أسئلة عن رمزية الحياة ؟


احمد مصارع
2006 / 5 / 10 - 11:16     

كل شيء يوحي بأن الحياة مجرد رمز , كما إشارة مرور مهملة وباهتة , على طريق منعزل , ولكن الحي الذي تحول رمزا , باهت الدلالة , يشير بطريقة ما نحو الموت ؟
قطار الحياة مازال وسيبقى الى أمد بعيد , يسير نح محطات الموت , وهي محطات مريعة , وما الراحة فيها من عناء السفر المزعوم , سوى في ورطة البلاهة في الرحلة , من البداية وحتى النهاية ؟
هل ننظر للحياة بوصفها وسيلة يمتطيها الموت ليبقى بدون جعجعة ولا ضجيج , بل ودون صيحات نشوة , هل من المعقول أن يقبل العقل البشري مهانة كبيرة من النوع ؟
هل الحياة قاتلة , بل وقاتلة بامتياز , فمقابل لحظات حياة رجراجة هناك زمن ممتد للموت اللانهائي , لماذا يتلاصق الموت والحياة في جوار مقاوم للفصل بشدة ؟
الحياة وجدت لتكون ذاتها أضحية للموت وفداء له , هل في الأمر فرط محبة , من نوع ( ألموت حبا بالموت ) , فهل هو الساحر الحبيب , والغالي , والمفدى ؟ أم نوستالجية ميتافيزيقية من الحميم الحنيني للعودة الى الأصل والفصل , ولكن لم الحزن والكراهية , وربما الاشمئزاز من قدرية الحياة حبا أو موتا ؟
لم يتعاقد أحد مطلقا مع الحياة بوصفه حرا في اختيار لحظة موته , فالإرغام أكيد هنا بدون تعاقد يذكر , والمرغم بقوة السير على طريق الموت ولكن برمزية واضحة أسمها مجرد لحظات حياة , ربما كان مجرد عبد , أو مجرد آلة تم تعبئتها بروح من النشوة الخلبية , متفاخرة , ولكن نحو النهاية غير السعيدة .
ربما كان هو سر ورغبة الإنسان في أن يعبا المادة تكنولوجيا كمون سعادته الناقصة وبعض روحه الرمزية الخلبية , بحثا عن سيد جديد لنفسه أو غاية ؟
أن تعيش سعيدا وزاهيا , هذا أمر ممكن على الدوام , وحتى اللحظة الأخيرة , وهي لحظة غزيرة ومكثفة تفضل الصمت على الكلام , والشك على الاعتقاد , فكل شيء فيك سيقاوم , ولكن ماذا يقاوم ؟ ما لابد منه ؟ وما لابد منه هو من الطغيان المستبد ؟.
إذا كانت الحياة اللحظية والآنية , على طريق المحطة الرهيبة , متحققة من وصولي الحتمي نحو النهاية التي لا يحبها أحد ,فلماذا أسكر وأعربد , وأهرب لكل حالة من حالات اللا وعي , كما لوكانت محطات جانبية , مهربة غير منظورة , حين يكون الوهم هو مسطرتي اليائسة من الحياة قبل الوصول للمحطة الأخيرة !.
إرادة أم قدر ؟ أم فوضى ؟ , الجميع سيان ؟!.
ما قيمة الحقائق الافتراضية أو الرمزية , أمام الواقع الفعلي , بل وما قيمة التناوبية المونوتونية التافهة , حين تزدحم المعترضات من ذات لا معنى , ويظل الإيقاع ذاته يتردد هو هو على حاله , من نوع حياة , سلم ثم سكون يضج بصخب الموت.
وفجأة أعلق علقة لاانفكاك منها , حين يتحداني أحدهم أو أحدنا بنشوة بالغة , قائلا : إما أن تقتلني أو أقتلك , وما يفيد الاستغراب ؟!, فالحياة ذاتها ستقتلنا جميعا لإرضاء نهمها عبر الموت فينا أو علينا , وما الاستنكار الدارويني المكتشف لبذاءة الحد القاتل , وهو من نوع :
إما أن تقتل الآخر غيرك , أم أن غيرك الآخر سيقتلك ؟!.
جرس إنذار خطير للغاية , وهو غاية علماء العصر , فالمطلوب حيا أو ميتا ميت بالأصل , ولطالما القتل واقع بالحالتين , فلماذا لا أطلب بالسلم دون عنف الموت الآجل لمجرد لحظات , ولبشرية مستغرقة أصلا في خضم محيط الموت ؟
هل يمكننا القول أن من يقتل غيره هو بالضبط من يقتل نفسه ؟
يبدو أن الأسمى من ذلك كله , أن أتمنطق , بل وأقرر بكل بلاهة احتجاجية على الواقع , وما هو بواقع , لا اقبل أبدا , وأبدا أن أقتل الآخرين , ليس لشئ سوى دفاعا عن حقي في البقاء وحتى اللحظة الأخيرة .
لا اقتل الآخرين ربما يعني ذلك منطقيا أن لا يقتلني الآخرين , وحينها لن أساهم في قتل نفسي , وهو منطق رمزي افتراضي من البداية في رحلة الحياة وصولا الى السكة في محطة الموت ؟
ينبغي أن نحيا جمعيا , أحيا أنا ويحيا غيري , والأهم أن نفكر جميعا نحن الضحايا كيف سيكون بمقدورنا نحن السنا فير , أن تتحدى التحدي نفسه بدون حدود ؟
الموت طاغية يتلذذ باستعباد الحياة ؟!....
ثنائية ( الموت - تراب ) , تطغي بشكل مستبد على ثنائية ( الحياة - اخضرار ) , وكأن الحياة مجرد وسيلة رمزية , بينما الموت غاية لها ؟
يالها من محطة مريعة ؟!.
من الناحية الايتميمولوجية , فقد كان حذرنا المعري من الدوس على الأرض كي لاتقتل غيرك أو تقتل نفسك , فما الأرض إلا من أجساد العباد , بينا كان الخيام يتوسل بالفنان صانع الخزف الفرفوري , بالصبر والأناة والرفق مع عجينه الخزفي الآدمي ؟
وللحديث عن برزخ الموت بقية مثيرة ...