مافيا الزعفران واغتصاب حقوق الفلاحين الفقراء بجنوب المغرب


النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
2019 / 10 / 31 - 10:39     

تمتد تالوين إسكتان بإقليم تارودانت شرقا إلى حدود درعة، جنوبا إلى حدود الصحراء، غربا إلى حدود سوس السفلى وشمالا إلى حدود مراكش العاصمة، تالوين مركز السلطة، قلعة الشيح محند أعبد الله ند بوبكر أسير الحرب بقبر مجهول حليف قائد ثورة الجنوب الشيخ أحمد الهيبة، اعتقله الكًلاوي حليف الاستعمار الفرنسي واحتل القلعة، إسكتان بقلب حوض سيروا بقمة تبلغ 3304 م بين الأطلس الصغير والأطلس الكبير بامتداداته إلى قلب حوض توبقال بقمة تبلغ 4165 م على بحيرة إفني البركانية. منطقة فلاحية بدون منازع تزينها نبتة الزعفران المندمجة بالطبع السوسيوـ ثقافي الأمازيغي الذي شكل شخصية الفلاحات والفلاحين هناك على قمم الجبال.
خزانان مائيان طبيعيان هائلان تشكلا منذ ملايين السنين نتيجة براكين لأزيد من مليوني سنة نتجت عنها ولادة سيروا بين الأطلسين لا ينتمي لهذا ولا لذاك، سيروا قلب المعادن الثمينة بالأطلس الصغير وجبال صغرو تلفه من كل الجهات نباتات بيئية طبيعية عروسها نبتة الزعفران.
الزعفران، الذهب الأحمر كما تسميه مافيا الزعفران في السوق التجارية السياحية، في فصل الخريف من كل سنة تعرف حياة الفلاحات بسفوح سيروا نشاطًا خاصًا بجني هذه المادة الحيوية، نشاط سوسيو ـ ثقافي نابع من جذور ضاربة في أعماق تاريخ إسكتان.
في عصر المضاربات العقارية، الريع المالي والعلوم الجينية خضع الذهب الأحمر السكتاني للدراسات العلمية بمختبرات الدول الإمبريالية تحت إشراف علماء اللوبي الصهيوني، اليوم يبدأ تنفيذ الحرب الجينية على زعفران إسكتان الأصيل من أعماق جذور سيروا التاريخ والطبيعة العميقة.
حافظ زعفران إسكتان على البقاء على قيد الحياة قويا متميزا باكتساب مناعة تامة ضد تقلبات الطقس وهجوم الطفيليات تحت أنظار سيروا، صنع خلال تاريخه العميق جينات بيئية طبيعية قادرة على التكاثر والحفاظ على مميزاته الوراثية ومناعته الصلبة.
وقد خبره التجار اليهود السكتانيون منذ مآت السنين قبل تهجيرهم إلى أرض فلسطين.
في 2011 تم بناء دار الزعفران بتالوين خدمة لمافيا الزعفران/البورجوازية التجارية المحلية بدعم من الرأسمال الإمبريالي، بعد استكمال كافة الإجراءات العلمية والتجارية للتحكم في صناعته بالمختبرات الصهيونية وتجارته بالسوق التجارية العالمية.
دار الزعفران أم بورصة هذه المادة الحيوية ؟
بداية عهد جديد من حياة هذه النبتة البيئية الطبيعية، يتم دفع الفلاحين لبيع بذور الزعفران للدار وبالتالي تزويدهم مجانا ببذور معدلة جينيا باسم دعم "مخطط المغرب الأخضر"، خلال موسم 2012 يكتشف الفلاحون أن البذور الجديدة قد نفقت تحت الأرض كما هو الشأن بباقي المناطق بالجنوب الشرقي والحوز التي تمت فيها تجربة زراعة الزعفران بالبذور الجديدة لأول مرة، وتم ترويج إشاعة في أوساط فلاحي إسكتان مفادها أن زعفران تالوين لم ينجح في أرض تلك المناطق غافلين أن المشكل ليس في الأرض إنما في البذور.
