أنصافا للزعيم .. الرد على التانغو الأخير في بغداد وأكاذيب مجلة القبس الكويتية


جاسم محمد كاظم
2019 / 7 / 13 - 22:06     

في عام 1982 وجدت مجلة مرمية في أحدى المزابل القريبة من مدرستنا المتوسطة ولحبي الشديد للكتب ومطالعتها فقد أخذت تلك المجلة الممزقة الغلاف والشبيهة بكتيب صغير وعرفت من بعض أوراقها الأخرى بان اسمها القبس الكويتية .
ولان عمرنا الصغير ومداركنا الفكرية البسيطة لم تسمح لنا في تلك الفترة الزمنية بمعرفة وتحليل ماهو مكتوب في سطور تلك المجلات وربطة بالواقع المعاش .
وبصراحة شديدة قرأت في الربع الأول من تلك المجلة موضوع أثارني لان المجلة الكويتية قد نشرت في احد أقسامها اسم بغداد فأردت أن أرى ماذا يقول الكويتيون عن عاصمة العراق بعنوان لا اعرف البعض من كلماته كالأتي :-
" التانغو الأخير في بغداد ".
وبقي كل ما كتبة صاحب المقال الذي لا أتذكر أسمة بالكامل شيئا غير مفهوم لأنة لا يتعلق ببغداد من قريب أو بعيد .
لكن سير الزمن الدائب إلى الأمام قد يعيد شريط الذكريات حينما تختلط بعض الأمور وتتشابك المفردات بحثا عن الحقيقة المفقودة .
اليوم عادت بي الذاكرة وأنا أطالع على النت كل ما قيل وكتب في ثورة الرابع عشر من تموز عبر لقاءات حية ومباشرة مع شهود العصر فالح حنظل والأميرة بديعة واللواء شاكر العزاوي واستذكرت معها سطور تلك المجلة وما دون فيها .
تتفق أكثر كتب المذكرات التي سطرت لتموز الظافر منذ أولها في بداية الخمسينات حتى آخر ما دونته الأصابع في بداية التسعينات من القرن العشرين بان الزعيم قاسم اجتمع في يوم 11 تموز بالعقيد عبد السلام والعقيد عبد اللطيف الدراجي لتدارس خطة تنفيذ الثورة ومنذ ذلك الوقت بقي الزعيم مع لواء المشاة التاسع عشر يرسم لحظات التنفيذ بعيدا عن بغداد .
وفي ليلة الثورة سهر الزعيم حتى الصباح يراقب عمل السرايا في منطقة المنصورية في محافظة ديالى التي تبعد ما يقارب ال100 كيلو متر من بغداد بعد أعطاء الخطة النهائية للتنفيذ .
يقول بعض شهود العيان بان الزعيم قد أمر بنشر كافة قطعات اللواء وبقي يراقب الوضع ويتفحص السرايا طوال الليل حتى الصباح .
وحين سمع نداء الثورة من الراديو الصغير الذي معه أعطى أوامره للتحرك بدخول بغداد التي وصلها الساعة الحادية عشر صباحا .
وهكذا يفند التاريخ بكل شهوده الحية ما يقوله ذلك الصحفي الكويتي الموتور من الزعيم قاسم لأنة أراد ضم الكويت للعراق باعتبارها قضاء عراقيا سليبا اقتضت بعض الظروف اقتطاعها من وطنها الأم بإرادة بريطانية.
وهذا ما يبرر قول الكاتب وتهجمه على الزعيم قاسم على نسق بعض الضباط المتسمين بالأحرار عندما انتقصوا من الزعيم في الندوة الفكرية المطولة أقامتها مجلة آفاق عربية حول توثيق ثورة الرابع عشر من تموز فبادر البعض بتزوير التاريخ تقربا للسلطة الفاشية على نسق الرائد عبد الجبار عبد الكريم ووصفة الزعيم قاسم بأنة أناني مفرط وحقود على غيرة من الضباط ولا يحب إلا نفسه .
وهذا ما فندة العميد الركن البعثي جاسم العزاوي بان في مذكراته بان الزعيم عبد الكريم كان شجاعا مقداما يحب الآخرين ويثق بهم ويصدق ما يقولونه له إلى الدرجة التي أدت بة إلى نهايته في شباط الغادر.
يقول كاتب المقال الكويتي عن نفسه بأنة في يوم الثالث عشر من تموز 13-7 - 1958 بقي سهرانا في أحدى ملاهي العاصمة بغداد يحتسي الخمرة ويستمع إلى أغاني الطرب والمغنيات وهزات أوساطهن و وبينما هو يتسلى بذلك دخل ضابط عراقي برتبة كبيرة بكامل بزته العسكرية واخذ يرقص رقصة لاهية تشبه رقصة التانغو بدون موعد في صالة الملهى .
ويسهب الكاتب بوصف رشاقة هذا الضابط في حركاتة الانفعالية مصحوبا بهتاف وانفعالات الجمع المتفرج من رواد الملهى له بالتصفيق الكثير مما جعله يزيد حمى الرقص والقفز لمدة تصل إلى نصف ساعة .
وبعد ذلك العرض اللاهب غادر هذا الضابط صالة الملهى تحت تصفيق كبير وصفير ضج بة الملهى .
وحين أفاق هذا الكاتب الكويتي من سكرة في صباح اليوم الثاني بعدما غادرته نشوة الخمرة البغدادية بهبة الشعب ودوي الرصاص نحو قصر الرحاب وحركة الجيش في الشوارع .
لكن المفاجئة الكبرى التي بقيت يتيمة ولا تماثلها في التاريخ حتى ضربة هيروشيما بالقنابل النووية أن الصحف التي صدرت بعد يوم الثورة حملت معها صورة الزعيم عبد الكريم قاسم بوصفة قائد الثورة العراقية .
وهنا تذكر ذلك الصحفي الكويتي بلحظة مفاجئة أن ذلك الضابط الرشيق الذي رقص التانغو في صالة الملهى كان طبق الأصل للصورة المنشورة لقائد تموز الظافر .
ليقول الكاتب بعد ذلك بالنص الصريح بان ذلك الشخص الذي أبدع في الرقص كان هو الزعيم عبد الكريم قاسم .
يظن البعض من القوميين والحوزويين وأذيال البدوان أن تشويه التاريخ قد يجلب الشهرة للبعض بخلق أشياء موهومة وإضافة أحداث كاذبة لتغيير المسار ولان هؤلاء لا يمتلكون اخلاق الفرسان لمدح الخصم النبيل لذلك نراهم يبادرون بعقلية الإعرابي الساذج لتشويه الصورة .
لكنهم مع ذلك يصطدمون بأنفسهم من جديد لان شهود العيان وذاكرة التاريخ ما تزال حية إلى اليوم وهي كافية لتفنيد ما يقوله الأذيال والذين ارتعبوا من صوت الزعيم وهو يصرح بأعلى صوته بان الكويت عراقية وستبقى عراقية إلى الأبد .
:::::::::::::::::::::::::::
جاسم محمد كاظم