الانقلاب الوظيفي والقيمي لاثداء النساء!.(5)


ماجد الشمري
2019 / 7 / 31 - 18:42     

من الملفت-وهذا استطراد ضروري- والجدير بالتنويه،انه حتى في اللغة والخطاب الادبي -الشعري والروائي،والشعبي اليومي يهمل استخدام الاسم الدال على الثدي:(الثدي).وبدلا منه تستعمل مفردة(النهد)بكثرة للاشارة الى الثدي.مع ان (النهد ليس اسما له بقدر ما هو وصف.فالناهد والكاعب ليسا اسمين للثدي،بل صفتان لمراحل نموه وتكامله،فالنهد هو ذلك الارتفاع والانتفاخ لتلك الغدتان الشحميتان،وذلك التبرعم والبروز كرمانتين في صدر الانثى،وكبر متواصل في الحجم-فالاناث البشرية هي الوحيدة بين الثديات التي يكبر ثدييها في سن البلوغ وبمعزل عن وقت او حدوث الحمل، وهي احد مظاهر النضج والبلوغ الجنسي -.ولكن الغريب هو الاستخدام الشائع وبكثرة للاشارة الى الثدي هو(النهد)ففي الشعر مثلا يجري التغزل والتشبيب بالنهد،فهناك تاريخ للنهد:طفولته،مراهقته،مغامراته لياليه،الخ وهذا ما يؤكد الدلالة الجنسيةالشبقية،والحمولة الثقيلة المترعةبدلالات و معاني النهد،وماتثيره من ايحاءات ايروتيكية،وصور متعية باذخة، ومخيال جنسي كثيف،وعلى العكس مما تعنيه مفردة الثدي كأسم لمسمى،يولد في المخيلة الذكرية للاسم،وماترسله من احالات دالة على السمو والاحترام وشبه التقديس لمعاني الامومة-الطفولة وعملية الارضاع البالغة في علو قيمتها انسانيا.حيث يغيب في هذه اللوحة ادنى درجات التحفيز الجنسي وتتلاشى الرغبة بانهدام الاثارة.فكلمة (النهد) هي ببساطة ومباشرة باعث فوري على الهيجان الغرائزي،ومفتاح لفتح باب الوصال.اما اسم (الثدي)فيستمد مغزاه من دوره الفعلي كجهاز بايولوجي لادامة الحياة واستمرار النوع،ومعناه القيمي السامي الطهراني،والباعث على التبجيل والتحفظ من ادنى خدش مدنس لمثاليته في عكس صورة الام.
وعودة اخيرة لسؤالنا المركزي الذي هو اصل المقال وفصله:لماذا هذا الولع الهوسي الذكوري-الذكري بأثداء النساء؟!ماهي دوافع هذا الميل والتعلق الجنسي المحض بهاتين الكرتان اللتان تزينان صدر الانثى-المرأة؟!.هذه الظاهرة التي نلمسها اليوم ليست ظاهرة عريقة في القدم،وكما يجري وصفها وتفسيرها كجزء من البنية العصبية-الهرمونية والسايكولوجية-الجنسية لذكور البشر،بل هي ظاهرة حديثة مستحدثة،رافقت تطور الرأسمالية:اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا واخلاقيا وسلوكيا،بعد ان تم تسليع المرأة وجسدها ككل شيء وصلت اليه الرأسمالية وشيئته.وتحديدا في مدنه المكتظة اكثر مما هي في الارياف،وفي المجتمعات الصناعية المتطورة اكثر مما هو في المجتمعات الزراعية،ونمط حياة البداوة.هذا الافتتان الطاريء بالاثداء وفي سياق جنسي،هو غير مسبوق في عالم الحيوان،والذكور البشرية هي اول -ان لم نقل الوحيدة-في الثديات التي جعلت من الاثداء موضوعا جنسيا خالصا.هناك عدة اجابات تحاول ان تفسر وتشرح وتعلل هذا الميل،وكل واحدة منها تزاحم الاخرى في ادعاء الموضوعية العلمية،وانها الوحيدة الصائبة او الاقرب للصواب.ولكنها جميعا تبقى قاصرة او ناقصة كتفسير وحيد واجابة احادية عاجزة عن تقديم الجواب الشافي الكافي على سؤال اشكالي وملتبس،وتحديد العلة الحقيقة لهذه الظاهرة الحديثة المثيرة،وهي:تعلق الذكر البشري دون جميع الحيوانات اللبونة بثدي انثاه كعنصر في تكثيف ومضاعفة وتركيز وتوليد الغلمة وتصعيدها باتجاة ذروة وبؤرة تفريغ شحنة الاوركازم.