أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (13)

نهويل مورينو
2020 / 1 / 11 - 14:23     


مقدمة

في 16 تموز 1984 تحدث الرفيق نهويل مورينو -بدعوة من قبل الشبيبة الإشتراكية_ حول تنظيم (بناء) الحزب الثوري. هذا المقال هو النسخة المكتوبة لمحاضرته منقحة من قبل المحاضر نفسه. وقد تم نشرها أولا في بوينس آيرس ضمن مذكرات التضامن. (قارئ التثقيف السياسي رقم 1- 1984).
التسلسل الهرمي للحزب
ما يتجلّى بوضوح ممّا سبق ذكره حتّى الآن هو الفرق بين الكادر والقواعد النضاليّة. البعض في غاية التنظيم ويندفع إلى الحزب في أيّة مهمّة و/ أو يتولى دورا قياديّا في النضال الطبقي أو في أيّة مهمّة حزبيّة معيّنة. رفاق آخرون يقومون بنشاطهم اليومي في أماكن العمل، أو الدراسة، أو في الأحياء، يبيعون بعضا من صحف الحزب، ويسدّدون اشتراكات العضويّة للحزب. ولكنّهم لا يكرّسون أوقات فراغهم للحزب، أو يبرزون في بعض النشاطات. كثير من القواعد النضاليّة ينتهي بهم الأمر مع الوقت بأن يصبحوا كوادر. سيكون علينا أيضا الالتحاق بالحزب الذي سبق وأن أعدّ كوادره لأنّهم صنعوا تشكيلاتهم في منظّمات أخرى أو لأن الصراع الطبقي نفسه قام بتشكيلهم. على أيّة حال، كلّما نما الحزب وأصبح جماهيريّا، كلّما كان لدينا المزيد والمزيد من القواعد النضاليّة، أكثر بكثير من الكوادر.

لنشاطات الكوادر والقواعد، بشكل ما، نفس الحقوق. كلّها عضويّة في الحزب حيث يمكنها النقاش والتصويت، لكلّ شخص نفس الصوت لانتخاب المندوبين لمؤتمرات الحزب، وما إلى ذلك. ولكن، هذا لا يعني أن الحزب لا يرتّب الأولويّات بين المناضلين. بالنسبة لنا لا يتساوى الرفيق الذي يضحّي تماما لأجل الحزب بذلك الذي لا يفعل هذا.

للكوادر احتياجات تختلف عن تلك لدى القواعد النضاليّة. الكادر لا يبحث في الحزب فقط عن الاستجابة السياسيّة للصراع الطبقي، بل يبحث أيضا عن استجابة داخليّة على كافّة المستويات: القضايا التنظيميّة، والدورات النظريّة.. الخ. إذا كنّا مثلا، في مخرجات العمليّة، قد اكتسبنا رفيقا في حيّ ما يقوم ببيع ثلاث أو أربع نسخ من صحيفة الحزب أسبوعيّا، ومستعدّ للمساهمة الماليّة، فإنّه من القواعد. ولكن، إذا بدأ هذا الرفيق بجمع اثنين أو ثلاثة من قرّاء صحيفة الحزب، ليبيع كلّ منهم 15 أو 20 نسخة، فإنّه يكون كادرا. هذا الرفيق سيطلب على الفور توجيهات من كلّ الأنواع: كيفيّة تنظيم الإجتماعات؟ ما هي العناوين التي تنبغي مناقشتها؟ كيفيّة إعداد تقرير أممي أو وطني أو تقرير أنشطة؟ ما هي النشاطات التي ينبغي تولّيها لتجميع الرفاق؟ هذا الرفيق سيكون قد بدأ بالفعل بتولّي القيادة السياسيّة.

من هذين العنصرين، درجة التفاني للحزب، والاحتياجات التي يحدّدها الرفيق، تبرز هرميّة الحزب. الكادر أولويّة بالنسبة للقواعد النضاليّة. وكذلك الأمر فإن للقائد الإقليمي تراتبيّة أعلى من كادر القواعد الشعبيّة، كونه فاعل وينبري لقيادة جمهور الكوادر وعضوية المنطقة ويقدّم مشاكل أكثر تعقيدا: رسم سياسة للمنطقة كلّها في نقاباتها، وأحيائها، وجبهاتها الطلابيّة، ومتابعة العلاقات مع الأحزاب السياسيّة في المنطقة، تأمين الدورات الحزبيّة والمحاضرات، ضمان وجود خطّة ماليّة شاملة، امتلاك الأجهزة.. الخ. ومهمتهم الأكثر أهميّة هي: تشكيل الكوادر.

وبالمثل، تصاعديا، حيث الرفاق الأعلى تراتبيّة، لدينا القادة على المستوى الوطني. ويبقى قبل الجميع: القادة الأمميّون.

