المقاطعة الثورية معركة شعبية .


حزب الكادحين
2019 / 8 / 31 - 17:09     

نص افتتاحية العدد الجديد من طريق الثورة لسان حال حزب الكادحين .
مـــــا العمــــــــل ؟
تستعد الرجعية الحاكمة في تونس، مسنودة بحلفائها عربيا واقليميا ودوليا إلى شنّ هجوم جديد على الشعب لمزيد الإطباق عليه باستغلاله وقمعه ووأد تطلّعه نحو التحرر الوطني والاشتراكية، فبعد ثمانية سنوات من هروب بن علي يبدو الائتلاف الحاكم مصمّما أكثر من ذي قبل على تدمير الوطن والشعب واغتيال أحلام الكادحات والكادحين.
لقد تصدعت صفوف الرجعية في بداية 2011 ولكنّها سرعان ما استعادت أنفاسها فرمّمت نظامها ووحّدت أجنحتها من خلال التوافق الدستوري الإخواني ووأدت الانتفاضة الشعبية مستفيدة من الدّعم الامبريالي وضعف القوى الثورية وتهافت الانتهازية على الارتماء في سراب الديموقراطية المغشوشة فوقع التركيز على ما سمّي الانتقال الديمقراطي والديمقراطية الناشئة وتم حجب الرافعتين الأساسيتين للانتفاضة ونعني المسألتين الوطنية والاجتماعية وبذلك ضمنت الرجعية اصطفاف الانتهازية إلى جانبها التي سرعان ما تحولت من مساند بالقول لمطالب الانتفاضة إلى مستثمر فعلي لها فغرقت الحياة السياسية في بحر من الأحزاب والجمعيات من كل شاكلة ولون وتدفّقت هدايا وأموال عبر هذه الشبكات لتنفق بسخاء على الانتهازيين من مرتزقة العمل السياسي، ومقابل ذلك ظل الشعب رازحا تحت وطأة البؤس ممزقا ببن الاوهام التي يروّجها هؤلاء وبين واقعه المرير فينتفض تارة ويستكين أخرى منتظرا خلاصه.
في خضمّ ذلك استمرّت الرجعية في ممارسة التخريب ونهب البلاد فسادت اللصوصية والإرهاب والتهريب والتحيل وقويت اللوبيات والعصابات بما يشبه مافيا حقيقية واطمأنّ الائتلاف الحاكم الإخواني الدستوري انه لا قوة داخلية منظمة رادعة له في المدى القريب ولذلك وضع في الحسبان فقط ضبط حساباته على إيقاع مصالح القوى الامبريالية ومطامعها في نهب خيرات الوطن وثرواته. ويتمثّل الهجوم الحالي في استعمال الانتخابات الصورية الرئاسية والتشريعية وسيلة لإعادة إنتاج النظام وقد بدأت الرجعية فعليا في خوض غماره بتوزيع الوعود وتوظيف أجهزة دولتها لذلك الغرض وتصوير الأمر على أنه عرس ديمقراطي ولكن التناقضات تعصف بها حيث يستل كل طرف فيها سكينه لطعن الطرف المقابل من حبك للمؤامرات والدسائس واستعمال القضاء والبوليس والإعلام والعلاقات العربية والدولية بما قد يصل بها إلى التصفيات الجسدية المتبادلة.
ورغم انقسامها فإن الرجعية مجتمعة تودّ الخروج في الأخير من المعركة بالقول انها تتمتع بثقة الشعب فمهما كان الفائز فإن الجماهير هي من اختارته وان الفيصل كان صندوق الاقتراع، غير أن المقاطعة تخيفها لذلك تحاول طمسها، والتعتيم عليها، بعد إدراكها أنّ أوسع الشعب يتجه نحوها ولا أدلّ على ذلك من ارتفاع نسبتها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة في بعض الجهات التي قاربت 80 % .
و في هذا الظرف من تاريخ تونس تبدو الحاجة ملحّة لاتّحاد الشعب ووعيه بما يطبخ له من مؤامرات وما تهدّده من أخطار، فبالإضافة إلى فقره وبؤسه وعطشه ومرضه الخ.. قد تغرقه الرجعية في حرب طاحنة فيكون وقودها مثلما يجري في ليبيا واليمن وغيرهما. كما تطرح على عاتق القوى الثورية مهمة مجابهة الرجعية دون تأخير بحرمانها من ادّعاء امتلاك ثقة الشعب فكلما نجحت في بلورة برنامج ثوري للمقاطعة الانتخابية يبدد أوهام الديمقراطية المغشوشة ويخلص الشعب من أوهامها كلما عزلت الرجعية وحشرتها في الزاوية ودفعت بالكفاح ناحية الديمقراطية الشعبية التي توفر للوطن الحرية وللشعب السيادة على نفسه والسيطرة على ثرواته.
وليس هناك شك أن معركة المقاطعة جزء من معركة أكبر وهي معركة التحرر الوطني الديمقراطي، فالرجعية تستمدّ قوّتها ونفوذها من ارتباطها بالإمبريالية والمعركة ضدها هي في نفس الوقت معركة ضد الامبريالية نفسها وان ما تشهده تونس من تركيز لديمقراطية الإمبرياليين وعملائهم هو جزء من مشروع واسع لمزيد الهيمنة، لذلك يفتخر الإمبرياليون بضمهم تونس الى حظيرتهم بما في ذلك اعتبارها جزءً من الناتو حتى أنّهم يركزون فيها قواعدهم ويرسلون إليها جنودهم وعلى الشعب الافتخار بمقاومتهم.
ومن هنا فإن كفاح الشعب في تونس هو جزء من كفاح الأمّة العربية في سبيل افشال خطة الفوضى الخلاقة ومشروع الربيع العربي سيّء الصيت كما أنّه جزء من معركة أعم تخوضها الطبقة العاملة والشعوب والأمم المضطهدة على نطاق العالم كله، وذلك الكفـــــاح لن يلبث أن ينتصـــر، طال الزمان أو قصر.