منها اسباب فسيولوجية وبايولوجية وسايكولوجية ومورفولوجية،وتفسيرات اخرى.:ثقافية وحضارية وبيئوية.الى غير ذلك من افتراضات،تحاول ان تضع تعليلا لهذا الدافع الغامض والمحير نحو الاثداء وغير المسبوق كدافع جنسي،لابايولوجي طبيعي لتغذية المولود.الادعاءات العلمية تجزم برسوخ الظاهرة في الادمغة البشرية،وعلى مدار التاريخ البشري،ومنذ ان تواجه الرجل والمرأة وجها لوجه في ممارسة الجنس،بعد ان تطور الانسان وعلى عكس الحيوانات الاخرى التي تتناسل من الخلف ولا تتواجه-الانسان هو الحيوان الوحيد الذي يمارس الجنس وجها لوجه!-.من هذه التفسيرات التي تدعي العلموية،وتعزو ذلك الولع الطاريء وتفسره بأسباب عصبية تتعلق بمراكز العقد العصبية،وكيمياء الدماغ والافرازات الهرمونية عند الانثى والذكر،وتحول ذلك الهرمون المخصص لتحفيز انتاج الحليب اثناء المص الى محفز جديد ومن نوع اخر مختلف يحفز الرغبة الجنسية لدى الانثى،واستجابة الذكر لذلك الاستعداد وتفاعله ب:لمس ومداعبة وتقبيل ومص الحلمات،الخ.هذا التفسير الذي يتعكز على العلمية في كيمياء فسلجة الدماغ والهرمونات،والمفترض وجوده اصلا منذ ارتقت احدى انواع اللبائن لتصبح كائنا بشريا في بنيتها العصبية ودماغها وماينتج فيه من هرمونات.ولكنه عاجز عن اسقاط هذه الحالة على المراحل التاريخية القديمة لتطور الانسان القديم ،وفي علاقاته الجنسية المتبادلة مع اناثه.فأين كان هذا التفسير؟!.واين كانت غائبة تلك العملية الكيميائية-الدماغية،عندما لم يكن موجودا ابدا ذلك الولع،وتلك الرغبة الجنسية في توظيف التدي كمجال للاثارة وتحريك الانتعاض لدى الذكر البشري في العالم القديم،وهي في عريها الكامل؟!.فلم لم يثير مشهد الثديان العاريان الذكر البشري عندئذ،وهي ظاهرة علمية تسري على الانسان منذ انفصاله عن عالم الحيوان كما يزعم؟!.هناك اكثر من 200ثقافة على كوكبنا،اغلبها وماخلا استثناءات على اصابع اليد،لاتهتم ذكورها بالاثداء جنسيا،وهذا يتقاطع مع الادعاء العلموي الذي يقول بثبات وقدم جنسانية الاثداء،ورسوخها في كيمياء وهرمونات الجنس لدى كلا الجنسين.فالمسلم به تاريخيا في العرف والتقليد والممارسة وثقافة الاثداء،ان لها وظيفة ثابتة ومحددة:وعاءان ينتجان سائل البقاء واطعام الرضع من الولائد وليس هناك من غرض آخر لهما،وكانت العملية الجنسية تتم بميكانيكية حيوانية مشابهة لممارسة باقي الثديات للجنس،ولم تشكل الاثداء اي دافع او محفز جنسي للذكر البشري.نحن لانجد ابدا لافي تجمعات الصيد القبلية القديمة،ولا في المجتمعات الرعوية،ولاحتى في الحضارات الزراعية ومدنيات المدن تلك الظاهرة بحدها الادنى من الاهتمام الذكري الجنسي باثداء الاناث!.فكل العادات وتقاليد واعراف تلك المجتمعات لم تضع دورا او وظيفة مغايرة لاثداء الاناث سوى ماعرفته كوظيفة طبيعية بايولوجية حصرا، كباقي الحيوانات الثدية كتخصص طبيعي لعملية الارضاع،ومحصورة بعلاقة خاصة وحميمة بين الامومة والطفولة للكائن البشري،ولم يكن واردا ابدا هذه الازاحة والتبدل،وهم يعيشون حياتهم شبه عراة،وباثداء عارية مكشوفة،ان يتطلع الذكور وينظروا لاثداء نسائهم كمثير او مهيج جنسي،او محفز للرغبة،ودعوة مفتوحة للممارسة الجنسية!...
.............................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...