سقوط سوريا الحلم الأميركي العبراني الإخونجي ومطايا العابرين!


عمر الماوي
2019 / 8 / 20 - 00:00     

ان الحرية كلمة عظيمة لكن تحت لواء حرية الصناعة شنت افظع حروب السلب و النهب و تحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة .- فلاديمير لينين.
ويقول لينين ايضا ً : من الطبيعي أن يتحدث الليبرالي عن الديمقراطية بوجه عام اما الماركسي فلن ينسى أبدا ً ان يطرح السؤال التالي : في مصلحة أي طبقة ؟

ان نشر الحرية و الديمقراطية شعارات براقة من خلالها تمت سرقة و نهب وغزو الشعوب فالديمقراطية بوجهها الاميركي القبيح رأيناها بأبشع تجلياتها في عدة دول ومناطق عربية في اخر 8 سنوات ـ وللأسف إن هذه الدعايات الإمبريالية والرجعية عبر وسائل الإعلام ناطقة بالعربية وتعمل وفق اجندات صهيونية منذ نشاتها التي تزامنت مع كتاب شمعون بيريز (الشرق الاوسط الجديد) فهذه القنوات أنشأت لخدمة هذا الهدف النهائي حتى صارت وبدون خجل تعرض وجهات النظر الصهيونية امام الجمهور العربي تحت شعار الرأي والرأي الاخر وللأسف قد لاقت هذه القنوات ملايين من السطحيين الذين روجت بضاعتها لديهم فلم تعد النظرة للكيان الصهيوني اليوم هي ذاتها قبل 10 – 20 سنة مضت وصار العدو الاول و التناقض الرئيسي هو من عملت هذه القنوات على تقديمه بصورة التناقض الرئيسي بمعزل عن الكيان الصهيوني الجاثم على ارض فلسطين وسأتطرق لمسألة التناقضات لاحقا ً لان من روجت هذه القنوات بضاعتها لديهم هم غالبا ً من السطحيين محدودي الثقافة الذين يسهل إستغفالهم وترويج الأباطيل والأكاذيب لديهم فهم غير واعيين ومدركين لأولوية التناقضات لان جل معرفتهم بالأشياء تكون من ارضية ما تقدمه لهم هذه القنوات التي تهدف لصناعة وصياغة وعي جديد يتسم بالوضاعة والسطحية و للأسف انها نجحت الى حد كبير في ذلك.
ان تقييم اي ثورة يكون فقط على أساس موقف الإستعمار منها وموقفها هي من الإستعمار وفي الحالة العربية في سوريا وليبيا بالتحديد شاهدنا ما هو موقف الإستعمار من الفوضى القائمة في هذه الأقطار ولا ادري ضمن أي منطق يطلب منا كمعادين للإستعمار ومشاريعه أن نصطف خلف ادوات الإستعمار التي عاثت خرابا ً في سوريا وفي ليبيا و أرجعت هذه البلاد مئات السنين الى الوراء و كيف يطلب منا أن نكون في صف مشاريع رجعية ترمي الى تقسيم وتفتيت هذه البلاد واعادتها الى عناصرها الاولى الطائفية والقبلية والعرقية ...إلخ.
سوريا منذ أن قام الإستعمار بتفكيكها (سوريا الكبرى) وتجزأتها وتقسيمها الى عدة دويلات وكيانات أعطيت هذه الدويلات والكيانات هويات قطرية لتكريس قسمة سايكس بيكو ـ فمنذ ذلك الوقت وسوريا القٌطرية صامدة في وجه كل المؤامرات الإمبريالية والرجعية التي ترمي الى إخضاعها و إلحقاها بالمتروبولات الإستعمارية .
الا ان سوريا لطالما صمدت و كانت عصية امام كل هذه المخططات والمشاريع فمنذ الخمسينات و المؤامرات الإمبريالية والرجعية تحيط بسوريا بإقامة ما سمي بـ "حلف بغداد" الذراع الجنوبي لحلف شمال الاطلسي والذي كان يستهدف المد القومي واليساري في المنطقة منذ ذلك الحين وسوريا تتعرض لمؤامرات اطلسية ورجعية وصهيونية كبرى ـ فوجود تركيا في حلف شمال الأطلسي ليس الا لخدمة هدف اخضاع سوريا و إلحاقها بالمتروبولات الغربية.
