من دروس 17 ديسمبر


بشير الحامدي
2019 / 12 / 29 - 04:41     

ـــــــــــــــــــ
ما وقع في 17 ديسمبر لن يعاد لأن التاريخ ليس حدثا ارتداديا
وأوضاع 2011/2010 ليست هي أوضاع 2020/2019
وخبرة الأغلبية اليوم ليست هي خبرتها سنتي 2011/2010
في 2011/2010 تمكنت الجماهير من التوحد حول هدف واحد هو "يرحل بن علي" ووصلت نقطة اللاعودة في تحقيق ذلك ولأن مهمة إسقاط رأس النظام لم تكن وحدها لتحقق مهام التغيير الجذري الذي يفترض دفع الصراع الطبقي إلى أقصاه حتّى الإطاحة بالطبقة المهيمنة وبدولتها وبنظامها والشروع في انتاج علاقات جديدة تنسف كل إخلالات الواقع السابقة وإنهائها بمعنى تخليص هذا الواقع من الميت فيه )تخليص الحي من الميت( حسب عبارة ـ ماركس ـ واستيعاب الثورة كلحظة تدمير معبأة بمجموعة من الصراعات تفتح على مجموعة طرق ومسارات متنوعة من قبل المقهورين )الفاعلون التاريخيون( وانتزاع هذه اللحظة كفرصة للتغيير والذهاب فيها إلى النهاية لصالحهم حسب عبارة ـ والتر بن يمين ـ سهل على حرّاس النظام الانقلاب على مسار 17 ديسمبر والحركة برمتها وربطهما بما سمّي بمسار الانتقال الديمقراطي. وعلى عجز الجماهير وقتها وفيما بعد على الربط بين مهمتي ـ يرحل بن علي ـ وـ الشعب يريد إسقاط النظام ـ وعلى تجاوز شعارات ـ التشغيل استحقاق ـ والمجلس التأسيسي ـ والحريات السياسية ـ التي وقع تبنيها من قبل قوى الثورة المضادة وتحقيقها بما يضمن استمرار النظام تأسس واستمر الانقلاب وتأسست سياساته التي أنتجت الأوضاع الحالية بكل كارثيتها.
يبدو الوضع اليوم متقدّما كثيرا عما كان عليه سنة 2011/2010 وكل الأوضاع تراكم ولو ببطء في اتجاه إنتاج تلك اللحظة التي ذكرنا من جديد وقد يستغرق ذلك سنوات ولكن سيبقى كل ذلك مشروط بتجاوز العجز الذي ولده وقف مسار 17 ديسمبر في حدود الشعار الديمقراطي اللبرالي الدستوري واقتحام مجال فرض السيادة على الثروة وعلى الموارد ووسائل الإنتاج وتسييرها من قبل أصحاب الحقّ: الأغلية التي لا تملك.
الطور الثاني من مسار 17 ديسمبر يتقدّم ولو ببطء نحو هذه اللحظة ولكن قد يتطلب ذلك ربما سنوات ولكن التاريخ لا يمكن أن يتوقف والنظام لن يستمر إلى ما لا نهاية في الخروج من أزماته بمزيد إنتاج الأزمات والحركة بدورها ستلفظ عجزها وتخلص نفسها من الميّت فيها وتتقدم متجاوزة كل المسارات التي تشدها لعجزها ومراوحتها في نفس المكان.
17 ديسمبر كان أيضا حدثا لا أحد انتظره. هذا أيضا درس لا يجب أن ينسى في كل الأحوال.
ـــــــــــــــــــ
28 ديسمبر 2019