احزاب...ولكن


محمد الدرقاوي
2020 / 1 / 22 - 19:19     

الى اليوم لا تزال الخطابات التي تطلقها بعض الأحزاب المغربية ، تكاد تكون أحيانا في صراعاتها مع بعضها، لاتخرج عن خطابات الطوائف والمذاهب الدينية القديمة ،لا تتغير عندها ألفاظ التكفير والالحاد والزندقة الا بألفاظ عصرية من قاموس الوقت ..
هذا التنابز بنحن كنا سباقين ، ونحن أول من نادى ، ونحن من نبهنا، ونحن من حققنا وأنتم من قال .......هو ما يعكس ضعف هذه الأحزاب كونها لم تنسلخ من ماضيها القبلي ولا نزعتها الانتسابية حتى أن بعضها قد ينفلت منه الزمام فيكشف عن حقيقته وتغلغل الرأي الواحد في بنائه العقلي فينزع لباسه أمام الناس ليدخل الى معركة الاقناع الغابوي ويعيدنا الى زمن الببغاوية والتصويتات الجوفاء : أنا أولا أحد ..
ربما يكون تعددنا قد أعطى حيوية لمشهدنا السياسي المغربي ، ولدى غيرنا يعكس ذروة الحرية والديموقراطية ،لكن في واقع الأمر، وأمام العناد والجمود ،وسياسة الرأي الفردي ،لا تضيع غير مصالح المواطن المغربي ، فهي التي يصيبها الكساد والبوار ،فتنقضي ولاية بعد أخرى ولا شيء يتحقق ..
ولمن كذب فلينظر أكثر من مدينة مغربية ماذا أصابها من فوضى عارمة وما تجره من مشاكل تنظيمية وأمنية ،وكساد اقتصادي ،وتقهقر تنموي ومزابل تعم الأحياء والطرقات ، مدن صارت فيه أكثر من بادية مغربية هي منها أجمل وأنظف ....وكل هذا نتيجة الراي الواحد والفكر الأوحد الذي يتناسى أن إضافة راي الى راي في عمل جماعي وتخطيط مدروس بلاخلفيات ولا اسقاطات ولا حسابات سياسوية هو ما يبني الانسان كما يبني الأوطان ..
أن هذه السلوكات هي ما يمكن الاستغلاليين والوصوليين من اختراق هذه الأحزاب أو مؤلفين أجنحة عنها أو مشكلين أحزابا أخرى متلونين عند كل ولاية وموعد انتخابي حتى يظلوا مسامير ميدة يتم دهنها بزيت مظهري يتستر عن صدئها وما ضاع من طول أمدها من وقت ومال ومصالح عامة ..
هكذا نظل كمغاربة تتحكم فينا أفكار النزعات القبلية والعقائد البالية بكل اساطير الوعود الوهمية وذات الحمولات الانتهازية فلا نزداد الا ثباتا في مواقعنا أو نتقهقر الى الخلف، بدل الركض مع حياة لا يتوقف لها جريان ...
ومن الغريب أن بعض هذه الأحزاب حين تريد أن تعلق تراخيها، وكسلها، وافتقاد روح الابداع والمبادرة لديها لاتجد غير المخزن جسدا تلبسه نقائصها ،فتطلق لذلك أبواقها عبر كل الوسائط متوهمة أنها قادرة على استحمار المواطنين ذاك أن وعيها لم يصل الى معرفة أن كل مواطن اليوم يرى حقيقة وضعه أمام عينيه رؤيته لأقرب مرآة يتطلع فيها الى ملامحه يوميا ، ولا أحد صار يرضى اليوم أن يجد وجهه مشوها وجسده لاتستره غير مرقعة الدراويش