وزير الدفاع العراقيّ يهدّد الصحافة السويديّة


سلام عبود
2019 / 11 / 26 - 15:12     

هذا العنوان ليس من ابتكاري، بل هو أحد العناوين الرئيسة لإحدى صحف السويد الكبرى. استلفته بأمانة، لكي أجعله عنواناً لموضوعي. والموضوع ليس تقويماً أو تحليلاً، أو حتًى مجرد تعليق شخصيّ، عدا السطور الأخيرة، التي كانت بمثابة تساؤلات مواطن بريء. أمّا الموضوع فهو ترجمة حرفيّة، مع بعض الاختصار، بسبب كثرة التكرار في عرض المعلومات، تمّ نسخها من وسائل الإعلام السويديّة. وبهذا فأنا بريء من تهمة التشهير بالوزير المحترم، الذي ادعى أنّ سلاح الجيش العراقي، الذي قتل وأصاب المتظاهرين العزّل، لم يكن من ترسانة الجيش العراقيّ، أمّا القتلى فإنّهم ضحايا لطرف ثالث مجهول! وأنّه يفتخر بأنّه هو شخصيًّا من قبض على الإرهابي "أبو هارون"، الذي اختفى تماماً من صفحة الأحداث فور اعتقاله! وقد أخبرني أحدهم أنّ "أبو هارون" هو الشخص نفسه، الذي تكرر ظهوره، غير مرّة، في برنامج " أكو فد واحد" الفكاهيّ، والله أعلم!
إليكم ما أوردته الصحف عن الوزير نجاح الشمّريّ.
في 25 تشرين الثاني كتبت صحيفة (أفتونبلادت ) عنواناً بالخط العريض يقول: "مُجاز مرضيّا في السويد ووزير للدفاع في العراق".
وفي عدد المساء من اليوم نفسه كتبت الصحيفة العنوان التالي: " وزير الدفاع العراقي يخضع للتحقيق في جرائم حرب".
وتحته جاء ما يلي:
"وزير الدفاع العراقي، وحامل الجنسية السويدية نجاح الشمّري، يخضع للبحث حول جرائم حرب، هذا ما أفادت به مصادر الى (افتونبلادت). وقد أكدت دائرة الادعاء العام هذا الخبر بعد ظهر اليوم. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة تجري تحقيقات أوليّة حول جرائم ضد القانون تتعلق بقتل مواطنين وجرائم حرب"، " بعد ظهر يوم الاثنين أكّدت دائرة الإدعاء العام في المملكة قسم الجرائم الدوليّة والمنظّمة هذه المعلومات في بيان صحفيّ موجز قالت فيه: " وصلت معلومات عن وزير عراقي يُشك في ارتكابه جرائم إنسانيّة. دائرة الادعاء العام في المملكة قسم الجرائم الدولية تعمل الآن لغرض النظر في طريقة التقدم في القضية، التي لم تزل في مراحلها الأولى".
"وفوق ذلك تتم دراسة الشمّري، الذي تمّ تسجيله في السويد باسم عائلي آخر ومختلف، لقيامه بالاحتيال الجسيم وتقديم معلومات شخصيّة منتحلة. فقد قام هو وزوجته باستلام مساعدات مالية للسكن ولرعاية الأطفال لأولاده في السويد في الوقت الذي كانوا يعيشون في العراق. ولم تكن هذه هي المرّة الأولى التي يُحقّق في وضع الشمّري حول جرائم. وطبقاً لمديرية الضرائب فإنّه جاء الى السويد وأضحى موضع شك في قضايا تحايل مالي خلال 1915 و1916 حينما تمّ حبسه متّهماً بمجموعة من الجرائم الجسيمة، التي حدثت لفترة طويلة. لكنّ التحقيقين تمّ حفظهما. وبعد أن تمّ فضح هويته السويديّة من قبل الصحافة السويديّة هدد الشمّري بمقاضاة وسائل الإعلام السويدية"، " نحن آسفون لأنّ الوزير كلّف أحد المحامين السويديين ومساعديه للتقدم بشكوى ضد الصحف العربيّة والسويديّة التي تروّج هذه التهم الزائفة"، هذا ما كتبته وزارة الدفاع العراقيّة على صفحة فيسبوك الخاصة بها".
