الإله الآدمي


ياسر إلياس
2019 / 12 / 24 - 10:40     

‏لمّا أفقتُ من الطفولة و الصبا

ألفيتُ كلَّ حقيقةٍ أوهاما

كم خيّلتْ لي الذكرياتُ برجعها

أنَّ الذي قد كانَ كانَ خزامى

ما كنتُ أعرف أنّ لي من بعثةِ

ستحيل صرح المُنشآت حطاما

ما طار طيرٌ من بنات رؤوسنا

إلّا و أنبله الرماةُ سهاما

حرسٌ شِدادٌ كلَّ طرفةِ ناظرٍ

منذا يشفُّ خلالهم أحلاما

الناس موتى و المقابرُ جمةٌ

ماذا يبثُّ إلى المواتِ قياما

رمتِ الغوائل في ذرانا داءها

وسرت إلينا الموجعاتُ غماما

هوتِ الشواهقُ كلُّها و تطوَّحت

قممُ الشوامخِ و انثنتْ أقزاما

كلُّ الرسالاتِ التي افتخروا بها

حالتْ لظىً و تفجَّرت ألغاما

صبّتْ علينا من حميم صديدها

وذوت فراديس الجنانِ قتاما

البسمةُ الحبلى بكل محبةٍ

كانتْ قِلىً و تقيةً و جهاما

كلُّ التحايا و الحفاوة و القِرى

ألقوا بها للجاهلين سلاما

كلُّ الرجولات التي في سفرهم

كانت على أبدانهم هنداما

دخنا على قصص المبادئ و العلى

حُشيتْ بها أفهامنا إرغاما

جاءت على ظهر الخيول و خطَّها

الظَّافرون بكفِّهم أقلاما

تلك الصحائف للطغاة موائدٌ

يستمتحون خُوانها الإطعاما

لا فرق ما بين الطغاة و ربهم

كلٌّ يسوم عبيده الإيلاما

فصلوا إلهاً في مقاس هواهمُ

فأتى إلهاً فارساً مقداما

عيناه تقدح جمرةً و شرارةً

ويداه تحمل حربةً و حساما

كان الإله مذكراً فحل القوى

وعلى النساء موكَّلاً قوَّاما

كان الإله يفيض في شهواته

عشقاً بمملكة النساء هياما

فيضمُّهنَّ إلى حريم قصوره

ويذوب في المتع الحلال ضراما

كم قلّبوا فوق الأسرَّةِ نسوةً

كان الجهاد على السرير لزاما

يختارهنَّ من الملاح كواعباً

حوراً تفور غناجةً و غراما

كان الإله إلى الدماء معطشاً

يسبي النساء و يقطع الأرحاما

يدعو إلى سفك الدماء لأجله

و يحرّضُ الأديانَ و الأقواما

سبَّ الإله الآدمي خصومه

و حشا الفضاء تناحراً و خصاما

‏هل جئتني تشفي و تبرأ علتي

أم جئتني لتسبب الآلاما

هل جئتَ تطلق في المدى حريتي

أم جئتَ طوقاً للحلوقِ لجاما

إِنْ كنتُ حراً في قرار مشيئتي

أبلغ رجالك يغمدوا الصمصاما

وضعوا على فميَ السلاسل غلَّةً

وسبوا بنات العقل و الإلهاما

أنّى التفتُّ أرى لهم جندرمةً

مُلاًّ و قسّيساً و حاخاما

يجدوننا إذْ يخطبون بجمعنا

بقراً و أحمرةً و أنعاما