هذا التسلسل الهرمي مشابه، بشكل ما، ولكنّه مناقض بشكل آخر، لنظيره في الجيش. في الجيش البرجوازي يرتقي الشخص هرميّا على نحو بيروقراطي، أو من خلال قرار هرمي من قبل القائد الأعلى للجيش. لا أحد يسقط في ذلك التسلسل الهرمي، إلا بسبب فعل مشين أو شيء من هذا القبيل. في الحزب لا يوجد هناك هرميّة دائمة. أي شخص يسقط إن لم يكن منتجا وأيّ شخص يمكنه الإرتقاء عندما يكون منتجا. المناضل أكثر أو أقلّ أهميّة وفقا لأدائه من أجل الحزب والنضال الطبقي في كلّ لحظة محدّدة. ولكن، إضافة إلى ذلك، هذه الهرميّة تبنى ديمقراطيّا. إنّها قواعد الحزب، وليس القيادة، التي تنتخب المندوبين للمؤتمر. وأولئك المندوبون للمؤتمر ينتخبون القيادة.

هرميّة المناضلين يتمّ اكتسابها بالجهد والقدرة الفرديّة، ولكنّها تتحقّق عبر هيئات الحزب. هيئات الحزب هي التي تحتلّ تراتبيّاتها في الحزب: اللجنة المركزيّة هي هيئة القادة على المستوى الوطني، وقيادة المنطقة هي هيئة المناطق.. الخ.

في مراحل المراجعة، التي يكون فيها الحزب بموقف دفاعيّ، كتلك التي مررنا بها للتوّ، فإن هيئاتنا القاعديّة، ومقرّاتنا، المجتمعة في جمعيّاتها القاعديّة وميليشياتها الكادريّة، لا فرق بينها من أيّ نوع. كان هذا طبيعيّا عندما تقاربت كلّها في المقرّات، ولم تكن هنالك أيّة فروقات رئيسيّة يمكن تحديدها بينها. ولكن في هذه المرحلة الجديدة من الضرورة ترتيب الكوادر وفقا للأولويّة. علينا الذهاب إلى اجتماعين مختلفين: أحدها للكوادر والآخر للمجوعات القاعديّة. الاجتماعات في المقرّات يجب أن تكون بالكوادر ومن أجل الكوادر. يجب أن يكون لديها، إلى جانب تلك الاجتماعات، معاملة مميّزة: نشرة داخليّة لهم وليس لكلّ المليشيات، دورات ومدارس لهم.. الخ. القواعد سيكون لديها اجتماعاتها الخاصّة في أحيائها، وفي المصانع والمدارس (وإذا ما أرادوا أيضا في المقرّات)، بقيادة واحد أو اثنين من الكادر.

وبمجرّد أن تكون أيّة سياسة تصنيفيّة، خاصّة فيما يتعلّق بالقضايا التنظيميّة، من الممكن أن تقودنا إلى أخطاء جسيمة، سننبّه إلى ما قد تكون هذه الأخطاء. من الخطأ القاتل فصل الرفاق عن اجتماعاتهم التقليديّة في المقرّات لأنّنا لا نعتبرهم كوادر، لأسباب مختلفة:

1_ بالرغم من خروجنا لبناء قواعد مجموعات حزبيّة جديدة، مازلنا في خطواتنا الأولى. من السيء للغاية إخراج رفيق من هيئة ما إذا لم يكن هنالك هيئة أخرى يمكن دمجه فيها. إذا فعلنا هذا سنخسر الكثير من الرفاق القيّمين.

2_ حيث أن خروجنا لايزال ضعيفا، لن يكون لدينا أيّ معيار، ولا دليل موضوعيّ لمعرفة من يستحقّ أن يكون كادرا ومن لا يلبّي شروط ذلك. دعونا نجري تقسيما بين الكوادر والأعضاء في مختبر عقولنا، بدلا من أن نفعل ذلك في مختبر النشاط الحزبي والنضال الطبقي. إذا فعلنا هذا سنخسر الكثير من الكوادر المحتملين الذين قد يكونوا فاعلين إذا ما قمنا بإرشادهم ومساعدتهم في نشاطهم. إنهم يريدون أن يكونوا كوادر، ولكنّهم ليسوا كذلك بعد.

3_ في كلّ المراحل هناك انتقال. الثورة تعني أن نجعل اجتماعاتنا تصبح اجتماعات كوادر لمحتواها: نناقش، ونخطّط، ونصوّت، ونتحقّق من النشاط كما لو أن الكلّ كوادر. ولكن لا ينبغي فصل أحد عن اجتماعات الكادر الآن. أولئك الذين لا يستطيعون متابعة الاجتماعات سيلاحظون ذلك وسيقومون بشكل طبيعي بالتغيير إلى اجتماعات أخرى، اجتماعات القواعد، حيث يشعر الواحد فيهم براحة أكبر.

4_ نحن ضعيفون جدّا في تقييم الرفاق بشكل صحيح، كما سنرى. ويجب أن لا نتخلّى عن أحد ككادر قبل أن نبذل كلّ جهد ونقدّم كافّة الخيارات والجبهات لجعل التدخّل والتحفيز ممكنين بحيث يتحمّس أولئك الرفاق بشأنها ويفترضون بعض النشاط الكادري.

لذا، في هذه المرحلة الإنتقاليّة، هرميّة الكوادر يجب أن تبنى وفقا لمعيار رئيسي: الحماس والشغف للنشاط. أولا الشغف لبيع جريدة الحزب. وأيضا الشغف لأي نشاط في النضال الطبقي والبناء الحزبي.



ترجمة: تامر خورما
تحرير: فيكتوريوس بيان شمس