ماذا يجري في الخليج؟


عادل احمد
2019 / 9 / 18 - 18:28     




ان ما يجري في الخليج من التوتر والتهديدات الامريكية والإيرانية لبعضهما البعض واتهام احدهم للآخر بانه مسبب الأزمة الراهنة تأتي بعد ان انسحبت أمريكا من اتفاقية الحضر والمراقبة على الأنشطة النووية الإيرانية التي أبرمت عام ٢٠١٥ . وان انسحاب الحكومة الامريكية الحالية برئاسة ترامب من الاتفاقية تعالت أصواتها اثناء الانتخابات الامريكية في عام ٢٠١٦ من قبل الحزب الجمهوري والتي ترافقت مع توسيع نفوذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا واليمن وقبلها في العراق واستطاعت ايران عن طريق رفع الحصار الاقتصادي عنها بأستخدام أموال طائلة في لبنان واليمن وسورية وان تقوي حليفاتها في المنطقة. وهذا كان في وقت كان الدور الأمريكي بدأ ينحني نحو النزول وفشلت سياستها فيما يسمى بالشرق الأوسط الجديد. وان اصل الاتفاقية التي أبرمت تحت قيادة أمريكا برئاسة الرئيس أوباما والتي كانت تهدف الى عزل ايران وابعادها عن الحلف الروسي الصيني واحتوائها وتقريبها اكثر نحو الغرب عن طريق دمج رساميلها واقتصادها مع الدول الغربية وايجاد فرصة لهجرة الشركات ورؤوس الأموال الى ايران والتي كانت متناقضة مع سياسات الحزب الجمهوري في أمريكا. ولكن بعد صعود ترامب والحزب الجمهوري بدأ بفرض الخناق على ايران وانسحبت أمريكا من الاتفاق النووي وفرضت الحصار الاقتصادي الخانق والشديد بحيث لم يبقى مجالا لبقية الأطراف في الاتفاق على عمل شئ من اجل إبقائه . ان تشديد الحصار الاقتصادي بالنسبة لإيران يعني التقليل من شأن دورها في تحديد سياستها في الشرق الأوسط وهذا ما جنن السياسيين الإيرانيين بأن يقاوموا أمريكا وسياساتها عن طريق تهديدها وتهديد السفن والملاحة البحرية التي تمر عبر مياهها الإقليمية في مضيق هرمز. وان حجز السفن البريطانية وتفجير حاملات النفط على موانيء الدول الخليجية وخلق أزمة النقل والظروف الغير الآمنة للملاحة في الخليج ، كلها تأتي ضمن الظروف التي تحاول أمريكا تبنيها في الشرق الأوسط من اجل الحفاظ على مكانتها والتي تفتقدها يوما بعد يوم وبروز الدور الصيني بالدرجة الأولى ومن بعده روسيا في الشرق الوسط. اصبحت أمريكا مثل الذئب الجريح تحاول بكل الطرق الممكنة ان تحافظ على مكانتها ودورها في العالم بعد إبراز روسيا والصين كقطبين مناهضين لأمريكا.
أمريكا تحاول بكل الطرق الممكنة ان توقف وتعرقل توسع نفوذ الصين وروسيا في العالم، وان المناطق التي أصبحت بؤر الصراع والمواجهات هي فنزويلا في أمريكا اللاتينية وكوريا الشمالية في جنوب شرق اسيا وإيران وسوريا في الشرق الأوسط. ولكن ايران أكثرها عبئا وصعوبة عن البقية كون ايران دولة موقعيتها مهمة جدا في الشرق الأوسط ولها وزن وحلفاء في أكثرية الدول العربية وكذلك بسبب اندماج الرأسمال الصيني والروسي بقوة في اقتصاد ايران وهذا ما يجعل الصراع يأخذ مجرا سياسيا خطيرا وتشتعل ناره في منطقة الشرق الأوسط والخليج بشكل واسع.
ان الصراع الأمريكي الإيراني في الوقت الحاضر هو الصراع الأمريكي الصيني في الأصل وابعادها تعني اكثر من احتواء ايران لوحدها. وان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعرف حق المعرفة محتوى الصراع وعلى هذا الأساس تتعامل مع الصراع والأزمة وتهدد أمريكا بالرد العسكري وتقول بصراحة مواقف ايران السياسية والعسكرية ليست كالسابق امام التهديدات الامريكية وتهدد الأسطول الأمريكي إذا حاول مهاجمة ايران وأثبتت الفترة الماضية القريبة صحة ادعائها ...
ايران يتوفر لها الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري من الحلف الروسي- الصيني ولهذا لا تأخذ تهديدات أمريكا على محمل الجد بل وتعتبرها من الضغوطات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تهدف الى تراجع ايران عن برنامجها النووي ولوقف أنشطتها السياسية في سوريا واليمن ولبنان والعراق وكذلك في امارات الخليج النفطية. ان أمريكا بخسارتها لهذا الصراع تطلق يد الجمهورية الإسلامية بأن تكون كابوسا لإنشاء نماذج مثيله لها في المنطقة بقوة يتسبب ذلك في تراجع المجتمع قرون الى التخلف والاستبداد .. وإذا ربحت أمريكا الصراع فأن التطاول الاميركي سوف يتوسع الى بقية دول المنطقة امام شبح الصين وروسيا..
بسبب هذا الصراع الرجعي بين امريكا وإيران تعيش الطبقة العاملة والجماهير الكادحة اصعب الظروف خوفا من اندلاع الحرب والدمار وانتشار الفقر والبطالة والحصار الاقتصادي وانعدام الأمان وإبقاء الأجواء المتوترة والغير المستقرة لأمد بعيد. ان الحصار الاقتصادي على ايران هو حصار وحشي وغير انساني على الفقراء والكادحين وان انعدام الأمان يعني انعدام حق العيش بحرية وهذا ما يؤدي الى تمديد عمر الجمهورية الإسلامية وإطلاق يدها لاضطهاد العمال والكادحين اكثر بحجة مقاومة أمريكا. ان هذه المرحلة تسمى مرحلة انحطاط الأقطاب القديمة وظهور الأقطاب الجديدة وتشكيل توازن القوى من جديد وهي اصعب الظروف بالنسبة للطبقة العاملة العالمية تشبه الظروف التي أدت الى اندلاع الحربين العالميتن الأولى والثانية والتي ادت الى تقاسم العالم من جديد بين اللصوص الرأسماليين الكبار أي الدول الإمبريالية ورأينا ماذا حل بالمجتمع الإنساني من الآلام ماتزال رواسبها حتى يومنا هذا تعاني البشرية من جرائها... ليس بأمكان احد ان يوقف هذه التهديدات والصراعات غير الطبقة العاملة العالمية وخاصة الطبقة العاملة في ايران التي بأمكانها ان تحول صراعات الجمهورية الإسلامية الدموية الى صراعات طبقية والقضاء على البرجوازية الإيرانية بكل اطيافها عن طريق الثورة وإسقاط الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الأخذ بالدروس التي افرزتها ثوراتها السابقة التي أدت الى إنهاء النظام الشاهنشاهي..