الموقف الامريكي من الانتفاضة العراقية


فاضل عباس البدراوي
2019 / 11 / 24 - 23:45     

في خضم الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ أكثر من ستة اسابيع، سؤال يطرح نفسه عن موقف الولايات المتحدة مما يجري على الساحة العراقية من حدث جسيم بدأ يهدد السلطة الحاكمة، التي تفاجأت بهذا الزخم الجماهيري الذي انتفض عليها على حين غرة، إذ أن هذه الانتفاضة تختلف عن سابقاتها بامتدادها إلى كافة المحافظات الجنوبية والوسطى، إضافة مركزها العاصمة بغداد، وروح التحدي والمطاولة التي اتسم بها شباب الانتفاضة وهذا الدعم اللوجيستي من لدن جماهير واسعة في المدن المنتفضة، ولم تثن المتظاهرين كل محاولات السلطة القمعية حتى الاغرائية من إخماد لهيبها.
الآن نجيب على السؤال المطروح، وهو موقف الولايات المتحدة اللين والمرن تجاه الاحداث التي تخلف يوميا عشرات الشهداء والجرحى وعمليات الاختطاف والاغتيال التي تمارس يوميا ضد الشباب المنتفض، على يد بعض الأجهزة الأمنية وجهات مسلحة أخرى خارجة على قانون السلطة ربما تعرفها السلطة لكنها تغض الطرف عنها لأنها تقوم بمهمة يصعب على السلطة القيام بها علنا خشية من ردود الأفعال الدولية وحتى بقية فئات المجتمع التي موقفها محايد لحد الان. أما لماذا هذا الموقف الأمريكي اللين قياسا إلى موقفها تجاه إيران عند انطلاق التظاهرات الأخير فيها، من حيث التغطية الإعلامية الواسعة والتهديدات شديدة اللهجة وإصدار قرار بشمل وزير الاتصالات الإيراني بالعقوبات بسبب قطع خدمة الانترنيت. في الوقت الذي قطعت السلطات العراقية الخدمة لأكثر من ثلاثة اسابيع كان رد الفعل الأمريكي لينا للغاية حتى دون التهديد بعقوبات على المسؤولين العراقيين.
أن الولايات المتحدة لا تزال تعدّ العراق حليفا لها حسب اتفاقية التعاون الاستراتيجي الموقع بينهما بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام ٢٠١١.
أن للولايات المتحدة أكبر سفارة لها في العالم تقع في العراق تضم مئات الموظفين، وهي على مرمى الفصائل المسلحة الموالية لأيران والمعادية لها، ونشاهد بين أونة وأخرى تطلق صواريخ باتجاه السفارة بالرغم من عدم إصابة الهدف بصورة دقيقة، لكن ربما تصاب في قادم الايام مما سيؤدي إلى خسائر في الأرواح وهذا لا يصب في صالح الحملة الانتخابية لترامب.
وأخيرا، أن للولايات المتحدة ثلاثة قواعد عسكرية مهمة للغاية بالنسبة لها، وهي قاعدة عين الأسد في الانبار وقاعدتان في كردستان، هذه القواعد ليست مخصصة في الواقع لحماية سيادة العراق مما يُزعم، انما واجبها الأساس هو مراقبة إيران ودورها، الذي يهدد المصالح الامريكية وحلفائها، في المنطقة وهي من أقرب القواعد العسكرية من حدودها. وهي تخشى في حالة التصعيد القوي ضد السلطة العراقية أن يتم إصدار قرار من البرلمان العراقي للطلب منها إلى مغادرة العراق، في هذه الحالة سوف تغادر العراق بخفى حنين وتكون بعيدة عن هدفها الاستراتيجي المنوه عنه أعلاه.
لذلك سوف لا نرى موقفا حاسما وتصعيديا من أميركا تجاه الحكومة العراقية ووقوفا جديا إلى جانب المنتفضين، اساسا أن امريكا غير معنية بوجود حكومات وطنية قوية مسنودة من شعوبها، وهي تضع مصالحها فوق أي اعتبار اخر في أية بقعة من العالم. لذلك يجب عدم التعويل على المواقف الأمريكية من قضايا شعبنا العادلة.