الخيط الحساس لإزالة الالتباس


طارق المهدوي
2020 / 1 / 22 - 15:12     

مع استثناء ما يقع من موت عمدي أثناء القتال المتبادل بين طرفين متحاربين علناً داخل ساحات القتال، فإن الموت العمدي بفعل فاعل على اختلاف أشكاله وأساليبه خارج ساحات القتال هو أقصى عقاب يتم توقيعه على الفرد الذي يتم سلب حياته، حيث تليه في الخطورة بقية أنواع العقوبات السالبة للحريات والحقوق والمصالح تباعاً، وكما أن القانون الدولي يفرق في الموت العمدي داخل ساحات القتال بين المقاتل الغازي المعتدي والمقاتل التحرري المدافع عن بلده فإن الأخلاقيات الإنسانية تفرق أيضاً بين مستويين اثنين للموت العمدي خارج ساحات القتال، أولهما تتم ممارسته من قبل تجار الموت وهم أولئك الذين يقتلون أو يحرضون على قتل أو يسعدون لقتل من يختلف عنهم في العرق أو الدين أو الطبقة ومن يختلف معهم في الفكر أو الرأي أو السلوك، وثانيهما تتم ممارسته ضد تجار الموت المذكورين سواء كعقاب لهم على تجارتهم الدموية أو كفعل استباقي للحيلولة دون مضيهم وتوسعهم فيها، وهي تفرقة يمكن استيضاحها بسهولة نسبية من خلال تقدير موقف القتيل الذي يكون إما تاجر موت أوقع نفسه في شر أعماله أو بريئاً قتله أحد تجار الموت على هويته، رغم الصعوبة النسبية لتقدير الموقف عندما يكون القاتل والقتيل متنازعين حول مصلحة يرى كلاهما أنه الأحق بها دون أن يكون أيهما في الأصل تاجر موت، حيث تتباين تقديرات الموقف هنا تبعاً لتقدير الموقف الأصلي عن هوية صاحب الأحقية وتبعاً لهوية البادئ باستخدام القتل كوسيلة لحل النزاع القائم حول تلك الأحقية، علماً بأن صعوبة تقدير الموقف تزداد تعقيداً عندما يكون القاتل والقتيل في الأصل تجار موت لا يعرفان سوى القتل كوسيلة لحل نزاعاتهما حيث يعتمد تقدير الموقف هنا على هوية البادئ باستخدام القتل، وإزاء استمرار الإنسانية في موقفها الأخلاقي المبدأي الذي لا يسعى ولا يدعو ولا يسعد لموت أي إنسان كائناً من كان عمداً بيد غيره سواء داخل ساحات القتال أو خارجها، يبدو اختيار النأي بالنفس لمن يحوز أي قدرة على وقف أي موت تحت مبرر أن القاتلين يقتلون بعضهم نوعاً من التجارة غير المباشرة في الموت!!.