من هو الشهيد عبد اللطيف زروال ؟ وما هو الطريق الثوري الذي بناه ؟


الأماميون الثوريون
2019 / 11 / 14 - 16:43     

قال الشهيد القائد عبد اللطيف زروال في حق أبيه :" ..أنت أبي الذي صنعتني ثوريا."

كرس حياته من أجل وضع أسس بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، في مواجهة الإمبريالية ودولة البرجوازية التجارية، وساهم بشكل كبير في بناء أسس المنظمة الماركسية اللينينبة : منظمة إلى الأمام، في السنوات الأولى من تأسيسها، خاصة الوثيقة الايديولوجية لبناء الحزب الثوري المغربي : "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو"، التي جاء فيها :"لقد أظهر لنا لينين فيما قبل أن تطور الوعي الثوري لدى الطبقة العاملة، لا يمكن أن يتم إلا بتحريك كل طبقات الشعب... ، فبالأحرى في بلد كالمغرب، حيث يتكون ثلثا السكان من الفلاحين، وحيث لا تكون الطبقة العاملة نفسها إلا قسما قليلا من مجموع سكان المدن. إذن يمكننا الوصول إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في انطلاق الحرب الشعبية، التي توجد من بين شروطها الأساسية انطلاق النضالات السياسية والثورية لجماهير البوادي، ويبقى نمو هذه النضالات نفسه مرتبطا بنمو النضالات في المدن، في نفس الوقت الذي يكون عاملا قويا للدفع بتبلور الوعي البروليتاري، ولبناء قيادة الطبقة العاملة في الجبهة الثورية للعمال والفلاحين. ومرة أخرى فإن بناء جبهة ثورية كهذه وبناء قيادة بروليتارية، ليس بناء آليا، أكاديميا ...هذا البناء هو تحريك ديالكتيكي للعناصر المتقدمة أكثر التي تتأصل وتتجذر اليوم موضوعيا داخل قوى الشباب وداخل مجموع الجماهير الثورية في البلاد، أي داخل جماهير الفلاحين وفي نفس الوقت داخل الطبقة العاملة. "

لما تحدث ماركس عن العنف الثوري، تأكد أولا بأن الدولة هي أداة لممارسة عنف الطبقات المسيطرة على الطبقات المضطهدة، فلا يمكن مواجهة عنف الدولة إلا بالعنف الثوري، فالحركة الثورية ضد استبداد الدولة لا معنى لها بدون ممارسة العنف الثوري.
وجاء لينين ليؤكد مقولة ماركس الثورية حول العنف الثوري، فبدون أداة ثورية : الحزب الماركسي ـ اللينيني لن يستقيم الطريق الثوري، ولم يستطع البلاشفة الوصول إلى السلطة إلا بالعنف الثوري المنظم، فقدموا من أجل ذلك شهداء من صلب العمال والفلاحين.
ففي أول مزجرة كبيرة في بتروغراد استشهد العمال أبناء الفلاحين، خرجوا فقط للمطالبة بتحسين أوضاع الاستغلال، واستشهدت قبلهم الجماهير الشعبية أمام قصر القيصر عندما طالبوا بفك بعض أغلالهم، فتعرضوا لمزجرة رهيبة.
فالحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، بعد نشأتها، أعطت شهداء، وباستمرار تعطي المزيد من الشهداء، إلى أن يتحقق الهدف الاستراتيجي، نجاح الثورة المغربية : الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية !
ولن يتم ذلك بدون المرور عبر الطريق الثوري : البناء الاستراتيجي للثورة في علاقته ببناء الحزب الماركسي ـ اللينيني.

فكان الشهيد عبد اللطيف زروال، من سك الطريق الثوري للثورة المغربية، بتكريس حياته لهذه المهمة الثورية، حتى استشهاده في 14 نونبر 1974، وأوقف نزيف الحركة الماركسية ـ اللينينية في مهدها، وبنى طريق الاستشهاد.

