إزوار


عذري مازغ
2019 / 8 / 10 - 06:34     

"إزوار" (كلمة امازيغية تعني االقذف والسب) هي اللغة التي لا أتقنها، وهي اللغة التي يتقنها الإسلاميون، أتكلم عن شيء عام، وحين أقصد فئات معينة بالتحديد، أقصدها ابالضمير المبني للمجهول او بالصيغة العامة كقول "أصحاب الإسلام السياسي"، أو "الفكر الظلامي" أو "الإسلاميون" (وليس المسلمون والفرق شاسع بين الدلالتين في الحقل السياسي) وما إلى ذلك ، ينسل شخص لا تعرفه حتى إلى تعليق لي ويرد علي متجها إلى شخصي مباشرة يتهم خطابي بالنتوء، وأن ذلك التيار الذي أنتقده نعلهم أشرف مني، وان الذين انتقدهم يجعلني نقدي لهم محل "تهمة إزدراء الأديان" و "عدم احترام مشاعر المسلمين"(تصوروا لقد أصبح فجأة قاضيا)، وحين ترد عليه أن ذلك لا علاقة له بالموضوع الذي نناقش، يعود ليتهمك بالجعجة وانحطاط المستوى وبكلمة أخرى يتهمك بالعدمية.
من الأمور التي أنتقدها عادة في حوار العربفونيون ولا تحصل مثلا عند ناطقي اللغات الأجنبية الأخرى هي تحوير النقاش وتحويله إلى ثنائية (أنا، أنت) وهذا أعتبره تخلف جدالي ينضاف إلى البنية التخلفية في ما يسمى بالعالم العربي حول موضوع عام يتحول إلى موضوع خاص، معروف عمليا أن لكل شخص انتماءه الإيديولوجي بما فيهم حتى المعتق بخطاب الحياد ، في الصراع الاجتماعي ليس هناك حياد إلا عند من يعتقد بالوهم أنه يصوغ في قضايا هو محايد فيها ويعتقد تاليا أن الناس هضمت حياده أو انطلى عليها حياده، لا ياسادة! فالقليل من تفكيك الخطاب يحل شفرة موقعك ولكي يبقى الحوار هادئا وعقلانيا، العقلاء يلتجؤون إلى مناقشة الأفكار وليس إلى الذوات (ثنائة (انا، أنت)).
في حوار يتأطر بثنائية (أنا ، أنت) بالفعل، أقف جامدا لأني ببساطة لا اتقن إشهار السيف أو المسايفة، فخلفية أطراف الثنائية تحتكم إلى الحق المطلق لدى الضميرين وغالبا ما ينتهي بالقتل، قتل الذات انا أو قتل الآخر أنت، أي أن هذه الثنائية أصلا تعدم الفكر والذات، إن مقولة فولتير: "قد اختلف معك في الرأي لكن مستعد أن ادافع بحياتي عن التعبير عن رأيك.." حتى وإن صيغت بثنائية (أنا، أنت) فهي تعكس جانبا مهما في الحوار، الدفاع عن حقك في التعبير عن رأيك لا يعني أني أحترم رأيك بل أحترم شخصك في التعبير عن رأيك، في هذا الجدل الفولتيري الإنسان هو المهم وليس الرأي وهذا ما لم يهضمه الفكر "العربفوني"