إن ما يجري في سوريا منذ العام 2011 لا يمكن عزله عن تسلسل طويل للأحداث منذ الخمسينات مهما حاول الرجعيون عبر ادواتهم و أذرعهم الإعلامية تقديم المسألة كثورة شعب ضد نظام مستبد فهذه الأكاذيب و الدعايات لا تنطلي الا على السذج والسطحيين ضحايا ما تبثه تلك القناة القابعة في محمية روكفلر القطرية التي تمشى فيها المقبور شمعون بيريز في يوم من الأيام ـ فهي فكرته بالأساس وتعتبر بمثابة حجر زاوية في مشروع الشرق الاوسط الجديد وترسيخ إسرائيل و وجودها ككيان طبيعي بالمنطقة وهذا بدون شك يستحيل أن يتم بدون نصب العداء لسوريا وترويج الدعايات التضليلية ضدها كأخر القلاع الصامدة في وجه المشروع الصهيوني.
ان ما يجري في سوريا منذ اذار 2011 هو مؤامرة تهدف الى إنهاء هذه الظاهرة السورية التقدمية كإستجابة طبيعية للتحدي المتمثل بوجود الكيان الصهيوني وكل ما تتعرض له هذه المنطقة لتثبيت هذا الكيان وتكريس التبعية للمتروبولات الغربية.
وما اعتراف وزير خارجية محمية روكفلر القطرية حمد ابن جاسم حول دعم و تمويل انشقاقات الضباط السنة بالجيش السوري كل ضابط حسب رتبته الأمر الذي مهد الطريق لتأسيس ما سمي بالجيش الحر الا دليل دامغ على أن القضية السورية تأخذ طابع مؤامرة إمبريالية رجعية لا كما يقدمها التافهون كثورة شعب ضد النظام المستبد المجرم الذي قتل شعبه والى اخر هذه السردية الاميركية .
فما يسمى بالجيش السوري الحر و بالمناسبة ليس فكرة وليدة عام 2011 فقط ـ بل ان هذه الفكرة في سوريا تعتبر قديمة حيث حاول الأتراك بعقد الخمسينات بقيادة رئيس وزراءهم المجحوم انذاك عدنان مندريس (معلم وقدوة الإخونجي اردوغان) بإجراء انشقاقات بالجيش السوري ونجحوا بشق مجموعات صغيرة سميت بالجيش الحر لكن المشروع التركي الأطلسي الذي كان ضمن مؤامرات حلف بغداد فشل بفضل صمود الشعب السوري واصرار جمال عبد الناصر إبان الوحدة مع سوريا.
فسوريا منذ أكثر من 60 سنة تتعرض للمؤامرات تلو المؤامرات الرامية الى الحقاقها بمراكز الرأسمال بعد أن قام عدنان مندريس (معلم وقدوة الإخونجي اردوغان) بفتح اول واضخم قاعدة عسكرية اميركية بالشرق الاوسط -قاعدة انجرليك- وفتح بالتالي كل الشرق الاوسط امام مشاريع المركز الرأسمالي وبرامج البنك وصناديق النقد الدولية .
ظلت سوريا قوية وصامدة في وجه العواصف ولم تسقط حتى في عقد الانتكاسة عقد الستينات و انتهاء الوحدة مع مصر ثم الهزيمة في 1967 ظلت سوريا صامدة ولم تنكسر حتى وصول الرئيس حافظ الاسد الى السلطة في مطلع السبعينات حيث بدأ عهد جديد اصبحت فيه سوريا اكثر قوة وصلابة و إستقرار خاصة بعد حرب تشرين1973 .
وفي نهاية عقد السبعينات بعد أن عصفت رياح كامب ديفد وما تبعها من مؤامرات رجعية على سوريا عبر عصابات جماعة الإخوان المسلمين أيضا ً ظلت سوريا متماسكة رغم أنها دفعت أثمان باهظة بسبب رفضها لمشروع كامب ديفد ومشروع السعودي فهد الذي سمي لاحقاً بالمبادرة العربية للسلام فقد خاضت الدولة السورية وخلفها الملايين من جماهير الشعب السوري مواجهة دامية ضد عصابات الاخوان المسلمين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات فكانت فتنة الاخوان المسلمين عام 1979 بعد زيارة السادات الى القدس وبالتزامن مع انطلاقة مشروع كامب ديفد والرفض السوري لأي مشروع سلام مع الكيان الصهيوني المحتل وقد اشتدت الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية على سوريا في مطلع الثمانينات بعد اجتياح لبنان وخوض معارك ضد الجيش السوري في البقاع اللبناني وضد المقاومة الفلسطينية في الجنوب وصولاً الى بيروت فقد كانت هذه الهجمة الصهيونية كنتيجة لرفض سوريا و منظمة التحرير الفلسطينية لمبادرة فهد كإمتداد لمشروع كامب ديفد حيث كانت سوريا العائق الأساسي امام الدول العربية الراغبة بالإنخراط في كامب ديفد و قد قامت الدول الرجعية بتدريب وتمويل وتسليح وتهريب الأسلحة الى عصابات الإخوان المسلمين في سوريا قبل ان يتم سحقها من الجيش السوري أنذاك فقد صمدت سوريا مجدداً في وجه العاصفة وفشلت عصابات الاخوان المسلمين في جر ابناء الشعب السوري من العمال والكادحين ليشاركوا في المؤامرة الإمبريالية والصهيونية و الرجعية.
