كلمة الحزب الشيوعي اللبناني للرفيق د. غسان ديبة في مهرجان الذكرى ال 37 لانطلاقة -جمول- في حولا

الحزب الشيوعي اللبناني
2019 / 9 / 16 - 00:42     

ممثلو الاحزاب والبلديات والمخاتير الكرام

أهالي حولا والجوار الكرام

أيها الرفاق والاصدقاء،





من حولا ..من قلعةٍ آبيةٍ من قلاعِ المقاومة.. إلى سهوبِ جبل عامل والجنوب والبقاع وبيروت والجبل...ومن كلِّ لبنان إلى الجنوب....امتدت جغرافيا المقاومة..



من القتال ضد العصابات الصهيونية...إلى قوات الانصار إلى الحرس الشعبي...إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية...إلى القتال ضد الجيش الإسرائيلي في تموز...امتد تاريخ المقاومة الوطنية...وامتدت ازمانها



وفي كل ارضٍ ووقتٍ وزمن كانت المقاومة وكأنها تقول "انهضي أيتها الأمة العظيمة.. انهضي انها حربٌ حتى الموت" كما ردد الجيش الاحمر يوما بعد يوما في قتالِه ضد النازيين القتلة. وفي كل أرضٍ ووقتٍ وزمنٍ كان المقاومون يحلمون بالغد وكأنهم يرددون شعر اودن في اسبانيا



" في الغد ينفجر الشعراء للشباب مثل القنابل

في الغد النزهات بجانب البحيرة، واسابيع من المشاركة المثالية،

في الغد سباق الدراجات عبر الضواحي في أمسيات الصيف،

لكن اليوم النضال"



"لكن اليوم النضال"... هكذا فكر المقاومون عندما امتشقوا السلاح....لكن المقاومة كانت أيضا ودائما خيارا سياسيا وقد امتشق الحزب الشيوعي اللبناني هذا الدور فاصبح للمقاومة ليس فقط ابعادا فردية والتزامية بل بُعدا سياسيا، وأعطى الحزب المقاومة بُعدا مجتمعيا من حيث انفتاحه وعدم فئويته ومساواته بين جميع اللبنانيين في احلك ظرف كان يمر به الوطن. ففي بيان انطلاقة الجبهة "يا رجال ونساء لبنان من كل الطوائف والمناطق والاتجاهات...فلتنتظم صفوف الوطنيين اللبنانيين كافة، وبغضّ النظر عن انتماءاتهم السابقة وعن الاختلافات الإيديولوجية والطائفية والطبقية، في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي" .



لماذا أرادها الحزب الشيوعي مقاومة وطنية؟ قد نطيل الاجابة ولكن ببساطة: لينخرط فيها كل الشعب اللبناني ومن اجل الاجيال القادمة ...ومن اجل الذاكرة الوطنية.







أيها الرفاق والاصدقاء،



أن علمنا يرفرف اليوم عاليا في هذه الذكرى في أنحاء لبنان ....وفي علمنا تبدو ملامح ما اردناه في المقاومة نحن الشيوعيون. فهذا العَلَم، بخلفيته الشبيهة بعلم لبنان، يمثل الوحدة الوطنية بل الانصهار الوطني، وتُمثّل المطرقة والمنجل الاشتراكية القادمة.. واحمرار هذا العلم يمثل دماء الشيوعيين ليس فقط في لبنان بل في كل جبهات القتال ضد الظلم والفاشية والاحتلال..... القائد البلشفي العظيم نيكولاي بوخارين قبل إعدامه كتب "اعلموا ايها الرفاق ان على هذا العلم الذي ستحملونه خلال مسيرتكم المنتصرة نحو الشيوعية هناك ايضا نقاطا من دمي".



اليوم تأخذ تلك الدلائل الثلاث تجسيدا مستمرا

لان الوحدة الوطنية مهددة...لان الدولة الواحدة مهددة في أن تتحول إلى فيدرالية طائفية....العلمانية أيها الرفاق هي ليست موقفا أيديولوجيا وحسب بل هي مهمة سياسية من أجل وحدة لبنان....ولذلك يطرحها الحزب.



وبها نُحَيّي ونحيي تضحيات الشهداء الذين سقطوا على أرض الجنوب من مختلف المناطق اللبنانية...وبها نُحيّي شهيدنا الكبير جورج حاوي الذي أطلق الجبهة التي ابتدأت وقاتلت على دروب التحرير من أجل وطن واحد لا عدة اوطان..



