النقد العلمي المادي لتجربة 30 غشت - الجزء الرابع - نقد بيان حول طبيعة الثورة، الجبهة والحزب في خط منظمة - إلى الأمام - الثوري - دحض ادعاءات الماويين - 1


الأماميون الثوريون
2019 / 11 / 21 - 12:28     

خلقت ادعاءات "الماويين" حول تطوير ماو للماركسية على جميع المستويات، تشويشا في الحركة الماركسية ـ اللينينية، كما يفعل أصحاب موقع 30 غشت، الذين يريدون تكييف الإرث الثوري لمنظمة إلى الأمام، قبل استشهاد الشهيد عبد اللطيف زروال : المنظور الثوري لمنظمة إلى الأمام، وإدماجه بشكل تعسفي فيما يسمونه "الماوية"، الذي أكده هذا الفريق بعد إصدار ما سمي "بيان حول طبيعة الثورة، الجبهة والحزب في خط منظمة -إلى الأمام- الثوري"، فأصبح من الواجب علينا دحض هذه الادعاءات التي يمكن تصنيفها في خانة التحريفية.
وجاء في مقال بعنوان "الصراع الأيديولوجي ومسألة وحدة الحركة الشيوعية" المنشةر بالحوار المتمدن : "من بين الإسهامات الهامة لماو نجد الإضافات التي أضافها إلى المادية الجدلية والمادية التاريخية. فقد أكد خصوصا أن الوحدة والصراع بين الأضداد هي قانون مركزي في الجدل، كما طبقه بنجاح في ميادين أخرى مثل بناء الاشتراكية والحزب، والاقتصاد السياسي والحرب الثورية (من بين مجالات أخرى)".

ويدعون أن ماو اكتشف جديدا وهو "أن الوحدة والصراع بين الأضداد هي قانون مركزي في الجدل"، وهذا افتراء على ماو، فمقولة "الوحدة في ظل التناقض والصراع بين المتناقضين"، اكتشفها ماركس وأعطاها لينين بعدا أدق وأشمل، في قوله "الديالكتيك، بوصفه معرفة حية، متعددة الجوانب (إذ أن الجوانب تتكاثر بلا انقطاع)، مع ما لا حد له من الأشكال والألوان، بغية مجابهة الواقع، بغية الاقتراب من الواقع (مع نهج فاسفي ينبثق من كل شكل ولون ليشكل كلا واحدا)، ذلك هو محتوى فائق الغنى بالنسبة للمادية "الميتافيزيقية"، التي مصيبتها الكبرى أنها غير أهل لتطبيق الديالكتيك على Bildertheorie (نظرية الانعكاس)، على مجرى المعرفة وتطورها". كتاب المادية والمذهب النقدي التجريبي.

كما يدعون أن ماو طبقة هذه المقولة في مجال "الاقتصاد السياسي، الاشتراكية وغيرهما"، وهذا افتراء حيث من طور الاقتصاد السياسي حتى أصبح علما ماديا هو ماركس، ومن طوره هو لينين وليس ماو، وستالين هو من اكتشف قانون الاقتصاد الاشتراكي وليس ماو، والثورة الصينية لم تتجاوز حد الثورة الديمقراطية البورجوازية، بقيادة الحزب الشيوعي، الذي استحال، بعد موت ماو مباشرة، إلى حزب شيوعي امبريالي يقود دولة احتكارية.

ويضيفون أن ماو طبق هذه القوانين على الحزب والحرب، بينما لينين هو الذي وضع قوانين الحزب الثوري وطبقها، ووضع استراتيجية الحزب والحرب، في مرحلة المد الثوري التي شكل فيها القضاء على الاستعمار والسيطرة على الحكم من طرف البروليتاريا، هاتان المهمتان الأساسيتان للحزب البروليتاري، أصبح الحزب الماركسي ـ اللينيني هو المنظمة الأساسية في الصراع الطبقي، يعمل على "تثقيف البروليتاريا وإعدادها للسيطرة على الحكم"، فأصبح من الضروري بناء حزب ثوري باستطاعته إنجاز المهمات الجديدة، في ظل شروط جديدة، في ظل تهيئ البروليتاريا لخوض معركة الثورة، من أجل بناء دولة ديكتاتورية البروليتاريا، وأوضح ستالين مسائل الاستراتيجية والتكتيك في الحرب، في علاقتها بقيادة الحرب من طرف الحزب الثوري، في كتابه "أسس اللينينية"، وطبقها في قيادة الحرب الإمبريالية الثانية ضد النازية والفاشية.

