عادل عبدالمهدي .. هش فقتل ونش فذبح


جعفر المظفر
2019 / 10 / 5 - 17:12     

عادل عبدالمهدي .. هش فقتل ونش فذبح
جعفر المظفر
عادل عبدالمهدي .. يتكلم كرئيس وزراء ولكنه لا يعمل غير بواب لرئيس الوزراء الفعلي وهو سلطة الميليشات المدعومة من قبل الولي الفقيه الإيراني. مشكلته الأساسية أنه صدق بكذبة القوى السياسية عليه حينما أقنعته أنه سيكون رئيسا للوزراء. أما مشكلتنا الأساسية معه فقد بدأت حينما صدق الرجل بتلك الكذبة ثم أراد منا أن نصدق بها.
ولسنا الآن هنا في معرض إدانته من خلال هذا التوصيف, وإنما لتوصيفه من خلال هذا الإدانة. وهي إدانة ستفقد بالفعل قدرة أدائها وفعاليتها وحتى محتواها فيما لو بقينا نتحرك في مساحة إدانة الشخص وليس في مساحة إدانة الحالة.
ما أريد اقوله بالضبط هو أننا بحاجة إلى توصيف حقيقي للأزمة وتعريف لها قبل الذهاب إلى إدانة أي شخص من شخوصها .أما رئيس ورائنا فهو يظل في أفضل حالاته أشبه بعملية نقل "كلية" مستهلكة لمريض آخر كان شارف على الموت بسبب عجز جميع أجهزته الحيوية وليس عجز "كليتيه" فقط. ثم إذا بنا وقد صرنا أمام مشكلة مزدوجة فلا "الكلية" المستهلكة صالحة للعمل ولا جسم المريض قد قبل بها.
هذا الرجل الذي ظن أن بضعة مقالات تكفيه كي يصير مرشح تسوية نسي حقيقة أن الحل الحل الحقيقي لآزمة النظام إنما يقتضي زرع نظام جديد في جسد النظام القديم لا إلى زرع كلية جديدة في جسد مستهلك.
مشكلة هذا النظام أنه لا يريد الإعتراف أن الخلل فيه قبل أن يكون في كليتيه. وإن الخلل هو سياسي قبل ان يكون خللا إقتصاديا. وقبل ذاك فهو خلل فقهي قبل ان يكون خللا سياسيا. وإن ما يجب أن نعيه وندركه ان مشكلتنا مع أنفسنا تتقدم على مشكلتنا مع النظام. وإن حلا أكيدا وحقيقيا وراسخا هو ذلك الذي يعالج أزمتنا مع أنفسنا وصولا إلى معالجة مشكلتنا مع النظام. وإن علينا في البداية ان ننظم أفكارنا, ثم ننظم قوانا, ثم نطلق أفعالنا, وكل ذلك يمكن تلخيصه بجملة واحدة : أن نكون عراقيين خاصة وأن تكون مرجعيتنا هي العراق لوحده وأن يعود رجال الدين إلى صوامعهم ويتركوا أمر العراق لسياسييه الوطنيين.
البداية الحقيقية إنما تتوجه لإصلاح الخلل الفقهي وهو موجود في معظمه لدى الحوزة في النجف وليس في اي مكان آخر. فإذا كانت هذه الحوزة تؤمن حقا أن الإمام الحسين قد خرج لغرض الإصلاح وأعطى روحه وأرواح أهله وصحابته من أجل هذا الهدف فإن عليها أن تفعل ولو جزءا يسيرا مما فعل. أن تصلح الخلل الذي تسببت به. أن تخرج على الناس كي تهدم الدولة الدينية المشوهة التي ساهمت بالدور الأساسي في قيامها وأن تدين عصابات الفساد التي تتحكم بها بكل صراحة ووضوح.
وقد يكون هذا العمل المطلوب عملا غير واقعي غير انها فرصة للفعل الحسيني ولو لمرة واحدة في حياة هذه الحوزة التي بات عليها أن تعلم أنها قد دخلت فعلا في مساحة زمنها الضائع وأن الشباب الذي كان على إستعداد للموت بإشارة منها صار على وشك أن ينقلب بالكامل ضدها.
فإذا ما حُسب للحوزة دورها المشهود في محاربة داعش مثلا فإن عليها أن لا تنسى أن موقفها الجزئي الصحيح ذاك قد جاء ضمن حالة الخطأ التاريخي الشامل الذي إرتكبته حينما ظلت لأكثر من خمسة عشر سنة مؤسسة وداعمة لهذا النظام الفاسد الطائفي العنصري العميل, إذ ليس عدلا أن تقوم هذه الحوزة بإلقاء البلد في اليّم ثم تقول له إياك إياك أن تبتل بالماء.
الناس قد باتت تدرك أن مشكلتها الحقيقية ليست مشكلة إقتصادية وإنما هي بالأصل مشكلة سياسية.
وقبل كل ذلك .. وحتى أهم من كل ذلك ... أن الناس بدأت تدرك أن مشكلتها الأساسية هي مشكلة فقهية.
في حديثه السلس البسيط المباشر يكشف أحد المواطنين عن أحد أهم اسباب البطالة في الجنوب والوسط العراقي بوجه خاص .. هو يوضح أن البطالة هي حالة سياسية وإجتماعية مطلوبة, وسنكتشف معه, ودونما حاجة إلى خبراء إقتصادين عباقرة, أن نظامنا الإقتصادي مُعَطّل بكامله, لأن أي نشاط صناعي أو زراعي يؤدي إلى سد حاجات الناس حتى البسيطة سوف يؤدي بدوره إلى تراجع في سوق الميليشيات في المقام الأول.
لا يحتاج البلد الذي يوصف بكونه ثالث خزان نفطي على وجه الأرض إلى خبير إقتصادي لكي يحل أزمته وإنما سيكون بوسع قائد سياسي متواضع أن يقدم حل سريعا حلال عام واحد لأغلب أزماته المتشابكة, وبداية من مشكلة لبطالة الخانقه وعبورا منها إلى أزمة الكهرباء ومياه الشرب ووصولا إلى أزمة غياب الدولة.