لا شيء يعوّض خسائرنا الجسيمة سوى قيام شعبنا بدفن هذا النظام ومزارعه

الحزب الشيوعي اللبناني
2019 / 7 / 5 - 09:22     




إن ما جرى من فلتان أمني في منطقة الجبل، ومن توترات ومناخات العودة للاقتتال الأهلي، يتحمل مسؤوليته السياسية بالدرجة الأولى المتمسكون بنظام المحاصصة المذهبية والفساد السياسي، وبخاصة أولئك المراهنون على استخدامه لتنفيذ مشاريع خارجية مشبوهة، ولو عن طريق تفجير الوضع الأمني من أبواب الكانتونات والفدراليات المذهبية.

وهؤلاء ليس لديهم ما يقدمونه للبنانيين سوى تسويق هذا النوع من المنتجات السياسية الفاسدة المبنية على تحاصصهم باسم حكومة "الوحدة الوطنية"، وعلى استمرارهم بتقديم اللبنانيين كذبائح لتأبيد سلطة أمراء الطوائف كلما تهددت مصالحهم الزبائنية والطبقية، وذلك تحت غطاء من الأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد، من نوع تحقيق "التوازنات" الطائفية والمذهبية أو حماية "الديمقراطية التوافقية "، والتي تعكس في حقيقتها مراهنات ضمنية ومعلنة على استبدال هيمنة طائفية بأخرى أو الغاء وتهميش هذا أو ذاك من السياسيين داخل كل طائفة ومذهب.



إن المناطق اللبنانية يجب أن لا تكون لها أبواباً، وإن وجدت، فهي مفتوحة لكل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وآرائهم السياسية، لا أن تكون حكراً أو ملكاً خاصاً للذين يدّعون ملكيتها. ومن غير المقبول أن تصبح كانتوناً مقفلاً ومسرحاً لخطابات الشحن المذهبي وشد العصبيات الطائفية، وأن يمنع كائن من كان اللبنانيين من زيارتها أو السكن أو العمل فيها بحجة امتلاكه لمفاتيح أبوابها. فمفاتيح الأبواب في هذه المناطق تعود للأبطال والشهداء المقاومين الذين دافعوا عنها وعن بيوتها وثغورها ومفارقها، والتي أريقت دماء عطرة للدفاع عنها في مواجهات بطولية غطّت مثلث خلدة وقرى الشحار الغربي وعالية والإقليم والحدث، وشهدت أيضاً على دحر قوّات المارينز وفتحت طريق التحرير من الاحتلال الصهيوني من بيروت باتجاه الجنوب.



إن الحزب الشيوعي اللبناني إذ يتأسف لسقوط الضحايا ويتقدم بأحر التعازي من عائلاتهم، فهو لا يرى تعويضاً عن هذه الخسائر الجسيمة التي لا نهاية لها، سوى قيام شعبنا بدفن هذا النظام ومزارعه، والذي دأب أمراؤه عل سفك دماء اللبنانيين جيلاً بعد جيل، وأفقروا الشعب اللبناني وهجروه إلى بقاع الأرض قاطبة من أجل مصالحهم الضيّقة والخاصة. وها هم أطراف السلطة يتوزعون الآن الأدوار بشطارتهم المعهودة، وبخطاباتهم التي تسترجع الحرب الأهلية، ليس لرفضها بل لمزيد من التحريض، فيتولى أحدهم مهمة التفجير والآخر مهمة التنفيس، وبين الاثنين لا رقيب ولا حسيب، لا بل استغلال هذا النوع من الجرائم للانقضاض أكثر على لقمة عيش اللبنانيين، عموم اللبنانيين، بحسب ما طالعنا به رئيس الحكومة بتصريحه الداعي إلى رفع سعر صفيحة البنزين 5 آلاف ليرة لبنانية وزيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15%.

إن مسؤولية السلطة الحاكمة عن هذه الأحوال السياسية والاجتماعية المتردّية تعود إلى طبيعة التركيبة الهجينة التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي أنتجت حكومة التعطيل والعجز عن معالجة أبسط القضايا التي يعاني منها اللبنانيون، عمالاً وموظفين ومعلمين ومتقاعدين وشباباً ونساء وطلاباً، على صعيد الرواتب والأجور وخدمات الماء والكهرباء والسكن والنقل وفرص العمل والتعليم الرسمي النوعي وغير ذلك من خدمات. إن السياسات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة المتنفّذة أوصلت أكثرية الشعب اللبناني إلى حالة من الفقر والعوز، ودفعت الفئات الاجتماعية المتضررة في أكثرية القطاعات للنزول إلى الشوارع... وبدل أن تلجأ الحكومة إلى إجراء تغيير في سياساتها الاقتصادية وتقدّم معالجات جدّية للمطالب المحقة عبر مشروع موازنة عام 2019، ها هي كعادتها تلجأ إلى تحميل عمال لبنان وفقرائه وزر سياساتها التحاصصية ونتائجها المدمرة على أكثر من صعيد.

وأمام هذا الوضع الخطير المحدق بوجود البلد ومصيره، فإن الحزب الشيوعي اللبناني يدعو كل القوى الوطنية والشعبية الحريصة على إنقاذه للعمل معاً وتعبئة كل الطاقات الشعبية للتحرك وصولاً إلى انتاج موازين قوى جديدة تفرض انتقال اللبنانيين من دولة المزارع والمحسوبيات إلى الدولة الوطنية القادرة والعادلة بعيداً عن الارتهانات الخارجية والرهانات السياسية الخاطئة والتوظيف السياسي للطائفية والخطاب السياسي الطائفي، بما يتماشى مع المشروع الأميركي لتفتيت المنطقة.



المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني