بصدد حزب البروليتاريا بقلم بابلو ميراندا / ترجمة مرتضى العبيدي


مرتضى العبيدي
2019 / 7 / 5 - 09:59     

الحزب الشيوعي: ضرورة تاريخية

إن الماركسية اللينينية تؤكد بوضوح الحاجة إلى الحزب الشيوعي كمنظم و قائد للنضال الثوري للطبقة العاملة من أجل الاشتراكية. إن التجربة التاريخية و المعارك التي خاضتها الطبقة العاملة تؤكد صحة هذه النظرية .
لقد بدأ نضال الطبقة العاملة من أجل الانعتاق منذ زمن بعيد. ففي القرن التاسع عشر، وفي أوروبا تحديدا، وسّع العمّال مجال نضالهم، مضيفين إلى مطالبهم النقابية مطالب سياسية. وهكذا فهمت الطبقة العاملة ضرورة النضال من أجل السلطة مع إدراك أنها صانعة الثورة الاجتماعية و قائدتها.
كانت هذه المرحلة نتيجة مسار نضالي حدد الأهداف المباشرة كتقليص يوم العمل و استقرار الشغل وتحسين الأجور والوقوف ضد استغلال و اضطهاد أرباب العمل، و من أجل إصلاحات قانونية و اجتماعية. لقد كانت معارك ضارية، طوّر خلالها العمال المبادئ الإيديولوجية والسياسية للحركة النقابية، وأدركوا أن لا مناص من بلوغ وحدة العمال على المستويات الجهوية والوطنية ، ثم الأممية بعد ذلك ، وقد استوعبوا ومارسوا مبدأ الأممية البروليتارية. كانت المواجهة الإيديولوجية و السياسية و الصراع بين مواقف الاشتراكية العلمية و النظريات و المقترحات الفوضوية، و بين الماركسية و المواقف الانتهازية على أشدّها. إن تطور الحركة العمالية نفسها و نضالاتها و آفاقها ساهم في إرساء مبادئ الاشتراكية العلمية ، أي الماركسية .
إن انتصار الثورات في القرن العشرين كان بفضل وجود حزب البروليتاريا المستقل، حزب تقوده الماركسية اللينينية، حزب له القدرة على تقديم برنامج و مقترحات و طرق عمل و شعارات تمثل فعلياً المصالح المباشرة و الإستراتيجية للطبقة العاملة، و لديه العزيمة و الحكمة على مواجهة متغيرات المسار الثوري ، حزب ملتصق بالطبقة العاملة ، حزب بانضباط حديدي، و بقيادة واحدة و عزيمة واحدة في العمل ، حزب له قيادة مركزية قادرة و حازمة ، حزب جريء و متمرس في المعارك يعرف كيف يواجه العدو الطبقي في كل الظروف .
لقد كانت ثورة أكتوبر أول و أعظم تجربة للعمال. و كانت قادرة على التطور و الانتصار في ظروف معقدة و صعبة، و يرجع ذلك لوجود الحزب البلشفي . و الثورة الألبانية كانت ممكنة بوجود الحزب الشيوعي الذي وضع نفسه على رأس طموحات الطبقة العاملة و الشعب في الحرية و الديمقراطية و قاد المعركة حتى النصر و كذلك معركة بناء الاشتراكية. و كانت الثورات الأخرى التي حدثت في القرن العشرين ناتجة بالأساس عن نضال الطبقة العاملة و الشعب بقيادة الحزب الشيوعي. أما أغلب المسارات الثورية انطلقت و لم تصل إلى النصر، فيرجع ذلك أساسا إلى ضعف الحزب الشيوعي. إن النضال من أجل التحرر الوطني الذي بدأ في عديد المستعمرات و البلدان المستقلة التي انتصرت لم يؤد إلى الاستقلال التام و لا إلى الاشتراكية لأن حزب الطبقة العاملة لم يكن موجودا أو كان صغيرا و ضعيفا و غير قادر على قيادة تلك المسارات .

حزب الطبقة العاملة الثوري يعتنق مبادئ الماركسية اللينينية الثورية التي تقوده

إن الحزب السياسي للطبقة العاملة يتخذ من نظرية الطبقة العاملة، الماركسية اللينينية، إيديولوجيته و سياساته و فلسفته و برنامجه الاقتصادي و الاجتماعي. لقد ظهرت الماركسية اللينينية كنتيجة للتعميم النظري لتنظيم و نضال العمال، و تطور الفلسفة المادية و الاقتصاد السياسي و المادية التاريخية و نتيجة تحليل طبيعة الرأسمالية و قوانين تطورها. لقد كان واضعو النظرية منغمسين في تنظيم و نضال العمال في صفوف الجمعية العالمية للعمال. لقد كانوا مناضلين نقابيين و قادة ومنظمين في الحزب الشيوعي. لقد طوروا علم الثورة. هذا العلم أثبت صحته في الممارسة الاجتماعية، في نضال الطبقة العاملة. في كل بلد، و على الصعيد العالمي في انتصار ثورة أكتوبر، و في الثورات الاشتراكية الأخرى و ثورات التحرر الوطني. إنها الفكرة الثورية، و النظرية السياسية الأكثر تقدما التي عرفتها الإنسانية عبر كل مسيرتها التاريخية. إن مبادئها الثورية ذات صلوحية عالمية و ناجعة في كل البلدان. لكن تطبيقها طبعا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوضعية الملموسة. إن الماركسية اللينينية نظرية حية و متطورة ، و كل الثورات الناجحة ساهمت في تطويرها. إن مختلف معارك الطبقة العاملة و عمل الشيوعيين في كل البلدان هي مساهمة في ذلك التطور .
إن الماركسية اللينينية ليست دوغما، إنها دليل عمل ، و فلسفة لتحليل العالم لكن أساسا لتغييره . إن الأحزاب الشيوعية و أحزاب العمال ظهرت تحت قيادة الماركسية اللينينية، في صراع مفتوح من أجل وجودها و تطورها، في مواجهة المواقف الانتهازية و التوفيقية التي كانت دائما تهددها. و كانت تصارع من أجل توجهها و تعمل جاهدة لتطبيقها بكل روح مبادرة و عزم في الوضعيات الملموسة لبلدانها، في ديناميكية اجتماعية و سياسية و في ظروف متغيرة على الصعيد الوطني و العالمي . إن على هذه الأحزاب مواصلة التشبث بالمبادئ الماركسية اللينينية في النضال الاجتماعي و السياسي حتى الوصول بالثورة إلى منتهاها .

الهدف المركزي للحزب هو أخذ السلطة

إن السياسة و المقترحات البرامجية والأرضيات و الشعارات تندرج في هذا الاتجاه. إن النضال من أجل السلطة هو نضال يومي، على أرض واقع المجتمع، في حمى الصراع الطبقي. إن الصراع الطبقي يتطور في استقلالية عن إرادة الأفراد و الأحزاب السياسية. و يجد تعبيرتة في المواجهة بين العمال و أرباب العمل، بين الطبقات الكادحة و البورجوازية، بين الشعوب و الإمبريالية. و في ظروف معينة يصبح الصراع الطبقي محتدا و متسعا جدا و يشمل الطبقة العاملة و الكادحين الآخرين، ويواجه بين الشعب من ناحية و الطبقات العليا من ناحية أخرى، و يمكن أن يؤدي إلى أزمة سياسية. و في فترات أخرى تكون المواجهة أقل حدة و تكون في شكل نضالات معزولة و متفرقة. و في بعض الأحيان تبدو الأمور هادئة و كأن هناك سلما اجتماعية. في كل الأحوال، فإن الصراع الطبقي لا يزول، بل يأخذ تعبيرات و أشكال و مستويات مختلفة. و يتمظهر الصراع الطبقي أساسا في النضال الاقتصادي و السياسي و الإيديولوجي. و تكون مختلف هذه الواجهات متشابكة و لا يمكن التعاطي معها وكأنها معزولة عن بعضها البعض.

النضال الاقتصادي

إن الدور القيادي لحزب البروليتاريا يجد تعبيرته خصوصا في قيادة و تنظيم معارك الطبقة العاملة و الشعب و الشباب في النضال من أجل مصالحهم الاقتصادية المباشرة و استعمالها كرافعة للوصول للأسباب الحقيقية لأوضاع الطبقات الكادحة و تحديد الأعداء المباشرين أي الرسماليين و الماسكين بالسلطة ، كما تساعد هذه النضالات على تثقيف الجماهير سياسيا و رسم طريقهم إلى السلطة.

النضال السياسي

إن الشيوعيين منصهرون بوعي في الصراع من أجل السلطة و الذي يدور يوميا داخل المجتمع، و هم دوما إلى جانب قضية العمال و الفقراء و المستغلين و المضطهدين، و يواجهون المؤسسات الرسمية ، و القوانين المعادية للعمال و يقفون ضد التسلط و القمع و جور القضاة و البوليس و القوات المسلحة. و مع رفضهم للسياسات الرأسمالية، يقدمون مقترحات برنامجية ، و شعارات تمكنهم من إعلاء سياسة الطبقة العاملة و نشرها في صفوف العمال و الشعب و الشباب بل وكذلك في المجتمع كله . هذه أساسا السياسة الثورية لحزب البروليتاريا. انها تمارس كل يوم، في كل الظروف ، و في كل مكان . طبعا ، في المجتمع الرأسمالي ، في بعض الأوقات ، فإن الصراع السياسي من أجل السلطة يحتد ، و كذلك المواجهة لربح مواقع بين مختلف قطاعات الفئات الحاكمة . و بصفة عامة يقع حل هذه الخلافات بينهم عبر الانتخابات في ظل الديمقراطية التمثيلية. و كنتيجة لاحتداد التناقضات بين المستغلين و المستغلين ، بين المضطهدين و المضطهدين، و داخل المجموعات المختلفة للطبقات الحاكمة تندلع الأزمات السياسية. و هي تنعكس على كل المجتمع ، كل الطبقات و كل الشرائح. و موضوعيا لا أحد يقف خارجها . و في كل هذه الأحداث كانت الأحزاب الماركسية اللينينية مشاركة بمواقفها الخاصة ممثلة لمصالح الطبقة العاملة و الشعب و الوطن بهدف تطوير البلاد . إن الأحزاب الشيوعية واضحة في مسألة الحاجة إلى التربية السياسية للطبقات الكادحة ، لإبراز الطابع الطبقي للحكومة الموجودة و إبراز المهمة التاريخية للطبقة العاملة و مسؤوليتها في قيادة نضال العمال و الشعب في أفق الثورة و الاشتراكية، و ضرورة و إمكانية أخذ السلطة الشعبية. إن هذه المسؤوليات تقع على عاتق أحزاب الطبقة العاملة التي تتعامل معها بكل عزم وجرأة .

الصراع الإيديولوجي

إن الصراع الإيديولوجي في المجتمع الرأسمالي يتطور بمعزل عن إرادة الأفراد و يعبر عن مصالح الطبقات الاجتماعية المتناقضة، الطبقة العاملة و البورجوازية. إنه صراع بين أهداف الرأسماليين الذين يعملون على الحفاظ على ثرواتهم و امتيازاتهم وحمايتها و تطويرها، و بين أهداف العمال في الدفاع عن مصالحهم و الحصول على حقوقهم و العزم على تغيير الواقع و كنس المشغلين و إرساء أنفسهم كطبقات حاكمة. إن الطبقة الرأسمالية ، ككل الطبقات الحاكمة سابقا وصلت إلى الحكم و عملت يوميا على التشبث به و البقاء فيه إلى الأبد. إن حكم البورجوازية يعتمد على القوة و على دور البوليس و القوات المسلحة. إنها تدافع عن نفسها بالقمع و العنف. و لكن ، للبقاء في الحكم و تطوير سلطتها فإن طبقة الرأسماليين تعمل أساسا على إيجاد شرعية لتسلطها .
إن البورجوازية تبرر صعودها إلى السلطة و استعمال القوة و الرعب برفع شعارات "الحرية و المساواة و التضامن" وبإعلان حرية الأقنان و تحرير العبيد. و أرست تشريعا يقوم على المساواة أمام القانون، و أقرّت مبدأ الاقتراع العام و التداول على السلطة و الحكومة و وجود البرلمان ونجاعته وكذلك مزايا الديمقراطية التمثيلية. و في مرحلة الإمبريالية تعلن نفسها حامية للسلام و الحرية و الديمقراطية و تعلن استعدادها للتدخل في أي بلد يقع فيه انتهاك هذه المبادئ . ولو أخذنا بعين الاعتبار حجم الميزانيات المرصودة والتقدم الحاصل في الزمن الراهن، فإننا سنخلص إلى أن العالم قد بلغ أعلى مستويات التطور و الديمقراطية و السلم بفضل الحرية الفردية و المنافسة و التبادل الحر. وبما أن العمال جزء من المجتمع، ساهموا في إرساء هذه الديمقراطية ، يجب أن يكونوا القوة الرائدة في هذا التقدم المتواصل و المستفيدين منه بما يناسب جهدهم، ولا تكون أجورهم لمجرّد سد الرمق و التجدد .
مع تطور الرأسمالية برزت الطبقة العاملة الصناعية، البروليتاريا التي تخلق الثروة وتحول الموارد الطبيعية إلى بضائع وسلع مادية تجعل الحياة ممكنة وفي تطور مطرد . إن الثروة المنتجة من طرف العمال يقع انتزاعها من طرف الخواص من مالكي وسائل الإنتاج ، أي الطبقة الرأسمالية ، جاعلين من العمال عبيدا مأجورين. إن هذا الواقع يضع أهم طبقات المجتمع الرأسمالي في قطبين متناقضين: الطبقة العاملة و البورجوازية . إن البورجوازية عندما قلبت حكم الإقطاع، ركزت عالما ثوريا جديدا و أعطت أهمية و دفعا للعلم و التكنولوجيا و ثوّرت وسائل الإنتاج، خالقة كميات هائلة من الثروة مع مركزتها. إن هذا العالم الجديد كان مبنيا على أسس استغلال جهد آلاف الملايين من البشر، و على الاضطهاد الاجتماعي و السياسي، و على نهب الموارد الطبيعية لكل البلدان . إنه فاسد منذ البداية و يحمل أسباب هرمه و زواله. إن ذلك العالم الجديد هو اليوم قديم ، متآكل و متعفن .
إن البورجوازية عندما قامت على قاعدة استغلال و اضطهاد الملايين من البشر فقد تحوّلت إلى مارد ذي ساقين من طين. و كلما كبرت حولت أقنان الإقطاع إلى عمال " أحرار " و ضاعفت في أعدادهم و نشرتهم في الأرض، و وضعتهم في علاقة مباشرة مع تقدم العلوم و التكنولوجيا و جعلت منهم أفرادا اجتماعين واعين بدورهم من أجل أن يصبحوا حافري قبور عالم رأس المال و صانعي العالم الجديد، مجتمع العمال و الاشتراكية. إن البورجوازية و البروليتاريا هما ضدان في المجتمع الرأسمالي. إنهما في صراع دائم من أجل أخذ الدور المهيمن. في الوقت الحالي، الرأسماليون في السلطة و لكن العمال يصارعون لقلبهم و إسقاطهم ليكونوا الطبقة الحاكمة الجديدة. إن هذا الصراع سوف يتواصل حتى تنتصر البروليتاريا نهائيا و تخلق الظروف المادية و النفسية للقضاء على الطبقية، بما في ذلك زوالها كطبقة، للوصول إلى الشيوعية .
إن الصراع الإيديولوجي بين البروليتاريا و البورجوازية موجود في كل الظروف ، و هو حاضر في مختلف مراحل الصراع الطبقي . و يجد تعبيرته في صراع الجديد الثوري ضد القديم الرجعي : بين التقليد الثوري و ما بعد الحداثة الجديد و بين النظريات التي تنفي المادية التاريخية و وجود الطبقات الاجتماعية و دور البروليتاريا، بين "الحرية الفردية "، الأنانية ، ضد المصالح الجماعية و التضامن، بين الديمقراطية البورجوازية التي تبرر اضطهاد الجماهير العاملة و قمع النقابيين و الثوريين، و في المقابل، الديمقراطية البروليتارية، و حق التعبير و القرار و إنجاز الأعمال الكبرى لصالح الغالبية الواسعة، و الديمقراطية المباشرة ، ديمقراطية الجماهير، و بين الديمقراطية التمثيلية و الحكومة الثورية التي تتعهد بالإنجازات الكبرى للاشتراكية .
إن الحزب الشيوعي هو الحامل الأساسي و الثابت لمبادئ البروليتاريا. و يشارك بصفة حاسمة في هذا الصراع الأيديولوجي و ينشر مبادئ الثورة و الاشتراكية و السلطة الشعبية و دكتاتورية البروليتاريا

الصراع من أجل السلطة

من ضمن كل أشكال الصراع الطبقي ، يعتبر الصراع السياسي الأكثر أهمية. إنه الصراع الذي يؤدي إلى افتكاك السلطة التي تمكن من الإنجازات التي يحتاجها العمال و الشعوب و تريد تجسيدها لصالحها. إن الحزب الشيوعي يجعل الصراع السياسي في المقام الأول و يطور الصراع الاقتصادي على صعيد يومي و ينخرط في الصراع الأيديولوجي و يوجه أهم نشاطاته للصراع من أجل افتكاك السلطة، و يعمل في ذلك التوجه على ضم قاعدة الثورة، العمال و الفلاحون و المفكرون التقدميون و الشعوب و الأمم المضطهدة، و يعمل باستمرار على بناء الجبهة الثورية المتحدة و عزل الطبقة العدو، البورجوازية الكبرى و الإمبريالية وعلى مراكمة القوى الثورية الشديدة التي تؤدي إلى المعارك النهائية لقلب نظام السلطة المحلية و الرأسماليين الأجانب و إرساء سلطة الشعب ، و يرفع رايات التحرير : الراية الحمراء للعمال و الثورة و الاشتراكية ، رايات التحرر الوطني للبلدان التابعة .

