الجماهير تحب المملكة 1


أفنان القاسم
2019 / 11 / 27 - 17:33     

نظرة متأملة إلى ما يدور في ساحات بيروت وبغداد والجزائر تجعلنا نفهم أن الحريات في زمن العولمة هي جوهر الأشياء أكثر مما كانت عليه في أي زمن آخر، وأن وراء الحريات هناك وعي المطالب، وليس مطالب الوعي، مطالب الوعي ستدخلنا في متاهات طبقية لم يعد لها وجود بما أن الطبقات أمام صحن الحمص تمحي، التذوق واحد لدى كل الشرائح شعبية وغيرها، وكذلك الصراخ واحد من أجل تحقيق غير مطلب الأكل باقي المطالب، لا توجد هنا هستيريا جماعية في هذا اليوم يوم العولمة كما كانت هناك هستيريا جماعية في ذلك اليوم يوم الفاشية. يوجد إذن صراع طلبي لا صراع طبقي، وقد أزالت الطبقات نفسها بنفسها أمام المطالب التي هي واحدة للجميع وإن تنوع هذا الجميع. في الجزائر وبغداد وبيروت الجماهير بمطالبها مطالب الحريات التي أوجزها بمحصلة إستراتيجيا نفوذ عالمية كانت خاطئة، وفي باريس ولندن وواشنطن الجماهير كذلك بمطالبها مطالب الضروريات التي أوجزها بمحصلة إنتاج عالمية كانت خاطئة. لهذا يجيء ما رفعته من شعار لجماهيري في المملكة وللجماهير في كل مكان في الشرق الأوسط والعالم "استغلال أقل استثمار أكثر" تحت شرط التقنين الحافظ للبيئة وللإنسان. حسب هذه الرؤية لا حاجة لنا إلى توزيع الثروات بين منتج وصاحب إنتاج لتكون هناك ديمقراطية، الدستور الديمقراطي يكفيه توزيع المسئوليات والواجبات، وعلى الأرض تحقيق كافة الحريات التي قطباها المنتج/المستهلك بقدر من تكافؤ تحكمه قوة الشراء لا قنبلة التضخم. هذا لا يعني أن الجماهير ستتوقف عن أكل صحن الحمص المعتاد كل يوم، وتأكل الكافيار، الجماهير ستأكل الحمص كل يوم، ليس بالزيت، باللحمة المفرومة المقلية بالزبدة.