الشاعر سعد نعيم ذهب سعد القصيدة ونعيم الشعر وذهب القوافي


سعدي جبار مكلف
2019 / 9 / 18 - 14:56     

القوافي

الشاعر المرحوم سعد نعيم ذهب
الحلقة الاولى


سعد القصيدة ونعيم الشعر وذهب القوافي
حين ينغمس في ألقلب قلم الشعر وملكوته يبدء ألهمس في عالم سحري فتجد في افاقه طيور تحوم بجمالية ألتشامل مع ألعامه من ألناس ألبسطاء يتناول قضاياهم ألشاعر بكلمات معبره ذات أثر كبير ..... أن ألكتابة عن شاعر المرحوم سعد نعيم ذهب الذي توفى في 6/9/1994 فيها أكثر من وقفة رحبة واسعة في ألمعاني و ألرؤية و ألوضوح وألموضوعية سأتناولها ونقف عند عتبات كل منها أبياته ألأبوذية تمتاز بتلقائية صحيحة نابعة من أنسانيته وقلبه ألواسع ألكبير ألمملوء بحب ألناس وطائفته وأهله لقد حاول اهله واصدقاءه كثيرا ابعاده عن الشعر وكلماته وأرادوه أن يبتعد عن هذا المضمار لأنه من ألصفات ألغير حسنة تجلب للشاعر ألفقر وصرخة يأس تحط على أجثام من يتداوله ويقوله ولكنه أستمر في قول كافة أنواع ألشعر وخاصة الزهيري لانها تعبر عن ألوضع ألاقتصادي وألاجتماعي أنذاك وتغلغل في أجواء عالم ألوجدانيات وألمشاعر ألخصبة وألتعبير ألصريح ألى أبعد حدود ألجد وألقول بكلمات تدخل ألى قلوب ألسامع بأندفاع كبير لقد كانت جميع ألأبوذيات والزهيريات ترسم وتخط مواقف وصور شعرية متكاملة تحكي قصص أنسانية بأسلوب بسيط شامل مفهوم غاية في ألروعة وألأهمية وكما قال ألشاعر ألروسي بلوك (أن ألشعر خالد فقد تشيخ لغة ألشاعر وأسلوبه ولكن جوهر قضيته لايشيخ) هكذا هو ألشاعر سعد سليم ألحرف ونعيم الزهيري وذهب ألأبوذية
روحي خلصت منك هضم وبذل
مثل نار التصير ارماد وتذل
ياوسفه ايتساوا الراس والذيل
ويتساوا الثرى وي الثريه
يقولها بكلمات جميلة شفافة عميقة ألمعاني يناشد ألقارىء وألمستمع وألمجتمع بكلمات بليغة كما يريدها ان توصل دون خوف أو وازع أو أي تأثير أخر سلس في معانية وفي شرح مايريد قوله وعتابه على شكل نصائح ورقة وحلاوة يدخل ألى أعماقك دون تردد وعلى ألرغم من قلة ألأشعار ألتي وصلتنا نحن ابناء طائفته الذين نكتب في التراث المندائي ألا أن كل حرفا منها عبارة عن لوحة فنان رسمها بأتقان انه رسام