السجين له الحق في الثقافة و القراءة و التعلم و انه مؤسسة اصلاحية بالأساس ، كما تحدثت مطولا عن الوضعية الصحية التي تعيشها المستشفيات العمومية
و بوفاتها تودع تونس احدى شباتها الفاعلات في الحراك المدني ، حيث نعتها منظمات و احزاب وطنية ، كما ان صحفا عالمية تداولت خبر وفاتها مودعة اياها بمناقبها و نشاطتها,
و تنتظم يوم غد الثلاثاء 28 جانفي 2020 جانزة وطنية شعبية للمدونة لينا بن مهني في مقبرة الجلاز بعد صلاة العصر التي غادرتنا اليوم بعد صراع طويل مع المرض علما ان موكب الجنازة سينطلق غدا من منزلها بالزهراء الشاطئ قرب المسبح و ملعب كرة السلة
و قبل وفاتها بيوم واحد ، و كأننا بها تترك وصيتها الاخيرة للتونسيات و التونسيين ، دونت ما يلي

"نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة ...
تستهوينا بعض عروض التهريج في مجلس النواب فنصفّق لأصحابها و نعتبرهم من التقدميين و من المصلحين و ننسى عبثهم و فسادهم و قمعهم و حتى عنفهم ...
أنا ضدّ العنف و ممارسة العنف مهما كان مأتاه و مهما كانت الجهة التي يوجّه ضدّها العنف فالعنف مرفوض في كلّ الحالات. و ما تمارسه نائبة الدستوري الحر في المجلس عنف كان جوابه العنف و من يرفض العنف يرفضه على نفسه و على غيره .
من تدّعي رفضها للعنف تربت على ممارسة العنف فعلى سبيل المثال و حسب ماورد في تقرير هيأة الحقيقة و الكرامة في صفحتيه 152-153"وقع مكافأة عبير موسي التي تميزت بالاعتداء على زملائها خلال الجلسات العامة (مثلما حدث مع الاستاذ محمد عبو ) الخ يمكنكم الاطلاع على التقرير و الذي تصاحبه وثائق .
فعيب على من ذاق العنف و تعرّض للتهديد أن يصطفّ مع من تمرّس في ممارسة العنف و خرج علينا يدّعي أنّه ضحية و مورس عليه العنف .
عيب أن نشجّع مثل هذه الممارسات و نستغرب من ردّة فعل عائلات شهداء و جرحى لم تنشر قائماتهم الرسمية الى اليوم . عيب أن تصول و تجول السيدة النائبة في البرلمان بفضل دمائهم و تنكر حدوث الثورة .
طبعا أعيدها لست مع الاعتداء عليها بالعنف ( ان ثبت ) و لكن لست مع تأليهها و شكرها و تكريمها .
من تدّعي الحداثة لم تقدّم موقفا مشرّفا فيما يخصّ المساواة و الحريات الفردية ,هذا بالاضافة الى كونها ابنة نظام دكتاتوري فاشيّ أرهبنا لاكصر من عقدين متتاليين .
من تدّعي انّها بنت بورقيبة لم تدافع عن بورقيبة يوما , وقت وجب الدفاع عنه .

هذا من جهة و هناك من جهة أخرى من يحاول تقديم حركة النهضة كحزب ثوريّ , متناسيا ما عشناه و نعيشه منذ زمن الترويكا من عنف و من دماءو اغتيالات . النهضة يا سادتي من الاحزاب التي كرست الفساد في تونس على الاقل من خلال مصادقتها على قانون المصالحة حتى لا ادخل في تفاصيل أخرى . النهضة و نوابها المتباكون على دماء الشهداء و جرحاها في الفترة الأخيرة هم من أكثر من تلاعب بهذا الملف ولن أعود الى تفاصيل اعتصام الجرحى في وزارة حقوق الانسان يوم كان ديلو وزيرا , و لن أعود على من ترأس و يترأس لجنة شهدء و جرحى الثورة في مجلس النواب ...
الأحزاب الثورية لا تفرض ايديولوجياتها بالعنف و بروابط حماية الثورة و بتزييف التاريخ و لا تحاول أن تفرض قيودها على الحريات الخاصة و العامة ... الأحزاب الثورية لا تتماهى في ر قصات محمومة مع بقايا الدكتاتورية بأنواعها .

فلا الدستوري الحرّ حزب تقدّمي و لا النهضة حزب ثوريّ .فلا تنخدعوا بالتهريج و بالمسرحيات . من شبّ على شيء شاب عليه ."