هل النساء اقل عرضة للتحرش الجنسي من الرجال؟ رد على استطلاع البي بي سي في تموز 2019.


نادية محمود
2019 / 7 / 22 - 20:23     

نشرت جريدة الى الامام في عددها السابق 500 تقريرا عن استطلاع بي بي سي والبارومتر العربي الذي أجري في عشر دول عربية والأراضي الفلسطينية يشير إلى أن عدد الرجال الذين يقولون إنهم تعرضوا للتحرش الجنسي في الأماكن العامة في العراق يفوق عدد النساء - إذ بلغت النسبة 20% لدى الرجال و17% لدى النساء ويشيرالاستطلاع أيضا إلى أن نسبة الرجال العراقيين الذين يقولون إنهم تعرضوا للعنف الأسري تزيد قليلاً عن نسبة النساء.

وقد اوردت البي بي سي في صفحتها الانكليزية والعربية نفس التقرير، متسائلة، هل يمكن ان يكون هذا امر صحيح؟ ثم تورد عدد من القصص التي يتحدث فيها الشبان عن الانتهاكات الجنسية التي تعرضوا لها، دون ايراد اية مقابلات مع النساء.

كان على كتاب هذه المقالة ان يتوجهوا لقراءة البحث الذي قامت به الباحثة والناشطة رغد قاسم، والتي تؤكد فيه على مجموعة من الاكتشافات وهي كما يلي اولا: " 80% من النساء سمعن أو شاهدن حالات تحرش في أثناء العمل بينما 42% تعرضن للتحرش بنحو مباشر، و27% منهن اضطررن إلى ترك العمل، و19% منهن اضطررن إلى تقديم تنازلات للحصول على عمل". ثانيا: " ترتفع نسب التحرش في القطاع الخاص لتصل إلى 70% مقارنة بالقطاع العام؛ وذلك لعدم رضوخ الكثير من الشركات والمؤسسات إلى القوانين،". ثالثا: أكدت 83% منهن بعدم وجود جهات مختصة لحمايتهن في أثناء تعرضهن للتحرش، و 45% ممن شاركن في الاستطلاع لا يعرفن ماهي حقوقهن، رابعا واخيرا: لم يجري اخبار مديرية الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية والتي تعمل على (وقاية المجتمع من الجريمة، وحالات التعنيف)؛ باية حادث تحرش او عنف منذ تاسيسها عام 2016 والى بداية عام 2019". http://www.bayancenter.org/2019/02/5132/

ان حقيقة قيام تقرير البي بي سي بايراد امثلة للرجال دون النساء يوضح حجم العنف الذي تتعرض له المرأة بحيث بوسع الرجل على الاقل الحديث عنه، ولكن اية امرأة او فتاة سيكون بمقدروها التحدث وتقديم امثلة عن اشكال التحرش الجنسي التي تعرضت لها؟ انه يعطي صورة عن تجنب الحديث من قبل النساء عن هذه المواضيع والتزام الصمت حولها.حيث وكما ورد في تقرير البي بي سي، اذا كان الرجل الذي تعرض للتحرش من قبل رجال ينظر اليه باعتباره متهم ايضا، فاية تهم ستكال للنساء اذا تقدمت بشكوى عن حالة تحرش او حالات منها؟

ان ما يجب قوله هو الحقائق التالية: و هي ان التحرش الجنسي والعنف ضد البنات يبدأ من الطفولة، واول ما يبتدأ من اعضاء الاسرة نفسها من الذكور. حيث تتعرض البنات الى مختلف اشكال التحرش من قبل اعضاء اسرتها من الذكور، من اخوانها، او اعمامها او اخوالها، او اكثر الناس يفترض بهم انهم مصدر امان للبنات، حيث يستغل افراد العائلة حالة الصمت المطبق من قبل الفتيات ليتسنى لهم الاستمرار في هذه الانتهاكات.

تتعرض النساء للتحرش في مواقع العمل، بحيث توضع المرأة امام خيارين، احلاهما مرّ، اما قبول الامر الواقع والتزام الصمت، او تترك العمل في مجتمع تضيق به فرص العمل على الرجال والنساء معا. لم تسجل اية احصائيات عن عدد النساء العاملات اللواتي تعرضن لمختلف اشكال التحرش الجنسي في العمل.

تتعرض الطالبات الى التحرش من قبل اساتذة الجامعات دون ان تتحدث الطالبات، الا اذا كان فيما بينهن فقط.


تتعرض النساء الارامل والمطلقات للتحرش من قبل موظفي الدولة انفسهم. كم عدد النساء الارامل والمطلقات اللواتي ترك الموظفون لهن ارقام هواتفهم، وربطوا بين قيامهم بوظيفتهم المدنية وبين المسعى للحصول على منافع جنسية من هؤلاء المراجعات ؟ اليس طلب زواج المتعة هو شكل من اشكال التحرش الجنسي؟ انه عملية تشجيع بيع الجنس مقابل اداء الخدمة المدنية. حري بمراكز الابحاث والجامعات، ومنظمات المجتمع المدني ان تكشف عن الاشكال التي لا حصر ولا عد لها من انواع التحرش.

تتعرض البنات والنساء اللواتي يسرن كسابلة في الشارع، او الجالسات في الاماكن العامة للتحرش. ان التحرش يبدأ من ملاحقة الفتيات والنساء بنظرات العيون المتلصصة والفضولية والقاء كلمات فيها اشارات وتلميحات المتحرشين يلقوها فرضا وقسراعلى اذان المرأة دون لحظة تفكير بان الطرف المقابل ليس على استعداد لسماع تلك الكلمات.

ناهيك عن التحرش الالكتروني، الذي من الواضح ان اصحاب هذه الاحصائية لم يقوموا به ولم يسألوا امرأة او فتاة عن اشكال التحرش التي تتعرض لها عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.

ان اشكال التحرش الجنسي لا تعد ولا تحصى بحق النساء، وليست هنالك امرأة بمنجى من اشكال هذا التحرش، والمجتمع الذي يقوم بكل هذه الممارسات، يفرض وبنفس الوقت ثقافة واخلاق التزام الصمت على المرأة المتعرضة للتحرش، " حفظا لكرامتها" وفي الحقيقة هي ادامة لسحق كرامتها. حيث ان ثقافة لوم الضحية، وغض النظر عن مرتكب الجريمة، هي عرف سائد.

الا اننا سنعمل ناشطات/ين، نسويات/ يين، باحثات/ين من اجل ان تجريم عملية التحرش بالنساء وفضح مختلف اشكال التحرش ضد النساء، من اجل امنهن، وسلامتهن، وحمايتهن. ان حماية كرامة النساء والفتيات والاناث من الاطفال هي مهمتنا.