وأكد لينين على علاقة الحزب بالطبقة والجماهير، في دوره في تنظيم الطبقة والجماهير، أثناء الحرب الأهلية، كما يقول "نحن حزب الطبقة، ولذلك فالطبقة كلها على وجه التقريب (أما في وقت الحرب، أي في عهد الحرب الأهلية، فالطبقة كلها على الإطلاق) يجب أن تعمل تحت قيادة حزبنا وأن تتراص حوله أكثر ما يمكن".

وهذا الحزب هو الحزب الماركسي ـ اللينيني الذي أسسه لينين، وهو فصيلة الطليعة الثورية للبروليتاريا مسلح بالنظرية الثورية، ملما بقوانين الحركة الثورية، يستطيع قيادة الطبقة العاملة، لا يكون تابعا للحركة العفوية للجماهير، بل يكون قادرا على الرفع بمستوى الجماهير لمعرفة مصالحها.

وحدد خصائص الحزب الماركسي ـ اللينيني كما يلي :

ـ الحزب من حيث هو فصيلة الطليعة من الطبقة العاملة.
ـ الحزب من حيث هو فصيلة منظمة من الطبقة العاملة.
ـ الحزب من حيث هو أعلى أشكال تنظيم البروليتاريا الطبقي.
ـ الحزب من حيث هو أداة ديكتاتورية البروليتاريا.
ـ الحزب من حيث هو وحدة في الإرادة لا تقبل وجود التكتلات الانقسامية.
ـ الحزب يقوى بتطهير نفسه من العناصر الانتهازية.

وأسس لينين القانون الأساسي للثورة، في علاقته باستراتيجية قيادة الحرب، ويقول في هذا الصدد :

"لا يمكن الظفر بواسطة الطليعة وحدها. فإلقاء الطليعة في المعركة الحاسمة، بينما الطبقة بأسرها، بينما الجماهير الغفيرة لم تتخذ موقف تأييد مباشر للطليعة، أو على الأقل موقف حياد مشوب بالعطف.. لا يكون حماقة فقط، بل جريمة. ولكي تصل الطبقة بأسرها، لكي تصل جماهير الشغيلة والمضطهدين الغفيرة، فعلاً إلى اتخاذ مثل هذا الموقف، لا تكفي الدعاية وحدها، ولا يكفي التحريض وحده. لا بد لذلك من التجربة السياسية الخاصة لهذه الجماهير. ذلك هو القانون الأساسي لجميع الثورات، قانون تؤكده اليوم بقوة وبروز رائعين، لا روسيا فقط، بل ألمانيا أيضاً. فليست فقط جماهير روسيا غير المتعلمة، والأمية غالباً، بل كذلك جماهير ألمانيا، المثقفة إلى حد رفيع، والتي ليس بينها أمي واحد، كان لا بد لها من أن تعاني بنفسها وعلى حسابها، كل ما في حكومة أشقياء الأممية الثانية، من جبن، وعجز، وتبلبل، وسفالة، وخنوع أمام البرجوازية. كان لا بد لها من أن تعاني حتمية ديكتاتورية طغاة الرجعية (من كورنيلوف في روسيا، وكاب وزمرته في ألمانيا)، من حيث هي المخرج الوحيد الآخر تجاه ديكتاتورية البروليتاريا، لكي تندار هذه الجماهير بحزم نحو الشيوعية."، مرض الطفولة، المؤلفات الكاملة، المجلد 25، ص 228.