لنفصح أكثر، في كل مرة يتجه المتدخل إلى شخصي أعرف مسبقا خلفيته : إنه ببساطة يقوم بعملية محاصرتك ليشهر سيفه تحديا ، وعند الاسلامي الفصح أفضح أكثر، فخلفيته هي أنه يحاصرك بعقل إسلامي عام بمجرد أن تتعقلن فيه ستتهم بالزندقة والإزدراء والردة لأن محيطك في دولة إسلامية، ببساطة لم يتنور بروح العلم والعقل والمنطق وحتى إذا تبنيت فلسفة الإيمان بالله على أساس منطق عقلاني من قبيل مثلا أنني لا أومن بالحجاب لان الله خلق الكائنات الحية إناثا وذكور وأن الأعضاء التناسلية المحرجة للبشر موجودة حتى عند الكلاب، ولا يعقل أن يحجب الله الافتتان بين الجنسين لانه يمثل إرادة حياة، بهذه العقلانية أنت ملحد بتركة تاريخ مثقل باللامنطق واللاعقلانية ، إن المشكلة هنا تتجه إلى تهديد وجودك كشخص، ليس نسف فكرك أو رأيك بل قتل شخصك وهذا مناقض لفكرة فولتير، إن تأويل كلام فولتير " أنا مستعد للدفاع عن رأيك.." كلام فيه الكثير من المغالطة، ببساطة، فولتير يقول : أنا مناهض ومدافع بحياتي عن أي شخص قال أمرا لا يرضي آخرين حتى وإن اختلف مع رأيه ومنه انبثق ميثاق احترام حياة الناس بغض النظر عن أفكارهم المخالفة، ليس احترام الأفكار والتشريعات.
إن سياق "ازدراء الأديان" غير متسق تماما، بشكل يصبح النص (الحديث الذي الآن يتبرأ منه المسلم قبل الآخر) أو القرآن نفسه الذي يعكس إشكال الفهم فيه معضلة لأن التفسير فيه يعتمد اصلا على أحاديث فقهاء وأئمة جعلت الكثير من الإسلاميين مما يسموا معتدلين يشككون في النصوص المحرجة التي لها علاقة بالقتل والجهاد بشكل يدعوا إلى تأويل أو اجتهاد جديد بشكل ينمط جدل "ازدراء الأديان" كتهمة فيها نظر، بأي عقل نستحكم عملية الإزدراء؟ على أي أساس نبنيها؟ على أساس نصوص محرجة للإسلامي البيترودولاري (الذي يسمونه معتدل) أم على أساس الإحتكام إلى التفسيرات الفقهية السلفية (الوهابية، داعش، والإخوانية)؟ إن المشكلة هي الإنسان وليس ما يعتقده أو ما يفكر فيه أو ما يشعر به: أنت تحب امراة وهذه المراة أخبرتك انها لا تحبك، إذا بقيت متيما بها فهي مشكلتك وليست مشكلتها، انت تأخذ نصوصا دينية على انها حقيقة مطلقة، وأنا لا اراها كذالك وانتقدها، لا يعني انتقادي لها ازدراء الدين لأني أصلا لست ملك أحد، لكن في حالة تمس حياتك، أنا ضد من يهدد حياتك حتى وإن كنت أنت مسلما وأنا كافر، هذا في سياق الفكر وجدالاته وعلاقته بالذات اما في سياق آخر له علاقة بالجرائم فالأمر مختلف تماما، التهديد بقتل شخص بالإزدراء على أساس المس بالمشاعر أمر يحتاج للشفقة كأمر الذي يحب امرأة لا تحبه.
لن أكون يوما داعما لأمرأة تدخل مسبحا بكمية من غطاء يشبه مظلات القفز من طائرة، انتقادي للحجاب ليس إزدراء، بل موقف يعبر عن حبي لطبيعتنا كحيوانات ناطقة
جميع مساجد أوربا تنتج التطرف أكثر من مساجد الدول الإسلامية، هذا ليس "ازدراء أديان"، بل حقيقة
كل منتوجات حلال سواء في الاستهلاك الغذائي أو الزواج هي ماركة ميز عنصري، هذا ليس ازدراء بل أومن بأن ثقافة الأكل هي ثقافة إنسانية عالمية وأن الزواج الآخر ليس زواج حرام
أي حديث أو جدال يتأسس على ثنائية (أنا، أنت) هو جدال متخلف ودليلي في الأمر هي حوارات الجزيرة القطرية، أكثر من يحضره، ولحسن الحظ، لا يحضر السيف في أيديهم، ثرثرة كلامية يدعمها نظام قطر ونفس الامر في كل إعلام شبه جزيرة الرهج العربي إضافة إلى قنوات القسم العربي في قنوات روسيا والغرب: كلها خرير رياح تهب على المسامع.