عاشقان


بديع الآلوسي
2019 / 11 / 22 - 21:03     

في مظاهرة غريبة ، كان صابر هنا ، وله سلمى عشيقة وحبيبة ، كانت كطفلة بريئه ، تريده لها وحدها ، لكن لا من احد يعلم ان المنية ستطير به اعلى واعلى ، التقطا صورا ً تذكارية تحت لافتة كبيرة :  ان فرقتنا حدود وحدتنا وحدة دم " ، كانت الاصوات حماسية تتعالى مع الحمام المحلق فوق نصب الحرية ، قالت له امه : لا تخون الاخرين ، لكن بما ان لقاءهما في مظاهرة غريبة ، ردد : يا سلمى ، خلف الدخان مصيبة . عند الجسر سقط شهيد وآخر بمسرح الجريمة ، سمعا أزيز الرصاص ، تسائلا وهما يضحكان : ما احلى المواعيد السرية في مكان لم يعد امنا ً ، قالت : انتبه ، وأضاء الحالمون الواقع بقبلة وشمعة ، ومتلأت القلوب بما هو آتي ، او ما يليق بهم من فرح يعطر المكان ، وفجأة تعالت الصرخات ، وحدث ما ليس بالحسبان ، لم يراها من شدة الدخان ، وبكت سلمى بعد ان لفها الاحباط والنسيان ، في لحظة صارت تبحث عن جواب او لمسة حنان ، وتسامى العشق عن خصائصه النرجسية ، وصارت القدر و المصادفة تعبثان بالخلان ، في لحظة غادرة ، زرقاء ، سوداء ، عاهرة ، اغتال الملثمون صابر الذي يكره المراوغة ويحلم ان يربح الرهان ، ونجت سلمى من الخلل في تلك الليلة المتجبرة . منذ ذلك المساء ،صارت تتأمل في الوجوه دون ان تقدم شكرها للحياة ، وندبت حظها الاف المرات ، وبكت على قبر صابر مئات المرات .
في المظاهرة الغريبة ، ذَهب َ الذين نحبهم ، واختفى فارس الاحلام ، لم تجد حبيبها كي تقول له : لم انس حلمك … حلمه الذي صار اشبه بندبة جرح غائر …. وصار سلمى كلما يمر محبوبها ببالها . تعود وتعود الى تلك المظاهرات الغريبة ، تبحث كمجنونة عن صابر المثابر ، لكنها لم تجد سوى ذكرياته وحلمه المكابر .