يا أحرار العراق كافة : اتحدوا الآن مع المتظاهرين لوقف المزيد من حمامات الدم


حسين علوان حسين
2019 / 11 / 28 - 15:29     

منذ مطلع تشرين الأول الحالي ، و العراق المنهوب السيادة و الثروات يشهد انتفاضة شبابية عفوية عارمة و مستمرة في مختلف مدن محافظات بغداد و البصرة و الناصرية و الديوانية و بابل و كربلاء و السماوة و العمارة و النجف و غيرها ، يشارك فيها الآلاف و الآلاف من الشباب الحر الواعي احتجاجاً على الاستشراء الرهيب للفساد في مفاصل الدولة الفاشلة كافة و على تفاقم البطالة و سوء الخدمات العامة و غياب السيادة الوطنية الحرة . و لقد اتسمت هذا الانتفاضة الكبيرة بما يلي :
1. أنها ثورة عراقية وطنية مستقلة بامتياز .
2. أنها ثورة مستمرة و عابرة للطوائف بمطالب آنية ضرورية وعادلة ترفض المحاصصة الطائفية و تنشد الديمقراطية الحقيقة و الاستقلال المنجز رغم عدم المشاركة الفادحة و المؤسفة للشعب العراقي في كردستان و الموصل و تكريت و الأنبار فيها لحد الآن .
3. أنها ثورة جماهيرية حقة تنشد التغيير السلمي الجذري لنظام الحكم الفاشل الفاسد الذي زرعته أمريكا و إيران في العراق منذ عام 2003 و الذي توارثته أحزاب و مافيات لا تشبع من النهب و السلب الممنهج لكل شيء و الذي أتى على الأخضر و اليابس في أنحاء العراق كافة و بدد ترليونات الدولارات .
4. أنها ثورة شبابية ذات تسيير ذاتي عفوي بسيط بقيادات جماعية محلية .
5. أنها ثورة جماهيرية سلمية كبيرة بحق لا تقتصر على مشاركة الرجال فيها ، بل يلعب العنصر النسوي دوراً مجيدا فيها ؛ و هي تحظى بدعم مئات الآلاف من الشباب العاطل المهمش و الطلبة و عدد مهم من النقابات المهنية ، كما جذبت تعاطف قطاعات واسعة من الشعب العراقي .
و بالطبع فإن مافيات السياسة المستولية على مفاصل الحكم كافة منذ عقد و نصف من الزمان تؤمن إيماناً لا يتزعزع بكون ثروات العراق و سلطاته إنما هي ميراث أبدي لها لا يجوز التفريط بامتيازاته و ذهبه مطلقاً ؛ لذا ، فهي ترفض رفضاً باتاً الإصلاح و تعديل الاعوجاج و وقف الانهيار الاقتصادي و الدمار الاجتماعي سلمياً لكونها غريبة عن المصالح العليا للشعب العراقي و رقيه و سعادته . لذا ، فقد كشرت عن أنيابها الكاسرة المتعطشة للدماء لوأد هذه الانتفاضة السلمية الشجاعة بشتى السبل و بأخسها لكسب اللعبة و العمل على تغيير ميزان القوى لصالحها ، و منها :
أ . استخدام القنابل اليدوية و الرصاص الحي لقنص رؤوس و صدور الشباب الأعزل من على أسطح البنايات ، و من ثم تحميل مسؤولية هذا القتل "إلى أطراف ثالثة" مزعومة .
ب . استخدام قنابل الغاز الحربية الهجومية (من نوع 40 ملم إل في سي إس (LV CS)عيار 200-250 غم المستوردة من بلغاريا و صربيا و الواردة من إيران و المنتهية الصلاحية منذ عام 2014 مما أدي إلى تحول غازاتها المسيلة للدموع إلى غازات سامة خانقة (أوكسيد السيانيد و الفوسيجين) عن طريق التصويب المباشر على رؤوس المتظاهرين العزل .
جـ . رشق المتظاهرين و المتظاهرات خصوصاً بخراطيم الماء الحار و بقنابل غاز الفلفل الأسود .
د . اعتقال و اختطاف الآلاف من المتظاهرين و المتظاهرات لترويعهم مع ذويهم .
هـ . دس كساري الإضرابات وسط الجماهير لإرهابهم و لحرق المباني العامة و الخاصة المنتقاة بعناية لاحتوائها على وثائق جرمية حساسة تدين أزلام النظام . و من ضمن أولئك المدسوسين الراقصات و البلطجية المسلطة عليهم كاميرات التصوير لتشويه سمعة المتظاهرين الشرفاء .
و . تكفير و تخوين المتظاهرين الشباب .
ز . خداع الجماهير بالكلام المعسول و بالوعود الجوفاء بالاستجابة لمطالبهم و إجراء التحقيق في المسؤولين عن قتلهم و بإصدار القرارات الترقيعية التسويفية الكاذبة لمحاسبة الفاسدين لذر الرماد على العيون و كسب الوقت .
حـ . عودة المليشيات و الأحزاب المتسلطة إلى دأبها بالمتاجرة المكشوفة الزيف بورقة رموز المرجعيات الدينية الداخلية و الخارجية .
ط . إغتيال عدد من الناشطين بمهاجمة المليشيات دورهم و تصفيتهم مع ذويهم .
ي . حجب خدمات الانترنيت و مواقع التواصل الاجتماعي و بث وكالات الأنباء و القنوات التلفازية الفضائية العاملة في العراق و الاعتداء على الصحفيين و اتلاف تجهيزاتهم و ضرب ممثلي منظمات المجتمع المدني لمنعهم من أداء واجبهم في الإبلاغ و نقل الأخبار .
ك . الفرض المتكرر لحضر التجوال و قطع الطرق و الكهرباء عن ساحات الاحتجاج .
ل . تهديد الناشطين بالويل و الثبور عبر هواتفهم المحمولة .
ن . استجداء دعم رؤساء العشائر برشوتهم بالملايين الحرام لوقف المتظاهرين .
س . إنكار الأنباء المشهودة بوقوع الشهداء و الإصابات بين أوساط المحتجين عبر القنوات التابعة لأحزاب السلطة و مليشياتها .
ع . الركوب على ظهر المتظاهرين من طرف مليشيات و أحزاب السلطة لتصفية الحسابات و تجيير الانتفاضة لحسابها .