وعلى إثر ذلك الإنتصار السوري عملت سوريا عبر حلفائها في لبنان و بكل قواها على إفشال ما عٌرف بإتفاق 17 أيار بين الحكومة الكتائبية و الكيان الصهيوني والذي كان يعتبر احد الملحقات ضمن مشروع كامب ديفد و نجحت سوريا في ذلك و تم إسقاط الإتفاق الذي أعتبر في حينه وصمة عار على جبين كل لبناني.
وفي عقد الثمانينات عملت سوريا على تدعيم قوى مقاومة الاحتلال الصهيوني في جنوب لبنان بالتنسيق مع قوى المقاومة التي قامت بعدة عمليات بطولية منها تفجير مقر قوات المارينز الاميركية و قوات المظلية الفرنسية وغيرها من عمليات المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني بالجنوب.
وظلت سوريا صامدة في وجه العاصفة والحلم الاميركي الصهيوني بإسقاطها حتى بعد إنهيار وتفكك حليفها الاستراتيجي الاتحاد السوفييتي مطلع التسعينيات حيث كانت الإمبريالية الاميركية تعول على عدم تماسك سوريا امام تحدياتها التي تتمثل بإستسلام كل النظام العربي الرسمي وانخراطه في مشاريع السلام فحافظت سوريا على نفسها وحصنت جبهتها الداخلية بعد أن خرجت من كل أزمة اقوى مما كانت عليه .
وصبر الإمبريالية الاميركية لن يطول اكثر من نهاية العقد الاول من الالفية الجديدة فبات من الملح أن يستخدموا ويزجوا بكل ثقلهم و أوراقهم لإسقاط سوريا وتطويعها لخدمة مشروعهم فقد رمت الامبريالية و الصهيونية ومن وراءهما الرجعية العربية بكل الاوراق في سبيل إسقاط سوريا فلم يوفروا أي وسيلة قد تسهم في اسقاط و انهيار سوريا اعلاميا ً وماليا ً وعسكريا ً ولوجستيا ً .. فقد دخل من حدود سوريا الشمالية مع تركيا الإرهابيين المدججين بشتى انواع الاسلحة الاميركية والإسرائيلية .. قدموا من اكثر من 72 جنسية مدعمين بدعايات و حملات اعلامية ـ عشرات بل مئات المليارات من الدولارات صرفت على تدمير سوريا و إسقاط نظامها السياسي المقاوم و الممانع في حرب و حملة لم يشهد العالم لها مثيل فلم تدخر محميات النفط والغاز الخليجية أي جهود في خدمة المشروع الاميركي الصهيوني في سوريا ـ الا ان سوريا صمدت مجدداً في وجه العاصفة بفضل صمود اطياف واسعة من شعبها وجيشها العظيم وقواته الرديفة لا سيما القوات التي شكلها اللاجئين الفلسطينيين في سوريا للدفاع عن سوريا التي اعطتهم كل الحقوق ولم تميز المواطن السوري عنهم ولم يشعروا يوما ًبأنهم غرباء على غرار اللاجئين الفلسطينيين في لبنان و أيضا ً صمدت سوريا بوجه العاصفة بفضل حلفائها الاوفياء الذين فهموا جيدا ً أن سقوط سوريا يعني سقوطهم بالضرورة ـ واقصد هنا تحديدا ً رجال المقاومة اللبنانية.
