ربيعُ الفؤوسْ


محمد يعقوب الهنداوي
2019 / 8 / 13 - 10:13     

لِمَنْ أشتكي القهرَ والصبواتِ التي ذُبِحَتْ في عيوني
إذا لمْ يكُنْ للّتي أسرجُ اللّيل بين يَديْها
وأسْفحُ حُزني على ركبَتَيْها

وَجَمّعتُ كلّ احتراقاتِ روحي
ومن غُربتي
واغترابي
كتبتُ لعينيكِ سفرَ عذابي

نشوةٌ لا قرارَ لها تعتلي جسدي
والرّصاصُ البذيءُ يطاردُ أشلاءَنا في تخومِ التوهّم
أجمعُ كلّ احتراقاتِ روحي لأسخرَ
مُكتحلاً بالنبوءةِ
من حُلْمِنا المتقادمِ بالإكتمال

أتيتُك
لا تَسْأليني عن الوجعِ المتقاطرِ من شَفَتي
بلْ خُذي بِيدي
كالنجومِ التي انْطفأتْ في عيوني
وكُوني البلادَ التي أشْتهي

جَمَعْتُ لعينيكِ كلّ اختلاجاتِ قلبي
وأفشيتُ كلَّ جروحي
ورجوتُكِ نجماً
فلماذا طاوعتِ عواءَ اللّيل
ومزّقْتِ شراعي
والطوفانُ أحاطَ سفينةَ عمري
وأنينُ النخلِ تبرعمَ
في مدنِ يتسلّق فيها الموتُ نوافذَ احلامي؟

كنتِ تشيرين أنْ ابنِ سفينةَ عشقٍ
نحملُ فيها كلّ جراحاتِ البؤساء
وأغاريد الأطفالِ
وأفراح الآتين
وأبْحِرْ
وامنحْ روحكَ للريحِ وللأنواء
وكن شارة كل الغرباء

وجدتُكَ كالماءِ
تحرّقْتَ لدفءِ الرملِ
ولكن
ما كِدتُ عرفتُك حتّى خرجتْ عن لُغتي
لُغتي

وعرّيتُ روحي أدلّك
ها هو ذا موضع المدية الانكسار
وها هي ذي كل أسرار روحي
خذيها
وصبي دمي في طريق النهار

خذي بيدي
دلّيني كيفَ أكون
فماءُ الموتِ ينشُّ بصدري نشوانا
وأنا فيك قُتلتُ وضيعتُ طريقي
فخذي بيدي
يا سنبلتي المذبوحة
يا بلدي

أروقةُ البلدةِ خاويةٌ إلاّ من بعضِ ضواري اللّيل
وبين سكارى الحيّ وجدتُ دمي
يتسكّع في طرقاتِ الخيبةِ يرصده جند الربّ
ناديتك من لجج العتمة:
كيف يكون العشق طريقا؟

أُخْطُ على روحي
وتمهّلْ
أسمعُ رائحةَ الماءِ تَشي بِخُطاك
وطعمُ الحزنِ الخاثرِ يطفحُ في كأسي
ما جئتُك أحملُ إلاّك
فكيفَ تراودني عنك

كنتُ أريدكِ سارية ً لسفينةِ عشقي
ورياحاً تملأُ أشرعتي
فلماذا مَزّقْتِ شِراعي
يا امْرأةً وَأدَتْ فَرحي
طُوفانُ اللّيلِ أحاطَ دمي
وأنا وحدي
فَلِمَنْ أُسْندُ ظهْري؟

هكذا ننتهي
واحداً
واحداً
يأكل الموتُ أحلامنا
ثم نصبح أرجوزة
في نواح النساء

في ربيعِ الفؤوسْ
هكذا
ننتهي
واحداً...
واحداً
آهةً في نواحِ الكؤوس
واحداً
واحدا ....

* * *