وفي عدد سابق- 23 تشرين الثاني- من الصحيفة جرت مناقشة وجهة نظر حزب المحافظين فيما يتعلّق بعلاقات العراق والسويد في مجال التعاون العسكري، يمكن تلخيص المناقشات في السؤال الذي طرحه ممثل حزب المحافظين على اللجنة الأمنيّة:
" ما تقييم الحكومة للتعاون العسكري مع دولة يكون وزير دفاعها عرضة للشبهات في جرائم الاحتيال؟"
جرائم وبلطجة ضد نساء وأطفال
وفي عدد المساء من صحيفة (أفتونبلادت) ليوم الاثنين 25 تشرين الثاني، كتبت نيفيت داوود على الصفحة الأولى التقرير التالي: " وزير الدفاع العراقي، في الثانية والخمسين من عمره، حامل للجنسية السويدية، نجاح الشمّري، أتهم سنة 2016 بأنّه لعدّة سنوات قام بالاعتداء وتهديد ستة أشخاص. لكنّ التحقيق تمّ حفظه في اليوم السابق لعقد جلسة المحكمة! وبعد عدة أشهر حصل الشمّري على ما يزيد على 38 ألف كرونة سويديّة كتعويض مقابل الفترة التي تمّ فيها وضعه في الحبس. في آذار من عام 2016 حينما كان الشمّري في التاسعة والأربعين من عمره تمّ اتهامه بالاعتداء بالضرب على ستة أشخاص، بعضهم كان دون سن البلوغ. ومن بين الشكاوى ما يتعلق بقيامه، في مرات عديدة، بالاعتداء والتهديد لصبي قاصر. وكان من بين الشكاوى أيضاً الادعاء بأنّه هدّد الصبي بأنّه سيقوم بـ "سلخه" ورميه من النافذة، طبقاً لما جاء في تقرير الاتهام، الذي اطلعت الصحيفة على بعضه. وطبقاً للتحقيق فقد قام بركل وضرب وخنق امرأتين. وقد أنكر الشمّري تلك الوقائع. المحامية دنّس لاغرغرانتز التي حضرت أربعاً من الجلسات تتذكر القضيّة: " كانت قضية حادّة، حالة حادّة، الجمع كانوا يملكون معلومات متطابقة، لو أنّه حكم على تلك التهم التي وجّهت إليه لكان حكم عليه بالسجن".
ولكن، في اليوم الذي سبق الجلسة المقررة، تمّ حفظ القضيّة.
خيبة أمل وابتزاز
"بناء على المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة فإنّ المشتكين تعرّضوا إلى ضغوطات.".
" إنه من المؤسف أن يكون المجتمع قد وضع إمكانيّات كبيرة في التحقيق"، تقول المحامية دنّس لاغرغرانتز.
"بعد بضعة أشهر قام نجاح الشمّري، باسمه الذي اتخذه في بيانات التسجيل، بطلب التعويض بسبب معاناته خلال فترة الشهر، التي قضاها في التوقيف. وقد تم تعويضه في أيلول 2016 مبلغ 38 ألف و 654 كرونة. وقد ساهمت الصحيفة بكشف الاحتيال المالي، الذي قام به الشمّري حينما تقاضى بدلات مالية تحت حجج التعويضات المرضيّة".
وهذا ما وثّقه موقع "ويكيبيديا" السويديّ:
"نجاح الشمّري: "مسجّل في السويد باسم نجاح حسن علي العادلي، من مواليد 20 كانون الثاني 1967، عراقي- سويدي عسكري وسياسي. أصبح وزيراً للدفاع العراقي منذ أيلول 2019. في تشرين الثاني 2019 بدأت وسائل الإعلام السويدية ترسل التقارير حول شخصيّة الشمّري على أنّه حاصل على الجنسيّة السويديّة ومسجّل باسم نجاح حسن علي العادلي ويسكن في فوربي التابعة لبلدية هودّنغه، على الرغم من أنّه يقيم بالعراق. وأوردت التقارير أيضاً أنّه حصل على أنواع متعددة من المساعدات الماليّة، على سبيل المثال مساعدة إعانة الأطفال، ومساعدة السكن، وبدلات تعويض عن الحالات المرضيّة، منذ أن جاء الى السويد سنة 2012. الشمّري حصل على جنسيته السويدية عام 2015. وقد أعطى للسلطات السويدية معلومات تتعلق بتأهيله المهني تنصّ على أنّه حاصل على الماجستير في العلوم العسكرية، وعمل ضابطاً في الجيش العراقي منذ عام 1999. الشرطة السويدية شرعت باجراء تحقيق حول ما إذا كانت هناك جريمة معلومات وتحايل. وتذكر المصادر أنّه تمّ ترشيحه إلى منصب وزير الدفاع بواسطة "الكتلة الوطنية"، المحسوبة على المكوّن السنّي.".
