تونس: حكومة إلياس الفخفاخ الخطوة الحاسمة نحو الصراع المكشوف بين شقي الانقلاب: الاخوان وظلالهم وبقايا التجمع وظلاله


بشير الحامدي
2020 / 1 / 24 - 20:42     

حكومة إلياس الفخفاخ الخطوة الحاسمة نحو الصراع المكشوف بين شقي الانقلاب الاخوان وظلالهم وبقايا التجمع وظلاله

مثلما أتاح تحالف أحزاب الترويكا التي أنتجتها انتخابات 2011 فرزا سياسيا أنتج بعد عامين معارضة يمينية (بقايا التجمع الذين لم يلتحقوا بالنهضة وبقايا البرورقيبيين وبعض النقابيين واليساريين من صائدي فرص التموقع ـ الطيب البكوش ـ مصطفى بن أحمد ـ عبد المجيد الصحرواوي وغيرهم ) تكتلت حول مشروع بناء حزب نداء تونس وشكلت حولها ائتلافا واسعا ضم اليسار اللبرالي وبيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض المجموعات الحزبية الديمقراطية البرجوازية الصغيرة تمكن من إسقاط ائتلاف أحزاب الترويكا في الحكومة التي عوضتها حكومة مهدي جمعة قبل تنظيم انتخابات 2014 التي مكنت نداء تونس من التحول إلى القوة البرلمانية الثانية بعد حركة النهضة المذعورة من مألات حركة الإخوان في مصر والتي ستخير التحالف معه بعد اللقاء الشهير في باريس بين راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي.
لم تأت انتخابات 2019 بالجديد عموما حول ميزان القوى بين الأحزاب التي خاضتها ولم تمكن أي حزب منها من أن يمثل قوة كبيرة بمفرده تمكنه من أن يغامر بتحمل مسؤولية الانفراد بالحكم فحركة النهضة ذهبت بعض المقاعد التي خسرتها لصالح ائتلاف الكرامة وحزب نداء تونس الذي اندثر تقريبا استثمرت قاعدته الانتخابية أحزاب تحيا تونس وقلب تونس والدستوري الحر وكذلك كان الشأن بالنسبة للجبهة الشعبية التي عوضتها في المشهد حركة الشعب والتيار الديمقراطي. ولئن تشتت الأصوات وتقارب حجم الكتل البرلمانية الحزبية فإن الاستقطاب التقليدي (حركة النهضة وظلالها / الحداثيون اللبراليون وظلالهم ) ظل قائما و إن تغير ممثلوه السياسيون وهو بصدد التشكل نهائيا شق سيكون في الحكومة وشق سيكون في المعارضة ويمكن القول أن تكليف السيد إلياس الفخفاخ بتكوين الحكومة التي لن يمثل فيها لا حزب عبير موسي ولا حزب نبيل القروي هو الخطوة الحاسمة في هذا الاتجاه.
حكومة الفخفاخ التي ستحسب في البداية على أنها حكومة قيس سعيد والتي ستحظى بتزكية أغلب نواب مجلس الشعب لاتفاق جميع الأحزاب تقريبا على تفادي المرور لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها وحتّى إن اجتهد كل داعميها على أن يكون لها حزام سياسي كما يقولون يضمن لها الاستمرار وتنفيذ سياساتها فإنها دائما ستبقى حكومة مهدّة بالسقوط وفي مواجهة معارضة قوية فهي من جهة وهذا سيظهر تدريجيا ستحسب على أنها حكومة حركة النهضة وظلالها ومن جهة أخرى ستجعلها توجهاتها وما ستنفذه من سياسات تنسف جسور تقاربها مع مؤسسة الرئاسة وقد نشهد مرة أخرى وضعا شبيها بوضع الخلاف الذي كان بين يوسف الشاهد ومؤسسة الرئاسة التي جاءت به على رأس الحكومة التي أعقبت حكومة الحبيب الصيد وربما ستلعب حركة النهضة نفس الدور الذي لعبته سابقا بإسنادها ليوسف الشاهد ضد الباجي قايد السبسي.
قد يكون السيد قيس سعيد تصور أنه باختيار الفخفاخ قد تقدم خطوة في اتجاه تنفيذ برنامج إصلاح النظام السياسي كما صرح بذلك مرارا أثناء حملته الانتخابية لرئاسيات 2019 وقد يكون تصور أن الحزام الذي يمكن أن يتشكل حول هذه الحكومة سيكون تحت تصرفه في أي مبادرة يقوم بها إلا أنه يخطئ كثيرا فولاء السيد الفخفاخ سيكون لحركة النهضة والحزب الديمقراطي وائتلاف الكرامة بالدرجة الأولى أي لـ 111 نائبا مجموع عدد نواب حركة النهضة وائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي أولا وأخيرا برغم ما يردده اليوم من أنه يستمد شرعيته من شرعية الرئيس ومن عدد الأصوات التي نالها في الانتخابات الرئاسية.
...
إن الأوضاع عموما بصدد التشكل في اتجاه انتاج واقع سياسي لا يختلف كثيرا عن الواقع السياسي الذي عشناه أثناء حكومتى الترويكا (2011-2013 ) فحزب عبير موسى وحزب نبيل القروي سيدفاعان الصراع ضد الحكومة وضد حركة النهضة إلى أقصاه وقد يتوفقان في لمّ شتات الأحزاب والمجموعات المقصية من الحكم ووقتها سنكون عمليا في مساحة من صراع قطبي الانقلاب الحكومة وداعميها بما في ذلك مؤسسة رئاسة الجمهورية وائتلاف معارضيها المقصيين من الحكم وعلى رأسهم حزبي قلب تونس والدستوري الحر وهو صراع قد يتخذ أشكالا متنوعة قد تأتي لا هامش الحريات وتفتح الباب واسعا لعسكرة الاقتصاد والحياة العامة عموما لحكم الائتلاف الحاكم مباشرة عن طريق البوليس.
ــــــــــــــــــ
24 جانفي 2020