تأسست مافيا الزعفران من طرف البرجوازية التجارية المحلية ساهم فيها التجار اليهود المغاربة البرجوازيون على حساب معاناة فلاحات وفلاحي سيروا الفقراء، وتركزت عبر السيطرة على دواليب الشأن المحلي ونشر الفساد بنهب المال العام بالبلدية، الجماعة القروية، تعاونيات الزعفران والجمعيات التنموية بتالوين، انسجاما مع أهداف "مخطط المغرب الأخضر" الذي يهدف إلى فصل الفلاحين عن الأرض، القضاء على الزراعات البيئية الطبيعية وعلى رأسها الزعفران.
وتأسست جمعية دار الزعفران من طرف مافيا الزعفران بعد استكمال أشواط نهب أموال تعاونية سكتانة، وتأسيس العديد من التعاونيات لفتح هامش واسع من الضبط الاقتصادي والاجتماعي للفلاحين الصغار والفقراء وتوسيع دائرة نفوذ المافيا، لمنع إفلات أي ربح مالي يتسرب من السوق التجارية المحلية بتالوين إلى جيوب الفلاحين والتجار الصغار.
هكذا يكون الفلاحون ملزمون بإيداع منتوجهم بدار الزعفران والانتظار لشهور دون الحصول على مستحقاتهم المالية مما يضطر الفقراء منهم إلى اللجوء إلى السوق المحلية التي يسيطر عليها عناصر مافيا الزعفران.
في 2011 السنة الأولى من فتح دار الزعفران قفز سعره إلى 30 درهم (2.7 يورو) غرام واحد من الزعفران سعر يعتبر لا شيء بالنسبة لأسعاره بالسوق التجارية الأوربية التي تتحكم فيه المافيا، وسرعان ما تم هبوط سعره بالسوق التجارية المحلية بفعل المافيا إلى 12 درهم في السنوات التالية ولم يتجاوز 14 درهما في موسم 2019.
إنها حقا كارثة بالنسبة لاقتصاد الفلاحين الفقراء الذين لا يستطيعون فهم المؤامرة التي حلت بمنتوجهم من طرف الرأسمال التجاري المحلي برئاسة مافيا الزعفران المغربي المدعوم من طرف الرأسمال التجاري المحلي والإمبريالي بدعم من اللوبي الصهيوني.
نهب المال العام عبر برامج مخطط المغرب الأخضر
بمناسبة ما يسمى المهرجان الدولي للزعفران لسنة 2017 قام عامل تارودانت بتدشين وتقديم مشاريع فلاحية بجماعة سيدي حساين المعروفة بجودة الزعفران، بميزانيات تقدر بحوالي 84 مليون درهم، بينما الفلاحون الصغار والفقراء يعيشون في أوضاع اقتصادية واجتماعية أسوأ بكثير مما كانوا عليه، مما يدل على أن هناك اختلالات مالية وإدارية تحول دون وصول هذه الميزانيات إلى أصحابها الحقيقيين، وذلك نتيجة برامج "مخطط المغرب الأخضر" التي تدعم مافيا الزعفران على حساب مصالح فلاحات سيروا الفقيرات.
وهذه مجمل أرقام هذه الميزانيات :
ـ أدوات وآليات فلاحية : الغلاف المالي 2.050.000,00 درهم.
ـ تقديم مشروع تنمية إنتاج الزعفران : الغلاف المالي 9.800.000,00 درهم.
ـ تقديم مشروع تثمين سلسلة الزعفران تجهيز الآبار بالطاقة الشمسية – الشطر الثاني، المنجز في إطار التعاون المغربي البلجيكي: إجمالي الاستثمار: 2.200.000,00 درهم.
ـ مشروع تهيئة المسالك القروية الممولة في إطار صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية باتفاقية بين ANDZOA والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لورززات ودائرة تالوين: الغلاف المالي 25.500.000,00 درهم.
ـ تدشين قنطرة على وادي تلا: الغلاف المالي: 2.200.000,00 درهم.
ـ مشتل إنتاج وردة الزعفران المختارة: الغلاف المالي الإجمالي: 41.750.000,00 درهم.