فسوريا بمثابة الرئة التي تتنفس من خلالها المقاومة في لبنان ـ بدون سوريا لا مقاومة في لبنان فسوريا هي العمق الإستراتيجي وهي خط الامداد الوحيد للمقاومة في لبنان وسقوط سوريا يعني اختناق ونهاية المقاومة في لبنان ـ هذا بالضبط ما تهدف اليه المؤامرة الاميركية الصهيونية الرجعية لإسقاط سوريا وتدميرها وتفتيتها .. فسقوط سوريا هو سقوط للمقاومة ولاخر معاقل الرفض والتصدي العربية .
ربما سوريا لم تطلق النار بشكل مباشر على الكيان الصهيوني منذ حرب تشرين كما يقول التافهون من أدعياء "الثورة" لكنها دعمت و وفرت كل الإمكانيات العسكرية واللوجستية والمادية والمعنوية لكل من يريد أن يطلق النار على الكيان الصهيوني اللقيط فسوريا كدولة فهمت جيدا ً المعادلة وعرفت أنه لن يكون بمقدورها وحدها مواجهة الكيان الصهيوني و من وراءه الإمبريالية الاميركية في ظل نظام عربي مترهل ومنبطح فعلمت سوريا جيدا ً انها لن تستطيع وحيدة أن تستعيد الجولان المحتل فإستعادة الجولان بالنسبة لسوريا لن يتم بمعزل عن إستعادة عمقها الجنوبي (فلسطين) بإزالة الكيان الصهيوني من الوجود ـ ولخدمة هذا الهدف الإستراتيجي دعمت سوريا كل ما يمكن أن يتسبب بإستنزاف الكيان الصهيوني فدعمت المقاومة في لبنان كما دعمت المقاومة في فلسطين حتى اقربها الى الاخوان المسلمين (حماس) التي احتضنتها سوريا رغم الخصومة التاريخية مع الاخوان و هذا وللأسف الشديد ما قوبل بالغدر والخيانة إبان الازمة السورية في 2011 و2012 .
وصمدت سوريا بفضل وفاء حليفها الروسي الذي لا يمكن العيش بدونه رغم صعوبة العيش معه ايضا ً من وجهة نظر العداء للكيان الصهيوني . فالحليف الروسي دخل الى سوريا ليحمي مصالحه اولاً على اعتبار ان سوريا تمثل عمق مهم للروس في شرق المتوسط و أيضا ً عدم نجاح وتمرير مشروع إسقاط الدولة السورية هو مصلحة روسية بالأساس على اعتبار أن خط الغاز القطري الفرنسي ينتظر سقوط سوريا ليتمدد عبرها نحو البحر الى اوروبا مما يضرب احتكار روسيا لتجارة الغاز في اوروبا ـ هذه من اهم اسباب التدخل الروسي في سوريا والذي كان العامل الاهم لعدم سقوط سوريا رغم ما قدمه الحلفاء الاخرين من تضحيات كبيرة الا أن الحليف الروسي رجح كفة الدولة في مواجهة العصابات المارقة المدعومة بشتى انواع الاسلحة الاميركية والإسرائيلية فقبل ان يتدخل الروس كانت الدولة في سوريا بالكاد تسيطر على ربع مساحة سوريا الإجمالية لكن التدخل الروسي قلب كل الموازين لصالح الدولة السورية فأصبحت الدولة تسيطر على معظم التراب السوري .
ان الدولة السورية هي الضامن الاول و الوحيد لوحدة اراضي سوريا واستقرارها من خطر التقسيم والتفتيت الطائفي فالدولة السورية معنية بإستعادة كل شبر من الأرض السورية كما قال الرئيس السوري بشار الاسد في اكثر من مناسبة ـ مهما حاول الإخونجي اردوغان ان يعيد الحياة لمشروعه الاميركي عبر اقامة اراضي عازلة في الشمال السوري فهذا الاخونجي كمن سبقوه ممن حكموا تركيا من الرؤساء المنبثقين من احزاب يمينية ذات خلفية او نزعة اسلامية مثلت وتمثل السلاح الاطلسي الاميركي ضد سوريا .
إن الجيش السوري الذي يناضل منذ 8 سنوات مع حلفائه ضد الهجمة الامبريالية والرجعية يتخذ نضاله منحنى تقدمي وثوري ضد كل القوى الرجعية والمرتزقة شذاذ الافاق الذين تم الزج بهم وادخالهم الى سوريا عبر الحدود التركية ـ و كما أسلفت إن تقييم اي ثورة يكون على اساس موقف و موقع الاستعمار منها و موقفها وموقعها هي من مشاريع الإستعمار فما تسمى بالثورة السورية بكل وضوح لطالما عبر اربابها عن كونهم مجرد ادوات تحركها اجهزة استخبارات اقليمية ودولية ـ و يتعاونون بوضح النهار مع العدو الصهيوني حيث يتم علاج جرحى المرتزقة و الجرذان الملتحية في مشافي الاحتلال في شمال فلسطين في صفد و حيفا .. ناهيك عن الفضيحة الكبيرة لجماعة الخوذ البيضاء الذين قاموا بفبركات مذابح و مجازر الكيماوي في سوريا وقامت إسرائيل بتهريبهم عبر الأردن فهم بمثابة الصندوق الاسود الذي يحتوي على كل الاسرار .