و نتيجة لأعمال القتل و القمع الوحشي هذه ، فقد نيف عدد شهداء انتفاضة تشرين العراق لحد اليوم على خمسمائة شهيد و على خمسة عشر ألف جريح ، و الحبل على الجرار .
و من المعلوم أن مصالح أحزاب و مليشيات و مؤسسات السلطة الفاشلة الفاسدة المتعفنة كافة طولاً و عرضاً هي أغول و أعجز و أشد تخلفاً من أن تقدم أي مكسب حقيقي يستجيب للمطالب العادلة للمتظاهرين بغية انتشال شعب العراق الجريح من حافة الهاوية بعد أن بات بأمس مايكون من الحاجة إلى ثورة اقتصادية و اجتماعية و ثقافية حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة و الديمقراطية الحقة و توفير الحياة الحرة الكريمة في ظل نظام وطني حر كامل السيادة ؛ خصوصاً و أن التغيير الثوري المنشود لا يمكن أن يتحقق إلا بإسقاط كافة المؤسسات المتعفنة للسلطة القائمة برعاية هذه الأحزاب و المليشيات ، و أهمها الرئاسات الثلاث : الوزارة و البرلمان و رئاسة الجمهورية ، و تعديل الدستور و نظام الانتخابات و محاسبة قتلة المتظاهرين و الفاسدين كافة و حصر السلاح و النفط بيد الدولة و تفكيك الميليشيات .
كما أن من الواضح أن الأحزاب الدينجية و القومجية المتشبثة بالسلطة و بالامتيازات مستعدة للذهاب بالعراق إلى حرب أهلية جديدة باتت تتقن جيداً فن تعمير حمامات دمائها ، و هي مستعدة مرة أخرى لإبادة و تهجير ملايين العراقيين على مذبح دوام مصالحها ، و كل ذلك يمكن أن يحصل بدعم إيراني يومي قوي في ظل حكومة فاقدة للسيطرة على أجهزتها و الملطخة أيديها بالدماء العراقية الزاكية و التي تحرص أشد الحرص على التستر على القتلة و الإبقاء على الوضع الراهن أطول ما يمكن و التصرف و كأن شيئاً لم يكن .
ما العمل ، إذن ؟
الحل الوحيد الناجز و السريع المتاح هو الانضمام الفوري لكافة أحرار الشعب العراقي لهذه الانتفاضة ، و خصوصا كل الطلبة و الموظفين و المتقاعدين و أفراد الجيش و الشرطة ، و تحويلها إلى إضراب عام شامل قوي متواصل مزلزل لأركان هذا النظام العفن بأقل ما يمكن من الخسائر و بأقصر وقت .
يا أحرار العراق كافة من الشمال إلى الجنوب : اتحدوا صفاً واحداً مع المتظاهرين لوقف سيول حمامات الدم القادم الذي سيدمر بدونكم العراق لنصف قرن كامل !
الآن ، الآن ، و ليس غداً !