الصحة ودورها في تطور المجتمع العراق مثال


محمد جواد فارس
2019 / 8 / 27 - 11:08     






كما هو معروف ان بناء المجتمع بعد التعليم هو صحة الانسان الجسمية والعقلية ، ليتمكن من أداء دوره وهو في كامل صحته خالي من الامراض التي تسبب له الإعاقة في العمل وتأدية الواجبات المناطة فيه على أكمل وجه ، ولهذا اكدت الحكومات في دساتيرها وقوانينها الوضعية على أهمية الاهتمام بصحة الانسان وتقديم كل الأمور الطبية ابتداء من النصائح والارشادات الى توفير الكوادر الطبية والمستشفيات والمستوصفات والأجهزة الطبية العلاجية منها والتشخيصية وكذلك الاهتمام بالصناعات الدوائية ، وفسح المجال للباحثين والعلماء وذلك بتوفير المختبرات لهم لتطوير عملهم وبحوثهم كل في مجاله من اجل القضاء على الامراض ، وخاصة الامراض المنتشرة في عالمنا الان ، أمراض القلب وجهاز الدورة الدموية ، والايدز والسرطان بكل انواعه ومواقع تواجده في جسم الانسان أضافة للأمراض المعدية والمستوطنة .

ومنظمة الصحة العالمية تعول أن تبني مستقبلا أفضل وأوفر صحة للناس في أنحاء العالم كافة . ويعمل موظفو المنظمة من خلال المكاتب الموجودة في أكثر من 150 بلدا جنبا الى جنب مع الحكومات الوطنية ،والشركاء الاخرين لضمان تمتع جميع الناس بأعلى مستوى صحة يمكن بلوغه .

وتقوم منظمة الصحة العالمية بالعمل الدؤوب والمتواصل ، على مكافحة الامراض المعدية مثل الانفلونزا وفيروس العوز المناعي البشري ، والامراض غير السارية من مثل السرطان وأمراض القلب ، وتقوم بمساعدة الأمهات والأطفال على البقاء على قيد الحياة والتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة ، وتعمل على سلامة الهواء الذي يتواجد في الجو ويتنفس منه الانسان ، ومأمونية الطعام الذي يتناولونه و الماء الذي يشربونه ، والأدوية والقاح التي تلزمهم .

يقول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو في كتابه الموسوم :خطاب في أصل التفاوت وفي أسه بين البشر ( وأما من حيث الامراض ، فلن أكرر أبدا الاقوال الخاطئة والتي لا طائل من ورائها مما ردده الاصحاء من الناس ضد الطب ، وكأنني أسأل إن كان هناك من شاهد قوي بخير لنا أن نستنتج أن متوسط عمر الانسان يكون في البلاد التي تهمل الطب اهمالا تاما منه في البلد تقي به حد العناية . وكيف يمكن لهذا الامر أن يكون إذا نحن خلينا على أنفسنا من الآفات اكثر مما نستطيع أن يوفر لنا من أدوية ؟ .

من هنا نستنتج حتى في القرون الغابرة كان للطب أهمية يبذلها الفلاسفة والعلماء على التأكيد على أهمية العناية بالإنسان وصحته ، وكما قال كارل ماركس :ان الانسان هو أثمن رأس مال .

وفي كلية الطب درسنا ضمن المنهج أخلاقية الطبيب وتعامله مع المريض وإيجاد تفاهم بين الطبيب في عملية الاستجواب للحصول على المعلومات التي يحتاجها الطبيب لوضع التشخيص السليم للمريض ومن ثم البدء بالعلاج ,أتذكر ان احد اساتذتنا في الدراسة في كلية الطب البشري في مدينة كراسنادار الواقعة ضمن جمهورية روسيا الاتحادية كان يردد مقولة من احدى روايات الكاتب والطبيب العروف أنطوان تشيخوف يقول فيها : المريض الذي يخرج من الطبيب مبتسما هو الطبيب الناجح .



وفي عراقنا الذي مر بعدت مراحل بعد الاحتلال الإنكليزي للبلد وبعد ثورة 1920 وتأسيس الدولة العراقية جرى التفكير ببناء مؤسسة طبية سميت بكلية الطب البشري وجرى بناء عدد من المستشفيات في بغداد والمدن العراقية وجرى التأكيد على أهمية اعداد الكادر التدريسي في الكلية الطبية ومعاهد اعداد الكوادر المتوسطة في مجال التمريض والقبالة والاسعافات الأولية ، ووضع برنامج على غرار برامج التدريس واعداد الكوادر في المملكة المتحدة ، وتطورت الرعاية الطبية والصحية وعمت الثقافة الصحية في المدارس وبين الاحياء السكنية وارياف وقصبات العراق ولو على بساطتها وقلتها ولكن وضعت البنات الأولى في هذا المجال واصبح لوزارة الصحة الدور الأساسي وجرت نشاطات في هذا المجال عمت العراق من شماله حتى جنوبه , تخرجت دورات طبية وكوادر وسطية عملت في مستشفيات ومستوصفات العراق .

وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وسعت وزارة الصحة العراقية برامجها وفق خارطة طريق لإنشاء اكبر عدد ممكن من المؤسسات الطبية وفق ما يتناسب وعدد سكان العراق آنذاك واهتمت بنقل التكنولوجيا البسيطة الى المستشفيات وتدريب الكوادر عليها ، واهتمت بتوفير الادوية واعداد برامج للتوعية الصحية في الإذاعة والتلفزة والصحافة ، وبعدها سارة الأنظمة المتعاقبة على الحكم في هذه الخطى ، واصبح العراق خاليا من الامراض المتوطنة ، البلهارزيا والملاريا وذلك ضمن برنامج المكافحة وكذلك لعبت اللقاحات دورا في التقليل من الإصابات عند الأطفال كل هذا كان ضمن برنامج وزارة الصحة العراقية .

واليوم وبعد الحصار الجائر على والذي حرم المواطن العراقي من الحصول على الدواء والغذاء والذي دام لسنوات وبعد دخول النظام الى الكويت واحتلاله وبعد ذلك توج المخطط الامبريالي الصهيوني لاحتلال العراق بتدمير كيان الدولة العراقية بكل قطاعتها الخدمية والاجتماعية وكان نصيب قطاع الصحة كبيرا في تدمير الإمكانيات الطبية الخدمية حيث اغتيل عدد غير قليل من الكوادر الطبية المعروفة بكفاءتها وحب الناس لها لما قدمته ، ووجدت عدد من جثثهم في الطب الشرعي وهرب الكثير من الأطباء بعد استفحال عمليات النهب والسلب وانفلات الوضع ووجود المليشيات وتأجيج الصرعات الطائفية ، وبدء الإهمال للمؤسسات الصحية بدء من الكادر ولم تجري الحكومات المتعاقبة تصليحات على المستشفيات والمستوصفات ، و ان تتعاقد مع شركات من اجل شراء أجهزة طبية وامتزات المستشفيات ب اهمال النظافة حيث الجرذان تسرح وتمرح في قاعات المرضى ، ولم يتم التحقق من شهادات البعض ممن زوروا شهادات عليا ، وتم تعين كوادر وسطية ممرضين وهم ليس لديهم علاقة بالعمل التمريضي فقط انهم محسوبين على هذا الحزب او ذاك ، وللعلم حتى قبل الاحتلال كان عدد المستشفيات 307 مستشفى عام واكثر من 1354مؤسسة صحية و48 عيادة شعبية .

والان هناك مستشفيات للقطاع الخاص كان يعول عليهم تقديم الخدمات للناس الفقراء واصحابي الدخل المحدود ولكنها للأسف أصبحت تستنزف أموال كثيرة من المرضى تحت حجج منها استخدام أجهزة اليتي سكان والاشعة والمختبر والأدوية وعلى سبيل المثال لا الحصر مستشفى الكفيل في كربلاء ، عدم توفر الادوية وان توفرت بأسعار كبيرة ، علما بان معمل سامراء للأدوية كان يغطي حاجة الصيدليات ب الادوية وب أسعار معقولة . وما يعاني المرضى من قلة المستشفيات والمراكز الصحية ,الادوية الغير متوفرة لمرضى القلب والضغط والسرطان وغيرها ، عدم توفر الرقابة الدوائية والطبية على المستشفيات الاهلية والعيادات الطبية لضبط تسعيرة الكشف ، اتباع الأنظمة القديمة في العمل الإداري في المستشفيات الحكومية وعدم ادخال التكنولوجيا الحديثة ن وقف الأطباء من من التعاقد مع المخبر والصيدلة لابتزاز المواطن ماليا ’ نتذكر لما حدث للطفلة رهف والتي توفيت في مشفى الديوانية لعدم وجود ناظور

لهذا اجد من الضرورة الاعتماد على الكوادر الطبية المخلصة والتي أدت قسم أبو قراط بانها لم تخن المهنة وتعمل من اجل الانسان حتى لا يذهب المريض الهند او ايران لغرض العلاج ، وان تكون لديه ثقة عالية بالطبيب المعالج بكل التخصصات الطبية .

ولابد ان أتذكر وباعتزاز أطباء تركو بصماتهم في المجال الطبي والعراقيين يتذكروهم باعتزاز ومنهم طبيب الأطفال عبد اللطيف حسين ، والجراح رافد صبحي اديب ، وطبيب العيون مظفر الشذر ، وطبيب الامراض العقلية جاكي عبود وغيرهم .



طبيب وكاتب