ألحروف ألبهية ألخالده .. دونها وهو ألشاعر ألمقتدر يعرف ماذا يقول وفي أي مكان وزمان رحمك ألله يا حبيبنا ألخالد كنت واحد وشاعر كبير اجدت اللغة الشعرية ونظمه امتدادا الى ناسك وطائفتك الذين يمتازون ويجيدون كتابة الشعر بمتياز لقد ورثت هذه ألصنعة ألرائعة ان جميع الزهيريات ألتي قالها كانت ذات علاقة متميزه بكبرياء وشموخ ووفاء لأهله وناسه عاش أبي ألنفس حكيم شجاع قال ألشعر بلحن عميق ألحزن ينبعث من أعماق وجدانه شاعر زمانه ورجل ألمواقف ألصعبة ، يوصف ألألم ألكبير و ألمعاناة ألشديدة بلغة الشكوه ألمسموعة وألموعظة وألحكمة وألدراية بالأمور، وكانت كل كلمة تغرد بالنصيحة وألعتاب ألجميل ألمؤدب بلغة ألمحبة وصاحب ألحق والطيبة أنها علاقه حميمة بين شاعرنا المرحوم وناسه أنها علاقة ألجذر بالأرض ، علاقة لانجد لها نهاية في ألحياة أو حتى بعد ألممات فكانت كلماتك خير ثمر وطيوب تشع في أوساط ألمندائية أينما وجدت انها شموع دائمة ألعطاء ، أن علاقة شاعرنا بأهله علاقة سرمدية فحبه باقي أبدا لصلة ألرحم ولكافة ألناس نلاحض في النص ألتالي حيث يدخل ألى ألسطر ألأول بكل قوة وأمكانية لغوية وهذه صفة من صفات ألشعراء ألعظماء في هذا ازهيري يعطي الشاعر الحرية للتعبير الواسع المنفتح :-
ياصاح سن سيفك لهذا الزمان ابرده
لو تقره لا تعتقد يعطف عليك ابرده
متعجب الصاحبك يحچي عليك ابرده
شتگول علي سمع تحچي عليه خوان
وضلوعي من الهضم ومن القهر خوان
خوان هذا الوكت ياصاحبي خوان
بيه نفع لا ترتجي روحي عساچ ابرده
أنه يكتب بصوت مندائي أصيل نقي مبدع فنان مبدع يعرف كيف يقول وماذا يعني قوله ملتزم في اخلاق وعادات أهله وناسه مبتعدا عن كل ما يسئ ألى ألأخرين ذات عمق واضح بعيدا عن ألسطحية نجده يدخل بصورة مباشرة ألى ألموضوع وألمضمون يعزف بلحن حزين عام مع تصوير شعري متكامل ألجوانب وألأبعاد نلاحظ هنا تمكنه من اللغة والتعبيروالعتاب بكلمات انسانية والاستفسار بكلمات بليغة بعيدة عن المعتاد وكيف عمل الزمان به والنكبات التي اجتاحته بكلمات رقيقة وحنية شاملة واسعة ملتزمة بقيم مندائية وعادات اصيلة يستمر شاعرنا فيقول في رثاء الاخ المرحوم رسول لفته ذهب ابو سعد :-

اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
تجيلي المسعده وتگول مدري بيه
اجلبنك يليلي وما اضوگ النوم
وراواني زماني اهموم فوگ اهموم
صوبني الدهر بحشاشتي وما گوم
فنان الدهر يجتل ابتعذيبه
لاحظ هنا قوة الوصف وكم هوه عزيز عنده ويبثه الشكوة والالم والحسرة بلحن ناي حزين اتعبه الفراق والبعد فبات لا ينام او تغمض عيناه وكيف يتحمل الملامة والعتاب ويصف عادات وتقاليد اهل ذاك الزمان هذا هو وجدان ابناء الريف وابن المندائية الاصيلة ومعاناته وتأثره بالبيئة والمحيط فيقوم بشكوة الالم والبوح بالمأساة بدموع
اجلبنك يليلي وصابني الوهواس
وما ارتاح شو من اگعد وي الناس
الدهر ميشوم كل طگاته على الراس
اخذ مني العزيز وطول الغيبه
يتناول في هذا البيت الحياة القاسية المادية والحياة والاجتماعية السائدة انذاك هذه صرخة عالية تشرح الوضع من جميع جوانبه وكيف يعيش بعد فراق صديقه ومدى تمسكه بصلة الرحم والقربة حيث يصف وفاة عمه الذي احتضنهم بعد وفاة والدهم رحمهم الله :-
حسافه الموت عنكم مات ابونه
عجل عنا رحلتوا مات تبونه
يعمي ابيوم موتك مات ابونه
عزيز افراگكم واثر عليه
قال الشاعر يصف وفات احد اصدقاءه يقول بوصف الاخوه والعلاقات الاجتماعية والقربة في تلك الحقبة الزمنية البائسة حيث قال في حق ذلك الرجل
انشد الابوذية بهذه الروحية والبلاغة والتواضع الانساني والشكوه وسلاسة المعشر والخوض في محراب جمال اللغة الواسع المتكامل والعذوبة والاصالة يالها من شكوه الروح لقد رسم صورا متكاملة بكلمات شعرية والوان روحانية بسيطة واضحة المعاني والقصد :-
الدهر ساكت ولا يحچي توفه
واذا مطلوب الك عتبه توفه
اخبرنك ابو مالك توفه
غاب وگطع كل رجوه وخويه
قال في وصف احد الشيوخ وعن صلة العلاقات الاجتماعي والقربى وعمل الخير والمعروف ومواقف الرجال
الك حب بدليلي اهنا يبو زيدون
عون العاشرك شيخ والك ممنون
شيخ اموقر ابحچيك الك ميزان
من تگعد وتتكلم وسط ديوان
لقد تميز الشاعر المرحوم كتابة التنوع الشعري والشعر الارتجالي وهذه من صفات الشعراء الكبار الذين يكون خزينهم اللغوي واسع وكبير ويتصف بالجمال
فقد امتهن هذا اللون لوحده وترك مشاعره واحاسيسه تبوح عن الامها الحزينة بشاعرية مطلقة وحالة ابداعية نادرة ان وفاته خسارة كبيرة لا تعوض ابدا:-
يامن نسيت الذي ابعمره الك خاطره
بالچذب مامر على بالك ابد خاطره
وانه بدموع الهجر كاتب الك خاطره
صدگني هذا الگلب غيرك ابد ماهوه
ظل عالي علو النجم حبك ابد ماهوه
بالله ارد اسألك عن السبب ماهوه
الشايل حنينه الك ليش انكسر خاطره
اما ماقاله بالغزل فكان روعة خالدة سرمدية ابد الدهر غاية في الروعة والاتقان والتعبير والجمال والصدق اذ ينم على دراية واسعة تسكن كلماته في قلب السامع بمحراب واسع من السحر والشوق والجمال ينشد كلمات تبقى خالدة لما تحمل بين طياتها من شجن وعتاب صامت ينقشها برسوم كبيرة زاهية :- : -
بس مو مثل قصتي يفلان صارت بلا
الجسم مني نحل والعظم مني بلا
كل وكت بمحبتك صادق واگلك بلا
ياله من وصفا رائع وتصوير دقيق بكامرة فنان متمرس في الوصف والدقة والتعبير الدقيق يناجي بصوت الناي الحزين فيترك اثار واضحة للشكوة : -
مؤمن بدين الهوى ونگول قسمه ونصب
مرفوع يوم اللقا بالجفا انصب نصب
من خمرتك نحتسي من كاس ريگك نصب
وهكذا طوى التاريخ هذا الشاعر العظيم صاحب النخوة والرحمة والحنية والشجاعة ذو الحكمة والدراية الكبيره ولكنك ايها الاخ السرمدي الخالد لا تغادرنا ابدا فقد تركت لنا شموخ وكبرياء الكلمة نحن اخوانك رحمك الله يابيرغ الكلمات والعطاء والجود وفارس القصيدة المندائية واخيراً ايها الجبل الشامخ عشقت الارض وتراب العراق ومياه الاهوار والاشجار وبيوت الطين فكنت شاهد الزمن الصادق في كل بيت ابوذية دونته وقلته لقد وصفت كل الاشياء بدقة متناهية وبصدق تام وقد اسقطت من قاموسك معنى الخوف فبات عطائك خيمة الى الابداع والتعبير نفتخر بها نحن اخوانك وعائلتك وناسط وطائفتك وهي لا تقدر بثمن رحمك الله وتبقى خالدا معنا ياغريد الوفاء في صومعة هذا الزمان الردئ
سعدي جبار مكلف
اواسط ايلول 2019
سيدني استراليا