باختصار شديد: شهداء ام قتلى


مالوم ابو رغيف
2019 / 7 / 26 - 17:22     

الحكومات على اختلاف انظمتها، السياسيون على اختلاف توجهاتهم، الحزبيون على اختلاف انتمائاتهم، رجال الدين والمؤمنون ايضا على اختلاف اعتقاداتهم
الوطنيون على اختلاف تصوراتهم، النفعيون والمتملقون على اختلاف اهدافهم ومساعيهم يسمون القتلى بالشهداء.
يسمون القتلى بالشهداء
فنقول الجزائر بلد المليون شهيد
والحزب الشيوعي حزب الشهداء
والجنود المقتولين في الحروب شهداء
كتب لي احد الاصدقاء
ان ذلك يعني وجه من اوجه الاحترام للذين قدموا ارواحهم في سبيل قضية سامية.
ربما ولا اعتراض على أي قضية سامية.
لكن من الاحق بالاحترام
وجه القضية
ام وجه الحقيقة.؟
وجه الزيف
ام وجه الاصالة؟
وبعيدا عن الجانب القانوني العراقي الذي يُعطى لاهل القتيل حقوقا اضافية اذا ما أُعتبر المقتول شهيدا ولن يُعطي شيئا اذا لم يعتبروه.
فالشهادة تقدم على انها شرف ورفعة في سبيل غاية سامية رغم ان اغلب ما نسميهم شهداء يحبون الحياة ولا يريدون الموت، فمن لا يُعتبر شهيد، لاي سبب، يعني انهم سلبوا منه ما يسمى بالشرف والمجد الذي يُقنُع وجه القتيل، مع ان كلاهما الشهيد والمقتول واجهوا نفس المصير.
ان صفة شهيد ليس الا خدعة لجأت اليها الحكومات وقيادة الاحزاب ورجال الدين وغيرها من التجمعات السياسية والدينية للزج بالناس في مغامرات سياسية مجنونة حمقاء ليس لها معنى، للزج بهم في حروب عبثية لا يحصد الانسان منها الا الخراب والموت.
بالطبع، الناس لا تود رؤية الحقيقة البشعة للموت، لذا تراها مبهورة ومتفاخرة بلقب الشهيد، انها لا تود رؤية وجهة القتيل ولا جثته التي مزقتها الرصاص ولا تود ان تشعر بالمه ووجعه ساعة الاحتضار. كلمة شهيد تغطي على كل الوجع الانسان وتقدم صورة مخادعة لجمال الموت في سبيل كذا وكذا وكذا.
ليس من حزب يرغب ان يكون حزب القتلى انما حزب الشهداء
وليس من وطن يرغب ان يكون وطن القتلى لكن وطن الشهداء
وليس من دين يرغب ان يكون يكون دين القتلى لكن دين الشهداء
مع ان الحزب والوطن والدين كلهم حزب ووطن ودين القتلى
لاحظ ايضا
ان كلمة شهادة تحمل في مضمونها اختيارا ذاتيا للموت، وهي صورة مخادعة جدا للحقيقة:
لا احد يختار الموت انما يدفع اليه دفعا عندما يُزين وكانه حياة اخرى او مجد لا يظاهيه مجد او رفعة وسمو، مع ان القتلى لا يبقون حتى في ذاكرة الطريق ستنسى اقدامهم الارض ولن يبقى منهم سوى صورة ستذبل الوانها بمرور الزمن وستنتهي الى سديم النسيان ولا تبقى من وجود حياة القتيل سوى خواء وحسرة في ذاكرة الامهات.
كلمة الشهيد تعوق الناس من رؤية وجه الموت البشع ليستمر قتل احدنا الاخر.
كلمة شهيد قمع للغضب الانساني في مواجه الموت.
قمع للاجتاج الانساني في مواجهة استرخاص حياة الانسان
كلمة شهيد تاسيس لعملية قتل قادمة
كلمة شهيد ليس الا ضحك على الذقون وغسل للعقول ومخادعة ارادية يستخدمها اولئك الذين ينئون بأنفسهم عن ما يسمى الشهادة ولا يبعثون ابناءهم الى الموت ولا يعنيهم موت الاف غير ابناءهم، انهم يغامرون ويقامرون بحياة الناس دون أي تأنيب ضمير.
اننا في الشرق
اوطان القتلى
واديان القتلى
واحزاب القتلى.