الأمير الأحمر


كريم محمد الجمال
2019 / 9 / 18 - 20:59     

الأمير الأحمر

(تمسكوا بالمقاومة، واستعيدوا الوحدة) كانت الوصية الأخيرة للدكتور جورج حبش، وهو علي فراش الموت بعد سنوات طويلة قضاها حكيم الثورة الفلسطينية مناضلا مقاوما من أجل فلسطين ومن أجل الوطن العربي، هذه السنوات الطويلة كانت قوة الفلسطينيين نابعة من وحدتهم. لم يعرف الفلسطينيون الانقسام الحاد وهذا التصدع الكبير إلا في السنوات الأخيرة مع انهيار القوي العربية القومية الكبري والأنظمة الداعمة للمقاومة.

طوال حلقات الصراع العربي الصهيوني بداية بالنكبة 1948 مرورا بالنكسة 1967 ثم السقوط المدوي في أحداث أيلول الأسود في الأردن 1970 مع الصدام الدموي بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية حتي فتح باب التطبيع باتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وبعدها اجتياح لبنان 1982 ،وحتي اتفاقيات أوسلو ومدريد مرورا باندلاع الانتفاضة المتكرر كان الموقف الفلسطيني تجاه الكيان الصهيوني موحد من مختلف الفصائل رغم اختلافها الأيدلوجي وفي أسلوب وأدوات العمل النضالي وأحيانا خلافهم الداخلي فيما بينهم ،ولكنهم متماسكون متحدون أمام إسرائيل لهم نفس الحلم بالعودة الي بلادهم وإقامة دولتهم من البحر إلي النهر .

من أبرز وجوه المقاومة والفدائيين علي حسن سلامة الملقب بأبي حسن، لقبته جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بالأمير الأحمر لكونه من عائلة ثرية وكان الشهيد رحمه الله ابنا لشهيد أيضا، واشتهر بقدرته علي التنكر والتمويه والحرص الشديد والفكر التكتيكي العالي في العمل الميداني، تولي في نهاية الستينيات مناصب قيادية وأمنية في حركة فتح، إذ يعتبر مؤسس القوة 17وهي الحرس الشخصي للرئيس ياسر عرفات. قام أبو حسن بعدة عمليات بارزة ضد الموساد من خلال توجيه طرود مفخخة ومتفجرة لعملاء الموساد في أوروبا، واستطاع اكتشاف بعض شبكات التجسس لصالح الموساد وأجهزة استخبارات غربية في لبنان ضد المقاومة وحاولت بعض أجهزة الاستخبارات الغربية رشوته بتقديم مبالغ مالية تصل لآلاف الدولارات من أجل الإدلاء بمعلومات عن المقاومة والفدائيين، ولكنه رحمه الله لم يخن الأمانة ولم يتخل عن رفقاء الكفاح والسلاح في حركة فتح وجهازها الاستخبارات وظل وفيا لفلسطين حتي اغتالته يد الغدر الإسرائيلية في بيروت بطرد مفخخ لتنهي أسطورة نضالية حية تجسد المقاومة وأذاقت الويل للموساد وعملائه.

يبقي دوره البارز كأحد قادة منظمة أيلول الأسود مع باقي قيادات حركة فتح الذين اغتالتهم إسرائيل أيضا أمثال صلاح خلف ابو إياد، فخري العمري ،وأبو داوود. وتلقي بعضهم التدريب اللازم في مصر عام 1968وقامت هذه المنظمة بعمليات نوعية كبري لفتت انتباه العالم كله الي القضية الفلسطينية، في مطلع السبعينيات تم اغتيال وصفي التل رئيس وزراء الأردن في القاهرة لدوره في تصفية المقاومة داخل الأردن والقتال بين الفصائل والجيش الأردني، وكذلك العملية البارزة في ميونخ بألمانيا عندما لم يتم السماح لوقد رياضي فلسطيني بالمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية فتم اختطاف مجموعة من الرياضيين الإسرائيلين ردا علي الظلم والتميز الواقع علي الشعب الفلسطيني المناضل البطل وسقط فيها ضحايا من الرياضيين الإسرائيلين. وبعدها قررت إسرائيل إطلاق عملية غضب الرب ضد هذه المنظمة بكل حقد وغدر وانتقام من المقاومة وقامت باغتيال وتصفية عديد من رموز المقاومة
ولكن يبقي الدرس والعبرة التاريخية ان وحدة الفلسطينين وكل العرب ومعهم احرار العالم هي الطريق الوحيد لاستعادة الحق الفلسطيني والعربي، وهو الذي دفع الشهيد حياته ثمنا له ومعه رفاقه وبعدهم تستمر التضحيات حتي يومنا هذا.