مناهضة لدكتاتورية البورجوازية ، نحن الشيوعيون نناضل من أجل دكتاتورية البروليتاريا

منذ البداية انقسم المجتمع إلى طبقات و ركز الدولة كتعبيرة عن المؤسسات و كآلية لممارسة السلطة و استعباد و استغلال الطبقات العاملة و القطاعات الاجتماعية. والدولة الرأسمالية لا تحيد عن هذه الرؤى. إنها أداة الطبقة الرأسمالية و الإمبريالية لممارسة نفوذها الاقتصادي و المحافظة على مصالحها وحمايتها وتطويرها. و هي منظمة من أجل فرض تبعية الطبقة العاملة و الطبقات الكادحة الأخرى، ولضمان تأبيد هيمنتها. إن الدولة البورجوازية ، بصرف النظر عن شكلها ، و عن مستوى المكاسب الاجتماعية و السياسية للعمال و الشعوب المكتسبة بفعل نضالات مريرة، ورغم التصريحات الرسمية و العقائد و القوانين الدستورية، فإنها تبقى تعبيرة عن حكم أرباب العمل و دكتاتورية الطبقة الرأسمالية التي تعلن الحرية و الديمقراطية للقوي، و تمأسس استغلال و تبعية العمال . إن الديمقراطية التمثيلية ، و الدكتاتورية العسكرية، و الفاشية و الحكومات الاستبدادية أو الأنظمة الإصلاحية كلها أشكال لدكتاتورية البورجوازية و تعبيرات عن سيادة امتيازات الأقلية و استغلال و فقر و اضطهاد الأغلبية الواسعة .
إن الطبقة العاملة و حزبها لا يجب أن يرتبطوا بالدولة البورجوازية و بمحتواها ، بل عليها أن تعمل على تحقيق أهدافها الطبقية وأن تحطّم جهاز الدولة الذي أرساه المستغلون، و على أنقاضه تبني السلطة الشعبية، أي دولة العمال وجوهرها دكتاتورية البروليتاريا التي قد تتخذ أشكالا مختلفة حسب الظروف التاريخية الملموسة لكل وضع .

كان لديكتاتورية البروليتاريا في الإتحاد السوفياتي السابق وفي بقية البلدان نتائج عديدة. إذ هي سمحت بالقطع مع كل العوائق الأيديولوجية و السياسية التي كانت تسمح باضطهاد و استغلال العمال ، و إدراج نوع جديد من الديمقراطية ، الديمقراطية البروليتارية التي مكنت الملايين من البشر المساهمين في الإنتاج في المصانع و الحقول بالتمتع بالحرية التامة و منحتهم الحق في التعبير عن انتظاراتهم من دولة العمال و الفلاحين. لقد ثوّرت التعليم و الفنون و وضعتهم في خدمة كل العمال ، كما أعطت أهمية لتقدم العلم و الاكتشافات العلمية و جعلتها متاحة للغالبية الساحقة من الشعب . كما تولت الدفاع عن المجتمع الجديد ، قامعة الطبقات الرجعية المهزومة التي كانت تحاول تخريب الثورة .. لقد كانت في حاجة للدفاع عن نفسها من اعتداء الإمبريالية و الرجعية العالمية ..
إن دكتاتورية البروليتاريا ستكون دائما التعبيرة عن الديمقراطية الأوسع للجماهير لأنها تعني ممارسة السلطة من طرف العمال والدكتاتورية على الرأسماليين و الرجعيين الآخرين. لقد أثبتت التجربة التاريخية عدة أشكال لدكتاتورية البروليتاريا، و في المستقبل سيجد العمال و الشعوب بلا شك أنجع الأشكال لممارسة سلطة البروليتاريا و الطبقات الكادحة الأخرى على المستغلين السابقين و على أشكال رأس المال داخل البلاد و سيدافعون عن أنفسهم ضد تهديدات الرجعية و الثورة المضادة على المستوى المحلي و العالمي .

الجماهير الكادحة و الشباب هم الفاعلون الاجتماعيون في الثورة

إن حزب البروليتاريا الثوري يستطيع بل يجب عليه أن ينجز مهمته التاريخية في تنظيم الثورة و القيام بها بشرط أن يطوّر باستمرار روابطه مع الطبقات الكادحة و الشعب و الشباب ويعمل على ضمان قيادة الطبقة العاملة لها وعلى تقوية نفوذه بين صفوفها. إن التصاق الحزب بالجماهير يهدف إلى التأكد من أن المقترحات و السياسات و الشعارات الثورية أصبحت مفهومة و مقبولة من طرف "القطاعات الحاسمة من الجماهير " و ستكون الأغلبية الواسعة من الجماهير مقتنعة بضرورة الثورة و صحتها و بإنجازات الاشتراكية، و هو أمر لا يتم إلا من خلال السلطة. الطبقة العاملة و الكادحون الآخرون و الشباب يمكن و لا بد من إشراكهم في العمل الثوري في قطاعاتهم المتقدمة عبر تعزيز أطروحات و برنامج الحزب ، و قدرته على إقناعهم بضرورة و عدالة الثورة وإمكانية إنجازها .. و سيتأكدون بأنفسهم من صحة هذه الأفكار عبر ممارستهم الاجتماعية أي عبر التحركات و الإضرابات و افتكاك الأراضي و الانتفاضات .
و سوف تلتحق قطاعات الأخرى من الجماهير بالمعركة و بالنضال ، مقتنعة بصحة و قوة الأفكار الثورية ، بينما يلتحق جزء كبير من الجماهير عند ملاحظته لإنجازات الثورة. و هذا يعني أن حزب البروليتاريا عليه أن يثابر في عمله من أجل ربح الجماهير و ضمها إلى المعركة ، و عليه أن يهتم بقطاعات الطبقة العاملة و الشعب و الشباب الذين يشكلون " الأغلبيات الحاسمة " . * ما هي " الأغلبيات الحاسمة "؟ كيف نشخصها ؟ و فوق ذلك ، كيف نعمل على جرها إلى المسار الثوري ؟ الأغلبيات الحاسمة هي القوى الاجتماعية الأكثر استعدادا للمعركة ، تلك القطاعات الأكثر انفتاحا على المقترحات البرنامجية للثورة ، تلك القطاعات من الطبقة العاملة التي تشتغل بالمركبات الصناعية الكبرى و في الميادين الإستراتيجية للاقتصاد ، في عدة بلدان ، الشغالون في القطاعات العمومية.
في الغالبية الكبرى من البلدان الخاضعة للإمبريالية ، خاصة التي مازالت فيها أنماط الإنتاج ما قبل الرأسمالية ، أين يكون تطور قوى الإنتاج بطيئا ، و مشوّها من جرّاء التقسيم العالمي للعمل المفروض من طرف الاحتكارات و البلدان الإمبريالية ، فان القطاع الفلاحي، و فيه ، جزء مهم من فقراء و متوسطي الفلاحين يشكلون جزءا حاسما من قطاعات الجماهير و لهم قابلية للدخول في المسار الثوري ، لذلك يستحقون اهتمام حزب البروليتاريا و تشكل وحدات العمال و الفلاحين القاعدة الأساسية للجبهة الثورية المتحدة.
و من بين شغالي القطاع العمومي في عديد البلدان، يلتحق المدرّسون بالمعركة من أجل حقوقهم و يواجهون الحكومة البورجوازية ، الطبقة الرأسمالية. و يكونون جزءا من القطاعات الحاسمة في الجماهير. و يجب أن يقادوا بالمواقف الثورية من طرف حزب الطبقة العاملة باتجاه المعركة من أجل السلطة و الثورة و الاشتراكية.
إن الشباب من الطبقات الكادحة، تلك القطاعات التي تشارك كأجراء في المؤسسات و فئات شباب الفلاحين يمثلون قطاعا اجتماعيا حيا يمكن أن يعتنق بسرعة مبادئ الثورة و الاشتراكية. و على حزب البروليتاريا أن يتحمل مسؤولية تنظيم و قيادة معارك المعاهد الثانوية و الجامعة : هذه القطاعات لعبت و تلعب دورا هاما في المجتمع . و قدرتها على التعبئة يمكن أن تدرج في المسار الثوري. و جزء مهم منهم من أنصار الثورة و الحلم المتقدم للالتحاق بالمعركة الثورية المسلحة. و في صفوفهم يوجد محاربون شجعان و عازمون، يمكن إدماجهم في النضال الشيوعي .
على حزب البروليتاريا أن يركز قواه على هذه القطاعات من الجماهير لكي يركز نفسه و يكبر. لكن من الضروري أن يذهب أبعد قليلا لتحديد مَن مِن تلك القطاعات قادرة على التقدم بنسق أسرع ، و من هي القادرة بأعمالها الخاصة على خلق نقاط مرجعية اجتماعية و سياسية و في أوقات محددة يمكن أن تلعب دورا حاسما في المسار الثوري . البحث عنهم و العمل بصفة مستدامة لكي يعرفوا سياسة الحزب و المساهمة في منظماتهم الاجتماعية و النقابية، و تعزيز الحزب و قواه من بين عناصرهم المتميزة ، هذه مهمة تمكننا في كل لحظة من ربح الأغلبية الحاسمة ، و هي كذلك، أساسا بسبب دورها، لكن أيضا بسبب عددها.
إن ربح " الأغلبيات الحاسمة " إلى صفوف الثورة ممكن تماما و يمكن القيام به . فعلى الماركسيين اللينينيين القائمين بتلك المهام أن يثابروا على ذلك العمل .

