قليل من الخمر ..


قاسم حسن محاجنة
2019 / 8 / 15 - 16:04     

لقد كانا من نفس الفخذ القبلي الحمولتي ، وهو الفخذ الذي يرى نفسه أفضل أفخاذ الحمولة ...
ربطت الفتاة قصة حب مع ابن فخذ آخر من نفس الحمولة ، لكنه وبنظر الأفخاذ الأخرى ، فخذٌ يجلبُ العار.... رغم أن العاشق الولهان ، كان شابا مهذبا ، متعلما ، يفتخر بمصاهرته الجميع ...
لكن والدها والذي يرى بنفسه ،خير من أنجبت النساء ، رغم سمعته السيئة وأكله مال الناس بالباطل ، فقد رفض مصاهرة العاشق ... ورفض رفضا قاطعا، حتى أنه هدّد إبنته بالويل والثبور وعظائم الأمور ..
وتمر الأيام ليتقدم لخطبتها قريبٌ لها ومن نفس "الطبقة" الأرستقراطية الحمائلية .. لكن هذا الشاب كان على طرفي نقيض مع حماه المستقبلي ، فهو شاب مستقيم ، يعمل في مهنة حرة ، يكره الاستغلال والمستغلين ...
ولكي يُحسّن صورته أمام الناس ، اصبح والد الفتاة ، بين ليلة وضحاها من زوار المسجد الدائمين ، بل " وجلس" على مقعد الإفتاء والوعظ ...
ومضت فترة الخطوبة بسلام مع الفتاة وبمناوشات هنا وهناك ، مع الوالد " الواعظ" ، الذي لم يترك مناسبة إلّا وحاول ان يُقنع نسيبه بالإنضمام إليه في رحلته "الإيمانية" ... لكن دون جدوى ... فالعريس يعرف حماه حق المعرفة ... ويعرف بأن ظاهره نقيض باطنه ..
ويأتي يوم العرس ، الذي يقرر العريسان إقامته في قاعة أفراح.... حاول "شيخنا" ثنيهم عن قرارهم لكن دون جدوى ...
- لكن ، على الأقل ، اطلبُ عدم تقديم الخمور في حفلة العرس ... قالها "الشيخ" بحدة ...
- لك هذا ... أجابه العروسان .
وفي القاعة ، يطلب العريس من طاقم النوادل ، أن يسكبوا الخمر في اباريق قاتمة ، وتقديمه على أنه شراب حلو ... وهكذا كان ...
جلس العريس مع أصدقائه ، يحتسون ما طاب لهم ، من أفخر أنواع الخمور المخلوطة بعصائر متنوعة ...
ويحضر "الشيخ" إلى طاولة العريس وأصدقائه ..
- ماذا تشربون ؟ قالها بنبرة مستهجنة ..
- إنه خليط من العصائر ... أجاب العريس ..
- إذن صبوا لي كأسا ..!!
تبادل الأصدقاء نظرات حائرة ... بينما تناول العريس الدورق وملأ كأسا ..
- ماذا تفعل ؟ هل جُننت؟ همس أحد الأصدقاء في أذن العريس ...
- سيسكر ويفضحنا ..!! أضاف آخر ..
- فليسكر ...عليه اللعنة ..!! قالها العريس شامتا ، مزهوا بلذة الإنتقام .
وهكذا تناول "الشيخ" الكأس وشرب منها ..
- إنه لذيذ حقا... اسكب لي كأسا أُخرى ...!! قالها مبتسما ..
كأس أخرى وثالثة ... ليتغير المزاج العكر ، وتتحول كشرة "الشيخ" إلى ابتسامة عريضة ... وليندفع مشاركا الحضور بغنائهم وفرحهم ... بعد أن كان كابوسا جاثما على صدورهم ..
- لا أُصدق بأنه لم يعرف بأن ما شربه ، هو الويسكي بعصير العنب ... قالها جازما أحد الأصدقاء ..
لقد تظاهر أمامنا بأنه صدّق أُكذوبتنا الصغيرة..!! ههههه