.

وهنا أيها الرفاق والاصدقاء،



وفي إطار التحرير، كنا رفعنا شعار "الارض لمن يحررها" وهذا لم يعني بالطبع ملكية الارض وبالطبع لم يعني سلطة مباشرة ولم تعني سيطرة فئوية أو سلطة فارغة من اي مضمون بل رفعناه من أجل تغيير الواقع، لان التغيير هو في صلب تفكير وعمل الحزب...يقول أحد المفكرين "أن اليسار يسعى إلى إرساء تطلعاته على التجربة التاريخية والمناحي التطورية له، بينما اليمين هو تعبير عن الاستسلام لأوضاع اللحظة. ولذلك فان اليسار يمتلك ايديولوجية سياسية بينما اليمين ليس لديه إلا التكتيك".



والتغيير الذي نعمل له هو التغيير الاجتماعي الذي يتطلب "ثورة سياسية" وهنا اصر على مفهوم التغيير الاجتماعي وليس "القضية الاقتصادية الاجتماعية" ولا "القضايا المطلبية".. اليوم وفي هذه المرحلة.. هذه هي القضية الكبرى فالتغيير الاجتماعي والثورة الاجتماعية وتحقيق الاشتراكية لهي في أساس الماركسية. واليوم أيها الرفاق.... وفي هذه الذكرى. يمكننا تصّور أن أكثر ما يلقي بالثقل على قلب الشيوعي هو كيف أن المقاومين ضحوا بينما تغيب العدالة الاجتماعية وتسيطر طبقة ال 1% على هذا الكم الهائل من الدخل والثروة ...



ولقد كان الحزب واضحا في البيان الوزاري البديل وفي برنامجه الانتخابي واخيرا في بيان الاول من أيار عن تطلعاته إلى التغيير الداخلي في المرحلة الحالية.. واليوم في إطار التهاب الحديث عن مالية الدولة وضع الحزب رؤيته في تغيير النظام الضريبي، التي هدفها اثنان: الحد من تركز الثروة والدخل وفي نفس الوقت حل الازمة المالية للدولة، وتستند مفاصلها الأساسية على الآتي:



• رفع معدل الضريبة على شركات الأموال الى 30%



• وضع ضريبة تصاعدية على الفوائد المصرفية بدءا من 7% وصولا الى 15%



• وضع ضريبة 2% على الثروة الصافية للافراد فوق المليون دولار



• تعديل ضريبة الأنتقال بحيث تصبح ذات معدل مسطح واحد يبلغ 45% مع شطر اعفاء يبلغ 1 مليون دولار، بما يعفي عمليا الاكثرية الساحقة من الفئات الاجتماعية المتوسطة وما دون المتوسطة من هذه الضريبة بخلاف ما هو قائم اليوم.



• الغاء ألأعفاءات الضريبية لشركات الهولدينغ وشركة سوليدير وكذلك "الأعفاءات ألتأجيرية" الممنوحة للكثير من مستخدمي املاك الدولة.



وفي هذه المعركة الكبرى من أجل التغيير يجب أن يسعى الحزب ان يمثل التقدم والتطور وبناء القوى المنتجة. ..بالتالي على الحزب ان يعمل على تمثيل كل القوى والطبقات التي لديها مصلحة في تحقيق هذا المسار وفي مقدمتها الطبقة العاملة.......كما ان يمثل العدالة والمساواة قالشيوعيين يتميزون عن باقي الاحزاب السياسية في انهم يطرحون الثورة الاجتماعية في صلب اهدافهم السياسية ولكن من اجل تحقيق العدالة والمساواة يتميزون ايضا عن غيرهم بانهم لا يفصلوها عن التطور المادي والاقتصادي.....واخيرا أن يمثل الديمقراطية الحقيقية بمواجهة الديمقراطية التوافقية التي تؤبد النظام الطائفي-الراسمالي في لبنان.