الدور الطلائعي للحزب الشيوعي

يجب على الحزب أن يدرك أنه الطليعة ، و يجب أن يكون كذلك فعليا . إنها ليست مسألة بسيطة ، أو صفة يمكن إعطاؤها . نحن الطليعة لأننا نمثل في النظرية و التطبيق المصالح الحقيقية للطبقة العاملة و هي الطبقة الاجتماعية القادرة على قيادة الطبقات الكادحة الأخرى في المعركة من أجل التحرر من الرأسمالية. إن دور الطليعة يستحقه الحزب لأن له تحليل تاريخي صحيح و خط سياسي ثوري و فوق ذلك لأنه كرس فكره و نشاطه للمعركة الثورية و للعمل الدائم في تنظيم العمال و توحدهم و تربيتهم سياسيا و قيادتهم في المعارك الصغيرة و الكبيرة من أجل تحقيق مطالبهم المباشرة و انعتاقهم . و بهذا الشكل فقط، يصبح الحزب هو القائد الفعلي و هو يستحق هذا اللقب بوصفه المنظم الجماعي.
على الحزب أن ينشر مقترحاته ويعرّف بهوّيته ، و ماذا يقترح لليوم و للغد من أجل المجتمع الجديد . عندما تتعرف الطبقة العاملة و الشباب على سياسة الحزب و عندما تقتنع بصحتها و توقيتها و مصداقيتها، فإن قطاعاتهم المتقدمة ستفهمها و تتبناها و تقرر النضال من أجل تفعيلها. و عندما نعمل على نشر الإستراتيجية الثورية و ضرورة و إمكانية أخذ السلطة و دور العنف الثوري من أجل ذلك الهدف ، والاشتراكية ، طبيعتها و إنجازاتها ، فأن العمال و الشعب و الشباب سيتحولون إلى قادة في معركة التغيير و الثورة و السلطة الشعبية و الاشتراكية . إن إستراتيجية و تكتيكات الحزب تصبح فعلا نقاطا مرجعية بالنسبة للجماهير و تبرز الدور الطلائعي للحزب والموقع القيادي لسياساته.
على الثوريين ، الرفاق و الأعضاء أن يحصلوا على ثقة الجماهير و عليهم إن يتحملوا بمسؤولية قيادة المعركة في كل مستوياتها و ظروفها. إن المعركة نفسها تؤكد الناس المميزين، أولئك الذين تتوفر فيهم الشروط الأساسية للعب دور القادة. و على الشيوعيين و الثوريين الآخرين أن يدركوا جيدا أن دورهم يبرز في قدرتهم على تجميع و توحيد و تنظيم و قيادة الجماهير في معاركها اليومية . إن هذا النشاط هو اختبار للمعارك الثورية الكبرى التي سوف تتطور والتي يجب على كل عضو أن يؤدي دوره كاملا فيها .
إن القادة الشيوعيين لا يحرزوا على شرف قيادة الجماهير بمجرد مرسوم بسيط، أو لأنهم من الشيوعيين المتشددين، بل هم يكسبونها من قبل القوى الاجتماعية التي تشارك في الثورة، وعليهم أن يثبتوا جدارتهم بذلك. و لتحقيق ذلك من الضروري أن تكون لهم الإرادة لذلك. إن الثوريين الماركسيين اللينينيين قادرون على رؤية ما وراء الظروف المباشرة . إنهم يرون الأسباب و المتناقضات و الآفاق .هذه التحاليل تمكنهم من التفسير و إقناع الجماهير بصحة مقترحاتهم و تمكنهم من إيجاد الطريق و تحديد أهداف المعركة و كيف يوفرون القوى للمعركة و يجعلون ذلك ممكنا بالنسبة لمختلف قطاعات التي فيها الشيوعيون ناشطون و مستعدون أن يتقبلوا سياسة الحزب و يثقوا في عمل و قدرة و شجاعة كل واحد من أعضائه و النضال من أجلها تحت قيادته.
بهذه الطريقة ، نحن الشيوعيون سوف نحصل على اللقب المشرف : قادة شعبيين . و هو ما يعني أساسا تحمل مسؤوليات جديدة من الواجب إنجازها في خط تصاعدي لولبي في اتجاه مهام جديدة و أرقى. كما يجب على قادة النقابات و الجمعيات و الفلاحين و الشباب و الشعب أن يفرضوا أنفسهم في محيطهم الاجتماعي . و يجب عليهم أن يطوروا باستمرار قناعاتهم الأيديولوجية و السياسية و مستواهم الثقافي . و إذا ما تحصلوا على التجربة و الاحترام في قطاعهم الاجتماعي تكون لهم إمكانية أحسن لإبراز أنفسهم من النشاط السياسي إلى العمل الثوري . يبدءون كقادة محليين و يجب أن يتوقوا إلى خوض المعارك العامة و الوطنية ، و من مركزهم كقادة اجتماعيين يجب أن يتطوّروا إلى قادة ثوريين . و في هذا المجال فإن للأحزاب الماركسية اللينينية تجارب مهمة تحتاج إلى التعميم .

