هَل يَعتَبرون ؟


ييلماز جاويد
2019 / 10 / 25 - 02:11     

ورد في الأقوال والحكم :
إتقِ شر الحليم إذا غضب .
إتق شر الحنون إذا قسى .
يستفزّونك ليخرجوا أسوأ ما فيك ثم يقولون هذا أنت . لا يا عزيزي هذا ليس أنا ، هذا ماتريده أنت !
نحن لا نكون سيئين إلاّ عندما يجبرنا الآخرون أن نكون كذلك .
المعروف عن الشعب العراقي ، عبر تاريخه الطويل ، أنه شعب صبور وحليم يتحمّل القسوة التي تأتيه من حاكم ظالم ، محلّيّاً أو أجنبيّاً مستعمراً ، وهو حنون حنو الأم على أولادها ، ولكنه معروف أيضاً في حالة طفح كيل الظلم عليه أنه يغضب غضباً عظيما لا يعرف الظالم مداه إلاّ بعد فوات الأوان . في الماضي القريب نذكر أن الشعب صبر على عهد عبد الإله ونوري السعيد ، وكان هذا الأخير يقول متباهياً " دار السيّد مأمونة " وكيف صارت العباءة التي لبسها عاجزة عن إنقاذه من غضبة الشعب ، وها نحن نرى ونعيش أكثر من ستين عاماَ والشعب صابرٌ ومغلوب على أمره والظلم عليه مستمر بأشكال وأنواع مختلفة من حكام من مشارب مختلفة إلاَ أنهم جميعاً قساة لا يحسبون ليوم يغضب فيه هاذ الحليم .
جاء يوم الأول من تشرين الأول 2019 ليعلن فيه الشعب إنذاره للحاكم أن كفاك ظلماً فقد وصل السيل الزبى وعليك الوقوف عند حدّك . خرجت جماهير الشعب في تظاهرات سلمية مطالبة بحقوق مشروعة من أسباب العيش الضرورية والعمل للعاطلين والمعوزين ، ولكن الحاكم أبى أن يسمع صوت الحق فأطلق كلاباً مسعورة بين المتظاهرين وعلى الأسطح لتنال منهم ومن القوى الأمنية المكلّفة بحمايتهم فكانت الحصيلة إستشهاد مائة وتسعة وأربعين وجرح الآلاف منهم بالإضافة إلى إعتقال وإختطاف المئات . لقد كان لتصرّف الحاكم بهذا الأسلوب الهمجي رد الفعل الذي إنعكس حتى على المرجعية الدينية العليا في النجف التي أصدرت بيانها لتشجب هذا العمل وتدعو إلى التحقيق فيه وكشف المجرمين القتلة والإستجابة لمطالب أبناء الشعب المتظاهرين ، وأمهلت الحاكم أسبوعين لتحقيق ذلك .
قام الحاكم بتشكيل لجنة للتحقيق ، وأعضاؤها هم المشتبه بهم في ما جرى ، وتمّ إخراج تقريرها بالشكل الهزيل الذي لم يرضِ أحداً غير عادل عبد المهدي الذي وصفه بالتقرير " المهني بمستوى عالي " ، والله وحده عالمٌ أن عادل عبد المهدي كان يعلم أن قوله هذا ليس صحيحاً .
في غد الجمعة الخامس والعشرين من تشرين الأول 2019 ستخرج جماهير الشعب ثانية بصورة سلمية في كافة ربوع العراق ، و لا يُعرف كيف ستكون مواجهة الحاكم للمتظاهرين .
ترى هل يرعوي الحاكم ويستجيب لنداء الحق ؟ وهل أن عادل عبد المهدي الذي تمّ تنصيبه واجهة للحاكم ، يبلغ من الجُرأة ويخرج من جيبه ورقة الإستقالة التي صدئت منذ إستلامه مهام منصبه ويعلنها ، أم يبقى ، راضياً أو صاغراً ، على عُنجهيته بحجة عدم التهرّب من المسؤولية ويصمت إزاء جرائم تلك الكلاب ويدعها تقابل المتظاهرين بالحديد والنار وبالسكاكين ورصاصات القناصين من فوق الأسطح وبخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع ؟
مع دعواتي الخالصة إلى الله أن يبعد الشر عن أهلي وبلدي وأبناء شعبي ، وأنا الرجل المسالم المهاجر إلى بلد الغربة من خمس وعشرين عاماً ، تُرى إذا حصل العكس وجعل الحاكم هذا الشعب الحليم يغضب ، فهل سأحزن إذا سمعت أو رأيت في وسائل الإعلام أن الشعب فعل بفلان وفلان مثلما فعل بنوري السعيد وعبد الإله ؟