الامر الثالث، اي البعد الثالث لعلمنا، فهو يتجسد باستعداد الشيوعيين دوما للنضال ضد الإمبريالية فهذا الواجب، مع حق تقرير المصير، لهما من اهم ارث اللينينية في القرن العشرين. في هذا السياق، نشهد تكثيف الهجمات الإمبريالية في جميع أنحاء العالم. في أمريكا اللاتينية حيث يستمر الهجوم اليميني على الحكومات اليسارية التقدمية. في أوروبا حيث بلغ الهجوم ذروته في الهجوم بقيادة الترويكا على شعب اليونان وفي التقشف المفروض على الطبقات العاملة الأوروبية بالإضافة إلى صعود الفاشية الجديدة؛ والاهم من ذلك في المقلب الاخر تتجه الولايات المتحدة الاميركية الى الانحدار السياسي والاقتصادي والحضاري والاخلاقي. فصعود القومية الاميركية المتطرفة اليوم في عهد ترامب قد تكون الصاعق الذي يؤدي بالإمبريالية العسكريتارية الاميركية بمحاولتها لإنهاء الصعود الاقتصادي للصين، إلى إعلان الحرب عليها بعد أن أعلنت حربها التجارية وبين الاولى والثانية الا مسافة قصيرة جدا.



وفي المنطقة العربية يرى الحزب أن المنطقة العربية يجب أن تكون فضاءً للاتحاد والاندماج بين دولها وشعوبها بمختلف مشاربهم الاثنية والدينية.. فالانقسامات والصراعات التي وصلت إليها المنطقة اليوم هي من ارهاصات الحرب العسكريتارية الإمبريالية في العراق عام 2003 التي وان كانت انهت الديكتاتورية الا انها أدخلته والمنطقة في اتون الصراعات الاثنية والمذهبية التي تهدد وجود بعض دولها وبعض تشكيلات اثنياتها. أن الحزب في هذا الاطار يقف مع والى جانب الشعوب في المنطقة العربية في وجه الإمبريالية وتجلياتها العسكريتارية وتجليات العسكريتاريا الصهيونية ضد دولها التي تشكل تهديدا للسلام ليس في المنطقة فحسب بل في العالم ويستمر الحزب الشيوعي ايضا في دعمه للمقاومة وللقضية الفلسطينية من اجل انهاء نظام الفصل العنصري الصهيوني في فلسطين التاريخية وجرائمه المتعددة تجاه الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ككل.. كما وصلت أذرعه العسكرية والأمنية الى أميركا اللاتينية.



كما ان الشيوعيين سيكونون مستعدين للقتال، كما كانوا دوما في الأنصار والحرس الشعبي وجبهة المقاومة، ضد أي اجتياح اسرائيلي على أرض لبنان وسيقاتلون تحت الراية التي تمثل الوحدة الوطنية والتغيير والثورة وتمثل دماء الشيوعيين الذين سقطوا في مسيرة القتال ضد الإمبريالية والفاشية والصهيونية.



أيها الرفاق والاصدقاء،



في الذكرى الـ 37 لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية انقل اليكم تحية وتضامن الأمين العام للحزب الرفيق حنا غريب كما من اللجنة المركزية.. وكلنا اليوم ننحني في هذه الذكرى امام شهداء الحزب والمقاومة وأمام جرحاه واسراه كما ننحني امام الذين لا يزالون يحملون الجراح العميقة في قلوبهم ونفوسهم ونؤكد لهم ان الشيوعيين وانصارهم الذين حملوا السلاح دفاعا عن لبنان لم يريدوا فقط تحرير الوطن بل ارادوا أيضا جمهورية جديدة... وهم يرفضون الدولة الطائفية ويرفضون اليوم رفضا قاطعا ان يتسلل العملاء عبر مسامها إلى ربوع الوطن... ونقولها بكل حزم وثقة كما كانت ثقة وحزم المقاومين: لا لعودة العملاء ومن ارتكب الجرائم ضد الإنسانية في معتقل الخيام وغيره من دون محاكمة. كما سنستمر في النضال بنفس الثقة والحزم من أجل استعادة جثامين شهدائنا من فلسطين المحتلة.



.. أخيراً أيها الرفاق.. ان آمال الشيوعيين الذين ضحوا على دروب المقاومة الصعبة يمكن أن تتحقق فقط عندما يتحول الحزب إلى قوة سياسية فعلية لإنهاء نظام المحاصصة من أجل الديمقراطية الحقيقية والتطور الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى ذلك ليكون عَمَلْ الحزب في هذا المفصل التاريخي هو لإنهاء النظام الذي يترنح في أزمة عميقة؛... وهنا تكمن المهمة الأساسية... وهنا تكمن المقاومة الدائمة.