ماركس و ديون الدولة
عبد الحسين سلمان
2019 / 12 / 4 - 22:50
فالكثير من رؤوس الأموال العاملة اليوم في أمريكا , من دون أن تحمل شهادة ميلاد , ليست الأ دماء الاطفال....ماركس
كتب السيد عبد السلام أديب , بتاريخ 03.12.2019 مقالاً في الحوار المتمدن بعنوان :
هل تتحول الانتفاضات العفوية الحالية الى ثورات لقلب النظام الرأسمالي ؟
وعلق السيد النمري , عدة تعليقات , جميها تدور حول أن النظام الرأسمالي انهار بفعل الديون الكبيرة لامريكا ( في الخريف الماضي خطبت نانسي بيلوسي رئيسة الكزنجرس تصيح مولولة عما ستؤول إليه أمريكا وهي تستدين مليون دولار كل دقيقة....السيد النمري.
وكتب السيد عبد السلام أديب , 9 تعليقات , كشف فيها أطروحات السيد النمري الخيالية , واستشهد واقتبس فقرة من الكتاب الأول لرأسمال , تتحدث عن الديون العامة .
ومن أجل ان تعم الفائدة للجميع , سوف انقل للقارئ الكريم جزء من الفصل 22 الفقرة رقم 6 من الطبعة الألمانية وهي نفسها الفصل 31 من الطبعة الانكليزية وفي الترجمة العربية للراحل الدكتور فالح عبد الجبار الفصل 24 الفرة رقم 6 والتي بعنوان : منشأ الرسمال الصناعي
/ Genesis of the Industrial Capitalist / Genesis des industriellen Kapitalisten
, وأنا الذي وضع المصطلحات المهمة في الألمانية والانكليزية في الفقرة.
لكن قبل ان نذهب لنص ماركس, دعونا نلقي نظرة على الديون الامريكية وبعض الدول:
قصة الديون الامريكية قديمة , الاحصائيات المتوفرة منذ سنة 1910 حيث كانت 8 % و عام 1930 كانت 16 % , وفي الفترة 1945 الى 1949 كانت الديون 117 %.
وفي عام 1950 كانت 92 % وفي عام 1970 كانت 35% وفي عام 1990 كانت 55 % وفي عام 2011 كانت 96 % واليوم % 115 %
حيث تبلغ 21 تريللون دولار تبلغ الديون الخارجية الإجمالية في نهاية أذار 2019 للولايات المتحدة الامريكية , و 7.5 تريللون دولار لبريطانيا , وألمانيا 5 تريللون دولار , وفرنسا 5.25 تريللون دولار.
وأعلى دولة مديونية في العالم هي لوكسمبورغ حيث تبلغ 6300 % من الناتج المحلي الإجمالي. وتليها بريطانيا بنسبة 300 % ثم سويسرا وفرنسا و ألمانيا .
نص ماركس:
إن نظام الأتمان الحكومي public credit / oeffentlichen Kredits , أي ديون الدولة national debts / Staatsschulden , الذي نجد براعمه في جنوى و البندقية Genoa and Venice منذ القرون الوسطى , قد أستحوذ على أوروبا بأسرها , في المرحلة المانيفاكتورية manufacturing / Manufaktur .
وكان النظام الاستعماري , بتجارته البحرية وحروبه التجارية, بمثابة دفيئة forcing-house / Treibhaus لنظام الائتمان ذاك.
وهكذا ضرب جذوره في هولندا بادئ الامر.
إن ديون الدولة , أي استلاب alienation / Veraeusserung الملكية في مصلحة الدولة , سواء كانت استبدادية , أم دستورية , أم جمهورية , هو ما يَسِمٌ الحقبة الرأسمالية بميسمه capitalistic era / .
والجزء الوحيد مما يسمى بالثروة الوطنية national wealth / Nationalreichtums الذي يعتبر فعلاً ملكاً جماعياً للشعوب المعاصرة هو ديون دولها national debt / Staatsschuld .
لذلك فإن المذهب doctrine / Doktrin الحديث القائل بأن شعباً من الشعوب يزداد ثراء بقدر ما يكون دينه أكبر , هو مذهب منطقي تماماً ( ديون امريكا 21 تريللون دولار / من الأعلى ديون في العالم / و دخل الفرد الامريكي 65 الف دولار سنوياً ودولة لوكسمبورغ الأعلى مديونية في العالم مع الاعلى دخل للفرد في العالم ..ع.ح.) .
ويغدو الأتمان العمومي العقيدة التي يعتنقها رأس المال credo of capital / Credo des Kapitals . وبنشوء / ارتفاع/ مديونية الدولة , يغدو الإخلال بالثقة في ديون الدولة ,لا التجديف على الروح القدس Holy Ghost ,خطيئة لا تغتفر.
ويصبح الدين العمومي public debt / Oeffentliche Schuld /
واحداً من أقوى الروافع الجبارة powerful levers / energischsten Hebel للتراكم الأولي primitive accumulation urspruenglichen Akkumulation . فهو يمنح النقود العاقر , كما لو بلمسه سحرية, القدرة على الإنجاب, ويحولها بذلك الى رأسمال, قاضياً على أي حاجة تعرضها الى المتاعب و الأخطار الملازمة لتوظيفها في الصناعة , أو حتى في أعمال الربا.
إن دائني الدولة state creditors / Staatsglaeubiger , لا يعطون شيئاً في الواقع, فالمبالغ التي يقرضونها تتحول الى سندات bonds / Schuldscheine دين حكومية عامة , يسيرة التداول , تظل تعمل بين أيديهم مثلما تعمل النقود الفعلية hard cash / Bargeld تماماً . ( سندات اليابان الى امريكا 1.122 تريللون دولار وسندات الصين 1.112 تريللون دولار في حزيران 2019 ).
ولكن عدا خلق طبقة من الريعيين المتبطرين lazy annuitants / muessiger Rentner , وعدا عن الثروة المرتجلة التي يجنيها الماليون financiers / Finanziers الذين يلعبون دور الوسيط بين الحكومة و الأمة , وكذلك عدا عن متعهدي جباية الضرائب والتجار و الصناعيين الخاصين private الذين يذهب إليهم جزء كبير من كل قرض حكومي ( السندات الحكومية ) national loan / Staatsanleihe كرأسمال يهبط من السماء , عدا ذالك فإن ديون الدولة أدى الى نشوء الشركات المساهمة , والمتاجرة بالاوراق المالية من كل نوع والمضاربة بها , وبإختصار نشوء المقامرة في البورصة والطغمة المصرفية المعاصرة . ( اليوم تعد بورصة نيويورك للأوراق المالية (NYSE) أكثر بورصات العالم شهرة )..................و بموازاة ديون الدولة , ظهر نظام الائتمان العالمي , الذي غالباً ما يعتبر مصدراً من مصادر التراكم الأولي الخفية secret / verborgne عند هذا الشعب او ذاك..........فالكثير من رؤوس الأموال العاملة اليوم في أمريكا , من دون أن تحمل شهادة ميلاد , ليست الأ دماء الاطفال التي تحولت بالأمس الى رأسمال في انكلترا . ( واليوم دماء الشباب الصيني و الياباني تتحول الى سندات في الخزانة الامريكية....ع. ح).
المصادر
النص الألماني
http://www.mlwerke.de/me/me23/me23_741.htm#Kap_24_6
النص الانكليزي
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1867-c1/ch31.htm
النص العربي
رأس المال المجلد الأول ترجمة فالح عبد الجبار , دار الفارابي ط1 كانون الثاني 2013 بيروت.
إضافة إلى المفضلة