في 01 شتنبر 2007 تم تنظيم مسيرة احتجاجية ضد ممارسات باشا تالوين الحاطة بالكرامة في حق نساء وشباب حي تكًركًوست المعروف بالزاوية، المدرسة العتيقة والسوق التجارية في عهد الاستعمار، تم تكسيرها واعتقال بعض المحتجين ومحاكمتهم وإدانة بعضهم بالحبس مع وقف التنفيذ وتم تنقيل الباشا، ولذر الرماد في العيون تم تعبيد الطريق الرابطة بين تكًركًوست وتابيا وتبليط الأزقة مما أدخل الويلات لهذا الحي العتيق الذي أصبح اليوم مرتعا للمياه العادمة والمتدفقة من المراحيض كما هو الشأن بالنسبة لحي تابيا، مما يلوث السواقي والوادي والبئر الوحيدة التي تزود الأحياء بالماء الصالح للشرب.
ويبقى تنظيم ما يسمى المهرجان الدولي للزعفران بالبلدية مناسبة لهدر المال العام على شكل بهرجة إلهاء السكان المحرومين من وسائل التثقيف والترفيه، بلدية كبافي الجماعات القروية تعاني من سوء التسيير والتدبير مما جعلها تطفو على سطح مياه الصرف الصحي التي تلوث مياه الشرب والسقي معا، ويسود فيها نهب المال العام من طرف المسؤولين بالباشوية والجماعة عبر نشر البناء العشوائي والمضاربات العقارية واحتلال الملك الخاص بالدولة وصنع عقود استمرار زور بشهادات إدارية مزورة من أجل احتلال أراضي الفلاحين الفقراء.
ويتم جر الجماعة إلى المحاكم لابتزازها ونهب ميزانياتها عبر ما يلي :
ـ محاكمتها لنزع مقرها ومقر دار الزعفران والمركب الثقافي ملف تحفيظ رقم 179/ 2013 بمحكمة النقض بالرباط عبر وسائل التدليس التي يتم صنعها بالمجلس الجماعي.
ـ تمرير حكم زور لما يسمى استغلال بقعة أرضية عارية بسوق الاثنين بمبلغ 54 مليون سنتم وبالتالي إعادة بيع هذه البقعة من طرف المدعين بملكيتها ومحاولة شرائها من طرف الجماعة للمرة الثانية وإدراجها بإحدى دورات الجماعة في 2017.
ـ محاولة نهب 50 مليون سنتم بما سمي الشطر الثالث لبناء مقر الجماعة.
ـ الغش في معبر تكًركًوست ـ إمزيزوي.
ـ تدمير قصبة تالوين واحتلال الأراضي الخاصة للدولة حوالي 7 هكتارات بني بها فندق من فئة 4 نجوم أغلق وتم تسريح 40 من العمال والعاملات، أراضيها كانت تستغلها 61 عائلة فلاحة فقيرة تم طردهم منها بالتدليس بموجب حكم مبني على معطيات كاذبة ومزورة بالمحكمة الابتدائية بمركز القاضي المقيم بتالوين في1981 لم يتم تنفيذه إلا في سنة 2000 دون إبلاغ ورثة الكًلاوي، وقرار محكمة النقض 2334 بتاريخ 18/06/2008 بالرباط مبني على حكم ابتدائي واستئنافي لم يناقشا موضوع القضية حيث اكتفى برفضها شكلا حتى لا يناقش الموضوع الذي يتعارض مع ظهير مصادرة أملاك الكًلاوي.
ـ احتلال الأراضي الخاصة بالدولة من طرف أعوان السلطة وموظفو الجماعة والتي ورثتها عن الاستعمار الذي سيطر عليها وشرد الفلاحين الفقراء أصحابها، وتم تحفيظها بالتدليس بتعاون مع جماعة تالوين في 1996 دون تعويض الفلاحين الفقراء أصحاب الحق في الأرض .
وما يجري بجماعة تالوين بجري كذلك بجميع جماعات دائرة تالوين وعلى رأسها جماعة سيدي حساين مما يجعلنا لا نثق في نزاهة تصريف ميزانية المشاريع المشار إليها أعلاه وتحقيق أهدافها المسطرة في دفاتر التحملات، وذلك لعدم قيام دار الزعفران بالمهام المنوطة بها :
ـ سيطرة تجار الزعفران على مكتب الجمعية والتحكم في خدماته بشكل بيروقراطي.