عدا عن مشاركة ارباب هذه الثورة بمؤتمرات تقام في كيان الاحتلال الصهيوني فيشارك ممثلو المعارضة السورية في مؤتمر هيرتسيليا في كل سنة.
ان ادعياء الديقراطية البرجوازية والحرية على الطريقة الاميركية كانوا يرون ويعرفون كيف أن فصائل وتشكيلات الجرذان الملتحية المسلحة في سوريا كانت ترفع لافتات تقول بأن "الديمقراطية كفر وشرك" بالمناطق التي كانت تسيطر عليها بالسنوات الماضية لكن هؤولاء يصرون على تأييد هذه الجرذان المخابراتية التي ادخلت الى سوريا لتعيث فيها خرابا ً ـ فمن المعروف أن اي مشروع سلفي اميركي يقوم على دعم الجماعات الإسلامية يكون له ظهير ليبرالي فحتى في الجهاد الافغاني ضد السوفييت كان هناك ظهير ليبرالي لهذا المشروع الاميركي و اليوم في سوريا ايضا ً هناك ظهير ليبرالي من ادعياء الحرية و الديمقراطية الاميركية .. فالجهاد الاميركي في سوريا هو بمثابة الاممية الثانية لجرذان اميركا الملتحية في حين أن الأممية الاولى كانت في الجهاد الافغاني في سبيل الرب الاميركي حيث جمعت الإمبريالية الاميركية كل المرتزقة وشذاذ الأفاق ليجاهدوا في افغانستان وحشدت لهم كل الدعم الأعلامي والشعبي الذي قام على وعي وضيع ومترهل عند الكثير من هذه الشعوب .. الة إعلامية ضخمة عملت لتسويق هذا الجهاد عدا عن حملات التبرعات الشعبية لدعم واسناد "المجاهدين" في سبيل الخلاص من الشيوعية وخطرها الذي يهدد وجود الإمبريالية الاميركية وكل من دار في فلكها نفس الشيء يحدث في سوريا منذ 2011 وعلى مستوى اكبر .. أكبر حرب إعلامية وحشد اعلامي و تحشيد طائفي و دعايا اعلامية ودعم اقتصادي وحشد للرأي العام تحديدا ً في دول الشرق وتأليب هذه الشعوب المغيبة فكريا ً وعقليا ً على الدولة السورية ودعم مالي غير محدود من محميات النفط و الغاز الخليجية ـ التي صارت تعاني من ازمات اقتصادية نتيجة دعمها وانخراطها في الحروب الفاشلة في سوريا و اليمن.
يقول الرفيق ستالين في " المسألة الوطنية " : 1850 كان ماركس مع حركة البولونيين والهونغاريين الوطنية ضد حركة التشيك والسلاف الجنوبيين. لماذا؟ لأن هؤلاء الأخيرين كانوا «شعوباً رجعية»، كانوا طلائع روسيا الأوتوقراطية([10]) في أوربا، ولذا كان البولونيون والهنغاريون «شعوباً ثورية» يناضلون ضد الأوتوقراطية، ولأن مساعدة التشيك والسلاف الجنوبيين في حركتهم الوطنية كان معناها مساعدة غير مباشرة للقيصرية التي كانت أشد أعداء الحركة الثورية في أوربا وأعظمها خطراً.