في الدفاع عن الماركسية اللينينية في مواجهة الرجعية و الانتهازية

إن حزب الطبقة العاملة يشارك بنشاط في معركة الأفكار التي تقع كل يوم في مختلف الظروف. إن البورجوازية ، عبر منظريها، تعمل على شرعنة حكمها أمام المجتمع ككل مستعملة الوسائل المختلفة : الأديان ، المدارس ، الأكاديمية ، المؤسسات البورجوازية ، القمع ، الكذب و الإعلام . إن تطور قوى الإنتاج و أدوات الإنتاج ، و التقدم في العلم و التكنولوجيا و التجديدات و الاختراعات التي تمت كنتيجة لمراكمة الثروة المنتجة من طرف العمال و الاستحواذ عليها ، كلها تستعمل لتمجيد الرأسمالية، و الزعم بأنها أرقى أشكال التطور التاريخي و بأنها مفيدة لكل البشرية ومصدر رقي لكل البلدان.
إن الرأسماليين ينشرون أفكارا و مقترحات جديدة و يقدمون روايات جديدة عن تطوّر البشرية فيها مراجعة و تأويل للتاريخ، لتمرير رؤية فلسفية "جديدة " تمكنهم من الظهور كحاملين لأفضل التيارات الفلسفية الجديدة لفترة ما بعد الحداثة التي تعتبر خلاصة التقدم الاجتماعي التاريخي.
إنهم يستعملون كذلك مكتسبات العمال في مجال الحقوق والديمقراطية ليزعموا بأن التطور ممكن، في ظل البورجوازية وبإذن منها ، وذلك نتيجة للطبيعة الديمقراطية للرأسمالية .و في ذات الوقت ينظمون حملة واسعة من الكذب و تشويه الحقائق حول الثورة و الاشتراكية و يشيطنون الحزب الشيوعي و يستغلون هزيمة التحريفية الجديدة و انحلال الإتحاد السوفياتي السابق ليزعموا هزيمة الاشتراكية و موتها، و يعلنون نهاية الإيديولوجيات و الصراع الطبقي. و يشوّهون الثورة و الاشتراكية ويزعمون أنها تضحيات لا طائل من ورائها يقدمها العمال و الشعب و لا يغنمون منها شيئا ، و تؤدي إلى العودة إلى الرأسمالية. وهم يوجهون سهامهم المسمومة إلى وجود الحزب الشيوعي و دوره و إلى دور الطبقة العاملة التي من الممكن، بدون اللجوء إلى الثورة، أن تحقق منافع عظيمة يمكن إن تكبر بتطور الرأسمالية.
لقد تحوّلت الديمقراطية الاشتراكية إلى رأس حربة البورجوازية لمهاجمة الثورة و الاشتراكية و الإتحاد السوفياتي و المعسكر الاشتراكي، لتبرز نفسها للطبقات العاملة كبديل للثورة. إن الاشتراكية الديمقراطية هي فقط وجه من وجوه دكتاتورية البورجوازية و الرأسمالية .
ومع الألفية الجديدة و خاصة فيما يسمى الأمريكيتين ، فإن اشتراكية القرن الحادي و العشرين، المستفيدة من المعارك الطويلة للعمال و الشعب و الشباب ضد السياسات النيوليبرالية، وقع تقديمها كبديل للاشتراكية العلمية و للتجربة التاريخية للمسارات الثورية التي قادتها الطبقة العاملة و الشعوب في القرن العشرين . إن مختلف أشكال الانتهازية تنضاف إلى جوقة التشويه من الطبقة الرأسمالية : ينظمون صفوفهم في هجماتهم ضد الماركسية اللينينية و يعلنون أنها بالية و يدعون لضرورة إيجاد و إعداد مقترحات جديدة لتحرير العمال . و يتهمون الحزب الشيوعي بتوظيف المعارك النقابية و المعارك الثورية والاستفادة منها. و يشيطنون المركزية الديمقراطية على أنها نوع من الاستبداد القاتل لمبادرات الثوريين البروليتاريين .
و في هذا العمل برزت مختلف أشكال التحريفية المعاصرة: التحريفية الخروتشوفية التي تراجعت عن الشيوعية بتعلة تغير الزمن و بطلان الماركسية اللينينية ، و خانت و أدانت دكتاتورية البروليتاريا. و قد وجهوا تهجماتهم اللاذعة خصوصا تجاه ستالين ، و حولوا أنفسهم إلى أحزاب إصلاحية و أدوات للرأسمالية و الإمبريالية من أجل التوافق الطبقي و نزع السلاح الإيديولوجي و السياسي للطبقة العاملة و من أجل تدمير الأحزاب الشيوعية التي لعبت في يوم ما دورا ثوريا أساسيا. لقد حوّلوهم إلى أدوات هدم للدول الاشتراكية . و بعض هذه الأحزاب، حفاظا على جوهرها الانتهازي ، تطور خطابا ثوريا زائفا لمواصلة الخداع و البروز كشيوعيي العصر.
و منذ طردها و إدانتها من طرف البلاشفة، فإن التروتسكية و أتباعها أصبحت و مازالت رأس حربة الرجعية و الأعراف للاصطفاف بهجوماتهم ضد الثورة البلشفية ، ملتحقين بجوقة الرأسماليين الذين يدينونها على أساس أنها دكتاتورية الحزب و مظهر بيروقراطية و كتعبيرة عن الستالينية التي يلومونها على كل الأشياء السيئة التي وجدت و توجد الآن .
إن مجموعة من ثوريي البرجوازية الصغيرة التافهين و من المفكرين التقدميين يشاركون في التهجم على الشيوعية و دكتاتورية البروليتاريا أو ستالين . أو انطلاقا من المفاهيم المثالية فإنهم يدينون الأعمال البطولية للطبقة العاملة و الثورة و دكتاتورية ما يسمونه الستالينية .
و يخوض الحزب الشيوعي بحزم الصراع النظري و السياسي مع البورجوازية و الرجعية و مختلف تعبيرات الانتهازية. و يتولى الدفاع عن الماركسية اللينينية و التجربة التاريخية لثورات القرن العشرين و دور الحزب الشيوعي و صلوحية دكتاتورية البروليتاريا و يطرح دائما دراسة المسارات الثورية و نجاحاتها و انتصاراتها و كذلك الأسباب التي مكنت من تغلب سياسات الإمبريالية و الرجعية و هدم الإتحاد السوفياتي سابقا و الثورات الأخرى .
و رغم أن أهم شكل للدفاع عن الماركسية اللينينية هو الالتزام و الممارسة العملية و اتباع تعاليمها و تحت توجيهها إعادة فتح الطريق للثورة و الاشتراكية، فإنه على الثوريين البروليتاريين أن يشاركوا في النقاش النظري الذي يظهر. و ليس كافيا العودة إلى المراجع الكلاسيكية ، على كل واحد أن يتدخل بنشاط في النقاش ، في الظروف الملموسة التي يظهر فيها و يجيب أيضا عن التحديات الجديدة في مجال النظرية الثورية .

الصراع الأيديولوجي يقوي حزب البروليتاريا

إن الحزب يُبنى في المخبر الكبير للصراع الطبقي، داخل المعركة النظرية و السياسية بين الطبقة العاملة و البورجوازية، بين الشعوب و الإمبريالية. و انطلاقا من المفاهيم البروليتارية الثورية و الممارسات التي يقوم بها الشيوعيون تكون الأحزاب الماركسية و المنظمات قد تركزت و تطورت. و رغم ذلك ، بالأحرى بسبب هذا الظرف ، فأن الصراع الطبقي يقع خوضه أيضا داخل الحزب ، في مجال الأفكار و المفاهيم الثورية و ممارسة أعضائه . و أثناء نشاطه الثوري هناك أخطاء و غلطات ترتكب ، و هناك صعوبات و عراقيل للتجاوز . و تأثير إيديولوجية الإمبريالية و البورجوازية ، و أطروحات الانتهازية والتحريفية يجب مواجهتها. و للتأكد من إصلاح الأخطاء و تجاوز المصاعب و حل المشكلات بين الشيوعيين يجب استعمال أداة النقد و النقد الذاتي من أجل تأكيد وحدتهم الأيديولوجية و السياسية، ومقاومة وعزل الأفكار و المواقف الخاطئة.
إن الصراع الإيديولوجي هو تعبير عن الصراع الطبقي داخل الحزب . إنها مواجهة يجب خوضها حتى النهاية ، حتى تأكيد المفاهيم البروليتارية . إن الوحدة الأيديولوجية و السياسية يجب بلوغها و مواصلتها في كل الظروف ، مع فضح الأفكار الخاطئة و استئصالها، و كشف تسرب أطروحات الرجعية و الانتهازية. إن التوافق في مجال الصراع الإيديولوجي يؤدي إلى إضعاف الطبيعة الطبقية للحزب و إلى زرع الأوهام حول الإصلاحية ، و إلى الانحراف عن أهداف الشيوعية .

الأممية البروليتارية تتطابق مع الطبيعة الطبقية للحزب الشيوعي

الطبقة العاملة هي طبقة واحدة، في كل البلدان تشارك بصفة ريادية في عملية الإنتاج و جزء هام منها مدمج في المجمعات الصناعية ، قطاع آخر منتشر في المؤسسات الصغرى و المتوسطة و مجهز بأحدث التكنولوجيا و في علاقة مباشرة مع الابتكارات و الاختراعات الجديدة و العلم و التكنولوجيا. إنه القطاع الخالق للثروة التي تتم مراكمتها و تركيزها عند الاحتكارات الكبيرة ، في البلدان الإمبريالية و المجموعات البورجوازية في كل جهات الأرض.
إن المجتمع الرأسمالي و الاحتكارات و البلدان الإمبريالية هم مصادرو فائض القيمة الذي تخلقه آلاف ملايين العمال في كل البلدان. إنهم يفرضون الإجراءات و القوانين و الاضطهاد و الاستغلال و النظم القمعية في كل العالم. و رغم انقسام الطبقة الرأسمالية إلى مجموعات احتكارية كبيرة و عدة بلدان إمبريالية ، و إلى عدة مجموعات اقتصادية في كل بلد ، فإنهم كلهم يستفيدون من الثروة المنتجة من البروليتاريا و يتصرفون كجبهة واحدة ضد الطبقة العاملة و الشعوب .

إن الطبقة العاملة طبقة عالمية تواجه طبقة رأس المال على صعيد شامل. و منذ بداية وضعها كطبقة لذاتها و منذ الأيام الأولى للتنظيم النقابي كان لها الفهم والوعي بطبيعة الاستغلال الرأسمالي و بالحاجة لبناء التنظيم العالمي للبروليتاريا و تشكيل وحدة العمال.
إن الحركة العمالية و نضالها هيأ الظروف لبروز و تقوية الأحزاب الشيوعية التي انخرطت كمحاربين أمميين من أجل الاشتراكية . و كان الحزب الشيوعي دائما لواء الصدام للثورة العالمية للبروليتاريا، و أثناء تاريخه الطويل فقد أنجز مفاخر عظيمة للشيوعيين المناضلين من أجل الثورة و الاشتراكية، بقطع النظر عن البلد الذي نشأ فيها. إن الأحزاب الماركسية اللينينية في الحاضر المتجمعة في الندوة الدولية للأحزاب و المنظمات الماركسية اللينينية تؤكد هويتها الأممية و موقفها كأجزاء من الثورة الاشتراكية العالمية. إن تأسيس و تطوّر و نضال الندوة الدولية للأحزاب و المنظمات الماركسية اللينينية هي تأكيد على تعلق مكوّناتها بمبادئ الأممية البروليتارية و ممارستها.

