عام 2020 عام الانتصار لثوار ساحات التحرير


محمد جواد فارس
2020 / 1 / 2 - 23:32     

يوم الشهيد تحية وسلام

بك والنضال نؤرخ الأعوام

بك والضحايا الغر يزهو شامخا

علم الحساب وتفخر الأرقام


الجواهري الكبير


عندما بدئت الانتفاضة الجماهيرية في بغداد وتحت نصب الحرية للفنان الراحل جواد سليم و بمؤازرة مدن وقصبات العراق في الوسط والجنوب ، خرجت وهي تحمل شعارين ، هما أريد وطن ،والثاني نازل أخذ حقي ، هذان الشعاران هن بمثابة برنامج وطني لبناء عراق ، في ظل سيادة وطنية دون تدخل خارجي وانهاء الاحتلالات للوطن بعد ستة عشر عام من الهيمنة والصراع داخل البلد من قوى النجل الخارجي لتصفية حسابات هذه الأطراف والذي يدفع الثمن الشعب العراقي ، اما شعار نازل اخذ حفي ، فالشعب يريد حقوقه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة ، الخبز بكرامة ، والمدرسة بكامل التأثيث ، والمستشفى والمستوصف كباقي المؤسسات الصحية مع توفر العلاج المجاني ( الرقاد في المشفى والعمليات الجراحية والأدوية )مع توفر المستلزمات من الأجهزة لغرض التشخيص والعلاج ، والمصنع لاستيعاب العمالة الوطنية وتوفير المنج الوطني ، والسكن للمواطن مع توفير فرص العمل للخريجين ، والاهتمام بجمالية المدن والقضاء على التصحر والاهتمام بالزراعة وتوفير المكننة الزراعية والبذور المحسنة ، والاعتماد على السوق المحلية لتصريف المنتج الزراعي وتصدير الفائض الى الأسواق العربية والعالمية ، كل هذا يفهم ببرنامج الثوار المنتفضين الذي تطبيقه الا في ظل حكومة وطنية تعتمد على طابع المواطنة وليس على حكومة في ظل دستور يعمل بالمحاصصة الطائفية والعرقية ، ومن هنا طالبت هذه التظاهرات والاعتصامات برحيل هذه الحكومة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والرأسية و ان يكون هناك قضاء عادل ، وهذا يشمل إعادة كتابة دستور للبلد ، يأخذ بنظر الاعتبار حق المواطنة ويلغي المحاصصة بكل اشكالها ، والان دخلت هذه الثورة السلمية شهرها الرابع مع تقديم كوكبة لامعة من الشهداء الشباب ناهز عددهم 600 شهيدا و22000 جريحا واعداد من المعتقلين والمغيبين في سجون السلطة وكذلك المليشيات الحزبية المحسوبة على الأحزاب الدينية والتي لعبت دورا واضحا في عرقلة الانتفاضة ودورها الوطني .



وعلى الرغم من كل الكوابح التي وضعت امام الثوار ،لا كنهم سائرون في مطالبيهم ، وقد وقفت المنظمات المهنية من النقابات والاتحادات الى جانبهم وكان للطلبة والمرأة دورا متميزا في ساحات التحرير ، حيث نصبت في الساحات الخيم واطلق عليها أسماء متعددة ومنها خيمة الفنان الكبير الراحل صاحب رمز ملحمة الحرية في نصبه الرائع في ساحة التحرير جواد سليم وفي ساحة التحرير تجد ان الثوار أسسوا مكتبة من مختلف الكتب الثقافية والفلسفية والعلمية لبث روح الثقافة بين الشباب وزيادة المعلومات عن حركات التحرر الوطني في العالم ، وهناك خيمة للمسرح حيث تقدم مسرحيات من كناب ومخرجي وممثلين على مسرح في الساحة يستمتع بها المشاهد ، وخيمة أخرى للشعر والشعر الشعبي للشعراء شباب لديهم إمكانية كتابة القصيدة الشعرية المغناة من قبل المطربين بعد إعطائها لملحنين ، وهناك اماسي ليلية في الغناء وقراءة الشعر ، اما الفن التشكيلي في الرسم فقد ابدعوا الشباب والشابات في فن الكرافيتي أي الرسم على الجدران ، وقد ازدان نفق التحرير بهذه اللوحات المكرسة لانتفاضة ولشهداء ثورة أكتوبر المجيدة من جمالية المنظر كفن وكتاريخ ، اما عن دور الشباب في تنظيم جمالية الساحة ونظافتها ، فقد تقوم يوميا مجموعة من المتواجدين في الساحة بعملية التنظيف المبرمج وإبقاء ساحة التظاهر بشكلها الجميل من وضع مزهريات ورود منسقة بشكل مرتب يدل على الذوق الرفيع لهم ، اما دور المرأة العراقية من النساء التي تقوم بإعداد الطعم بوجباته الثلاث وبمختلف الأطعمة من التمن والمرق الى المشاوي ولسمك المسكوف على الطريقة العراقية الشائعة ، وليمكن ان ننسى دور الأطباء والطاقم الطبي في الإسعافات التي يقومون بها ، والدور الذي يقدموه سواق التك تك في نقل الجرحى والمواد الغذائية والأدوية ، وللصحفيين في ساحة التحرير دور في اصدار جريدة دورية توجيهية وثقافية ، أضافة للإذاعة التي تبث من جبل احد كما يحلوا للمنتفضين تسميته ، كل هذا الذي نعرفه عن الساحة بجهود منهم ولم يعتمدوا على أي تمويل خارجي سوى ما يتبرع به أبناء الشعب العراقي في الداخل والخارج لدعم صمود الثوار السلمين ، ان هذه الثورة المجيدة والمستمدة من تاريخ الشعب العراقي في انتفاضاته وثوراته على المستعمرين والدكتاتوريات ، سيكون لها النصر المؤزر وسوف يكتب عنها المؤرخين في العراق وخارجه تجربة سلمية رائدة قدمت شهداء خالدين من اجل حرية الوطن وكرامة الشعب ، وسيكون هذا العام عام النصر وبناء عراق مزدهر يعيش في المواطن مرفوع الرأس في العالم ويفتخر انه من بلد الحضارة بلد حمورابي وأشور بنيبال ونبوخذ نصر ، ومن سومر واكد وبابل .