أبو نزار محمد بصول.. شيوعي قائد من بناة هذا الطريق!

عصام مخول
2019 / 10 / 23 - 00:09     


علمنا أبو نزار القائد الأنيق في مظهره وفي جوهره، والشاب حتى يومه الأخير، أن الشباب لا يقاس بمقياس السنين، وانما يقاس بمدى الانغماس في النضال الثوري المثابر،وتجدد الالتزام بالمبادئ وبالفكر الثوري والقيم الثورية في جميع الظروف.. واشتقاق أشكال التكتيك من المبادئ الاستراتيجية لا ملاءمة المبادئ الاستراتيجية للتكتيكي الذي الطابع الآني في جوهره!

هذا الجيل الذي انتمى اليه فقيدنا الغالي ابو نزار، علّم الناس أن السياسة مهمة، ليس عندما تكون في يد السياسيين.. وإنما تصبح مهمة أكثر ووازنة أكثر كقوة تغيير ثوري، عندما ينجح القادة السياسيون الحقيقيون، في جعلها ملكاً للجماهير الشعبية تذوتها وتصب زخمها فيها وتشارك في صنعها.

انظروا المظاهرات الشعبية التي دعت اليها وقادتها لجنة المتابعة مؤخرا، والنقلة النوعية التي أحدثتها.. كيف كنست خطاب الضياع والإحباط الذي تم الزج به بشكل منهجي على ساحتنا منذ حين.. وكيف حل محله خطاب التحدي والمشاركة الشعبية والثقة بالقدرة على التغيير وامتلاك شوارع البلاد وساحاتها!

إن المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، ككل نظام برجوازي، مشغولة بإقناع الناس أن النظام القائم هو الشكل النهائي للمجتمع، وهو قدر ثابت لا مهرب منه، وأن كل تغيير يفترض أن يحدث في إطار هذه البنية القائمة، وليس في تجاوز لها وتغييرها، لكن الدور الذي قاده رعيل ابو نزار من الشيوعيين الواقعيين، كان يعي الخلل في توازن القوى لصالح المؤسسة الحاكمة في اسرائيل،وما تبيته للأقلية القومية الفلسطينية الباقية في وطنها ولحزبها الشيوعي وجبهتها من مشاريع، ولكنه كان يعي في الوقت نفسه، أنه إذا كانت المؤسسة الحاكمة تمتلك كل وسائل القمع وأدوات الهيمنة المعادية للأقلية القومية العربية وللطبقة العاملة وللمقهورين كافة... فإن تنظيم المقهورين وتعميق وعيهم، وبناء حدة الصف الكفاحية، المستندة الى موقف فكري وتنظيم ثوري واعٍ، هي وحدها القادرة على تعويض الخلل في توازن القوى مع السلطة الغاشمة... وأن طريق النضال ومقاومة سياسة القهر والاستغلال هو أقصر الطرق وأقلها كلفة في المواجهة مع هذه السياسة.

كان جيل ابو نزار من الشيوعيين البناة أشبه بـ"الويز" السياسي. على مدار عشرات السنين نجح الشيوعيون في توجيه الناس وجعلوا منهم حاضنة شعبية ناضلوا من داخلها، حموا مستقبل هذه الجماهير فحمت نضالهم وتمسكت بطريقهم..

عشرات السنين وهذا الويز السياسي يوجه الجماهير الشعبية وطبقتها العاملة: "انعطف يسارا".. إحذر! مطبات رجعية أمامك!... إياك والانحراف نحو اليمين".. "إحذر المزايدات القومجية".. "انتبه.. من خطر الانزلاق".. "احذر تجار الدين والطائفية والعائلية والفكر الغيبي"!. اعتمد على العمق الجماهيري.. انتبه وانت تقرأ ما يجري في الاقليم الى مؤامرات الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية تترصد بالشعوب على جانبي الطريق..

فيا أحباء أبو نزار اعتمدوا هذا الويز الذي يصح ان نسميه بالعربية "الدالول" (اذا اعتمدنا على كتاب الياس نصرالله ).

اقتنوا هذا الويز الذي كان صحيحا وضروريا في الماضي وأصبحنا أكثر حاجة اليه اليوم..

أبو نزار كان من أوائل الذين اتخذوا موقفا مبدئيا معاديا لمشروع التفكيك الامبريالي في سوريا، ولم تغْشَ عيونه حملة التضليل المعولم للتستر على الطابع الارهابي للعدوان، ابو نزار لم ينتظر تغير موازين القوى لصالح سوريا شعبا وقيادة وجيشا وحلفاء، ليغير موقفه على حين غفلة!

منذ البداية لم يتلعثم لحظة واحدة في تبني الموقف المبدئي الصحيح، حتى حين بدا وكأن مصير سوريا ووحدتها على كف عفريت امبريالي إرهابي!

وبمبدئيته الشجاعة، مقت هذا الشيوعي المبدئي اولئك الذين حاولوا ان يلائموا خطابهم بشأن سوريا بحسب المنصة التي يتحدثون عنها.

ومن المفارقات اننا نحتفي بذكرى ابو نزار اليوم، في الاسبوع الذي تسحب فيه الولايات المتحدة قواتها وقواعد لها في سوريا.. وفي الوقت الذي يعيد فيه الجيش السوري انتشاره حتى منبج وعين العرب والحدود مع تركيا، للتصدي للعدوان التركي ووقف عدوان أردوغان الدموي الجديد..

ان الحسم المتسارع على الساحة السورية في هذا الاتجاه هو أجمل عقد ياسمين دمشقي، وأصدق وسام نزين بهما ذكرى ابو نزار الطيبة، تكريما لمبدئية الموقف وصدق الخيار الفكري والسياسي، واعتزازا بما يجيده من السباحة ضد التيار الى ان يصبح موقفه الثوري الاصيل هو التيار وهو نور الطريق!