الجريدة الشيوعية

إن سياسة حزب البروليتاريا و تعبيراتها العامة و الخاصة يجب أن تكون معروفة لدى الطبقة العاملة و لدى الطبقات الكادحة الأخرى و الشباب و يجب أن تنتشر في المجتمع كله .و إن نشاط الحزب لا يمكن أن يتطور إلا عبر الدعاية للأفكار الثورية و لا يمكن إنجاز الاشتراكية إذا لم تكن المفاهيم و المقترحات الماركسية اللينينية منتشرة بين الطبقة العاملة و الجماهير .و يجب على العمل الدعائي أن يكون موجها لربح أوسع جماهير العمال للثورة و الاشتراكية، و ثانياً يجب أن يشجب و يدين المجتمع البورجوازي، والهيمنة الامبريالية ، وفساد الرأسمالية و تفسخها ، و طبعا أن يفضح المواقف الإصلاحية للديمقراطية الاشتراكية و الانتهازية و التحريفية .
إن صحة التوجهات التكتيكية و المقترح الثوري و السلطة الشعبية و الاشتراكية و أشكال التنظيم و طرق التقدم نحو أخذ السلطة و الطبيعة الثورية للحزب و قواه ، و قدرتها و تماسكها و شجاعتها و عزمها ، و الدور و الطبيعة الديمقراطية للقادة و الرؤساء الثوريين و قدرتهم على قيادة النضالات الشعبية و مهاراتهم في تنفيذ إرادات الجماهير ، يجب أن تكون كلها دوافع و محتويات الدعاية الثورية .
و يجب على نشاط الدعاية الثورية أن يتوجه أولا نحو القطاعات الشعبية التي تشكل القاعدة الاجتماعية للثورة ، و ثانيا نحو القطاعات الاجتماعية الأكثر فقرا في المجتمع ، و ثالثا نحو الإنتلجنسيا التقدمية من الطبقات الوسطى من السكان .إن القاعدة الاجتماعية للحزب، أي العمال و الفلاحون و سكان الأحياء الفقيرة و أصحاب الأعمال الصغار ، و المدرسين و طلبة المعاهد الثانوية و الجامعات، و الرجال و النساء الديمقراطيين و الوطنيين القادرين على الاصطفاف مع المواقف الثورية ، يجب أن يحصلوا بصفة مستمرة ، على فيض من الأفكار الماركسية اللينينية .
إن الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة و الشباب هم ضحايا الهجوم الرجعي، و عرضة للتلاعب الإيديولوجي و السياسي من طرف الرجعية و الانتهازية. و الدعاية الحزبية يجب أن تأخذ هذه العناصر في الحسبان و تبحث و تجد الطرق و الوسائل للوصول إليها و تثبت مفهوم التغيير و فهم المشاكل و دورها القيادي في التنظيم و النضال الشعبي.
إن غالبية السكان هم ضحايا استغلال و اضطهاد الرأسماليين. يعانون ويلات الفقر و يستفحل وضعهم يوميا بنقص التشغيل و غلاء المعيشة. تلك هي القطاعات الاجتماعية القابلة للانفجار و عرضة للقيام بأعمال يائسة ، و يقع التلاعب بهم في الانتخابات من طرف التوجهات الشعبوية التي تعدهم بالعالم كله ، و بالخلاص .و لكنهم يُصدمون بزيف هذه الوعود . هؤلاء الفقراء ، و العراة ، يجب أن تشملهم الدعاية من أجل ضمهم إلى النضال من أجل التغيير الذي يريدون ، لكنهم يعتقدون أنه سوف يأتي من المسيح . إن جزءا من انتلجنسيا الطبقة ألوسطى من السكان ، و من البورجوازية الصغيرة و المهنيين و المدرسين و الطلبة لهم مفاهيم تقدمية و ديمقراطية لم يقع احتواءهم من طرف النظام كـ " مفكريه العضويين " . أنهم قادرون على الفهم و الانخراط في المقترحات الثورية. إنهم عادة يكونون جزءا من تشكيلات الاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية ، لكن فيها جزء راديكالي. و طبيعة نشاط هذه القطاعات الاجتماعية تجعل منهم صنّاع رأي . و دعاية الحزب يجب أن تتجه إلى هذه القطاعات . و محتوياتها يجب أن تبرز صحتها النظرية و تقدم الحجج التي تدل على صوابها و توقيتها. و يجب أن لا ننسى إعطاءهم الفرصة، ليس فقط لقراءة مواقفنا بل كذلك للتعبير عنها كقادة يقومون بالدعاية الثورية.
إن التجارب في مجال الدعاية ، و خاصة ، الحاجة إلى التقدم بخطى عملاقة يجب أن تساعد على تحسين نوعيتها و حجمها من أجل الوصول إلى ملايين البشر، كل المجتمع ، القاعدة الاجتماعية للحزب، و الأنتلجنسيا التقدمية المحرومة .لذا وجب توظيف كل الأشكال والوسائل المتاحة من صحافة مكتوبة و منشورات و دعاية حائطية ، و الإذاعة و التلفزة ، كما عليهم استعمال الفجوات الحاصلة في الإعلام التجاري عبر المقابلات الصحفية و النقاشات و البيانات و النشرات و النداءات .
إن الوسيلة الأساسية في دعاية الحزب الماركسي اللينيني يجب أن تكون الجريدة المركزية لسان حال اللجنة المركزية. إن اللينينية تؤكد على الدور العظيم لجريدة الحزب. من " اسكرا " إلى" البرافدا " لقد كانت حصن العمل الثوري للجماهير، و قد لعبت دور الداعية و المحرض لنضال الطبقة العاملة و الفلاحين و التنظيم النقابي و الحزب. و قد كانت المصدح الذي أعطى الإشارة للانقضاض على السلطة .
من المؤكد أن الإعلام تطور مع تطور قوى الإنتاج و ابتكارات العلم و التكنولوجيا في الوقت القريب خاصة مع الدور الذي لعبته الأنترنات و شبكات التواصل الاجتماعي . لكن ، دون الاستغناء عن مختلف هذه الأشكال ، يجب على الحزب أن يؤكد على الجريدة و على صدورها الدوري و قدرتها كقاطرة للتوحيد السياسي للحزب و تنظيم الجماهير و المعارك الطبقية للعمال .




العنف الثوري هو قابلة التاريخ

إن تحرر العبيد كان نتيجة تمردهم و نتيجة انتفاضات كبيرة و ثورات حطمت الأغلال و فتحت حقبة جديدة لتطور التاريخ الإنساني، للحكم المطلق للإقطاع ، للدكتاتورية ، لإخضاع الملاين من الفلاحين الذين كـ " رجال أحرار " تحولوا إلى مستعبدين. ووقع القضاء على سلطة الظلامية بثورة الحرفيين و الفلاحين الذين تم استغلالهم من البورجوازية من أجل الصعود إلى السلطة السياسية معتمدة على العمال و الفلاحين كقوات لها . إن المحاولات المتكررة من طرف الأرستقراطية الإقطاعية و الرجعية لاستعادة امتيازاتها قد استعمل فيها العنف. لكنها هزمت مرة بعد مرة بالعنف الثوري الذي مارسته البورجوازية معتمدة على العمال و الفلاحين كقوات لها . إن البرجوازية في السلطة تلجأ إلى العنف للحفاظ على مصالحها و زيادتها و تأبيدها. و تعمل الإمبريالية على تثبيت هيمنتها الاقتصادية و السياسية عن طريق الحروب العدوانية و تركيز أنظمة "ماريونات" (دُمى) و قوات احتلال.
إن أول ثورة بروليتارية ناجحة ، كومونة باريس ، ركزت أول حكومة عمالية ، أول شكل من دكتاتورية البروليتاريا مصحوبة بالانتفاضة المسلحة للعمال. و دافعت عن نفسها عن طريق العنف الثوري إلى أن سقطت بسبب تفوق الرأسماليين. و ثورة أكتوبر العظيمة ولدت من الانتفاضة المسلحة في 25 أكتوبر 1917 ، و نجت من هجوم الثورة المضادة و هزمتها بعد حرب أهلية دموية ، معتمدة على الجيش الأحمر و العمال و الفلاحين المسلحين الذين يحاربون من أجل مصيرهم. و الثورة الألبانية و الصينية ، و حرب تحرير فيتنام و كل الثورات التي أخذت السلطة ، و التي شكلت المعسكر الاشتراكي الكبير، كانت نتيجة الحرب الثورية و حرب العصابات و الانتفاضات .
إن تحرير العمال و استقلالهم الحقيقي يتم فقط بتنظيم و انتصار النضال الثوري المسلح . و الشيوعيون الماركسيون اللينينيون يتبنون العنف الثوري و يسعون إلى تنظيمه في الظروف التاريخية الملموسة. و لفهم العنف الثوري بوصفه الشكل النضالي الذي يقود إلى السلطة ، يفترض على الحزب البروليتاري استعمال كل أشكال النضال الأخرى : نضال اقتصادي ، معارك النقابات و الجمعيات ، معارك الشعب الديمقراطية ، إضراب المؤسسات و الإضراب العام ، و الانتفاضات الشعبية و حرب الشوارع والمسيرات و الاحتجاجات و افتكاك الشوارع و الأراضي و المشاركة في الانتخابات تحت الديمقراطية التمثيلية..
إن قيادة الحزب البروليتاري تتطور إلى درجة أنها تكون قادرة على استعمال كل أشكال النضال ، تستعملها لمراكمة القوى، و تساهم في تنظيم العمال و الشباب و تثقفهم سياسيا ، مع الوضع في الحسبان دائما السلطة و النصر. و استعمال كل أشكال النضال و الجمع بينها بصفة سليمة و إخضاعها للنضال الثوري المسلح سوف يمكن الطبقة العاملة و حزبها من تنظيم الثورة و الاستحواذ على السلطة ثم ممارسة سيطرتها و إنجاز المهمة الكبرى لبناء الاشتراكية .