أمّا صحيفة (سفنسكا داغبلادت) فقد نشرت في 23 تشرين الثاني خبراً على صفحتها الأولى، هذا نصه: " وزير الدفاع العراقي سويدي متهم بجرائم"، وتحته جاء: "وزير الدفاع العراقي يحمل الجنسيّة السويديّة، وقد تمّ الإبلاغ عنه الى الشرطة السويديّة على أنّه متورّط في أعمال قتل مئات العراقيين منذ تشرين الأوّل. وهو مسؤول عن القوات العسكرية، كما يقول خبير قانوني من صحيفة (سفنسكا داغبلادت). كما يقول البروفيسور في القانون في جامعة ستوكهولم "أوفه برنغ": إنّ الشمّري يمكن مقاضاته في السويد.
ونجاح الشمّري متهم بمسؤولية اتّباع إجراءات العنف ضد المتظاهرين في العراق، التي تسببت في سقوط مئات القتلى، والتي قادت إلى تقديم بلاغات للشرطة السويديّة عنه. ومن المنطقيّ أن يكون وزير الدفاع خاضعاً للمحاكمة في السويد على جرائم تمّ ارتكابها خارج السويد، كما يقول البروفيسور "أوفه" للصحيفة"، وتمضي الصحيفة قائلة:" الشائعة عن حيازة وزير الدفاع العراقيّ على الجنسيّة السويديّة قد تم تداولها منذ الربيع، حينما جرى الإعلان عن كونه مرشحاً لمنصب وزير الدفاع. المعلومات لم يتمّ تأكيدها. ولكن، في يوم الجمعة الحالي، تمّ تأكيد المعلومات المتعلّقة بجنسيته المزدوجة من وزير الدفاع بيتر هولتكفستس والسكرتير الإعلامي توني إيريكسون".
وقد قامت صحيفة (اكسبرسن) السويدية اليوم، 25 تشرين الثاني، بتجديد الاتهامات المتعلّقة بازدواج الجنسية وبتهمة وجود احتيال مالي يتعلّق بالمساعدات الاجتماعية، ثمّ أضيفت إليها شكوك تتعلق بوجود تحايل في طلب المساعدات من صندوق البطالة أيضاً. وقد أثير الموضوع سياسيًّا، وفق قول الصحيفة، من قبل حزب المحافظين السويديّ.
المعلومات المقدّمة من الشمّري مع جدول بياناته الشخصيّة، التي نشرتها الحكومة العراقيّة يوم تنصيب الشمّري، تنصّ على ما يلي: "مدرس أقدم في كلية الدفاع الوطني للأعوام 2009-2011، ترأس مركز التنسيق المشترك للمناطق المتنازع عليها 2011-2012 وعمل أمين سر المتابعة بوزارة الدفاع، أحيل على التقاعد بناء على طلبه عام 2018". هذه المعلومات المقدّمة رسميًّا تحت ملف: "نجاح الشمري في سطور" تتناقض تناقضاً كليًّا مع المعلومات المالية المقدّمة إلى الجهات الرسميّة السويديّة.
وهذا يعني أنّ الحكومة العراقيّة الفاسدة على علم تامّ بمقدار فساد ذمّة وزيرها.
أمّا السؤال الأهمّ فهو: وزير متمارِض، يقبض تعويضات مرضيّة كاذبة، محتال في بيانات السكن ورعاية الأطفال والعمل، مزوّر بيانات شخصيّة هو وزوجته، محبوس لشهر، متّهم بضرب أطفال، وركل وضرب وخنق نساء، كيف يتمّ اختياره وزيراً في حكومة القضاء على الفساد!
هذا ما لا يعلمه إلّا الله، و"أبو هارون"، والمصلِح عادل عبد المهدي!