ما لايمكن دمقرطته


وليد يوسف عطو
2019 / 9 / 25 - 18:20     

مالايمكن دمقرطته

كتب الباحث في الانثروبولوجيا الدكتور فالح مهدي في كتابه :

(مقالة في السفالة :نقد الحاضر العراقي ) مايلي :
(مع الحكام الجدد الذي جاء بهم المحتل الامريكي ,خرج العراق من حكم اولاد الشوارع الى حكم رجال الامراض المزمنة .من حكم العشيرة والعائلة ,الى حكم الطائفة ).
يشير الدكتور فالح مهدي الى ان حكم صدام تميز ببناء القصور والمساجد,ليس تعففا كما يتصور البعض,بل لان العراق كله اصبح ملكه. لم يقم الحكام الجدد القادمين مغ المحتل الامريكي ببناء القصور ,فقد استولوا على قصور نظام صدام , انما افرطوا في بناء الجوامع والحسينيات .تطابق الحكام الجدد مع سياسة صدام حسين في تطبيق شعار :( جئنا لنبقى ).وبدلا من شعار البعث الايديولوجي ( امة عربيةواحدة ذات رسالة خالدة )تبنوا الخزين الاسطوري الطائفي,فتحول العراق الى ماتم دائم .

هنالك نقطة تشابه اخرى بين الحكام الجدد ونظام صدام وهو ان العراق لايعني لهم شيئا ,الاسلاميون لايهمهم سوى بناء الجوامع والحسينيات بصورة متوالية هندسية وليس متوالية عددية ,والهدف هو تجهيل الناس عبر الشعائر والطقوس التي تتكرر كل عام .

لقد اثبتت احزاب الاسلام السياسي بعدها عن ثقافة المدينة والحضارة.لقد اصيب الحكام الجدد بمرض (الجوع المزمن ) .فمن كان يبيع السبح في جامع السيدة زينب في دمشق اصبح مليارديرا ,وهو ليس وحيدا في ذلك ,حيث تم تعميم الفساد والكل شارك فيه .

دمقرطة ما لاديمقراطية له :

الديمقراطية ليست وصفة سحرية ما ان تشرب من مائها حتى تصبح ديمقراطيا .يقول الدكتور فالح مهدي ان النموذج الشيوعي الذي اقامه لينين وكرسه ستالين هو نموذج مرعب , تحول فيه الانسان الى كائن متلقي ,او مجرد روبوت يتلقى الاوامر بالتنفيذ.

يقول الدكتور فالح مهدي ان النظام الديمقراطي الذي الذي انتجته الديمقراطيات الغربية هو نظام سيء , لكنه اعظم ما انتجته البشرية لحد هذه اللحظة . تلك الديمقراطية سمحت بوجود المؤسسات والنقابات والصحف الحرة , سمحت للانسان ان ينمو ويتطور , ولم يتحول الى عبد للدولة السوفييتية, حيث كانت نظاما ريعيا طفيليا ,تمكن عبر الايديولوجيا من استلاب وعي الانسان .

ستالين بالذات كان رب العمل لكل العمال . وليس بالامر الغريب والمستهجن اعجاب صدام بشخصية ستالين , بل اخذعنه الكثير ومن النظام السوفييتي الشمولي الرهيب , واخذ ايضا اسلوب الرفيق بيريا في التصفيات . لقد اصبح العراق دولة منذ العام 1921 بفضل المستعمر البريطاني .

لقد تم خلق مجتمع مدني والخروج من مرحلة ماقبل الحداثة ,والجماعات الاثنية والطائفية والعنصرية .لقد استطاعت الهند بفضل القادة الرواد (غاندي , نهرو ) من بناء نظام ديمقراطي في مجتمع اغلب افراده من المزارعين , وينقسم طبقيا الى اربعة رتب . اما العراق فكان مكبل بمجموعة من الامراض البنيوية : نظام الولاية ,عدم وجود حدود طبيعية مما ضاعف من الهجرات البدوية باتجاه العراق ,التشيع الفولكلوري في القرن التاسع عشر ,نخب خاضعة للسلطان العثماني ,ولاة عثمانيين لايجيدون العربية وليس لهم هم سوى جمع الضرائب.

يقول د .فالح مهدي ان قيم المواطنة تراجعت مع انقلاب 8 شباط 1963الدموي البربري , واجهضت بعد انقلاب تموز 1968 والذي هو استمرار لانقلاب شباط , انما اكثر منهجية وخبث وقدرة على تدمير الاخر.ادى ذلك الانقلاب الى تراجع مفهوم الدولة من اجل قيام نظام مافيوي .

في اعتقادي الشخصي ان خراب العراق بدا يوم 14تموز 1958 واستمر الى غاية اليوم , ذلك ان جميع الانقلابات العسكرية في بلد ريع مثل العراق تعمل على قطع التراكم والخبرة في المجالات كافة , ولا ننسى ان عبد الكريم قاسم درس الاركان في الجامعات البريطانية وزار بريطانيا اكثر من مرة احداها من اجل العلاج, وان ملفه الشخصي معروف لدى المخابرات والاستخبارات العسكرية البريطانية ويعرفون مايعانيه من امراض نفسية وعصبية ,مثله مثل صديقه عبد السلام عارف .

اما صدام حسين فهو صنيعة المخابرات الامريكية ,ثلاثتهم ساهموا في خراب وتدمير العراق .لقد كانت بريطانيا على علم بالحركة الانقلابية للضباط الاحرار صبيحة يوم 14 تموز 1958 وبالتفاصيل وباسماء الضباط المشاركين في الانقلاب .لقد سمحت بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية بتمرير الانقلاب لانتهاء صلاحية النظام الملكي !