ويقول ستالين ايضا ً :
وليس من الضروري لكي تعتبر الحركة الوطنية حركة ثورية، أن تكون مؤلفة من عناصر بروليتارية، وأن يكون لها برنامج ثوري أو جمهوري وأساس ديمقراطي. فنضال أمير أفغانستان للوصول إلى استقلال بلاده هو بحد ذاته نضال ثوري، رغم ملكية الأمير وضباطه، لأن هذا النضال يضعف الاستعمار، ويفكك قواه ويقوضها، في حين أن نضال الديمقراطيين و«الاشتراكيين» و«الثوريين» والجمهوريين أمثال «كيرنسكي» و«تسيريتيلي» و«رينوديل» و«شيدمان» و«تشيرنوف» و«داتن» و«كلينس» أثناء الحرب الاستعمارية كان نضالاً رجعياً، لأن نتيجته كانت مداهنة الاستعمار والتدليس له وتثبيت أقدامه وتحقيق ظفره. وكذلك نضال التجار المثقفين البرجوازيين المصريين في سبيل استقلال مصر هو بحد ذاته نضال ثوري، رغم أصل زعماء الحركة الوطنية وأوضاعهم أو مراكزهم البرجوازية، ورغم معارضتهم للاشتراكية، كما أن نضال حكومة العمال في انكلترا لإبقاء مصر تحت وصاية بريطانيا العظمى، هو نضال رجعي، رغم أصل أعضاء هذه الحكومة ووضعياتهم البروليتارية، ورغم ما يسمى إيمانهم واعتقادهم الاشتراكي. وكذلك الأمر في الحركة الوطنية في الأقطار المستعمرة المستعبدة الكبرى كالهند والصين مثلاً، فهي حركة ثورية مادامت موجهة ضد الاستعمار بصورة مباشرة، وإن كانت مبادئها تناقض مبادئ الديمقراطية الشكلية.
انتهى كلام ستالين.
نلمس الفرق و الفجوة الكبيرة فيما قاله ستالين عن النضال التقدمي و النضال الرجعي .. فليست كل النضالات تقدمية ـ وهذا مالا يفهمه السطحيين و التافهون الاوغاد الذين يعيبون على أي يساري "حقيقي" يتعامل مع القضية السورية كما هي بدون رتوش كمؤامرة الهدف النهائي منها هو جعل الدولة السورية امام خيارين إما الحاقها بالمتروبولات او الفوضى الدائمة التي تعيد سوريا الى عناصرها الاولى طائفيا ً وقبليا ً وعرقيا ً .. الخ .
اضافة الى ذلك يعيب الحمقى على اليساريين الذين يتخذون موقفا ً جذريا ً إزاء ما يجري في سوريا كونهم يؤيدون إيران و حزب الله (كتوجهات إسلامية) فلا يدرك هؤولاء الحمقى أن اليساري و المثقف الثوري يتعامل من منطلقه الأيدولوجي مع ايران وحزب الله كتناقضات ثانوية يتحالف معها مرحليا ً وفق ما تقتضيه الضرورات و المعطيات الموجودة فكون أن ايران وحزب الله كأصحاب توجهات إسلامية رجعية بالضرورة لا يعني انهم أعداء مطلقين بالنسبة لنا ـ فنحن نأخذ من قانون التناقضات الديالكتيكي الذي يحدد اولوية التناقضات كمرجعية في التعامل مع هذه المواضيع ـ قإذا كانت ايران وحزب الله ذات توجهات إسلامية رجعية و بنفس الوقت تتخذ موقف وموقع تقدمي من الهيمنة الإمبريالية ومشاريعها و ادواتها الرجعية فبدون شك أننا وبحكم أولوية التناقض نستطيع أن نتحالف معها ولو بشكل مرحلي وحتى الدولة السورية التي نؤيدها قد تكون في موقع التناقضات بالنسبة لنا طالما أنها ليست على خطنا الأيدولوجي الشيوعي (الماركسي اللينيني الماوي) ـ ولذلك فإن قانون التناقضات يشكل مرجعية هامة جدا ً بالنسبة لنا وعلى اساسه نحدد موقفنا و موقعنا من اي قضية لان تناقضنا الاساسي والرئيسي هو الامبريالية العالمية والصهيونية والرجعية العربية في حين تتعدد التناقضات الثانوية في ظل بقاء هذه التناقضات الأساسية والرئيسية لذلك تعتبر ايران من موقعنا الايدولوجي بالنظر الى توجهها الإسلامي تناقض ثانوي يمكن التحالف معه مرحليا ً ضد التناقضات الرئيسية والاساسية في الحرب ضد الإمبريالية والصهيونية و ادواتها الرجعية .
لماذا إيران تناقض ثانوي ؟! لانها بكل تأكيد غير معنية بتغيير النظام الرأسمالي العالمي القائم فهي تسعى للتعايش مع هذا النظام بشروطها هي لا بشروط أعداءها في مراكز الرأسمال على عكس حكام حظائر ومحميات النفط والغاز الخليجية .
