بين الإنتفاخ الفاشي والخنوع الراضخ..!!


قاسم حسن محاجنة
2019 / 11 / 11 - 21:44     

الأزمة الخانقة التي يمرُّ بها المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، بلغت مدىً يُهدد وجودها الفعلي كمجتمع قاومَ من أجل تحقيق ذاته، قوميةً ومواطنةً... وأصبح الحلم الذي يراود مخيلة الجيل الصاعد، أن يترك مجتمعه ،بمدنه وقراه، أهله وذويه، هادفا الى بناء ذاته في مدينة يهودية بعيدة في الحد الأدنى أو الهجرة الى بلاد بعيدة خلف البحار ... في مسعاه للبحث عن الهدوء وتحقيق الذات ،بعيدا عن الشعارات القومجية والإسلاموية ..
يعيش المجتمع وخصوصا الشباب منه، حالة انفصام رهيب ، فمن جهة تتردد على أسماعه يوميا، شعارات طوباوية كاذبة ،عن بلده ، قريته أو مدينته ،بأنها تاج البلدان ،والتي تلتحم في نسيج إجتماعي لا إنفصام له ، تطلقها (أي هذه الشعارات)، مجموعات لا تبتغي من ورائها سوى التحكم بانتماءاته القومية والدينية ، والتي (أي هذه الشعارات)، لا تحمل تطبيقا على أرض الواقع ، بل تصل الى نقيض هذا الواقع ...
فشعار "خير أمة " ، ليس له من رصيد على أرض الواقع، ولا يصدقه سوى السذج ، فخير أمة لا تنتج الّا الشعارات الفارغة ، وسوى التسبيح بإمجاد الماضي الذي ولّى بخيره وشرّه.. فمحاولات إجترار هذا الماضي ، هي أشبه بتعاطي المخدرات ، التي ينتشي متعاطيها ، لكن سرعان ما تختفي النشوة وتحلُّ الكبوة التي لا فكاك منها.
المجتمع الفلسطيني في إسرائيل والذي قاوم كل محاولات "الإخفاء" لهويته القومية ، والذي سجّل عبر تاريخه النضالي أجمل الصور، يعاني اليوم وبشكل حاد، من سيطرة وسطوة الجريمة العشوائية والمنظمة، على حدٍ سواء ..
فمن ناحية ، فإن أبناء هذا المجتمع ، ينتفخون جذلا وتنطلق ألسنتهم وبعض كتاباتهم عبر مواقع التواصل ، بالتمجيد لإنتمائهم الديني والقومي ، والذي هو انتفاخ فاشي كاذب ، فكل الشعوب سطرت عبر تاريخها مآثر وحققت إنجازات هائلة ، وليست (أي شعوب الأرض) ، مجرد "بهائم" تسير على قدمين ، ولولا العروبة والإسلام لبقيت حيث "كانت" ....
لكن ، كل الشعوب لم ترضخ بخنوع ، للجريمة المنظمة أو العشوائية ، كما يرضخ فلسطينيو الداخل ..
نعم، هناك عوامل موضوعية ساعدت وساهمت في تفشي الجريمة ، كالفقر ، الجهل والتمييز المُمنهج من قبل السلطة ، بالإضافة الى التغاضي عن الجريمة المنظمة والعشوائية.
لكن ...ولكي تتخلص هذه الأقلية من عجزها ، ذلها وخنوعها ، عليها أولا أن تتخلص من الانتفاخ الفاشي الكاذب ، وتلتفتُ لبناء مجتمع مدني معاصر ، لا يعيش في الماضي بل يجعل من الماضي نبراسا ودليلا في إحترام العقل وتنميته ليصبح مبدعا وخلاقا...
لا أريد أن اتغاضى عن البنى الثقافية العربية والتي تشجع على العنف ، كثقافة الأخذ بالثأر، أو شرف العائلة .... بحيث لم يتبقَ للعرب من شرف سوى " ما بين فخذي الأنثى" ...!!!
أفيقوا وهبوا قبل أن يصل مجتمعنا الى حالة " ولات ساعة مندمٍ" ...