ـ تعرض الفلاحين الفقراء للابتزاز من أجل ولوجها والاستفادة من خدماتها مما يعرضهم للاستغلال في سوق الاثنين الذي مازال يسيطر على تجارة الزعفران بإيعاز من مافيا الزعفران.
ـ نهب مالية تعاونية سكتانة للزعفران التي تأسست في 1979 يتناوب على مكتبها تجار الزعفران الذين اغتنوا على حساب الفلاحين الفقراء وأسسوا شركات الزعفران خاصة بهم.
جميع هذه الاختلالات تجعلنا غير واثقين من نزاهة المسؤولين على تصريف الميزانيات المخصصة لخدمة الفلاحين الصغار والفقراء، خاصة وأنهم مازالوا يعانون من المضاربات المالية في تجارة بذور الزعفران وأثمان منتوجه بسوق الاثنين، الذي مازال يشكل منافسا لدار الزعفران نتيجة البيروقراطية التي تهيمن على مكتب جمعيتها والزبونية والمحسوبية في الاستفادة من خدماتها من طرف مافيا الزعفران.
لهذا وغيره نطالب بإجراء افتحاص لجميع هذه الميزانيات المخصصة للفلاحين الصغار والفقراء بتالوين عبر مساءلة ومحاسبة :
ـ برلماني المنطقة والمستفيد من السيطرة على قصبة تالوين والأراضي التابعة لها عبر التدليس والنصب والاحتيال على الفلاحين الفقراء الذين بنيت هذه الممتلكات على حساب هدر دمهم وعرقهم في عهد الاستعمار الفرنسي.
ـ المسؤولين بعمالة تارودانت، الباشا وأعوانه، رئيس المجلس الإقليمي لتارودانت، رئيسي جماعة تالوين الحالي والسابق، رئيس جمعية الزعفران، رئيس مديرية أملاك الدولة بتارودانت، رئيس قسم التعمير بعمالة بتارودانت، مدير الوكالة الحضرية بتارودانت.
كما نطالب بإنصاف الفلاحين الفقراء ورثة أيت منصور بحي تكًركًوست وذلك بتعويضهم عن أراضيهم التي تم احتلالها من طرف نائب المقيم العام الفرنسي بتالوين منذ 1932، التي بنيت عليها عدة منشآت إدارية منذ 1956 دون سند قانوني، وتم تحفيظها من طرف الدولة في 1996 بوسائل التدليس والاحتيال بتعاون مع رئيس جماعة تالوين الذي ساهم في عملية التحفيظ رغم علمه بوجود أصحاب الحق في الأرض.
ورغم مراسلتنا لعمالة تارودانت وولاية أكادير لم تحرك هذه الجهات ساكنا بل كرست اضطهاد الفلاحين الفقراء بجماعات تالوين عامة والبلدية بصفة خاصة ، عبر شن حرب منظمة ضدهم لحرمانهم من الحق في السكن اللائق آخرها هدم منزل أحد الفلاحين بحي إمزيزوي دون سند قانوني بدعوى تطبيق قانون التعمير الجديد الذي تشرف عليه وزارة الداخلية.
ويبقى تنظيم مهرجان الزعفران منذ 13 سنة مضت مجالا لهدر المال العام ومناسبة للإلهاء عبر إقامة ليالي البهرجة تصرف عليها الملايين كل سنة، فبدل تكريم المرأة الفلاحة التي تسهر الليالي لفصل الزعفران عن الوردة بعد جنيها قبل اشتداد حرارة الشمس والتي تعيش في ظروف التهميش، يتم الرقص على معاناتها وتناول كؤوس الشاي المزعفرن وتقديم الهدايا لذوي الجاه والسلطة، إنها في الحقيقة مأساة فلاحات فقيرات في أعالي الجبال لابد من النضال من أجل إنصافهن وإرجاع الاعتبار لجهودهن التي يتم هدرها.