إن الحرية و الديمقراطية الحقيقية ليست بأي حال من الأحوال هي تلك التي تروج لها الإمبراطورية الأميركية ـ فالحرية و الديمقراطية الحقيقية هي بتخليص وتحرير وعتق الشعوب من الاستغلال و البؤس الطبقي و اذابة كل الفوارق الطبقية بالقضاء على الطبقات البرجوازية الطفيلية و الكمبرادورية واقامة مجتمع تسود فيه العدالة الاجتماعية ـ وفي سوريا كانت الامور قبل الحرب (ولو نسبياً) تسير بشكل أفضل من غيرها فسوريا كانت تكنى بالصين الصغرى نظرا ً لطبيعتها الانتاجية و قربها من الوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي و هذا يعرفه الكثيرمن أبناء سوريا الذين هجروا ونزحوا من مناطقهم الى دول مجاورة ورأوا الفرق بين سوريا وغيرها ـ فسوريا لم تكن تقترض من صناديق النقد والبنوك الدولية لتفرض ضرائب خيالية على شعبها لتسدد فوائد هذه الديون كغيرها من الدول التي سلكت طريق النيوليبرالية وخصخصة الإقتصاد والتي أفقرت شعوبها و أوصلتها الى مرحلة غير مسبوقة من الفقر المدقع ـ سوريا كانت دولة بإقتصاد ذات مقومات إشتراكية و هذا بدون شك لم يكن يروق لمراكز الرأسمال التي لا ترى بهذه المنطقة الا حوق إستهلاكية ولا يجب أن تخرج عن هذه الطبيعة لأن مصالح الامبريالية العالمية تقتضي إبقاء شعوب هذا المنطقة في ظل التبعية لها في اطار عملية نهب واستغلال يتم من خلال نهب هذه المنطقة وشعوبها وافقارها لخدمة المسار والطبيعة الاستهلاكية عبر نهب المواد الاولية ومن ثم اعادة تدويرها على شكل بضائع استهلاكية في هذه المنطقة ـ لكن سوريا كانت مختلفة ولم تكن ضمن هذه المعادلة فسوريا كما قلت كانت تكنى بالصين الصغرى فكانت تصنغ وتصدر وتنتج زراعيا ً وهذا بدون شك احد اهم اسباب المؤامرة على سوريا و احد اهم اسباب ودواعي المشروع الإخواني ـ فالإخونج كأدوات للإستعمار ليست لديهم اي تناقضات مع الإمبريالية العالمية فهم عملوا في تركيا على الخصخصة و الأمركة و اللبرلة و هذا ما سعوا لتكراره في سوريا عبر حرب طائفية لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة فهؤولاء ليسوا سوى مطايا للعابرين ـ فمن البديهي ان إسقاط سوريا هو حلم عبراني صهيوني و وفقا ً للعقيدة الصهيونية التلمودية فإن توسع الكيان الصهيوني في فلسطين وخارجها كل من يشارك ويساهم في عودة المسيح وكل من يخدم هذا الهدف من غير اليهود يسمى في العرف التلمودي بـ "حمار المسيح" فحمير المسيح كثر في منطقتنا و الإخونج وغيرهم من الأدوات الرجعية يعملون دائما ً كحمير للمسيح (وفقاً لأدبيات التلمود) ـ وكل من يؤيد سقوط سوريا في المستنقع العبراني هو حتما ً حمار لللمسيح أيضاً وفقا ً لأدبيات التلمود .. وصحتين يا مطايا العابرين.!
سوريا دائما ً تذكرنا برومانيا وزعيمها الشيوعي نيكولاي تشاوتشيسكو الذي احدث نهضة عظيمة في رومانيا وهذا لم يرق حتما ً للإمبريالية العالمية التي دبرت المؤامرات والدسائس والدعايات ضده وانتهى الأمر بإعدامه رميا ً بالرصاص نتيجة لمؤامرة امبريالية لتعود رومانيا بعدها مئات الى الوراء كأفقر دولة اوروبية .
