محافظ كركوك الجديد والصراعات القومية!


عادل احمد
2019 / 7 / 16 - 23:59     

وأخيرا اتفقت الأحزاب القومية الكوردية، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني على تعيين (طيب جبار) محافظا لمحافظة كركوك. يأتي هذا الاتفاق بعد الأزمة الطويلة بين الأحزاب القومية الكوردية وصراعاتها مع البعض والتي ظهرت بشكل بين في كركوك. وصاحبت هذا التعيين احتجاجات وتظاهرات بين القوميين العرب والتركمان تطالب ان لا يكون لهم محافظا منصبا لقومية كوردية وأكثرها جليا كان تظاهرة القوميين العرب يوم الجمعة الماضي 12 تموز. لو كان الاختيار على عكس ذلك اي ان يكون المحافظ منصبا للقومية العربية او التركمانية لكانت التظاهرات والاحتجاجات شملت المواطنين المتحدثين باللغة الكوردية بالضد من تعيين المحافظين من غير قوميتهم ! وهذا هو جوهر الصراع السياسي في العراق عموما وخاصة محافظة كركوك. والجدير بالذكر عن ان يكون نوع المحافظ سواء كورديا او عربيا شيعيا أم سنيا او تركمانيا فان الامور لن تختلف اي شيء بالنسبة لحياة المواطنين العاديين الساكنين في هذه المحافظة. إذن لماذا كل هذا الصراع ولماذا كل هذا الاقتتال القومي والطائفي في هذه المحافظة الغنية بالموارد النفطية؟ولماذا لا يوجد هذا النوع من الصراع في المحافظات الاخرى مثل السليمانية واربيل ودهوك؟ ومن هنا يمكن ان نستنتج نوع وطابع الصراع السياسي في كركوك.
ان موقعية كركوك الجغرافية هي منطقة الوصل بين مناطق ساكني اللغات المختلفة في الشمال والشمال الشرقي متصل بالمناطق الكوردية وفي الجنوب والجنوب الغربي نتصل بالمناطق العربية وان مركزها وغربها متصل بالمناطق التركمانية والأهم من ذلك توجد بحيرة من النفط تحت سطحها.. وانه طوال تاريخ الدولة العراقية الحديثة والتي استكشف فيها النفط في عدد مناطق وخاصة كركوك ، اصبح مدينة كركوك محل أنظار القوميين من العرب والكورد والتركمان من اجل الاستيلاء على هذه الموارد وهذا الدخل لصالح كل طرف والكل حسب امكانياته السياسية والعسكرية استطاع ان يترك تأثيرها على المواطنين عن طريق تحريك الاحاسيس القومية لساكني هذه المحافظة التي ليس لها أية مصلحة بتاتا من كل هذه الصراعات بل وبالعكس من ذلك اصبح الإكراه والاقتتال والتشرد والاستيلاء على الأملاك والأراضي البعض تقليداعندما تشتد الصراعات السياسية. ان سياسة التعريب والتكريد هما وجهان لعملة واحدة. ان الطبقات المحرومة من العمال والكادحين والفقراء من كل القوميات ليس لهم العداوة مع البعض وليس لهم المصلحة في الصراع القومي ولكن لديهم العداوة مع الأغنياء والطبقات من كل القوميات، ان الشركات والمصانع ومن ضمنها شركة نفط الشمال لا تجلب الفرح والسعادة للمواطنين بل تمتص دمائهم وكدحهم من اجل تراكم رأسمالهم وأموالهم والتي لا تتوقف عند أية حد!! رأينا المحافظ عربيا في زمن البعث وكانت حال المواطنين عموما في اسوء حالاتها و خراب المدينة في اسوأه وكذلك رأينا المحافظ كورديا ورأينا حال المواطنين عموما في اسوء و اقبح حالاته وانتشر الفساد والتصفيات العرقية والاغتيالات السياسية خبرا يوميا .. ومن ثم رأيناالمحافظ بالوكالة عربيا راكان الجبوري والذي كان مدعوما بالقوميين التركمان اصبح سيئا يوم بعد يوم واليوم اتفق القوميين الأكراد بتعيين محافظا كورديا في هذه المدينة لن يظيف شيئا جديدا من اجل إنهاء الصراع السياسي بين القوميين.
نحن الشيوعيين العماليين من اول يوم بعد سقوط النظام البعثي، قلنا بأن كركوك لها ظروف خاصة ولها تاريخ مؤلم لجميع ساكني هذه المحافظة من الصراعات الرجعية بين القوميين العرب والكورد والتركمان من اجل السيطرة والحكم.. وقلنا بانه يجب ان يكون حكم كركوك استثنائيا وبعيدة عن الصراعات القومية ويجب ان تمنع تبعيتها السياسية لأية قومية. ان كركوك هي محافظة المواطنيين الساكنين فيها بدون تفرقة وان هويتها يجب ان يكون إنسانية فقط وليس كورديا أو عربيا او وتركمانيا ان جميع المواطنيين متساويين في الحقوق ومتساويين امام القانون واحرار أينما يسكنوا وفي كل ما يملكوا.. ومن يقوم بتأجيج الصراعات القومية والعرقية والطائفية يعتبر مجرما يعاقب بموجب القانون الإنساني ..
واليوم نقول نفس الشئ وخاصة هناك صراع الطائفي أضيف الى الصراعات القومية عندما دخل الحشد الشعبي وطرد منها القوات الكوردية..
ان تعيبن المحافظ الجديد طيب جبار من حصة القوميين الأكراد لن يظيف شيئا جديدا لهذه المحافظة المكتظة بالصراعات العرقية وإنما سيؤجج الصراعات بشكل اكثر .. ليست المسألة بشخص المحافظ نفسه كونه شاعرا وأديباً او شخصا هادئا وظريفا وانما تكمن المشكلة بتعيين محافظ كركوك الجديد وفقا للهوية القومية وكونه كورديا ومحسوبا على تيار الاتحاد الوطني الكوردستاني وهذا لن يجلب شيئا جديدا بل وبالعكس وخاصة الحشد الشعبي متمركزة حول المحافظة وتتدخل في كل تفاصيل شؤون وإدارة المحافظة وتعين المدراء والمسؤلين الإداريين والأمنيين وهذا سيفتح الباب من جديد للقيام بالتصفيات والاغتيالات السياسية بين الأطراف المتصارعة في كركوك..
ان على الأحرار والشرفاء في محافظة كركوك النزول الى ميدان المواجهة بعكس اتجاه القوميين وتياراتهم .. ليس من المهم من يكون محافظا وانما مهم ان يكون هويته الانسانية لا غير وان تمنع أية سياسة تفرقة وان لا تتدخل أية جهة في شؤون هذه المحافظة وانما المواطنيين الساكنين في هذه المحافظة وعن طريق انتخاب ممثليهم المباشرين في المحلات والمناطق السكنية وإرسالهم الى لجان المحافظة ومن حق لجنة المحافظة المنتخبة ان ترشح محافظا شرعيا ومتى لم يقوم الإيفاء بواجباته يمكن تنحيته واستبداله مباشرة بطريقة الديمقراطية المباشرة.. لا يوجد حل اخر لصالح الجماهير العمالية والكادحة والفقيرة الا هذا الحل الإنساني .. فقط الهوية الانسانية وحق المواطنة المتساوية بأمكانها ان تجلب الرفاه والازدهار الاقتصادي لجميع المواطنين بدون استثناء عن طريق صرف نسبة معينة من دخل النفط لتنمية وبناء المشاريع الاقتصادية وتوفير فرص العمل لجميع المواطنيين.