في المعارك الثورية، يكون الاستشهاد سدا منيعا ضد الردة والاستسلام، ضد إفشاء أسرار الحرب، قطع الطريق على العدو للوصول إلى المقاومين، كذاك كان استشهاد الشهيد زروال، أوقف الوصول إلى تصفية قيادة الحركة المنظمة في مهدها.
لقد خان من خان، واحترف من احترف التحريفية والانتهازية، واعتنق من اعتنق الإصلاحية، وبقي الطريق الثوري، ترويه دماء الشهداء، وبقيت الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية تجدد دماءها باستمرار.
معنى الاستشهاد، دلالته التاريخية، في الصراعات الطبقية، من أجل الثورة المغربية، من أبسط عناصرها إلى أعقدها، وأعمقها في سيرورة الثورة، وضع حجر جديد في طريق الثورة، ففي كل محطة شهيد ماركسي لينيني، قصة من قصص الثورة، في أبسط تجلياتها وفي أعقدها، تعبيرا عن المعنى الحقيقي للممارسة الثورية.
في كل قصة استشهاد عبرة، مفادها أن عنف الدولة يحصد يوميا شهداء غير معلنين، غير منتمين، من صلب العمال والفلاحين، دماؤهم تروي العنف الثوري باستمرار، هي قصص طويلة في تاريخ الثورة ببلادنا، حين نجمعها، تؤلف أسفارا مؤلفة، تاريخا عميقا من الصراعات الطبقية، قصص ثورية، تختلف أشكالها، تتعدد تعبيراتها، وتتغير ألوانها، معناها واحد : الاستشهاد رمز مقاومة العنف الثوري لعنف الدولة، من المقاومة السلمية بالرأي والتعبير، إلى مقاومة حملة السلاح، يتجلى البناء الصحيح للطريق الثوري.
الاستشهاد تعبير عن وجود حرب مستمرة، بين عنف الدولة وعنف الثورة، يصطف الماركسيون اللينينيون في خندق واحد، خندق الطريق الثوري، بحمل السلاح الثوري، أيديولوجيا، سياسيا وعسكريا، في أعتى تجلياته الثورية، التي لا تهدأ، يسقط الشهداء وتستمر الثورة.
لن يستقيم الطريق الثوري دون وحدة الماركسيين اللينينيين، كان الحزب البلشفي في أحلك معاركه الثورية، يضم بداخله تناقضات أيديولوجية وسياسية، في ظل وحدة العنف الثوري ضد عنف الدولة.
فلا حركة ثورية دون وحدة التناقضات، وحدة تكنيس القديم باستمرار، في بناء أيديولوجي وسياسي جديد، في استعداد تام للبناء العسكري للطريق الثوري، في شروط مادية جديدة، تصبح فيها العقيدة العسكرية للحزب الثوري، مهمة ثورية، يكون فيها الاستشهاد، السمة الوحيدة التي تعطيها زخما، بقطع العهد مع قديم تجاوزته الصراعات الطبقية، ببناء جديد، ينير الطريق الثوري، وباستمرار.
في كل محطة استشهاد قضية ثورية، في ظل وحدة القضايا الثورية، يبقى الاستشهاد رمزا ثوريا، وتبقى وحدة الماركسيين اللينينيين محطة تاريخية ثورية، ضد عنف الدولة، في حرب واحدة، ماعددة المعارك الثورية، في طريق ثوري واحد، من أجل البناء الاستراتيجي للثورة، في علاقته ببناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي.
إن الشروط الموضوعية للنضال الثوري، الذي من أجله، ناضل الشهد القائد عبد اللطيف زروال، مازالت قائمة إلى اليوم، وإن تغيرت أشكالها وتعددت تعبيراتها، فإن أسسها المادية قد تعمقت أكثر فأكثر، والقوى الثورية لجماهير العمال والفلاحين، قد نمى وعيها أكثر فأكثر، مما يستوجب التنظيم أكثر فأكثر، وترسيخ النضال الثوري في صفوف الجماهير، ملح أكثر فأكثر، في ظل تنامي الحرب الإمبريالية على الشعوب المضطهدة، تنامي هجوم الأنظمة الرجعية على الثوريين في العالم، وتفشي التحريفية والانتهازية في صفوف الحركة الماركسية اللينينية.

