بصمات جيفارا على انتفاضة شباب تشرين العراقية!


باسم المرعبي
2019 / 12 / 17 - 00:25     

ليس المقصود من العنوان تسييس حركة شباب تشرين العراقية، بـ "المعنى الدارج" ـ
وإلّا فهي في صميم السياسة ـ أو تحزيبها أو إضفاء لونٍ معين عليها، أو وضعها في خانةٍ ما،
وإن لم تكن الصبغة اليسارية، إذا ما اتصفت بها هذه "الحركة" بقصد أو دونه، بعائبةٍ لها.

هناك تفصيل أوحى لي بالصبغة الجيفارية لدى الشباب، سأعود إلى هذه العلاقة ، لاحقاً.
ففي نفق التحرير المهجور لمدة ستة عشر عاماً، رغم أنه في قلب قلب بغداد، وقد أعاد إليه النبض شباب تشرين ـ وهذا في ذاته إنجاز ـ افتتحوا صفاً أو صفوفاً لمحو الأمية.
تفصيل كهذا ليس بالعابر، يكفي وحده أن يكون عنواناً للإبداع والإيثار والثورة بمعناها الجذري، العميق، دون نسيان أو إهمال شقّها الثقافي، هذه المرّة.
صفوف لمحو الأمية في مكانٍ غدا، بفعلٍ جبّار كهذا، حتى لو كفكرة فقط، من بين فعاليات ومبادرات كبيرة أُخرى، غدا هو العراق الذي نُريد ونتطلّع إليه،
عراق، بوصلته ومسافته هم الشباب قبل كلّ شيء، فهم صنّاع المستقبل ومالكوه. لقد غدت ساحات التظاهر، والتحرير بوجه خاص مختبراً لكل الطاقات والمواهب والإمكانات المتفجّرة للشباب، من الجنسين.
ساحة التحرير لمن يواكبها في تفاصيلها يرى إنها المثال المصغّر للوطن الذي ينشده الشباب كما في شعارهم الشهير والأساسي، "نريد وطناً".

الصبغة الجيفارية التي عناها عنوان هذه الوقفة، هي في التقاء مبادرة الشباب لتعليم الأميين بما كان يبادر به الثائر تشي جيفارا على الرغم من الظروف الاستثنائية، بوصفها ظروف قتال ومطاردة،
إلا أنّ ذلك لم يمنعه ورفاقه من إقامة مدارس متنقلة لتعليم أبناء الفلاحين، في الأماكن التي كان يتحرّك فيها، كما في أحراش بوليفيا، محطته الأخيرة.
ومعروف عن جيفارا اهتمامه بالتعليم بشكل كبير وقد كان يحثّ عليه أينما وجد، بدءاً من عائلته، كما في متابعته ووصاياه لأشقّائه، فهو الأكبر فيهم،
مروراً بالأماكن التي حلّ فيها على امتداد مسيرته الإنسانية والنضالية.

بصرف النظر عن اطلاع شباب ثورة تشرين العراقية على سيرة الثائر جيفارا، أو عدمه، ولا يُستبعَد الاطلاع، في كلّ الأحوال،
فإنّ الضوء الملهِم، في ما يبدو هو واحد، ولابدّ أن يلتقي الثوّار في رؤاهم وأهدافهم وإن باعدت في ما بينهم الأمكنة أو الأزمنة.