الشمال السوري بين المطرقة والسندان


محمد أحمد الزعبي
2019 / 11 / 22 - 03:01     

أرغب أن أشير بداية إلى أن دافعي لكتابة هذه المقالة هو ماقام ويقوم به كل من المحتل الروسي وبشار الأسد وولي الفقيه في الأيام القليلة الماضية ، من مجازر جماعية في كل من معرة النعمان ( الإثنين 18.11.19 )وسراقب ( أيضاً 18.11.19) ومخيم القاح ، الأربعاء ( 20.11.19) ، حيث كان معظم ضحاياهذه المجازرمن النساء والأطفال ، الأمر الذي يبعث على التساؤل المشروع والمحدد عن الأهداف الحقيقية لهذا المثلث ( بشار ، بوتن والخامنئي ) من وراء هذا القتل المتعمد للعائلات في مخيم القاح ، ولا سيما النساء والأطفال (؟!!) بواسطة أسلحة غبية ومدمرة وفتاكة ومحرمة دولياً وأخلاقيا وإنسانياً ودينياً ، وذلك من الجو والبر والبحرعلى حد سواء (!!) ، وبعد أن تم حشرأربعة ملايين سوري في هذه المنطقة الضيقة من الشمال السوري ، وخاصة في منطقة إدلب التي تم تسليمها لجبهة النصرة ( هيئة تحرير الشام ) انتظاراً -على مايبدو - لليوم الذي سيكون فيه مصير إدلب نفس مصير الفلوجة والموصل في العراق ، والرقة والبوكمال والحسكة وغيرها في سورية ، وربما لنفس الأسباب المدروسة التي تم زرع داعش فيها في المدن المذكورة ،على طريق تدميرها فوق رؤوس ساكنيها وتهجير الناجين منهم لاحقاً نحو الشمال . وسيكون مطلوباً من أردغان أن يضع نظارة مكبرة أمام عينيه، لكي يرى من خلالها الخدعة الكبيرة التي أوقعه فيها بوتن وحسن روحاني ذات يوم . هذا إذا أحسنا النية حيال الدور التركي فيما يمكن أن نطلق عليه " لعبة الأمم أوطبخة الأمم " في سورية .
إن دور المطرقة في هذه اللعبة الدولية منوط بمثلث القتل والتمير ( بشار ، بوتن وولي الفقيه) ، أما دور السندان في هذه الطبخة الدولية فهو منوط - والله أعلم – بالإئتلاف الوطني ( لقوى الحرية والتغيير !! )، وأيضاً بمن أطلق عليهم ذات يوم "أصدقاء الشعب السوري" ، ولا أراني بحاجة اإلى القول هنا ، أن المطرقة لاتعمل بدون سندان ، وأن السندان إنما وجد لتسهيل عمل المطرقة ، وبالتالي فإن دورهما متكاملان .

أعرف أنني لم ولن آتي بجديد حول هذا الموضوع الهام ، اللهم باستثناء ، إلقاء الضوء على هذه الطبخة التي تطبخها الدول الكبرى / العظمى ، حول بلدي الحبيب سورية ، والتي اقتضى إنضاجها :
1. الإستعانة بالبعد الطائفي لنظام عائلة الأسد ، أي عملياً بإيران وحزب الله وبالطائفة العلوية في سورية بصورة أساسية .
2. الإستعانة بالبعد الدولي ، أي باستدعاء بشارالأسد لروسيا بوتن ، وهي الدولة النووية ، ودولة الكلاشنكوف ، مع ترافق هذا الإستدعاء بأكذوبة مقاومة الإرهاب والعصابات الإسلامية المسلحة والتي عادة ما تمثل نغمة يطرب لها الغرب ( الديموقراطي !!) بيساره ويمينه (!!) ، مع علمهم بدور نظام الأسد في تصنيع هذه العصابات المسلحة وتصديرها لهم ، بعد تغيير إسمها إلى " الإرهاب " . هذا مع العلم أن الدور الروسي في سورية كان مدفوع الثمن ، وذلك بتمليك بوتن سوريا براً وبحراً وجواً لمدة 49 عاماً ، مقابل بقائه على كرسي الرئاسة " إلى الأبد " ومساعدته في " حرق البلد " .
3. تسليم إدلب إلى الجولاني ( هيئة تحرير الشام !! ) ، لتكون بمثابة " مسمار جحا " بوتن وبشار وولي الفقيه ، وأيضاً بعض " أصدقاء الشعب السوري " والذي سيستندون إليه ،مستقبلاً ليس لتدمير مدينة إدلب وحدها ، بل لتدمير الشمال السوري بكل مدنه وقراه ، وبما ذلك المخيمات التي لجأت إليها العائلات التي دمر الروس والنظام والفرس بيوتها ، تماماً كما فعلوا بمخيم القاح يوم أمس ، وكما فعلوا بمعرة النعمان قبل يومين ، وكما فعلوا ويفعلون كل يوم وكل ساعة في الشمال السوري ،الذي لجأ ت إليه العائلات السورية المنكوبة بنسائها وأطفالها ، طمعاً وأملاً بالحماية التركية .
4. الإستعانة ببعض الدول العربية ، للقيام بدور" الملح والفلفل " اللذين لابد منهما لتحسين مذاق هذه الطبخة الدولية ، وقد لعبت المملكة العربية السعودية هذا الدورنيابة عن الشرق والغرب إن لم نقل عن الأمم المتحدة أيضاً ، وذلك بدعوتها المعارضة السورية إلى الرياض ( مؤتمر الرياض ) ، من جهة لضم منصتي القاهرة وموسكو الى لجنة المفاوضات في جنيف ، ومن جهة أخرى لإقناع المعارضة بالدخول فيما سمي بالّجنة الدستورية ( لجنة غير بيدرسون ) التي باشرت اعمالها في 30.10.2019 ، وكأن شيئاً لم يكن ، فالسجون مازالت ملأى بمئات الألوف من المساجين ، والموت تحت التعذيب بات أمراً عادياً يمكن تجاوزه ، ولا سيما أن بشار الذي ( لايعرف الكذب !!) بنظر مريديه ، يقول : إن سجونة خاوية على عروشها (!!) ، وأن الموت تحت التعذيب لاوجود له وهو أكذوبة يروج لها الإرهابيون (!!) ، وأن نظامه ( المنتصر !! ) ملتزم باتفاقات خفض التصعيد وخاصة في الشمال .
5. قرارات الضحك على الذقون في مجلس الأمن ، والتي لم تكن أكثر من حبر على ورق . وبما فيها القرار 2254 ، الذي بات يمثل البديل ( الدولي) لكل القرارات التي كانت تأتي على ذكر(هيئة الحكم ) التي كانت تمثل - برأينا - الحل الصحيح والسليم والسلمي للإستعصاء الذي مايزال قائماً والذي .أخلت الكلمة فيه مكانها - ومع الأسف الشديد - للرصاصة . فليرحم الله كوفي عنان صاحب هذا الإقتراح العملي .