كان من طبع الشهيد القائد، التفاؤل، تفاؤل المناضل الثوري و هو يتحلى ب"غبطته بالحياة " كما قال عنه أحد رفاقه، الذي استحال إلى قائد التحريفية والانتهازية.

كان الشهيد مناضلا محنكا، يمتلك القدرة على الإقناع، بفضل ممارسته الثورية، استطاع الالتحاق بقيادة "منظمة إلى الأمام"، وهو لا يتجاوز من العمر 19 سنة في 1970، وساهم بشكل كبير في وضع الأسس النظرية للحركة الماركسية اللينينية المغربية، وتم اختطافه يوم 5 نونبر 1974، من طرف الأجهزة السرية للبوليس السياسي للنظام الملكي الدموي، تعرض للتعذيب الوحشي، نتيجة صموده في وجه الجلادين، وكيف لا وهو من صاغ كراس "كيف نتجاوز القمع ونصمد في وجهه"، واستشهد في مثل هذا اليوم من سنة 1974.
كرس الشهيد جهده لإبراز دور التنظيم، دور الحزب الثوري، في قيادة الثورة المغربية، ووضع أسسه النظرية في الوثيقة الثانية للمنظمة : "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو"، التي ساهم بشكل كبير في صياغتها، وكان صموده أمام آلة القمع الدموية، درسا ثوريا، أعطى الانطلاق لقافلة شهداء الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية.

وساهم في صياغة المبادئ الأساسية للنقاش المنظم الديمقراطي، من أجل وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة :

1 ـ النقاش النزيه والهادف وتجنب كافة الأساليب الخاطئة والحلقية، النقاش الذي ينطلق من المفاهيم الأساسية ليصل إلى القضايا العملية.
2ـ إشراك مجموع قواعد المنظمتين بصورة فعالة في هذا النقاش مع حق إبداء آرائها بدون التقيد بالمواقف الرسمية.
3ـ احترام الالتزامات المشتركة والعمل على الحفاظ على روح الوحدة والاتفاق وعدم اللجوء إلى الابتزاز والتزييف.
4 ـ الانطلاق من التجارب العملية لكل منظمة في النقاش الجاري وفي تدعيم المواقف.
5 ـ النقد الذاتي كسلاح فعال بيد الماركسيين اللينينيين في تجاوز الأفكار والممارسات الخاطئة.
6 ـ خلق الشروط لتدعيم الممارسة المشتركة، وهذا العمل يمكن أن يتم في مجرى النقاش، وليس بعده، على أساس التحاليل السياسية الموحدة ومهام محددة، وعلى الرفاق أن يعيروا هذه المسألة الاهتمام الكافي، إذ تسمح بتوفيــر مناخ نضالي ورفاقي يساهم في تطوير النقاش الديمقراطي المنظم، ويسمح بممارسة القناعات والمواقف، ويخدم مهمة النضال ضد الحكم.
7 ـ ضرورة توفر برنامج متكامل للتوحيد حالما يتم قطع الشوط الأساسي في النقاش الديمقراطي المنظم، يحدد المراحل المتتالية لعملية التوحيد بشكل علمي.

كان لاستشهاده أثر كبير في بروز التحريفية، وسيطرتها على قيادة المنظمة، مما ساهم في بروز النزعة الانعزالية والجمود العقائدي في الحركة الماركسية ـ اللينينية، وحال دون تحقيق وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة، المهمة الأساسية في بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي.

وتعتبر اليوم، القراءة النقدية العلمية المادية لتاريخ منظمة "إلى الأمام"، أمرا ملحا، لتنوير الرؤية وتوضيح التصور، لدى المناضلين الثوريين المغاربة، لتجاوز مرحلة اللاتنظيم، التي تعيشها الحركة، بعد استشهاد الشهيد عبد اللطيف زروال.