التعليم في العراق بين الامس واليوم


محمد جواد فارس
2019 / 7 / 26 - 02:07     


لاشك إن التعليم في العالم بمشرقه ومغربه ، أحد اهم العناصر المشاركة في التنمية وبناء المجتمع على أسس التطور في مجالات متعددة منها الصناعة والزراعة والصحة والبناء وتخطيط المدن ، قيادات العالم النامية والمتطورة الاشتراكية والرأسمالية من حيث الوجهات الفكرية ، تضع نصب عينها الأهداف في الخطط القريبة والبعيدة المدى ،تطوير التعليم والمؤسسات المدرسية والتربوية ، وفي مجال التعليم العالي واعداد الكوادر الهندسية والطبية والعلوم الحياتية ، الكمياء والفيزياء وكذلك العلوم الاجتماعية علوم التاريخ والجغرافية وعلم النفس وتربية الطفل وغيرها من الاختصاصات المطلوبة والتي هي مطلوبة وفق متطلبات العصر ومعا ما ينسجم مع التطور المادي والتكنيكي في الوقت الحاضر .



في التربية والتعليم في العراق هو الجهد الذي يبذل من اجل ان يحصل الجيل في البدء على التعليم الاولي في المدارس الابتدائية ان يتعلم اللغة العربية الى جانب لغة ثانية من لغات متداول بها عالميا وكما هو متعارف عليه في العراق لغة إنكليزية او الفرنسية وغيرها من لغات أخرى ، وهنا يمكن ان نقول أهمية تأهيل المعلم بطرق التدريس لهذه المادة او تلك ، والمواد الأخرى التي تدرس في دور المعلمين الابتدائية ودور المعلمين العليا .

وفي عراقنا وقبل نيل الاستقلال ، أي عندما كان يرزح تحت ظل الإمبراطورية العثمانية ، لم تهتم السلطات العثمانية بالتعليم وانا راحت تفرض على العراقيين النمط التركي في العادات والتقاليد ، بينما من خلال تتبعنا لتاريخ العراق وحضارة وادي الرافدين ، كان العراق مهد الحضارات الأولى في أكد وسومر وبابل وملحمة جلجامش الشهيرة والتي كتبت بالحروف المسمارية وكذلك مسلة حمورابي التي كتبت عليها القوانين والتي تعتبر بحق انها الأساس في القوانين الوضعية التي سنت في عالمنا ، والدور الذي قام به الحاكم الاشوري اشور بنيبال في اعداد مكتبة وهي اول مكتبة تنشأ ومنها وضعت أسس المكتبات والارشفة وكانت الكتب تكتب على جلد الغزال ، هذا هو جزء من تاريخ العراق ،



وفي أربعة قرون من تاريخ العراق لكاتبه البريطاني لونكرك وترجمة جعفر الخياط ، يتحدث عن الغزوات على وادي الرافدين لي أهميته التاريخية والاقتصادية ، كان صراعا بين الدولة العثمانية (التركية ) والدولة الفارسية (بلاد فارس )،يقول عندما كانت الغزوات تأتي من الشمال أي من الدولة العثمانية يقوم الاتراك بذبح الشيعة وهم طائفة إسلامية وينكلوا بهم ، اما عندما تكون الغزوة من الشرق أي من بلاد فارس فأنهم يقومون بذبح السنة وينكلون بهم و الطرفين أي الشيعة والسنة هم بالأساس مواطنين عراقيين ، عنوا الجميع من هذه الغزوات التي لم تأتي للعراق لا بتربية للأجيال ولا بعلم من اجل تطور بناء المجتمع العراقي على أسس قيام دولة .



وبعد الحرب العالمية الأولى وانتصار الحلفاء وانهزمت الدولة العثمانية على يد القوات الإنكليزية الغازية وبدء العراقيين مطالبين بإقامة دولة وطنية وانتفضت في انتفاضة النجف عام 1917 ومن ثم قامت ثورة 1920 حيث قامت في الفرات الأوسط وامتدت الى مدن أخرى مطالبة بحكومة وطنية وبعد تنصيب الملك الذي جاءوا به من الحجاز فيصل الأول كان يفكر بإقامة دولة عراقية بمقوماتها والمعروف ان ما سمي بالاستقلال الشكلي لان الإنكليز هم المهيمنين على الدولة العراقية ،كما عبر الشاعر العراقي الشجاع في شعره قال :قالوا استقلت في البلاد حكومة فعجبت .......إن قالوا ولم يتأكدوا . حكومة والاستشارة ربها وحكومة فيها المشاور يعبد ، المستشار هو الذي شرب الطلا ...فعلام يا هذا الوزير تعربد .

