يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع


خالد الصلعي
2019 / 9 / 11 - 05:01     


ترجمة مقال لاغناسيو صمبريرو
**************************
عشرات المغاربة توجهوا خلال شهر يوليوز نحو "يخت" الملك - بادس 1-الراسي بمنطقة المضيق شمال المغرب .
استدعى الملك نخبة الدارالبيضاء والرباط لزيارة اليخت ، الذي جابوه وهم حفاة الأقدام ،كي لا يلطخوا بأحذيتهم المركب ، كعملية تدشين لليخت البالغ طوله 72 مترا ، وبذلك يكون من بين أطول يخوت العالم .
هؤلاء الضيوف المتميزون ، زاروا المضيق مرتين . كانت الدعوة متعلقة باليوم الأول ، لكن طارئا حدث ، فتم تأجيل الزيارة 24 ساعة .
عادوا في اليوم التالي وهم يلبسون أجمل ثيابهم . وقد رحب بهم الملك مرفوقا بالاخوة "زعيتر "الثلاث " . ملاكمون ألمان ذوو اصول مغربية .
يخت فاخر
----------
كان الملك محمد السادس قد جدد للتو يخته الأول ، البالغ طوله 62 مترا ، لكنه وللاحتفال بالذكرى ال 20 تربعه على كرسي الحكم ، فقد تبرع على شخصه بشراء يخت فاخر ، طويل وأكثر حداثة . وقد ذكرت الجريدة البيضاوية -تيل كيل- أن صاحب اليخت "مارك دوكر " كان قد حدد سعر اليخت الجديد بسعر 88 مليون أورو . لكن يبقى سعره الحقيقي سرا لا يعرفه احد ، بما أن القصر الملكي لم يشر الى الموضوع لا من بعيد او من قريب .
بينما كان الملك يرحب بضيوفه ، كانت زوجته السابقة ،لالة سلمى ، وابناه الاثنان ، ولي العهد مولاي الحسن ، والأميرة لالة خديجة يقضون عطلتهم على ظهر يخت فاخر في الجانب الآخر لبحر الأبيض المتوسط ، في بحر ايجه ، كما أوردت تقارير صحافة اليونان .
خلال سنة 2018 شكل عدد المهاجرين المغاربة ما يقارب 22 في المائة من عموم المهاجرين نحو اسبانيا ، حيث بلغ عددهم أكثر من 57000 مهاجر وصلوا الى شواطئ اسبانيا .وخلال النصف الأول من سنة 2019 ، ورعم تناقض عدد المهاجرين بشكل عام ، فان عدد المغاربة المهاجرين عرف ارتفاعا وصلت نسبته ما يقرب 30 في المائة ، غير ان ذروة عدد المهاجرين المغاربة كانت في شهر يوليوز حيث وصلت الى 48 في المائة .
وحتى وان كانت هذه الأرقام لا تظهر على صفحات وزارة الداخلية الالكترونية باسبانيا ، حيث تلجأ الى سياسة الكتمان وعدم نشر مثل هذه المعطيات ، لتجنب ما قد يثير حفيظة سلطات الرباط تجاه وباء الهجرة غير الشرعية ، فان مدريد تتواصل مع الاتحاد الأوروبي الذي تجعله مطلعا على خبايا الموضوع .
ظاهرة الهجرة
--------------
هذه الاحصائيات تأخذ فقط بعين الاعتبار ظاهرة المهاجرين المغاربة . في حين أن مهاجري جنوب الصحراء عندما تطأ أرجلهم شواطئ الأندلس ، يفضلون أن يتم اعتقالهم من طرف السلطات الاسبانية التي تمنحهم الغذاء والسكن لمدة شهرين ، مع استبعاد اعادتهم الى بلدانهم الأصلية بشكل كبير .