المركزية الديمقراطية عماد حزب الطبقة العاملة

إن الحزب الشيوعي هو جهاز تنظيمات، كما أشار لينين منذ الأيام الأولى لبناء حزب الطبقة العاملة الثوري. هذه المقولة تشير إلى الحاجة إلى حزب منظم ذي انضباط حديدي و قيادة ممركزة . إنه تنظيم مناضلين يقومون بالنشاط الثوري مع الجماهير تحت قيادة توجه سياسي واحد، تبرز المبادرة دون الحياد عن المسار. المركزية الديمقراطية تجمع بين الديمقراطية و المركزية ، بين الحرية و الانضباط ، و بين المبادرة الخلاقة و النشاط المبرمج و المراقب .
و بين الديمقراطية و المركزية ، فالأخيرة هي التي تعرّف حزب البروليتاريا وتميّزه. و كتنظيم ممركز فإن حزب البروليتاريا لا يسمح بوجود قيادة موازية ، و لا يعترف بفصائل من أي نوع . و كتنظيم ديمقراطي ، يرسي المساواة في الحقوق و الواجبات بين أعضائه و الانتخابات على كل المستويات ، وحق سحب الثقة من المسؤولين ، و الإعلام المستمر للأعضاء و استشارتهم ملف من طرف الهيئات الأعلى، و حق الاقتراح والنقد الجماعي لهذه الهيئات والشخصي للعناصر القيادية باستعمال القنوات المناسبة . إن صحة الديمقراطية الثورية في حياة الحزب تبرز في أوسع النقاشات المنظمة لأهم المشاكل ، و في مساهمة كل الهيئات و الأعضاء في رسم الخط السياسي و إعلان المبادئ ، و في البرنامج و النظام الأساسي للحزب ، و في النشاط المتحمس الخلاق من أجل تطبيق و تطوير التوجهات الصادرة عن الهيئات القيادية بجرأة ، و في الممارسة المستمرة و الصحيحة للنقد و النقد الذاتي ، و في ممارسة القيادة الجماعية .
ولأجل أن تكون هذه المبادئ حقيقة فعالة يجب العمل على خلق مناخ من المساواة و الرفاقية بين القادة و الأعضاء الآخرين . وأهم عنصر يضمن ذلك هو احترام أعضاء القيادة لبقية الأعضاء. إن المركزية تبرز من خلال الحاجة إلى إعداد و حوصلة و تحويل آراء و مقترحات الأعضاء إلى توجه واحد و تبني إجراءات عملية تجعل تنفيذ و تطبيق الاتفاقات و القرارات المتخذة قابلة للحياة ، و توحيد و توزيع قوى الحزب حسب حاجيات النضال و ضمان عزيمة موحدة في عمل الأعضاء .
إن التحريفيين الخروتشوفيين و كل أنواع اليسار و اليمين الانتهازي و منظري الرجعية و البورجوازية يتهمون المركزية الديمقراطية بأنها نوع من الصلابة و من استبدادية و شمولية نفوذ اللجنة المركزية ، و كتعبيرة عما يسمونه الستالينية . و عدد كبير من المجموعات الثورية من البورجوازية الصغيرة و الأفراد يشجبونها على أنها لا ديمقراطية و يطالبون بحرية الرأي و العمل السياسي .
إن التجربة التاريخية تؤكد صحة و صلوحية المركزية الديمقراطية في بناء و تقوية الحزب الماركسي اللينيني. فقط، حزب تقوده الماركسية اللينينية، و مقوى بالمركزية الديمقراطية كان قادرا في الماضي على تنظيم و قيادة ثورة أكتوبر و الثورات البروليتارية الأخرى في القرن العشرين ، لبناء الاشتراكية . فقط، حزب كهذا يمكنه مواصلة المهمة العظيمة في قيادة الطبقة العاملة و الشعب لإسقاط الرأسمالية و إقامة العالم الجديد ، مجتمع العمال ، الاشتراكية .
إن الأحزاب الماركسية اللينينية و التنظيمات المنتسبة للندوة الدولية للأحزاب و المنظمات الماركسية اللينينية تتبنى بصفة ثابتة ومتماسكة مبدأ المركزية الديمقراطية.

بناء حزب البروليتاريا الثوري

إن تنظيم الثورة يتطلب حزبا شيوعيا قويا، حزب كبير و قادر، يتكون من الآلاف و الآلاف من الثوريين البروليتاريين، نساء و رجالا ينخرطون و يناضلون من أجل قضية الشيوعية. إن الحاجة للوحدة الإيديولوجية و السياسية، و لعزيمة واحدة في العمل، و لانضباط حديدي تتأكد في الظروف الضرورية لنشاط حزب البروليتاريا الثوري. و لكن في نفس الوقت هي تعبيرات عن الممارسة الجدية و الحرة للديمقراطية البروليتارية.
إن الفكرة القائلة بأن الحزب ليس مجرد مجموع من الأفراد، بل تنظيم هيئات هي الميزة الخاصة بحزب البروليتاريين. إن العلاقة الإيديولوجية أو السياسية أو التنظيمية للحزب مع الجماهير هي ركيزة أخرى في بناء الحزب. مؤكد في المفهوم المادي أن الجماهير هي صانعة التاريخ ، و أن الكائن الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي ، بنظرية المعرفة و نفي العفوية . العلاقة الجدلية بين النظرية و التطبيق، القناعة بأنه بدون نظرية ثورية لا وجود لسياسات ثورية ، و دور الحزب في إعداد و مناقشة النظرية ، و الحاجة إلى تسليح الطبقة العاملة و الجماهير بالنظرية الثورية ، هي مكون لا غنى عنه في حياة و بناء الحزب .
إن صلاحية النقد و النقد الذاتي من أجل حل المشاكل ، إصلاح الأخطاء ، تجاوز الصعوبات داخل الحزب ، و الاستعمال السليم للصراع الإيديولوجي لهزم المواقف و الممارسات داخل الحزب التي تكون غريبة عن إيديولوجيا البروليتاريا و سياساتها ، يضمن الطابع الطبقي للحزب.
هذه المبادئ الأساسية قادت الشيوعيين لعدة عشريات في مختلف البلدان و الظروف و اثبتوا أنهم على صواب و ثوريون. ومكنت عديد الأحزاب من إنجاز دورها التاريخي في قيادة الثورة و أخذ السلطة و بدء بناء الاشتراكية. و الماركسيون اللينينيون يؤكدون انخراطهم في هذه المبادئ التي هي قاعدة الحزب من " طراز جديد " و يسعون إلى تطبيقها في بناء حزب البروليتاريا . إن أحزاب الندوة العالمية للأحزاب و المنظمات الماركسية اللينينية هي تنظيمات صغيرة ، لها مشاكل في آدائها ، و التصاق غير كاف بالجماهير. إنها أحزاب و تنظيمات تكبر ببطء ، متخلفة عن حاجيات الثورة، و الإمكانيات. و التقدم التنظيمي غير كاف بالنظر للعمل السياسي الذي يقوم به الحزب . و في الظروف الراهنة من المسار الثوري ، مسألة كيفية التقدم في نمو الحزب تطرح كمشكل مهم جدا .
إن اختيار و تكوين النواتات و تدريب المحاربين الشعبيين في مختلف تنظيمات الجماهير يجب أن يُفهم على أنه الخطوات الأولى في الانتداب للحزب. و من الواضح أنه ليس كل الأفراد الموجودين في النوتات سيصبحون أعضاء في الحزب الشيوعي . ذلك الشرف الكبير و المسؤولية سوف يناله الأكثر ثباتا و المعطاءون من المحاربين الشعبيين الذين يتقدمون لفهم التعاليم الأساسية للماركسية اللينينية و يتبنونها ويطبقونها في نضال الجماهير و في المعركة الثورية . هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأن أولئك الناس الذين هم أعضاء في النقابة و المنظمات الشعبية ، دون أن يكونوا أعضاء حزبين ، ليسوا ثوريين . بالعكس ، هم جزء متكامل من القوى الثورية ، و منظمو و قادة نضال الجماهير . و على الشيوعيين تقوية روابط الوحدة الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية معهم . و يجب احترام آرائهم و خصائصهم و تشكيل مختلف كتائب ثورة البروليتاريا منهم ومعهم.
من بين هؤلاء المناضلين الاجتماعيين ، الأكثر ثباتا و النزهاء منهم ، أولئك الذين يبدون أكثر التزاما بمشاغل رفقائهم، أولئك الذين يحرصون على النظر إلى ما وراء محيطهم ، و يبحثون عن حلول، سوف نجد أعضاء جدد للحزب الشيوعي . و من بين أولئك القادة الجماهيريين ، علينا الاهتمام بالأصغر سنّا و الأكثر عزيمة و الشجعان ، و من يظهرون حكمة وروح مبادرة ، و من بين أولئك الذين يطمحون إلى التغيير العظيم . من بين هؤلاء نجد بذرة وحاضر و مستقبل الثورة و الاشتراكية . و ليس من المنتظر أن يكون هؤلاء الشيوعيين بالقوّة متملكين للوضع السائد و لأسباب المشاكل و أقل من ذلك، للحلول. و ليسوا مطالبين بالفهم الجيد و التام للماركسية اللينينية و الخط السياسي الثوري للحزب و سياساته و مقترحاته كشرط لدخول الحزب . كل ذلك سوف يعرفونه و يتعلمونه داخل الحزب ، في مسار استيعابهم و تدريبهم كشيوعيين .