ان دور مثقفوا الثورات البرتقالية المشبوهين من الليبرالجيين البرتقاليين وبعض ادعياء اليسار الذين تمولهم وتقف وراءهم اجهزة الاستخبارات الغربية بات واضحاً للعيان ـ فمنذ اندلاع الاحداث في سوريا وهؤولاء يقومون بدورهم المشبوه و الرخيص في خدمة المخططات الإمبريالية فكما سبق وذكرت إن كل مشروع إمبريالي إميريكي يستند على الجرذان الملتحية يجب أن يكون له الظهير الليبرالي ـ لان الكثير من الناس من محدودي الثقافة حتى لو كانوا متدينين ينفرون من اتباع التيارات السلفية الجهادية ـ الا أن وجود الظهير الليبرالي يضمن لهذه المشاريع والمؤامرات قبول اكثر عند محدودي الوعي والثقافة وبالتالي اكبر حشد اعلامي وشعبي لتمريرها تماما ً كما حدث في الجهاد الافغاني و كما تحاول الإمبريالية الأميركية صناعة اممية الجرذان الملتحية الثالثة بعد افغانستان وسوريا ـ حيث تسعى الإمبريالية الاميركية عبر ادواتها لحشد مماثل من اجل التأمر على جمهورية الصين الشعبية عبر مظلومية ما تسمى بأقلية الإيغور المسلمة التي تغلفها الإمبريالية عبر اذرعها الاعلامية بدعايات تسعى من خلالها لتأليب الرأي العام الإسلامي في الشرق على الصين ليسهل تنفيذ اي مخطط إمبريالي مشابه لما حدث ضد السوفييت في افغانستان وضد الدولة السورية .
يأخذ المثقفون البرتقاليون على الدوام الموقع الأميركي المناهض لأي محاولة جذرية لتغيير العالم ولمحاربة النظام الرأسمالي العالمي ـ فكل نظام يعمل ضد الهيمنة الاميركية يتم وصمه بالشمولي ـ والشمولي في عرف هؤولاء هو كل نظام او دولة تأخذ دورها في الإقتصاد وتوزيع الناتج الإجتماعي وبالتالي فإن الاتحاد السوفييتي شمولي كذلك حكومة الصين شمولية و النظام السوري شمولي و اخيراً وليس أخرا ً الحكومة البوليفارية في فنزويلا أيضا ً شمولية بعرف الإمبريالية الاميركية و أبقارها من المثقفين البرتقاليين الذين ينخرطون في كل مشروع اميركي للحرب على الشعوب ونهب ثرواتها و مقدراتها .
و المضحك ـ ان الكثير من ادعياء اليسار من المتمركسين المتبرجزين المتأمركين اتخذوا موقف من سوريا يعبر عن مدى تفاهتهم وسطحيتهم ومدى انخراطهم في المشاريع الإمبريالية في المنطقة تحت حجج وشعارات "ألحرية و الديمقراطية" لا وبل يريدون من الجميع أن يكونوا بهذا المستوى من السخف والانحطاط والتفاهة .
وهنا في نهاية الطرح كما بدأته بإقتباسه أنهيه مع إقتباس لينين قائد ومعلم البروليتاريا العالمية الذي تحدث به عن أمثال هؤولاء من الإشتراكيين الديمقراطيين الإنتهازيين :
"نحن نسير جماعة متراصة في طريق وعر صعب، متكاتفين بقوة. ومن جميع الجهات يطوقنا الأعداء، وينبغي لنا أن نسير على الدوام تقريبا ونحن عرضة لنيرانهم. لقد اتحدنا بملء إرادتنا، اتحدنا بغية مقارعة الأعداء بالذات، لا للوقوع في المستنقع المجاور الذي لامنا سكانه منذ البدء لأننا اتحدنا في جماعة على حدة وفضلنا طريق النضال على طريق المهادنة. وإذا بعض منا يأخذ بالصياح: هلموا إلى هذا المستنقع ! وعندما يقال لهم: ألا تخجلون، يعترضون قائلين: ما أجهلكم يا هؤلاء ! ألا تستحون أن تنكروا علينا حرية دعوتكم إلى الطريق الأحسن ! – صحيح، صحيح أيها السادة ! إنكم أحرار لا في أن تدعوا وحسب، بل أيضا في الذهاب إلى المكان الذي يطيب لكم، إلى المستنقع إن شئتم؛ ونحن نرى أن مكانكم أنتم هو المستنقع بالذات، ونحن على استعداد للمساعدة بقدر الطاقة على انتقالكم أنتم إليه. ولكن رجاءنا أن تتركوا أيدينا، أن لا تتعلقوا بأذيالنا، أن لا تلطخوا كلمة الحرية العظمى، ذلك لأننا نحن أيضا "أحرار" في السير إلى حيث نريد، أحرار في النضال لا ضد المستنقع وحسب بل أيضا ضد الذين يعرجون عليه !"
انتهى كلام لينين
عاشت سوريا حرة أبية .