هذه الوضعية تختلف كليا عن وضعية المهاجرين المغاربة والجزائريين ، حيث ان نسبة ما بين 36 و32 في المائة يتم استنطاقهم واعادتهم نحو المغرب او الجزائر .ما يدفعهم الى قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام لتجنب وقوعهم في ايدي السلطات الاسبانية .
بالاضافة الى هؤلاء الذين يدخلون اسبانيا بطرق شرعية ، لكنهم يفضلون بعد انقضاء مدة اقامتهم الشرعية ، أن لا يعودوا الى المغرب ، برغم المخاطر القانونية التي تحدق بهم .
استنادا الى تقرير الوكالة الاسبانية الجديدة EFE ، فان ما يقرب من 17 في المائة من العاملات الموسميات في حقول الفراولة في منطقة "هويلفا" ، لايعدن الى بلدهن ؟ برغم علمهن ان اجرتهن قد توقفت عند نهاية الموسم.
تعتبر اسبانيا الميناء الرئيس لولوج المغاربة نحو اوروبا ، لكنها ليست الباب الوحيد . وليس صادما أن نعلم أن عددا كبيرا من المغاربة يريدون هجرة المغرب . فقد اثبتت دراسة قامت بها مؤسسة بي بي سي للاعلام الناطقة بالعربية ، أن 44 من المغاربة أكدوا نواياهم بخصوص مغادرة المغرب ، وهذه الدراسة تمت منذ ثلاث سنوات .وقد تضاعف العدد الى ما يقرب 70 في المائة خاصة بالنسبة لمن لا يتجاوز سنهم 30 سنة .
ما يقرب من 50 في المائة من المغاربة ينشدون تغييرا سياسيا في بلدهم .
الانتفاضة المقبلة ؟
--------------------
اذا كانت السلطات المغربية تحاول تحجيم عدد مهاجري جنوب الصحراء نحو اسبانيا ، فانها لا تفعل ذلك مع مواطنيها من المغاربة . بيانات الاسبان تشير الى نفس تصريحات بعض اللاجئين من منطقة الريف ، الذين يعترفون للشرطة الاسبانية انهم لا يجدون ادنى صعوبة للهروب عبر البحر .
ويبدو أن ذلك يروق للسلطات في الرباط ، فالمنطق في هذه القضية يفيد : انه كلما غادر بعض شباب الريف الحراكيين ، كلما ساد الهدوء المنطقة .
"هل يمكن للمغرب ان يعرف حركات ثورية كما حدث بالجزائر والسودان مؤخرا ؟" تتساءل بي بي سي ، على ضوء الاستقصاءات التي قامت بها . هذا السؤال يجد مبرره حاليا في مظاهر البذخ والزهو في شاطئ المضيق وعبر بحر ايجه ، في حين يستعمل المغاربة قوارب الموت للنجاة من جحيم المغرب .
مآت من المهاجرين ، أغلبهم من مهاجري جنوب الصحراء ، تبتلعهم مياه البحر ، حتى المغاربة يفقدون بعض الأشخاص ، وهم يحاولون الوصول الى الضفة الاسبانية.
الصحافة المغربية تعجز عن نشر حياة البذخ والترف التي تعيشها العائلة الملكية ، وكلما حاولت الاقتراب من الموضوع يتم تحذيرها ، بل انها تتجنب الحديث عن قضية الهجرة . والآن فان مواقع التواصل الاجتماعي تحبل بأخبار العائلة الملكية ، بما في ذلك المقارنة بين ثمن اليخت الجديد للملك وبين ميزانية التعليم او الصحة .
أصبحت صورة العائلة الملكية تعاني من عاصفة أخرى ، كما هو حال سفريات الملك بالخارج ، او ساعته اليدوية التي تساوي الملايين من الدولارات .
فهل تقود مظاهر القهر هاته ، والظلم الى اندلاع ثورة مشابهة لما يحدث بالجزائر والسودان ؟ لننتظر ، لكن معظم المغاربة مهتمون بما يحدث في الشرق .