شر البلية ما لا يجعلك تفكّر


علاء الدين الظاهر
2019 / 10 / 26 - 13:37     

ظهرت على الاخبار امس امرأة تبكي من ضرر حرائق كاليفورنيا المستعرة على بيتها. من ضمن ما فقدته هو وعاء يحوي رماد امها التي تم حرق جثتها بعد وفاتها كما يفعل العديد في الغرب. لا استهين ابدا من ضرر الحرائق فقد احترق المبنى الذي فيه غرفة مكتبي الجامعي وقضى على العديد من ما جمعته من كتب وبحوث ومن ضمنها مخطوطات شبه كاملة كتبتها لثلاث مجلدات عن تأريخ العراق من الثورة العربية حتى عام 1968 انفقت عليها عشر سنوات من البحث والتدقيق. صدمة جعلتني اتوقف عن الكتابة لما يقارب 15 عشر عام.
لنعد الى رماد المرأة هذه. لنفترض ان الله اراد ان يعقابها بحرقها في جهنم لأنها مثلا مارست الجنس قبل الزواج او دخّنت الماريوانا او اي شئ آخر. ماذا بقي منها بعد ان احترقت مرتين واختلط رمادها برماد البيت ومواد الاطفاء الكيمائية؟ وإذا اراد الله ان يكافئها بدخول الجنة فكيف يتمكن من اعادة بنائها كي تستمتع بما يهبها هناك من ما لذ وطاب؟ اعرف ردكم ان روحها خرجت من انفها عند الموت وهذه الروح هي التي تتعرض للعقاب او الثواب. لكن هناك مشكلة اخرى. خلق الله آدم من طين او تراب وحواء من ضلع آدم، ربما لأن هذا الضلع كان فائضا عن الحاجة بسبب خطأ في التصميم، مما يعني ان آدم وحواء لم يكونا شبحان بل جسدان فيزيائيان متكاملان بما فيهما من الاعضاء التناسلية التي مكنتهما لاحقا من الانجاب وخلق بقية البشر. يعني ان الجنة لم تكن للاشباح وإنما لبشر مثلي ومثلك وهي مكان لها عنوان ومكان يعقتد البعض انه في القرنة جنوب العراق ولو اراد ان يعطي للقصة بعضا من المعقولية لقال انها في كولومبيا البريطانية او نيوزيلندا او النرويج مثلا.
يقوم الهندوس برمي رماد موتاهم في نهر غانجي او غانجيز كما يسميه البعض. الهندوس هم اغلبية المليار وربع المليار نسمة من سكان الهند. لو قلنا ان معدل ما يرموه من رماد في هذا النهر هو مليون جثة في العام فهذا يعني ان هناك رماد على الاقل لـ 6 مليارات جثة في هذا النهر لأن الخلق البشري بدأ قبل 6 آلاف عام حسب القصص الدينية والبقية على الجرار كما يقول التعبير العراقي. كيف يتم جمع رماد هؤلاء كي يحرقهم الله في جهنم لأنهم ليسوا من اهل الكتاب؟ اصبح بعضا من رمادهم طعاما للاسماك او غرينا او جزءا من حافة النهر او انتهى في مياه المحيط. ولماذا يعاقبهم اصلا وهو لم يرسل لهم ولا نبيُ واحد، ربما لأنه لا يجيد اللغة السنسكريتية. نفس الشئ ينطبق على الصينيين واليابانيين والافارقة والرومان والاغريق وسكان القارات الاميركية واستراليا الاصليين ومعظم آسيا. كنت في بداية سن المراهقة عندما سألت هذه الاسئلة فكان الرد: هذا كفر او حرام وفي احسن الاحوال العلم عند الله. العلم ليس عند الله، العلم عندما تبدأ تفكّر.