المستعمر الإنكليزي كان يفكر كيف يستغل ثروات البلد المعدنية والنفطية وتراث العراق الحضاري الذي سرق ونقل الى بريطانية والان موجود في المتحف الوطني البريطاني ، والاهم هو انهم يعلموا ان العراق يقع على بحيرة نفطية وجاءوا بشركاتهم النفطية للتنقيب واستخراج النفط ، وهو ما اضطرهم للقيام بمشاريع منها الموصلات النهرية والسكة الحديدية والطرق والجسور وغيرها ، وعندما شكلت الحكومة العراقية على يد النقيب وما تبعه ، كان من ضمن الوزارات التي تضمنت الداخلية والخارجية والدفاع والمالية وغيرها كان لوزارة المعارف دورا مهما في بناء المدرسة والاهتمام بالمواطن العراقي وقد كلفت الوزارة ساطع الحصري في اعداد كراس سمي فيما بعد القراءة الخلد ونية ، ولعبت هذه الوزارة أي وزارة المعارف دورا كبيرا في تطوير المدرسة العراقية البدء من المستنصرية ودار الحكمة ومعاهد دور المعلمين الابتدائية ومن ثم دور المعلمين العالية ومن ثم جامعة بغداد وبدانا من كلية الحقوق ومن ثم كلية الطب و بدء تشكل الكليات في مجال الكليات العلمية والإنسانية ، وقامت الحكومات الملكية المتعاقبة في ارسال البعثات الى إنكلترا لكي يأتي الطالب بعد تخرجه وهو يحمل بحق لقب أستاذ جامعي ويعين في الكلية التي يختص بتدريس المادة ، هكذا كانت الدولة العراقية تضع البنات الأولى من اجل العلم والعلماء واعداد جيل متعلم حتى في مهنته ، ووضعت المنهجية في الدراسة ، الابتدائية من الصف الأول الى الصف السادس ويقدم الطالب امتحان سمي امتحان البكلوريا ومن ثم المتوسطة من الصف الأول الى الثالث وأيضا يقدم امتحان وزاري وأخيرا الدراسة الثانوية الرابع والخامس وهنا يختار الطالب بين الدراسة العلمية للعلوم مثل الفيزياء والكمياء والاحياء واللغة العربية والإنكليزية او الدراسة في القسم الادبي يدرس الطالب اللغة العربية والنصوص الأدبية والتاريخ والجغرافية والديانة وكذلك التجاري ويدرس الطالب إضافة للغتين العربية والإنكليزية الاقتصاد والمحاسبة . واستمر هذا النهج التدريس الذي يأهل الطالب لاختيار الكلية حسب رغبته والمعدل الذي يأهله .

وكان لثورة تموز 1958 دورا في تنشيط التربية والتعليم ومكافحة الامية بين صفوف الذين لم يتعلموا القراءة والكتابة وساعدة المنضمات الجماهيرية التي شكلت بعد الثورة أتحاد الشبيبة الديمقراطي واتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وكذلك رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية قامت بفتح الصفوف في كل محلة في المدن العراقية ،وتم القضاء على الامية في العراق في السبعينات من القرن الماضي حسب تقرير اليونسكو واصبح العراق خالي من الامية .

واليوم وبعد الاحتلال للعراق على يد الامريكان والبريطانيون والغرب بمخطط امبريالي صهيوني لتدمير الدولة العراقية ولكي يعود العراق للعصور الوسطى كما وعد بيكر وزير خارجية العراق قبل العدوان عندما جاء برسالة الى العراق تضمنت الدعوى للاعتراف بدولة الكيان الصهيوني ، وقد ساعدهم مما اسموا انفسهم بالمعارضة للنظام الدكتاتوري وساعدوا على إعطاء معلومات كاذبة ، تم تدمير أسس الدولة ومنها التعليم فقد دمروا المدارس وساعدوا على تزوير الشهادات العلمية لغرض الانتخابات في البرلمان وان يحصلوا على مقاعد في مجلس الوزراء وانتشر الفساد والمفسدين في الدولة وانتشرت الامية بوسط المجتمع العراقي ، ومن المثال على التزوير عرفت من خلال الوطني الشهم الأستاذ الدكتور عبد الله الموسوي وكان ملحق ثقافي في لندن طلب منه رئيس الوزراء التصديق على شهادات مزورة تأكد من انها مزور بعد التدقيق ، وعندما رفض ان يقوم بعملية التصديق وهو الذي يعرف أهمية العلم والعلماء في بناء المجتمعات ، وبعد ذلك استلم كتاب من رئيس الوزراء نوري المالكي يطلب منه ترك الملحقية وحورب حتى في التقاعد الذي هو حقه المشروع ، هكذا اصبح التعليم متدني ولا تحترم الشهادة العلمية الصادرة من الجامعات العراقية في دول العالم .

المطلوب الان إعادة النظر بالتعليم الاولي والجامعي وغربلة الشهادات المزورة ومحاسبة الذين قاموا بالتزوير وبناء المدارس ومكافحة الامية في صفوف المجتمع العراقي وخاصة بين موظفي الدولة الذين جاءوا بقرار من الأحزاب الدينية والمحاصصة الطائفية .