الخلية هي التنظيم الأساسي للحزب و هي نواة الشيوعيين الذين يعيشون وسط الجماهير الكادحة و الذين هم على صلة بنشاطاتها و مشاكلها و قادرون على فهم و معالجة رغباتها و طموحاتها و حاجياتها و درجة وعيها و نفسياتها. إنها مجموعة الدعاة الثوريين الذين يحملون الأفكار الشيوعية إلى الجماهير و يثيرونها و يقنعونها و يعدونها للنضال الثوري. إنها هيئة الأركان التي تقدر على تنظيم المعارك الجماهيرية و قيادتها إلى النصر، و التي تثقف الشعب سياسيا و تقوي تنظيمه الاجتماعي و الثوري. إنها محور بناة الحزب ، الذين ينظمون انتداب و تدريب الشيوعيين الجدد . إن بناء الحزب مرتبط بتطوير وتوسيع عمله وصياغة سياساته و تكوين كوادره وسط الجماهير .

بناء الحزب يستوجب نواة قيادية

إن حل مسألة قيادة الحزب و أساسا مسألة لجنته المركزية يعتبر الشرط الضروري لنمو الحزب و تدعيمه و تطوره. و هي مهمة و مسؤولية تتطلب صلابة و مثابرة و هي تتقدم في مسار معقد . إن عديد العوامل هي ضرورية لتقوية هذه النواة ومن بينها:
ـ فهم و استيعاب النظرية الثورية للماركسية اللينينية ، و القدرة على معرفة و تحليل الوضع المعقد و المتغير الذي يسود المجتمع و البلاد، و الذي فيه يتطوّر فيه النضال العالمي للطبقة العاملة، كل ذلك انطلاقا من مبادئ و مصالح الطبقة العاملة.
ـ القدرة على صياغة البرنامج المناسب للطبقة العاملة و للمجتمع ككل .
ـ الاستعداد للانصهار في تنظيم و نضال الطبقة العاملة و النضال السياسي الذي ينتشر في المجتمع .
ـ الاستعداد للتكفل بمهام قيادية في الحزب والمساهمة المباشرة في العلاقات التي تربط القيادة بقواعد الحزب
ـ الممارسة المتماسكة للنقد و النقد الذاتي والصراع الإيديولوجي .
ـ الاستعداد لمواجهة و حل المشاكل الطارئة في حياة الحزب و الاستماع لمشاغل الأعضاء و إعطائهم أجوبة ثورية في الوقت المحدّد.
ـ على قادة الحزب أن يكونوا جريئين ، مقدامين ، قادرين على الفعل في الوقت المناسب ، وعلى تبيان الطريق، في بساطة ثورية و حميمية رفاقية.
إن تشكيل لجنة مركزية تعرف و تتحمل مسؤولياتها و مهامها سوف يبرز في الإنجاز الصحيح للمهمات اليومية ، و يعرف صعودا و هبوطا ، و لكن سوف يضمن بناء الحزب و قيادة النضال الثوري للطبقة العاملة من أجل الاشتراكية .

بناء الحزب ، في علاقة بتطوره و سياساته و كوادره بين الجماهير

من الضروري العمل بجد لنشر سياسات الحزب ، و مقترحاته الآنية و الإستراتيجية و ما يقترحه الشيوعيون لمواجهة و حل الأزمة لصالح العمال و الشعوب ، و ما يقترحون لليوم و للغد ، و من الأساسي الترويج لاسم الحزب و رموزه و شعاراته . على الشيوعيين أن يكونوا حاضرين مباشرة بوضوح و كثافة بين الجماهير و بين المحاربين الشعبيين. في كلمة ، إن تعزيز الحزب و سياساته و كوادره بين البروليتاريا و الطبقات الثورية الأخرى أمر ضروري . و لا يمكن أن نزعم أن العمال و الفلاحين و الأساتذة و الشباب و المناضلين الاجتماعيين ، أولئك الناس، من الرجال و النساء ، الذين يتوقون إلى غد أفضل ، و الذين يريدون عمل شيء و تحقيقه يعترفون بأن الحزب هو الطريق و الوسيلة للنضال من أجل التحرير إذا لم يعرفوه و لم يعرفوا سياساته و قدرته على النضال .

كيف نجعل الحزب معروفا بين الجماهير

إن سياسات الحزب بين الجماهير يجب أن تُنشر بكل الطرق. و من الضروري إبراز اسم الحزب علنا. و على كوادر الحزب و مناضليه أن ينالوا اعتراف الجماهير و المناضلين الاجتماعيين الآخرين و يقوموا بذلك في النظرية و التطبيق ، مبرهنين على الوضوح و الصدقية في المقترحات و الالتزام و الشجاعة في قيادة النقابات و المنظمات و الوفاء و الاهتمام بمصالح العمال. إن نشر الجريدة المركزية للحزب و دعاية الخلية و المنشور و النشرة الإعلانية و الجريدة الحائطية و النقاش مع الجماهير هي أنشطة يجب أن تستحق الاهتمام المستمر من تنظيمات القاعدة و القيادة . و العمل على هذا النحو سوف يمكن من خلق مناخ مناسب لمسار بناء الحزب. و سوف نعمل على أن يكون الحزب علامة مضيئة للجماهير و المناضلين الشعبين .

تكوين كوادر جديدة وعديدة للحزب

للأحزاب الشيوعية عدد هام من الكوادر ومن بينهم قادة شعبيون اكتسبوا قيادة مستحقة بين الجماهير، وهم محبوبون و محترمون . هذا واقع نعترف به نحن و الآخرون . و لكنه صحيح كذلك أن متطلبات حركة الجماهير اليوم، و خاصة آفاق و حاجيات تطورها تتطلب مضاعفة عدد الكوادر الثورية. و الكوادر الجديدة لا تولد بصفة عفوية بل هم يبرزون من بين الأعضاء الموجودين ، نساء و رجالا شيوعيين ، لهم الميزات و الاستعداد لتحمل مسؤولية قيادة الجماهير في مسار الثورة . إن تدريب الكوادر يتطلب عملا متواصلا من قيادة الحزب و لكنه أيضا يتطلب استعداد كل عضو أن يتقدم خطوة أخرى إلى الأمام . إن دراسة النظرية الثورية و التكوين الثقافي ، و تهذيب المهارات و القدرات و الممارسة الاجتماعية ضرورية لتكوين قادة الجماهير. إنه لمن الضروري، لتثبيت وتطوير الوعي الثوري لدى الكوادر، ومن أجل تحويلهم إلى قادة ميدانيين للجماهير، أن نطوّر لديهم الممارسة النضالية، واحترام الحياة الحزبية ، وممارسة الديمقراطية البروليتارية ، و النقد و النقد الذاتي ، و الصراع الإيديولوجي ، و كذلك الانخراط و المشاركة في التنظيم و النضال النقابيين و في المعارك الاجتماعية و السياسية للجماهير الكادحة.

بابلو ميراندا
الأمين العام للحزب الشيوعي الم الل بالإكوادور
أكتوبر 2017