وحدد أسس استراتيجية قيادة الحرب كما يلي :

ـ ينبغي عدم اللعب أبداً بالثورة المسلحة، وعند البدء بها، ينبغي العلم بقوة ووضوح أن من الواجب السير بها إلى النهاية.
ـ من الضروري حشد قوى متفوقة كثيراً على قوى العدو، في المكان الحاسم وفي اللحظة الحاسمة، وإلا فإن العدو، وهو أحسن استعداداً وتنظيماً، يبيد الثائرين.
ـ حين تبدأ الثورة المسلحة ينبغي العمل بأعظم عزيمة وحزم، والإنتقال من كل بد، وبصورة مطلقة، إلى الهجوم. الدفاع هو موت الثورة المسلحة .
ـ ينبغي السعي لأخذ العدو على حين غرة، واختيار اللحظة التي تكون فيها جيوشه مبعثرة.
ـ ينبغي الحصول على نجاحات، حتى ولو كانت صغيرة، كل يوم (ويمكن القول كل ساعة، إذا كانت القضية تتعلق بمدينة واحدة)، والاحتفاظ، مهما كان الثمن، بـ التفوق المعنوي.

ولا يمكن للحزب أن يقوم بهذا الدور إلا عندما يكون فصيلة الطليعة، وأكثر من ذلك فصيلة من الطبقة، جزءا من الطبقة، باستطاعته توطيد العلاقة مع باقي الجماهير غير الحزبيين، وأن تقبل الجماهير القيادة الحزبية.

وحدد شروط لحظة للمعركة الحاسمة إذا :

ـ كانت القوى الطبقية المعادية لنا قد غرقت بصورة كافية في الصعوبات، ومزق بعضها بعضاً إلى حد كاف، وأضعفت نفسها إلى درجة كافية، بنضال هو فوق طاقتها.
ـ كانت جميع العناصر المتوسطة، المترددة، المتخاذلة، المترجرجة ـ أي البرجوازية الصغيرة، الديمقراطية البرجوازية الصغيرة، بوصفها مختلفة عن البرجوازية ـ قد انفضحت بصورة كافية أمام الشعب، واكتسبت الخزي والعار بإفلاسها العملي.
ـ بدأت في صفوف البروليتاريا، وأخذت ترتفع بقوة، حالة فكرية جماهيرية لتأييد أشد الأعمال حزماً وعزماً وجرأة ثورية، ضد البرجوازية. عندها تكون الثورة قد نضجت.
وعندها، إذا أخذنا بعين الاعتبار جميع الشروط المذكورة أعلاه... وإذا اخترنا للحظة اختياراً صحيحاً. يكون انتصارنا مضموناً.

ولا بد للحركة الثورية من القيادة التكتيكية التي تعتبر ضرورية لإنجاز مهما القيادة الاستراتيجية، وهي التي تعمل على تيسير عمل البروليتاريا في كل مرحلة من مراحل الثورة، من حيث هي أداة لضبط السير النضالي والتنظيمي للطبقة العاملة وضبط أشكالها ومهماتها، و"القيادة التكتيكية هي جزء من القيادة الاستراتيجية، خاضع لمهماتها ومقتضياتها"، علاقتها في إنجاز المهام الثورية و"مهمة القيادة التكتيكية هي هضم جميع أشكال نضال البروليتاريا وأشكال تنظيمها وتأمين استخدامها الصحيح للحصول، ضمن نسبة معينة بين القوى، على الحد الأقصى من النتائج، الضروري لتهيئة النجاح الاستراتيجي".

و حدد عمل القيادة التكتيكية ومهامها في نقطتين أساسيتين :

ـ أولاً: أن توضع، في المقام الأول، أشكال النضال والتنظيم التي من شأنها، لكونها ملائمة أحسن من غيرها لشروط المد أو الجزر في الحركة، أن تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية، تسيير الجماهير الغفيرة نحو جبهة الثورة، وتوزيعها على جبهة الثورة.
ـ ثانياً: في كل لحظة معينة، العثور في سلسلة التطورات، على الحلقة الخاصة التي يسمح الإمساك بها، بالتمكن من كل السلسلة وتهيئة الشروط للنجاح الستراتيجي.
لينين: نصائح غائب ، المجلد 21 من المؤلفات الكاملة، ص 319 – 320، الطبعة الروسية.