ما بعد صواريخ آية الله - الشرق سيدخل الحرب وسينتصر


وليد مهدي
2020 / 1 / 19 - 10:11     

حين أقرا في مواقع التواصل بان الصراع في العراق ولبنان واليمن مذهبي سببه ايران الشيعية امام السعودية السنية ..أشعر بغثيان وملل من سطحية هذا الراي الرائج الى درجة لا يمكن مناقشته مع أحد ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع اكبر من الدين ، ويتمثل بنزعة العدوان الانجلوسكسوني الغربي الذي يقود صراعاً يائساً ضد غولٍ عظيم اسمه الموروث الثقافي للشرق ، وهذا شيء معروف وليس خافيا ، كل ادبيات الغرب السياسية تقول ذلك ، يتصور الفكر الاستعماري انه يستطيع بحيله تطويع هذا المارد و تركيعه في النهاية . هانتغتون مثلا كشف ذلك في " صدام الحضارات " بصراحة .

الدين المجرد ، صغيرٌ جداً ، لكي يجر بموروثه المنطقة الى صراع تاريخي بهذه القوة والديمومة والشواهد كثيرة على ضعفه لسنا بمحل نقاشها اليوم ، ولعل وقوع مقدسات المسلمين الاساس ( الاقصى والكعبة ) تحت هيمنة النظم الصهيونية بشكل مباشر تمثيل مبسط على ما ندعيه ..
صحيح ان المصالح ورغبة الاتساع الامبراطوري هي الحافز لهذه الحروب ..
لكن , كل معسكر يتسلح بدرع ثقافي تاريخي اكبر تأثيرا من الدين يعود الى منبت كل معسكر :

اميركا والغرب متدرعين بالعصرنة والتمدن ، بثقافة البرجماتية النفعية الغير مستندة على مبادئ حقيقية ، بل هي تعاير الخير والشر عبر الكيل بمكيالين وتنحاز الى الرجل الابيض كصاحب الحق دائماً بظاهر مادي علموي ، لكنه بصورة لا واعية صاحب كتاب مقدس يعتبر من اسرائيل في محور كل سلوك على مستوى السياسة الخارجية هي اساس الخير الإلهي بسذاجة " آلية " مرجعها الذهنية الآلية التابعة التي تغلف ذهن الفرد في الغرب و الموهوم بحرية مزيفة ( ذهنية الناخب الامريكي كمثال) ..
هي قيم ومواريث افرزها التطور الصناعي والمنظومة الاقتصادية الغربية ، ويراد تسويقها للشرق على انها فردوس الارض الابدي .. لذلك ، يمتاز هذا الدرع بضعف قيمي روحي لأنه مولود منذ اربعمئة سنة فقط !!

بمقابل ، الصين وقوى الشرق الاخرى فهي تتدرع جميعا بموروث ثنائية الخير والشر في جوهر ثقافة الشرق الضاربة في عمقها اكثر من ثلاثة الاف سنة ..


هذا صراع " تاريخي " في المنطقة ، لا يمكن سلخ العراق منه ، لان العراق هو محور هذا الصدام العابر للقرون ، العراق ليس جسراً جغرافيا فقط ، بل هو جسر تاريخي ثقافي عابر للأزمان ، المسالة تتجاوز الدين والمذاهب والوطنية والقومية ، هذا صراع حضاري ثقافي قيمي :


قيم الشرق واصالتها المحافظة ضد قيم الغرب وتجديدها " الليبرالي " الغير مقيد .


ايران زرادشت ( النور والظلام ) والشاه اسماعيل وآية الله خميني هي مجرد " أنف " صغير ظهر من خبأ لكيان الشرق التأريخي المتجذر بعقيدة النور والظلام وان تلفحت بالإسلام الامامي لكنها تجمع كل ارواح الشرق الكبرى وراءه والتي تحمل ذات الثنوية ..

سياتي يوم ويطل التنين الأكبر بثنوية الين واليانغ ( النور والظلام) من وراء سور الصين وبلاد التتار العظيمة ووقتها ستتبين حقيقة هذا الإعصار " الشرقي " الذي يقاوم التجديد ، لكن وقتها يكون قد فات على هذه الامة الفوت ، فانا لله وانا اليه راجعون ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشكلة قوى الثورة والحرية في العراق ولبنان انها تستند على رؤية نيل الحق في حياة حرة وكريمة على نسق الليبرالية الغربية ، وهذا وهم كبير زرعه بعض المفكرين في الشرق الاوسط منذ عقود وتم تضخيمه اعلاميا اذ بان الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ، و هو نتاج قصور في الرؤية ونتيجته كانت كوارث ما بعد الربيع العربي التي فضحت زيف هذه الشعارات غير الصالحة للإنبات في البيئة العربية الاسلامية ..

قمة ما يمكن الحصول عليه من حياة كريمة في الشرق الاوسط هو مستوى اقتصادي ومعاشي عال كما في دول الريع النفطية في الخليج ، لا حرية ولا ليبرالية ولا هم يحزنون ..والديمقراطية في الجزائر ومصر وليبيا و اليمن وتونس والعراق ولبنان لم تفرز الا المزيد من المشاكل وصعود تيارات الاسلاموية الانتهازية تارة ، او قوى الثورة المضادة للاسلاموية الانتهازية تارة اخرى ، ولا تقل انتهازية وفساداً عنه ..

هذا الصراع لا يزال في اوله ، وهو بات يوشك على الانفجار بسبب الازمة المالية الاقتصادية العالمية القادمة في 2020 كما قال عنها الدكتور طلال ابو غزالة قبل بضعة اشهر في لقاء مع قناة سي ان بي سي العربية بان الحرب العالمية الثالثة قريبة جدا بين الصين والولايات المتحدة ...
ستربح الصين ، سينسحب الاميركان وسيحل محلهم الصينيون ..

وستتغير الخريطة ، وستنزل جيوش الشرق في جزيرة العرب ..
هذا كله ما انبأتنا به ضربة الصواريخ الايرانية لقاعدة عين الاسد الامريكية التي اصيبت بشلل تام ..

والحديث ذو شجون .


#الحرب_العالمية_الثالثة